تحت عنوان “مجادلة أفريقيا”، جرت مناظرة علنية تلفزيونية مباشرة  بين المرشحين على منصب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في مبنى الاتحاد بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا يوم الجمعة الماضي، والتي بثت لجميع المواطنين الأفارقة في سياق الانتخابات المرتقبة لرئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي في القمة الأفريقية القادمة  بفبراير 2025.

 
وقد قدم ثلاثة مرشحين سياسيين أفارقة من منطقة دول شرق أفريقيا رؤيتهم خلال المناظرة و هم الجيبوتي محمود علي يوسف، و الكيني رايلا أودينجا ، والمدغشقري ريتشارد راندرياماندراتو، الذين يسعون الي انتخابهم لرئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي   خلفا لموسي فقي محمد  رئيس المفوضية الحالي الذي تنتهي ولايته الثانية في فبراير القادم ، وذلك في مناظرة حية ومباشرة بينهم استمرت ساعتين ، وقد وشرحوا فيها تفاصيل خططهم  فيما يتصل بالأمن الإقليمي وسط الصراعات والانقلابات السياسية ، في حين دعوا بقوة إلى التجارة بين بلدان أفريقيا و إلى تخصيص مقعدين دائمين للدول الأفريقية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتمثيل القارة ذات السكان الأصغر سنًا بشكل فعال،  وعلى ضرورة أن تكون إفريقيا ممثلة بشكل أفضل في الهيئات العالمية، وخاصة في مجلس الأمن الدولي ، وقد عبر المرشحون جميعًا عن أهمية زيادة تمثيل إفريقيا في مجال صنع القرار الدولي، معتبرين أن ذلك سيسهم في تحقيق العدالة وتعزيز الاستقرار في القضايا العالمية التي تمس القارة الإفريقية بشكل خاص.
و ركزت المناظرة التي  اقتصر الحضور فيها على سفراء الدول الأفريقية وممثليها الدائمين لدى الاتحاد الأفريقي على كيفية التعامل مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية الملحة في القارة مثل البطالة والفقر، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز الاستقلال المالي للاتحاد الأفريقي وتحسين هيكلته المؤسسية لتصبح أكثر فاعلية في مواجهة تحديات القارة.
وتمحورت أقوال المرشحين حول أهمية تعزيز التعاون بين الدول الأفريقية في مختلف المجالات، مع التركيز على الاقتصاد، الأمن، التعليم، والتنمية المستدامة ،كما تميزت النقاشات بتركيز كل مرشح على قضايا تخص بلاده وتجربته الخاصة في التعامل مع التحديات القارية.

وقد برز في المناظرة مرشح جيبوتي الدبلوماسي المخضرم  الذي تحدث متنقلا بين الفرنسية و الإنجليزية والعربية وكان  الأكثر تأثيرا و استخداما للغة الجسد والأسرع حديثا، ما منحه فرصة لاستعراض قضايا وملفات أكثر خلال الوقت المتاح عكس المرشح الكيني الذي كان مسترسلا في حديثه حتي نفاذ الوقت المحدد له و اغلاق ميكرفونه ،  فيما كان مرشح مدغشقر يستعرض رؤيته ضمن نقاط محددة ومختصرة .
ورغم انها مناظرة علانية لتعريف الدول و الجمهور بالمرشحين الا انها لن تؤثر  علي فرص المرشحين في الفوز بالمنصب لانها لاتشكل رأي عام أفريقي  بالمعني الحقيقي يؤثر في جماهير المشاهدين بالقارة  تجاه المرشحين  ، لان المواطن  الافريقي ليس هو الذي  سيصوت للمرشحين ، ولكن حكومات الدول الافريقية التي تقوم بالاختيار  سياسيا طبقا لمصالحها وتحالفاتها وأجندتها بينما تصبح  برامج المرشحين وخططهم "التي تبدو متشابهة لحد كبير" وجهة براقة للعبور الدبلوماسي  للمنصب .

و المرشح  محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي ،  الذي في حالة فوزه سيكون  أول عربي يتولي المنصب في تاريخ المنطمة وهو   "عميد وزراء الخارجية في أفريقيا" حيث شغل منصب وزير خارجية جيبوتي  منذ عام 2005، في حين تحظى حملته بزخم كبير كونه مدعوما من دول الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والكتلة الفرنكوفونية ، وسبق وأعلن أثناء حملته الإنتخابية موقفا قويا داعما للقضية الفلسطينية، و أن الاتحاد لن يفتح أبوابه لأي دولة تضرب عرض الحائط بالمبادئ القانونية والأخلاقية المشتركة بين الدول الأفريقية، وفي مقدمتها إسرائيل، مشيرا إلى أنه سيراجع العلاقات بين الاتحاد الأفريقي وبعض الدول، التي وصفها بأنها "غير صحية".
وقد شدد الوزير الجيبوتي  خلال المناظرة على أهمية دعم أفريقيا لموقف موحد من أجل الحصول على مقعدين دائمين في مجلس الأمن، معتبرًا أن هذا يمثل قوة داعمة للاتحاد الإفريقي في تعزيز نفوذه في القضايا العالمية ، أنه لا يمكن أن يكون هناك سياسة عالمية فعالة دون تمثيل حقيقي للقارة الإفريقية .
وعلق  يوسف أن الاستثمار في التعليم ورأس المال البشري يمثل الركيزة الأساسية للتنمية في أفريقيا، مشيرا إلى أهمية تطوير الزراعة باستخدام التكنولوجيا، مع التركيز على إضافة قيمة للمنتجات الخام عبر التصنيع المحلي قبل تصديرها.
وأشار إلى أنه سيركز على القضايا الاقتصادية قائلاً: “تحقيق الوحدة الاقتصادية بين الدول الأعضاء سيخلق فرص عمل ويخفف من الأزمات الاقتصادية.”
ودعا يوسف إلى اعتماد استراتيجية موحدة للاستفادة من الثروات الطبيعية في أفريقيا معلقا أن "قارتنا تمتلك موارد هائلة، لكنها لا يتم توزيعها ." بالتساوي أو إدارتها بكفاءة
واقترح مرشح جيبوتي إنشاء مراكز إقليمية للتميز لتحفيز الابتكار والبحث، إلى جانب اتفاقيات تجارية إقليمية أقوى لسد الفجوات.
وتحدث يوسف أيضًا عن الاستدامة، مقترحا أن سياسات منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية يجب أن تتوافق مع أهداف حماية البيئة والقدرة على التكيف مع المناخ.
و أوضح "سأعمل أيضًا على تعزيز التجارة البينية الأفريقية، والتي من المفترض أن تتجاوز 80%. وسأعمل على إزالة جميع الحواجز غير الجمركية وتسهيل حرية حركة السلع" .
وأشار انه :“يجب أن يكون الاتحاد الأفريقي أكثر فاعلية في خلق فرص عمل لشبابنا، ويجب أن نعمل على توفير بيئة اقتصادية تساعد على تحفيز التجارة بين الدول الأفريقية.”
وفيما يتعلق بالدور الإقليمي. 
وأوضح انه  :“من خلال تعزيز تعاوننا في المجال الاقتصادي والاجتماعي، نستطيع أن نحقق الاتحاد الأفريقي القوي الذي يسعى الجميع إليه.”
وقال يوسف إن الأمن الإقليمي يمكن تعزيزه إذا تمت زيادة الموارد اللازمة لقوة احتياطية إقليمية لتقليل الاعتماد المفرط على الشراكات الأجنبية للحصول على الموارد.
وأضاف يوسف "عندما لا تكون هناك وحدة في الهدف بين الدول المجاورة فإن السلام سيكون معرضا للخطر".
ولتعزيز دور الاتحاد الأفريقي في تحقيق الأمن والسلم الإقليمي، قال“علينا تقوية مؤسساتنا الإقليمية لضمان أن تكون أفريقيا في طليعة القرارات الدولية.”
وأقر يوسف بوجود ٦ هياكل السلام القائمة في أفريقيا ، بما في ذلك هيكل السلام والأمن الأفريقي، ومجلس السلام والأمن، وصندوق السلام ، ومع ذلك، انتقد الافتقار إلى الإرادة السياسية بين الدول الأعضاء وعدم كفاية التمويل لجهود السلام مشيرا إلي إن "مجلس السلام والأمن لدينا ليس استباقيا؛ فهو يتفاعل مع الأزمات عندما تحدث"، داعيا إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة هذه النواقص.
وقد أكد في المناظرة على أهمية دور الاتحاد الأفريقي في تعزيز الأمن والسلم داخل القارة، قائلاً:“أفريقيا في حاجة ماسة إلى أن تظل قوية وموحدة في مواجهة التحديات العالمية ، وإن وجود اتحاد أفريقي قوي سيمكننا من معالجة أزمات الأمن التي تؤثر على استقرارنا السياسي والاقتصادي.”
وركز المرشح الجيبوتي على أهمية تحسين آليات الاتحاد الأفريقي المتعلقة بإدارة الصراعات وتعزيز فعاليتها، مؤكدا الحاجة إلى توفير التمويل اللازم لتفعيل قوات الاحتياط الأفريقية، ما من شأنه أن يجعل الاتحاد الأفريقي قادرا على الاستجابة بسرعة للأزمات.

وقال وزير خارجية جيبوتي ، إنه يعتزم تنويع التمويل لأفريقيا ، ويبذل قصارى جهده لضمان أن يكون للاتحاد الأفريقي مصادر تمويل خاصة به.
وأشار يوسف إلى أن الإصلاحات الأساسية داخل الاتحاد تعوقها حاليا تحديات التمويل، وقال: "يجب أن يتغير هذا الوضع "، وأوضح أنه لن يفرض حلولا على الدول الأعضاء بل سيدافع بقوة عن الحلول.
و أكد على ضرورة تعزيز ولاء العاملين في المنظمة وتفعيل الإصلاحات غير المكتملة، مثل تفعيل البرلمان الأفريقي وتطبيق ضريبة الاستقطاع بنسبة 0.2% من واردات الدول الأفريقية لتحسين تمويل برامج ومشاريع الاتحاد الأفريقي.
وأضاف الدبلوماسي أنه في حال انتخابه، فإنه سيعمل على ضمان تألق القارة الأفريقية على الساحة الدولية

ومن جانبه أكد المرشح رايلا أودينجا من كينيا والذي عمل  سابقا كممثل أعلى للاتحاد الأفريقي لشؤون تنمية البنية التحتية، وكان رئيس وزراء بلاده سابقًا،  على ضرورة حصول إفريقيا على مقعدين دائمين في مجلس الأمن و إلى أن هذا التمثيل هو حق طبيعي للقارة نظرًا لحجمها السكاني وأهميتها الجيوسياسية قائلا إن وجود مقعدين دائمين مع حق النقض "أمر ضروري لأفريقيا" وأن هذا "عادل" لأن القارة تضم أكثر من 50 دولة ".
و ركز أودينجا على أهمية معالجة قضايا حل النزاعات والإصلاحات المؤسسية والتنمية الاقتصادية ، وتحدث عن ضرورة تمكين الشباب والنساء في عمليات الحكم والأنشطة الاقتصادية  كما اقترح إصلاحات لتحسين عمليات اتخاذ القرار داخل الاتحاد الأفريقي، والتي تعرضت لانتقادات بسبب ضعف فعاليتها ،وعبّر عن التزامه بتعزيز الوحدة الأفريقية من خلال قيادة عملية وواقعية .
واشار الي  "في هذه اللحظة المحورية، حيث قد تطغى التحديات العالمية الوشيكة على العديد من فرصنا ، نحتاج إلى مفوضية للاتحاد الأفريقي قادرة على تحقيق أولويات الشعوب الأفريقية - سواء من خلال تحفيز التنفيذ في قارتنا أو من خلال قيادة النفوذ ." العالمي الذي تستحقه بحق
وأضاف "أعتقد أنني أمتلك المؤهلات اللازمة لإيصالنا إلى حيث نريد أن نكون في مجالات التعليم والصحة والقيمة المضافة والتجارة. وأعد الشعب الأفريقي بأنني سأقود من الصف الأمامي لضمان تحقيق رؤية آبائنا المؤسسين ".
مضيفا "أقف هنا بصفتي أفريقيا متفائلاً ... لقد تحررت أفريقيا ولكن لا يزال هناك عمل يجب القيام به وأعتقد أنني أمتلك المؤهلات ." اللازمة لإيصالنا إلى حيث نريد أن نكون
وأوضح  "إننا بحاجة إلى معالجة العوامل القسرية التي يمكن أن تؤدي إلى هذه الصراعات في جميع أنحاء القارة
واقترح رئيس الوزراء السابق تعزيز الحوار داخل المجتمعات لمنع المواجهات العنيفة، بهدف إسكات الأسلحة بحلول عام 2035.
وأضاف أودينجا في حديثه على تطوير التعليم ودعم الشباب، قائلاً:“الشباب هم مستقبل أفريقيا ، لا يمكننا الحديث عن تنمية حقيقية إذا لم نمنحهم الفرص التعليمية والمهنية التي يحتاجون إليها وان الشباب هم المستقبل، وسنعمل على تطوير التعليم والتكنولوجيا لتوفير وظائف مستدامة.”
كما دعا إلى تعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء القارة قائلا : “ديمقراطية قوية تعني قارة قوية قادرة على مواجهة التحديات.”و“أرى أن مفتاح النجاح يكمن في تعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء القارة. نحن بحاجة إلى أنظمة حكم شفافة ومستدامة تدعم الحقوق الأساسية وتضمن أن الجميع يتمتع بفرص متساوية.”
وتابع قائلاً:“إذا تمكنا من تحسين التعليم والتنمية الاقتصادية، سنتمكن من إحداث تغير جذري في القارة.”
كما أكد على أن أفريقيا بحاجة إلى سياسة اقتصادية أكثر تكاملاً، قائلاً:“نحن بحاجة إلى أن نضع استراتيجيات واضحة تعزز النمو الاقتصادي المشترك بين دولنا.”
وشدد مرشح كينيا على ضرورة الضغط الأفريقي لإعادة هيكلة النظام المالي العالمي بما يتناسب مع مصالح أفريقيا، وطرح  رؤية تقوم على إنشاء صناديق سيادية أفريقية لتمويل الإصلاحات وتنفيذ مشاريع كبرى، مع التركيز على تطوير البنية التحتية من خلال تنفيذ مشاريع كبرى، مثل خطوط السكك الحديدية القارية، لتحسين النقل ،واستكمال بناء سد إنغا الكبير. وتعزيز التجارة عبر القارة.

أما  ريتشارد جيه راندريامانداتو وزير مالية مدغشقر السابق ، فقد أكد على ضرورة إصلاح النظام العالمي بما يعكس التوازن الذي يتطلبه الوضع الراهن ، ورأى أن إصلاح مجلس الأمن يجب أن يكون أولوية، ويجب أن يشمل تمثيلًا عادلًا للقوى الاقتصادية والسياسية العالمية الناشئة، بما في ذلك إفريقيا ، واقترح تركيز الجهود على التنمية الاقتصادية المستدامة وتعزيز قدرة أفريقيا على حل نزاعاتها الداخلية بشكل مستقل ،كما دعا إلى تحسين الاستقلالية المالية للاتحاد الأفريقي من خلال تقليل الاعتماد على المانحين الخارجيين وزيادة التزامات الدول الأعضاء المالية، وعلى ضرورة معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية بشكل أكثر فاعلية، خصوصًا البطالة وضعف المؤسسات.
وركز راندرياماندراتو على القضايا البيئية وأهمية الاستدامة في المستقبل، على الاستدامة البيئية قائلاً:
“أفريقيا يجب أن تكون قائدة في مكافحة تغير المناخ. حماية بيئتنا الطبيعية هي مسؤولية جماعية.”
كما أشار إلى أهمية التعاون الاقتصادي بين الدول الأفريقية قائلا: “يجب أن نستغل مواردنا لخلق قارة مستقلة اقتصادياً.”
وأكد مرشح مدغشقر أن تطوير الاقتصاد القاري يبدأ من تعزيز المشاريع المحلية، إلى جانب تحرير حركة الأشخاص والبضائع لزيادة التجارة البينية الأفريقية، التي لا تتجاوز حاليا نسبة 12.6%.
وقال:“أفريقيا بحاجة إلى أن تكون رائدة في مكافحة تغير المناخ. يجب أن نولي اهتماماً أكبر لحماية بيئتنا الطبيعية لأن ذلك سيسهم في تعزيز استقرارنا الاقتصادي والاجتماعي.”وأضاف:“أفريقيا تمتلك العديد من الموارد الطبيعية التي يمكننا استغلالها بشكل مستدام لضمان مستقبل اقتصادي مزدهر. ولكن من الضروري أن نعمل معاً من أجل الحفاظ على هذه الموارد للأجيال القادمة.”
وتحدث عن الأمن قائلا:“لن نتمكن من تحقيق التنمية المستدامة دون ضمان الأمن ،يجب أن نتعاون في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة التي تؤثر على استقرار القارة.”

وحث راندرياماندراتو البلدان على تولي مسؤولية أمنها الداخلي، محذرا في الوقت نفسه من أن القواعد العسكرية الأجنبية يجب أن تصبح "شيئا من الماضي" لأنها "يمكن أن تكون مصدرا للصراع".
وأختتم حديثه قائلاً:“من خلال تعزيز التعاون الإقليمي والعمل على القضايا المشتركة، يمكننا خلق قارة مزدهرة وآمنة.”
وقد أدارت المناظرة الإعلامية فاطمة شارف من الجزائر، و أنيتا إرسكين من كندا من أصول غانية .

وقد أعلن  عن ان المناظرة بجميع اللغات الرسمية الست للاتحاد الأفريقي: الإنجليزية والفرنسية والعربية والبرتغالية والإسبانية والسواحيلية، مع توفير الترجمة الفورية إلا أن اللغة العربية غابت فعليا عن الترجمة في المناظرة ، وقدمت المناظرة في شكل أربعة اسئلة ذات صيغة واحدة موجهة للمرشحين الثلاثة مع منحهم اربعة دقائق للاجابة ، مع كلمة إفتتاحية لكلا منهم و كلمة  قصيرة مفتوحة لمدة دقيقتين في نهاية المناظرة لكل منهم أيضا .
وتعتبر هذه هي المناظرة الثانية في تاريخ المنظمة والتي حظيت بزخم و إهتمام  أفريقي  سياسي و إعلامي كبير و بث مباشر ضخم علي قنوات تليفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي متعددة ، وكان الاتحاد الأفريقي يرى أن الفكرة تتمثل في تقريب قيادة الكتلة القارية من شعوبها وإزالة جدار السرية الذي خيم على المنظمة لسنوات .
وقد عقدت أول مناظرة من هذا النوع في ديسمبر 2016 عندما شارك خمسة مرشحين يتنافسون على منصب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ، ولم تجري مناظرة ثانية عام 2020  لأنه لم يكن هناك مرشح  يتنافس مع موسي فكي محمد عند إعادة انتخابه في منصب رئيس مفوضية الاتحاد.

ومن ناحية اخري يجب على جميع المرشحين في مناصب رئيس الإتحاد  تقديم سيرة ذاتية، إلى جانب بيانات الرؤية التي تحدد كيف يعتزمون معالجة القضايا الأكثر إلحاحًا التي تواجه الاتحاد الأفريقي ،ويتم نشرها على صفحة شبكية مخصصة على موقع الاتحاد الأفريقي ، و تأتي أهمية الحدث من أن الفائز لن يقود الهيئة الحكومية الدولية الأولى في أفريقيا فحسب، بل سيضع أيضاً أجندة معالجة بعض التحديات الأكثر خطورة التي تواجه القارة.

وسيشهد الاتحاد الإفريقي في القمة الأفريقية في فبراير القادم الانتخابات الحاسمة التي ستجري لانتخاب مقعد منصب رئيس المفوضية بالاضافة الي ست مقاعد للمفوضين يشغلها  بالتساوي الذكور و الأناث من ثلاثة مناطق افريقية مع استعباد منطقة شرق و شمال افريقيا   ، علاوة علي منصب  نائب الرئيس الذي يجب ان يكون انثي  من منطقة شمال أفريقيا ، وذلك لان جميع المرشحين لرئيس المفوضية من الرجال بعد انسحاب مرشحة الصومال فوزية آدم عمر التي أعلنت دعمها للمرشح الكيني رايلا  أودينجا   ، ويتم اجراء  الانتخابات  وفق آلية الاقتراع السري في عدة جولات حتي يحصل الفائز في جميع المناصب علي ثلثي أصوات عدد الدول  ، ويشمل الاختيار في المناصب العليا داخل الاتحاد ضمان التوازن الإقليمي، التساوي بين الجنسين، وستتضمن إشراف لجنة من الشخصيات الأفريقية البارزة، والتي تضم خمسة ممثلين من مناطق القارة ، و فترة تولي المناصب القيادية في الاتحاد الأفريقي تمتد إلى أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط ، و ينتخب رؤساء الدول والحكومات رئيس المفوضية ونائب الرئيس ، و ينتخب المجلس التنفيذي ” وزراء خارجية دول الاتحاد الأفريقي المفوضين الست .

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي مفوضية الإتحاد الأفريقي القمة الافريقية العاصمة الأثيوبية مفوضیة الاتحاد الأفریقی بین الدول الأفریقیة للاتحاد الأفریقی مقعدین دائمین رئیس المفوضیة الدول الأعضاء فی مجلس الأمن فی أفریقیا على أهمیة على ضرورة فی تعزیز من خلال أن تکون الأمن ا أن یکون یجب أن إلى أن جمیع ا

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الأفريقي وحرب السودان: بين الحياد والمصير

مقدمة
منذ تأسيسه مطلع الألفية، ظل الاتحاد الأفريقي يسعى لتقديم نفسه كفاعل قاري مستقل، قادر على التصدي لصراعات القارة بعيدًا عن الوصاية الدولية. لكنه في كل أزمة كبرى، يجد نفسه متأرجحًا بين خطاب المبادئ وواقع العجز المؤسسي.

حرب السودان، التي اندلعت في أبريل 2023، وضعت الاتحاد في مواجهة اختبار غير مسبوق: حرب ذات طابع داخلي/إقليمي، تتقاطع فيها خيوط المليشيات، والجنرالات، و الاحزاب والمصالح الإقليمية المتشابكة.

في خضم هذا المشهد المعقد، جاء انتخاب محمود علي يوسف، وزير خارجية جيبوتي السابق، رئيسًا لمفوضية الاتحاد في فبراير 2025، ليمنح التنسيقية فرصة جديدة لإعادة صياغة نهج الاتحاد في التعامل مع النزاعات، خاصة في ظل توجهه المعلن و خبرته المعروفة نحو الدبلوماسية المتوازنة، وابتعاده عن التوجهات الأيديولوجية، بما في ذلك الإسلام السياسي الذي هيمن سابقًا على العديد من السرديات الإقليمية.

هنا تحديدًا، تبرز ضرورة أن تبادر قيادة "تأسيس" — هذا التحالف المدني الذي يسعى لإعادة بناء السودان على أسس علمانية ديمقراطية — نحو فهم البيئة الجديدة داخل الاتحاد، واستثمارها، بل والتأثير فيها. فالاتحاد ليس كيانًا جامدًا، بل ساحة لصراع الاتجاهات، وموقع المفوضية اليوم مفتوح لتأثير من يدرك مصادر القوة، ويخاطبها بلغة المبادئ والمصالح معًا.

لم يكن الاتحاد الأفريقي عبر تاريخه الحديث كيانًا متماسكًا أو محايدًا بالكامل في قضايا القارة. فقد ظل ساحةً مفتوحةً لصراع التأثير بين القوى الإقليمية والدول الكبرى، بل وحتى الأنظمة الأيديولوجية داخل أفريقيا نفسها. خلال حقبة الرئيس السوداني السابق عمر البشير، سعى النظام السوداني إلى التمدد داخل مؤسسات الاتحاد، عبر الدفع بكوادر أمنية ودبلوماسية محسوبة عليه لشغل مناصب في مفوضية الاتحاد وفي مجلس السلم والأمن، في محاولة لضمان غطاء سياسي وإقليمي في وجه الضغوط الدولية التي واجهها بسبب ملف دارفور، ومذكرة التوقيف الدولية من المحكمة الجنائية.

وقد رافقت هذه المحاولات توجهات خطابية تتلاعب بمفاهيم "السيادة" و"عدم التدخل"، بينما كانت في جوهرها تهدف لحماية منظومة الحكم الإسلاموي من المحاسبة، وللحد من تأثير المكونات المدنية السودانية في السياسة الإقليمية.

اليوم، يأتي انتخاب محمود علي يوسف — الدبلوماسي المخضرم ووزير خارجية جيبوتي السابق — رئيسًا لمفوضية الاتحاد، كإشارة واضحة إلى تحوّل في تركيبة الاتحاد وخطابه. فالرجل، المنتمي لحزب علماني يساري، بعيد تمامًا عن التيارات الإسلاموية، ويُعرف بتوجهه نحو دبلوماسية الحياد المتوازن والتكامل الإقليمي. كما أن بلاده، جيبوتي، لا تسمح بقيام أحزاب ذات مرجعية دينية، ما يعكس الخلفية السياسية التي جاء منها.

في ضوء هذه المعطيات، فإن الفرصة متاحة اليوم للقوى السودانية المدنية — وخاصة تحالف "تأسيس" — لإعادة التموضع داخل دوائر الاتحاد، ومخاطبة المفوضية بلغة سياسية جديدة، تنسجم مع طبيعة القيادة الحالية وتقطع مع الميراث الذي زرعه نظام البشير داخليًا وخارجيًا.
٢. موقف المفوضية الجديدة من حرب السودان: بين الحذر والفرصة
رغم مرور عامين على اندلاع الحرب في السودان، لم يقدم الاتحاد الأفريقي حتى الآن مبادرة متماسكة خاصة به يمكن اعتبارها خارطة طريق واقعية لإنهاء الصراع. اقتصرت مواقف المفوضية السابقة — بقيادة موسى فكي بالرغم من توجهه العلماني و بعده عن التوجهات الاسلاموية — على بيانات الشجب والدعوات المتكررة للحوار، دون ترجمة حقيقية لهذه الدعوات إلى آليات تنفيذية.

لكن مجيء محمود علي يوسف إلى رئاسة المفوضية في مارس 2025 يفتح نافذة جديدة، ليس فقط بسبب شخصيته الدبلوماسية المتوازنة، بل لأن خلفيته السياسية — كوزير خارجية لدولة علمانية — تجعله أكثر تحررًا من الميراث الإسلاموي.

حتى الآن، حافظ الدبلوماسي المرموق محمود علي يوسف على لهجة حذرة في تصريحاته بشأن السودان، مكتفيًا بدعوات عامة للحل السلمي، و باجتماعات فردية مع عدد من رؤساء الاقليم بما فيهم البرهان باعتباره رييسا لحكومة امر واقع غير معترف بها رسميا بواسطة الاتحاد الأفريقي . وهنا تكمن الفرصة. إذا تمكنت القوى المدنية، وعلى رأسها "تأسيس"، من بلورة خطاب واضح ومدني ومتكامل، فإن المفوضية الجديدة ستكون أقرب للاستماع، وربما للاستجابة.
٣. صمت الاتحاد الأفريقي إزاء الجرائم والانتهاكات: عجز أم تواطؤ بالصمت؟
ارتُكبت انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في السودان، دون أن يصدر عن الاتحاد الأفريقي موقف عملي حاسم. صمته لا يمكن تبريره بالحياد، لأن الحياد في جرائم الإبادة هو شكل من أشكال التواطؤ.

الاتحاد لم يفعل أدوات المساءلة المنصوص عليها في ميثاقه، رغم توفّر الشروط القانونية لذلك. على القوى المدنية، وعلى رأسها "تأسيس"، أن تخاطب المفوضية بلغة القانون والمبادئ، وتطالبها بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية.
٤. دور مصر وإثيوبيا وتشاد في التأثير على مواقف الاتحاد من السودان
مصر، إثيوبيا، وتشاد لها أدوار ملموسة في تشكيل مواقف الاتحاد من الأزمة السودانية، بما يتماشى مع مصالحها السياسية والأمنية.

مصر تميل إلى دعم المسار العسكري في السودان، أو على الأقل تحييد الاتحاد تجاهه. إثيوبيا تلتزم الحذر، لكنها لا تمارس الضغط. وتشاد تخشى من انعكاسات الفوضى السودانية على أمنها، فتتجنب التصعيد. هذا الثالوث الإقليمي لا يزال يؤثر على الاتحاد، ما يجعل من الضروري على "تأسيس" فهم هذه الخارطة الإقليمية والتحرك ضمنها بذكاء.
٥. تحالف "تأسيس" والقوى المدنية: الفرصة داخل مفوضية جديدة
تحالف تأسيس ليس مجرد تحالف سياسي، بل مشروع بديل لبناء الدولة. وفي ظل التوازن الجديد داخل مفوضية الاتحاد، تملك قيادة تأسيس فرصة ذهبية لتقديم نفسها كمخاطب شرعي ومدني للمؤسسة القارية.

لكن ذلك يتطلب مبادرة جريئة: إرسال وفود سياسية، تنسيق مع قوى مدنية أفريقية، صياغة رسائل سياسية مدروسة، وتدويل خطابها داخل أروقة أديس أبابا.
خاتمة: الاتحاد الأفريقي واختبار السودان
الاتحاد الأفريقي اليوم أمام اختبار أخلاقي وسياسي. إما أن يكون مؤسسة لحماية الشعوب، أو مجرد شاهد على الحريق.

لكن الأهم هو ما ستفعله قوى السودان المدنية. الفرصة متاحة، و"تأسيس" تملك الرؤية والجرأة. فهل تبادر؟ نعمً. يجب ان تبادر وبخطوات حثيثة لا يعترضها تاجيل مهما كان سببه و منطلقه

د. أحمد التيجاني سيد أحمد
٣٠ مايو ٢٠٢٥ روما نيروبي
مراجع وإشارات تحليلية
1. 1. ميثاق الاتحاد الأفريقي (Constitutive Act of the African Union)، المادة 4 (h) و (j) المتعلقة بالتدخل في حالات الجرائم الخطيرة.
2. 2. ميثاق الاتحاد الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم الرشيد (2007).
3. 3. بيانات مفوضية الاتحاد الأفريقي حول السودان (2023–2025)، من موقع الاتحاد الرسمي: https://au.int
4. 4. مقابلات وتصريحات محمود علي يوسف بعد انتخابه رئيسًا للمفوضية، مصادر متعددة: African Business, The East African.
5. 5. تقارير هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية حول الانتهاكات في دارفور والخرطوم، 2023–2024.
6. 6. دور مصر وتشاد في التأثير على قرارات الاتحاد الأفريقي من خلال مشاركتها في مجلس السلم والأمن (مجلة ISS Africa).
7. 7. بيانات وتحليلات صادرة عن مراكز أبحاث أفريقية مثل: Institute for Security Studies (ISS)، وAfrican Centre for the Constructive Resolution of Disputes (ACCORD).

ahmedsidahmed.contacts@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • مجلس منع الاحتكار ينضم لمنتدى المنافسة الأفريقي  
  • بريطانيا توسع نفوذها في أفريقيا تحت غطاء الأمن
  • الاتحاد الأفريقي وحرب السودان: بين الحياد والمصير
  • آخرها سباحة الناشئين.. صبحي: مصر من أبرز الدول الأفريقية تنظيما للبطولات الرياضية
  • مساعد رئيس حزب العدل: مصر تقود مشروعات التنمية المستدامة في القارة الأفريقية
  • استمرار وصول وفود الدول المشاركة في البطولة الأفريقية للكونغ فو إلى القاهرة
  • البنك الأفريقي للتصدير يخصص 3 مليارات دولار لتأمين الوقود
  • شريف الجبلي: مصر تسعى لتعزيز التعاون مع أفريقيا تحت قيادة الرئيس السيسي
  • الاتحاد الأفريقي يطلق خطة تسريع حرية التنقل بين دوله
  • عاجل - الرئيس السيسي يستقبل رئيس أنجولا ويبحثان دعم التعاون الثنائي وتعزيز دور الاتحاد الأفريقي