تقرير عسكري أمريكي عن ديناميكية القوة في الشرق الأوسط والنقاط الساخنة بعد سقوط الأسد
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
الإمارات العربية – حدد موقع “بريكينغ ديفينس” الأمريكي المتخصص بالشؤون العسكرية النقاط الساخنة الأساسية التي يمكن أن تؤثر على توازن القوى في المنطقة لسنوات مقبلة.
وذكر التقرير أن من بين تلك الدول وضع العراق والنفوذ الإيراني فيه ومصير القواعد العسكرية الروسية وخط الإمداد الرئيسي للأسلحة الإيرانية إلى حزب الله في لبنان.
ونقل التقرير الأمريكي عن الباحث في أكاديمية “ربدان” للأمن والدفاع كريستيان ألكسندر والذي يتخذ من الإمارات مقرا له قوله “إن إيران بعدما فقدت حليفها في سوريا فإنها قد تركز المزيد من اهتمامها على العراق”.
وبحسب ألكسندر فإنه “مع سقوط دمشق فمن المرجح أن تعزز إيران موقعها في العراق وتحتفظ بقاعدة عمليات وتمارس نفوذا غير مباشر على سوريا من خلال الحدود المشتركة والميليشيات العابرة للحدود”، مشيرا إلى أنه يرجح أن تكثف هذه الجماعات أنشطتها على طول الحدود العراقية السورية من أجل ضمان استمرارية خطوط الإمداد والحفاظ على الاتصال ببقايا الفصائل الموالية لإيران في سوريا.
إلا أن الباحث في معهد “المجلس الأطلسي” الأمريكي علي باكير وهو أيضا أستاذ في جامعة قطر يعتبر أن سقوط سوريا يمكن على العكس من ذلك أن يدفع الميليشيات العراقية إلى التقارب مع الحكومة العراقية.
ونقل التقرير عن باكير قوله إن انهيار الأسد سيحول الأنظار إلى الميليشيات العراقية حيث “سيتعرضون بشكل متزايد لضغوط داخلية وإقليمية ودولية للانضمام إلى المؤسسات والهيئات الرسمية العراقية بدلا من خدمة الأجندة الإيرانية في العراق وسوريا المجاورة”.
واعتبر التقرير أن هناك عددا لا يحصى من الأسئلة التي يتحتم الإجابة عنها من بينها الأسئلة الأكثر إلحاحا التي تشغل بال المسؤولين الأمريكيين والشرق أوسطيين وهي ما إذا كان التطرف سوف يترسخ في ظل فراغ السلطة الناشئ.
وبحسب باكير فإن “سقوط نظام الأسد سيكون له تداعيات وخيمة على النفوذ الإقليمي” لكل من روسيا وإيران، مضيفا أن “السؤال الملح بالنسبة للمواطنين العاديين في طهران وموسكو هو: ما الذي كسبناه من دعم هذا النظام منذ ما يقرب من 14 عاما؟ فكيف يمكن لقيادتنا أن تفسر الاستثمار السياسي والمالي والعسكري الضخم في هذا النظام؟”.
وذكر التقرير أنه قبل انتصار المعارضة السورية كانت موسكو قد بسطت قوتها جزئيا في سوريا وخارجها من خلال قاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية وقاعدة طرطوس البحرية على البحر الأبيض المتوسط، لكن الآن مع فرار الأسد فإن مصير القاعدتين يبدو مجهولا.
ولفت إلى تصريح للمتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا مؤخرا قالت فيه إن “أولويتنا الكبرى هي سلامة جميع المواطنين الروس داخل الأراضي السورية وحماية المنشآت والبعثات الروسية بما في ذلك المنشآت الدبلوماسية والعسكرية وتلك المرتبطة بالشركات والمنظمات الروسية”.
وبعدما أشار التقرير إلى وجود صور استطلاع استخباراتية تظهر أن السفن العسكرية الروسية غادرت قاعدة طرطوس ورصد عدد قليل فقط من الطائرات في قاعدة حميميم الجوية، ذكر التقرير بتصريح للمتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ قالت فيه “يبقى أن نرى ما هو الطريق إلى الأمام في سوريا وهذا أمر متروك للشعب السوري أن يقرره”.
ونقل التقرير عن باكير قوله أيضا إنه من المنطقي أن تقوم روسيا بسحب سفنها حيث قد يكون هناك “تهديد وشيك لقواتها أو أصولها العسكرية”، إلا أن السؤال المفتوح يتعلق بما إذا كانت السفن الروسية ستعود.
وبحسب باكير فإن “القواعد العسكرية المعنية هي ملك للسوريين، لكن مسألة ما إذا كانت موسكو ستستخدمها في المستقبل، هو أمر يعتمد على الوضع الداخلي في سوريا وعلى اتفاقات مع السلطة الحالية أو المستقبلية”، إلا أنه رجح أيضا ألا تسمح السلطة المسيطرة في سوريا الآن لروسيا بتمركز قواتها أو أصولها العسكرية داخل البلد والمسألة تتعلق على المدى المتوسط والبعيد بالمتغيرات التي لا يمكن تحديدها بشكل كامل الآن.
أما بحسب كريستيان ألكسندر فباعتقاده أن هناك ثلاثة خيارات أساسية فيما يتعلق بالوجود الروسي، أولا أن تتفاوض روسيا مع الحكومة السورية الجديدة لمواصلة استخدام القواعد، وثانيا أن يرفض المسلحون الوجود الروسي بشكل كامل بسبب دعمهم السابق للأسد، وثالثا أن موسكو ستعتبر أن الوضع “متقلب” بدرجة كبيرة بحيث لا يمكن المخاطرة بالحفاظ على وجود عسكري على أي حال ولا تحاول العودة.
ونقل التقرير عن ألكسندر قوله إن روسيا يمكنها أن تتخلى عن هذه القواعد تماما وهو ما من شأنه أن “يمثل تحولا جيوسياسيا كبيرا “.
إلى ذلك ذكر التقرير أن سقوط الأسد قد يكون مقلقا بالنسبة لحليفته الوثيقة إيران لعدد من الأسباب، من بينها أن سوريا إلى جانب العراق كانت بمثابة طريق بري يمكن لطهران من خلاله إمداد وتسليح حزب الله اللبناني إلا أنه نقل عن الجنرال اللبناني المتقاعد وهبة قطيشة قوله إنه مع سقوط الأسد وسيطرة المسلحين على جزء كبير من هذا الطريق بما في ذلك البوكمال فقد جرى بذلك “قطع خطوط الإمداد من إيران إلى حزب الله في لبنان”.
ونقل التقرير عن باكير قوله إنها “مسألة وقت فقط قبل أن يتضاءل نفوذ حزب الله حتى داخليا في لبنان”، مضيفا أن طهران قد تصبح مجبرة على التكيف مع الواقع الجديد وتصبح أكثر واقعية أو أنها قد تسعى إلى محاولة التخريب إذا استطاعت أو قد تختار شراء الوقت وإعادة بناء موقعها الإقليمي والمناورة حتى انتهاء ولاية ترامب وعندها يمكن أن يعودوا بإستراتيجية إقليمية جديدة.
وختم التقرير بالقول إن الإجابة عن هذه الأسئلة ستظل قيد الانتظار وقد لا تعرف قبل أسابيع أو أشهر إلا أن المسألة الوحيدة المؤكدة هي أن ديناميكية القوة في الشرق الأوسط قد تبدلت بالفعل لسنوات أو عقود مقبلة.
المصدر: وكالات
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: التقریر أن فی سوریا حزب الله قوله إن إلا أن
إقرأ أيضاً:
القاعدة الروسية بالسودان.. هل حان أوان التنفيذ؟ (تقرير)
الأناضول - بعد سنوات من تعثر تنفيذ الاتفاقية أعلن وزير الخارجية السوداني من موسكو التوصل إلى تفاهمات بشأن إنشاء القاعدة البحرية الرسوية على البحر الأحمر في بلاده - المحلل السياسي أمير بابكر: القاعدة الروسية ليست أولوية للخرطوم أو موسكو حاليا والحديث عنها ربما بمثابة رسائل سياسية من الحكومة السودانية للأطراف الدولية
- المحلل السياسي محمد سعيد: من الصعب تنفيذ اتفاقية القاعدة وتصريحات وزير الخارجية تكتيك من الحكومة لكسب الوقت ومعرفة ما سيفعله ترامب تجاه المنطقة
عادت إلى الواجهة مسألة إقامة قاعدة روسية على البحر الأحمر في السودان، إثر إعلان الخرطوم قبل أيام التوصل إلى اتفاق بشأنها مع موسكو.
وجاء الإعلان في وقت يشهد فيه السودان منذ 22 شهرا حربا ضاريا بين الجيش وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية طالت معظم ولايات البلاد.
وخلّفت الحرب، منذ أبريل/ نيسان 2023، أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألف شخص.
وجاء الإعلان بشأن القاعدة هذه المرة من موسكو، خلال مؤتمر صحفي جمع وزير الخارجية السوداني علي يوسف ونظيره الروسي سيرغي لافروف.
وقال يوسف الأربعاء الماضي إن السودان وروسيا توصلا إلى تفاهم بشأن الاتفاقية الخاصة بإقامة قاعدة البحرية الروسية.
وأضاف: "متفقون تماما في هذا الموضوع ولا توجد أي عقبات.. لا توجد عقبات، نحن متفقون تماما".
وتابع: "توصلنا إلى تفاهم متبادل بشأن القضية، وبالتالي فإن المسألة بسيطة للغاية، ليس لدي ما أضيفه. لقد اتفقنا على كل شيء"، دون تفاصيل.
ومرت سنوات على الإعلان عن اتفاقية بشأن إقامة قاعدة بحرية روسية في السودان، وصادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عليه في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
لكن المسألة ظلت متعثرة، وأعلنت الخرطوم حينها أن الاتفاقية تحتاج لموافقة برلمانية.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان حل الحكومة ومجلس الوزراء، ثم اندلعت الحرب منتصف أبريل 2023.
وتتضمن الاتفاقية إقامة منشأة بحرية روسية على البحر الأحمر، قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، واستيعاب 300 عسكري ومدني.
ويمكن للقاعدة استقبال أربع سفن حربية في وقت واحد، وتُستخدم في عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد والتموين لأفراد أطقم السفن الروسية.
ولا ترغب دول، تتقدمها الولايات المتحدة، في حصول خصمها الاستراتيجي روسيا على مواطئ قدم في البحر الأحمر بالسودان.
** قصة القاعدة
في 2017 لم تتحمس موسكو لطلب الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير (1989 - 2019)، إنشاء قاعدة عسكرية روسية في بلاده، في ظل توترات بين الخرطوم وواشنطن.
لكن في مايو/ أيار 2019 كشفت موسكو عن بنود اتفاقية مع الخرطوم، لتسهيل دخول السفن الحربية إلى موانئ البلدين، بعد أن دخلت حيز التنفيذ.
وصادق بوتين، في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، على إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان.
لكن بعد ثلاثة أيام، قال رئيس الأركان السوداني حينها محمد عثمان الحسين: "حتى الآن ليس لدينا الاتفاقية الكاملة مع روسيا حول إنشاء قاعدة بحرية في البحر الأحمر، لكن التعاون العسكري بيننا ممتد".
و9 ديسمبر/ كانون الأول 2020، نشرت الجريدة الرسمية الروسية نص الاتفاقية بين موسكو والخرطوم حول إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية على البحر الأحمر، بهدف "تعزيز السلام والأمن في المنطقة"، حسب مقدمة الاتفاقية.
** رفض ومخاوف
لم يحظ الإعلان مؤخرا عن التوصل إلى تفاهم بشأن الاتفاقية بردود فعل كثيفة كما في السابق من القوى السياسية السودانية، والتي يظل معظمها رافضا لإنشاء القاعدة.
إلا أن الحزب الشيوعي المعارض أعلن، في بيان الجمعة، رفضه للاتفاقية، قائلا إن إبرامها في ظل الانقسام السياسي والصراع العسكري بالسودان، ومن جانب سلطة غير منتخبة، يفتقر إلى أي شرعية قانونية أو شعبية.
وأردف أن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية على الأراضي السودانية يُعد انتهاكا صارخا للسيادة الوطنية، ويفتح الباب أمام مزيد من التدخلات الخارجية التي تهدد وحدة السودان وتجره إلى صراعات دولية لا مصلحة له فيها.
كما علق رئيس الحركة الشعبية- التيار الثوري ياسر عرمان بقوله إن "السودان اليوم بحاجة إلى سلام عادل ومشروع وطني جديد، ولا يحتاج لبناء قواعد أجنبيه على أراضيه".
ولفت عرمان، عبر حسابه على "فيسبوك"، إلى "الحديث المنسوب لوزير الخارجية بشأن الاتفاق على بناء قاعدة روسية على الساحل السوداني".
واعتبر أنه "إذا كان صحيحا، فذلك يعني مزيدا من الاستقطاب الإقليمي والدولي، في وقت السودان فيه أضعف ما يكون، ويحتاج لحماية سيادته.. ومصلحة السودان الحفاظ على سيادته والابتعاد عن هذه الصراعات".
** رسائل سياسية
المحلل السياسي أمير بابكر قال للأناضول إن حديث وزير الخارجية بشأن القاعدة في حضور لافروف كان معمما، حيث كانت الرسالة هي "حدوث تفاهمات بشأن القاعدة الروسية".
وأضاف: "من الواضح أن القاعدة الروسية ليست أولوية للخرطوم أو موسكو حاليا، باعتبار أن الأوضاع في السودان غير مستقرة، والحرب لا زالت في أشدها".
وتابع: "بالنظر إلى مجريات الأحداث على المستوى المحلي والإقليمي والدولي فإن الحديث عن القاعدة الروسية في هذا التوقيت ربما بمثابة رسائل سياسية من الحكومة السودانية للأطراف الدولية"، دون إيضاحات.
** تكتيك سوداني
أما المحلل السياسي محمد سعيد فقال للأناضول إن "موضوع القاعدة الروسية مطروح باستمرار، لأن مركز القرار في الحكومة السودانية ليس واحدا".
وأردف أن "الحكومة أو الجيش السوداني ليسوا مضطرين حاليا إلى إثارة توتر جديد في المنطق،ة خاصة مع الدول المشاطئة على البحر الأحمر".
وفي يناير/ كانون الثاني 2020، اجتماع ممثلون من مصر والسعودية واليمن والأردن والسودان والصومال وجيبوتي وإريتريا في الرياض، ودشنوا مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، بهدف حماية أمن البحر الأحمر.
وأعرب سعيد عن اعتقاده بأنه "من الصعب تنفيذ اتفاقية القاعدة الروسية، أما تصريحات وزير الخارجية السوداني فتكتيك من الحكومة السودانية لكسب الوقت ومعرفة ما سيفعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه المنطقة".