في نقد كتاب “نقد النقد”: قراءة تجمع بين التنظير والتأصيل
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
إبراهيم برسي
24/11/2024
يُعدّ كتاب نقد النقد للمؤلف إبراهيم دسوقي عملاً نقدياً متميزاً يطرح بجرأة وعمق مساءلة المناهج النقدية الحداثية وتطبيقها على النصوص الأدبية العربية، في إطار يسعى للجمع بين التأصيل الثقافي والتجديد المنهجي. يمثل الكتاب مساراً فكرياً يُعيد النظر في النظريات النقدية الغربية ويطرح قراءة متأنية تعيد صياغتها لتتناسب مع خصوصية النصوص العربية، مما يعكس فهماً واعياً للحراك الأدبي والنقدي المعاصر.
الإطار العام للكتاب
ينقسم الكتاب إلى أربعة فصول رئيسية، تتناول المناهج النقدية البنيوية، السيميولوجية، الأسلوبية، ونظرية التلقي، مع خاتمة تسلط الضوء على الرؤى المستقبلية لتطوير النقد العربي. يتميز العمل بسلاسة الانتقال بين الأطر النظرية والتطبيقات العملية، حيث يختار المؤلف نماذج أدبية بعناية ويخضعها لتحليل دقيق. ومن بين النصوص المختارة قصائد لأسماء بارزة مثل أمل دنقل ومحمود درويش وسعدي يوسف، مما يُبرز عمق التحليل وجدية الطرح.
الجوانب الإيجابية في الكتاب
1.المنهجية الدقيقة
المؤلف يبرع في استخدام منهجية متماسكة توازن بين التنظير والتطبيق. فعلى سبيل المثال، في مناقشته للمنهج البنيوي، يستعرض مفهوم “التبادل بين المحورين السياقي والاستبدالي” ويطبق ذلك بمهارة على نصوص أمل دنقل، مما يعزز من موثوقية المنهج وفعالية التحليل.
2.التوازن بين التنظير والتطبيق
يجمع الكتاب بين العمق الأكاديمي وسلاسة العرض، حيث لا تطغى النظرية على التحليل الأدبي، بل تتكامل معه، مما يمنح القارئ رؤية شاملة تُثري فهمه للنصوص وتُعمّق إدراكه للنقد الأدبي.
3.الجرأة النقدية
يتعامل المؤلف بوعي نقدي مع المناهج الغربية، حيث يُعيد مساءلتها ويُطوّعها لتتناسب مع البيئة الثقافية العربية. يظهر ذلك جلياً في نقده للبنيوية، إذ يطرح تساؤلات حول بعض المصطلحات الغربية ومدى ملاءمتها للنصوص العربية، مما يعكس فهماً عميقاً لخصوصية الثقافة واللغة.
4.التأصيل الثقافي
يُظهر الكتاب وعياً بالبعد الثقافي للنصوص العربية، حيث يدمج التحليل اللغوي مع السياقات التاريخية والسياسية. في تحليله لقصيدة أمل دنقل الحداد يليق بقطر الندى، يُبرز المؤلف العلاقة بين النص وظروف هزيمة 1967، مما يُضفي عمقاً ثقافياً على التحليل.
الملاحظات
1.تعقيد المصطلحات
على الرغم من أن الكتاب موجه إلى القارئ المتخصص، إلا أنه أحيانًا يُثقل باستخدام مصطلحات نقدية معقدة، مثل (النحو النصي) و(التقابل الدلالي)، تجعل القراءة صعبة لغير المتخصصين. إضافة إلى عدم وجود شروحات أو ملاحق للمصطلحات كان سيجعل الكتاب أكثر شمولية.
2.إغفال المناهج الحديثة
اقتصر التركيز على المناهج الكلاسيكية، ولم يُمنح النقد الثقافي أو النسوي اهتماماً كافياً. إدراج هذه المناهج كان سيضيف بعداً حداثياً يُثري محتوى الكتاب.
3.التركيز على النصوص الشعرية
أغفل الكتاب النصوص النثرية مثل الرواية والقصة، مما يثير تساؤلاً حول قدرة المناهج النقدية المطبقة على التعامل مع هذه الأنواع الأدبية.
النتائج الرئيسية
• إعادة صياغة المناهج النقدية الغربية بما يُلائم النصوص العربية.
• أهمية المزج بين التحليل النصي والسياقات الثقافية والتاريخية.
• تعزيز التأصيل الثقافي في النقد الأدبي العربي.
الخلاصة
كتاب نقد النقد هو عمل نقدي غني يُبرز رؤية عميقة وتطبيقاً متمكناً للمناهج النقدية على النصوص العربية. رغم الحاجة إلى بعض التبسيط والتوسع، يظل الكتاب إضافة قيّمة لحقل النقد الأدبي العربي. إبراهيم دسوقي، بهذا العمل، يُثبت أنه ناقد ومفكر يسعى بوعي وجرأة لتطوير الأدوات النقدية وتأصيلها.
تحية تقدير لهذا الجهد الفكري الذي يفتح آفاقاً جديدة أمام الباحثين.
zoolsaay@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره من محبي العربية رسائل الجوهري الصغير
يقدم جناح الأزهر الشريف بـمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56؛ لزوَّاره كتاب «مجموع الرسائل اللغوية»"، بقلم أبي هادي محمد بن أحمد بن الحسن الخالدي، المعروف بالجوهري الصغير، من إصدارات مكتب إحياء التراث الإسلامي بمشيخة الأزهر الشريف.
نائب رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود الدولة في توطين صناعة الدواء شيخ الأزهر يستقبل وزير السياحة والآثار السابقلقد سخر الله للغة العربية ثلةً من العلماء العاملين المخلصين، يدافعون عنها، ويذبون عن حياضها سهام الخصوم، ويفندون شبهات المبطلين؛ ومن هؤلاء الأعلام الذين قاموا على حفظ اللغة وعلومها: الإمام الشيخ أبو هادي محمد بن أحمد بن الحسن الجوهري، المعروف بـ (ابن الجوهري)، و(الجوهري الصغير)، وهو إمام متفنن في العلوم وعلى رأسها علوم العربيَّة، ورسائله اللغوية تنمُّ عن رجل له باع طويل في علومها الواسعة؛ إذ تتعدد مؤلفاته، ويأتي فيها بخلاصة مباحث مُهِمَّة، على الرغم من صغر حجمها، لكنها تستوعب وتشير إلى كثير من المسائل الدقيقة والمباحث العميقة، ولأجل أهمية رسائل الجوهري الصغير ونفاستها فقد عَمِلَ مكتب إحياء التراث الإسلامي بمشيخة الأزهر الشريف على تحقيق رسائله اللغوية، والعناية بها، وإخراجها لطلبة العلم وأهله بدقة وعناية في مجموع يشملها.
ويضمُّ هذا المجموع بين دفَّتَيه ثماني رسائل، للجَوْهَري الصَّغير (المتوفَّى سنةَ: 1215هـ/ 1801م)، وهي:الأولى: «القول الموفي في تحقيق تعريف الشُّكر العُرفيِّ»، وهي رسالةٌ موجزة في التعريف بالشكر عُرفًا، ثم شرح الشكر والتعليق عليه والاستشهاد في ذلك بأقوال العلماء.
والثانية: «زهر الأفهام في تحقيق الوَضع وما له من الأقسام»، تناول فيها المؤلِّفُ علمَ الوضع ومبادئه وأقسامه، ثم ختمها ببيان وضع أسماء والكتب والتراجم.
والثالثة: «تحقيق الفرق برَسمه في الفرق بين عَلم الجنس واسمه»، عرَضَ فيها المؤلِّفُ لقضية من أهمِّ قضايا علم الوضع، وهي التفرقة بين عَلَم الجنس واسم الجنس.
والرابعة: «إتحاف الرِّفاق ببيان أقسام الاشتقاق»، عالج فيها المصنِّف بعض قضايا علم الاشتقاق؛ من حيث تعريفُه، وأقسامُه، وتحقُّقُ التَّغيير فيه، وقيامُ الوصف بمَن اشتُقَّ منه، وغير ذلك.
والخامسة: «إتحاف الكامل ببيان العامل»، سلَّط فيها المصنِّف الضَّوءَ على قضية اختلف فيها النُّحاةُ قديمًا، وهي نظريَّة العامل، من خلال بيان سبب الإعراب فيما هو معرب، وتعريف العامل الإعرابي، وما يتحصَّل به، ثم ختم الرسالة بإيراد بعض الاعتراضات الواردة على تعريفهم للعامل والجواب عنها.
والسادسة: «إتحاف أُولي الألباب بشرح ما يتعلَّق بسيٍّ من الإعراب»، وهي رسالة في شرح خمسة أبيات من بحر الطَّويل، من نَظْم المؤلِّف نفسه، تناول فيها إعراب «لا سيَّما» وبيانَ معانيها وما يتعلَّق بها من أحكام، مع سَوْق آراء العلماء في هذا.
والسابعة: «امتثال الإشارة بشرح نتيجة البشارة»، وهي تتمحور حول شرحٍ مختصرٍ لرسالة «نتيجة البشارة بمعرفة الاستعارة» لعبد الرَّحمن بن مصطفى العيدروس (المتوفَّى سنة 1192هـ،)، ويظهر من عنوان المتن أن موضوعها هو «الاستعارة»، وهو ضَرْبٌ من ضروب علم البيان، تناوله الشارحُ؛ فبيَّنَ مراد الاستعارة وأقسامها وأحكامها، وما يتعلَّق بها من موضوعات أخرى؛ كالحقيقة والمجاز.
والثامنة: «الذَّوق السَّليم في القول بالموجب وأسلوب الحكيم»، وهي رسالة تتناول ضربين من ضروب عِلمَي البديع والمعاني، وهما: «القول بالموجب» «أسلوب الحكيم»، وقد عرَض فيها المؤلِّف لبيان كلٍّ منهما، وذِكْر قِسمَي القول بالموجب، وبيان النِّسبة بين القول بالموجب وأسلوب الحكيم، وختم كلامه بإيضاح أن القول بالمُوجب عند الأُصوليِّين من القوادح في العِلل.
معرض القاهرة الدولي للكتابويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك إنطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.