مسقط - العُمانية
ظلت ظاهرة التضخم المتفاقم عالميًّا موضع الاهتمام والمتابعة طوال السنوات الماضية لاحتواء معدلاته ضمن مستهدفات السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية لسلطنة عُمان, وتجنب تفاقمه للمعدلات التي شهدها الكثير من الدول المتقدمة والناشئة والنامية، مما أثر على نمو الاقتصاد وعلى مستويات المعيشة في هذه الدول.

وأدى تفشي الجائحة في عام 2020 وما صاحبها من إغلاقات وقيود على الحركة والأنشطة الاقتصادية إلى مشكلات في سلاسل التوريد والإمداد وحركة التجارة العالمية وارتفاع كلفة الخدمات وأسعار الغذاء، وواصلت الصعود بفعل تداعيات الأزمة في أوكرانيا وتأثيراتها على أسعار الطاقة والخدمات وكلفة الشحن والتأمين، والسلع الغذائية مثل الحبوب والبذور والزيوت النباتية والحليب، وأسفرت كافة هذه التطورات عن تفاقم التضخم عالميا ليصل إلى أعلى مستوياته خلال عام 2022.

وفي ظل هذه الأزمة، انعكست تأثيرات الارتفاعات العالمية على الأسواق المحلية مع استيراد الاحتياجات من السلع والمنتجات، وقد أسهمت التدابير والسياسات الاستباقية لسلطنة عمان في إبقاء معدلات التضخم عند مستوى معتدل حتى خلال ذروته عالميًّا في عام 2022, وكان التضخم في أسعار المستهلكين في سلطنة عُمان من بين أدنى المعدلات في العالم وضمن الحدود الآمنة المستهدفة في الخطة الخمسية العاشرة 2021-2025.

وتشير بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن متوسط معدل التضخم وفقا للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين في سلطنة عُمان سجل نحو 1.7 بالمائة خلال الفترة من 2021-2023, وانخفض إلى ما يقل عن واحد بالمائة في نهاية عام 2023, وخلال العام الجاري 2024, بلغ معدل التضخم في أسعار المستهلكين نحو 0.8 بالمائة خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر الماضي .

وتفاوتت معدلاته بين مختلف المحافظات حيث سجل التضخم أدنى المعدلات في محافظة جنوب الباطنة بنسبة 0.4 بالمائة, وبنسبة 0.6 بالمائة في محافظتي مسقط وظفار, وبنسبة 0,7 بالمائة في كلٍّ من محافظتي الظاهرة والبريمي, و0.8 بالمائة في محافظة شمال الباطنة, في حين تم تسجيل أعلى معدل للتضخم في محافظة جنوب الشرقية بنسبة 1.9 بالمائة وفي كل من محافظتي مسندم والوسطى بنسبة 1.6 بالمائة ومحافظة شمال الشرقية بنسبة 1.3 بالمائة ومحافظة الداخلية بنسبة 1.1 بالمائة, وبشكل عام يرتبط تفاوت معدلات التضخم على النطاق الجغرافي بعدد من العوامل أهمها الموقع الجغرافي ونشاط الاقتصاد المحلي في كل محافظة.

ويأتي تراجع التضخم على أساس سنوي بنهاية أكتوبر من عام 2024 مقارنة مع نفس الشهر من عام 2023 في ظل استقرار الأسعار القياسية لمجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى, ومجموعة الاتصالات, ومجموعة التبغ, وتراجع الأرقام القياسية لأسعار مجموعة النقل بنسبة 2.6 بالمائة, مع ارتفاع أسعار مجموعة السلع الشخصية المتنوعة والخدمات بنسبة 4.8 بالمائة ومجموعة المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 3.5 بالمائة ومجموعة الصحة بنسبة 3.2 بالمائة, مع زيادات محدودة في مجموعات المطاعم والفنادق, والملابس والأحذية, والأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية وأعمال الصيانة, والتعليم.

وأشار التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي إلى تراجع التضخم في سلطنة عُمان إلى 0.6 بالمائة خلال الفترة من بداية العام الجاري وحتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري 2024، مقابل نسبة تضخم بلغت 0.9 بالمائة في عام 2023, لتظل معدلات التضخم في أسعار المستهلكين عند مستويات منخفضة في سلطنة عمان.

وتتوقع وزارة الاقتصاد أن يظل معدل التضخم معتدلا وضمن المستهدفات على المدى المتوسط، كما تتابع الوزارة من خلال مؤشر تنافسية المحافظات تطورات التضخم في مختلف المحافظات بهدف تحديد تفاوتات الأسعار والعوامل المؤثرة على التغير في الأسعار للمساعدة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات تحد من هذه التفاوتات وتحقق توازن الأسواق والأسعار.

وأكدت وزارة الاقتصاد على أن تعزيز الإنفاق الاجتماعي وعلى الخدمات الأساسية من الصحة والتعليم والإسكان يمثل أولوية حافظت عليها سلطنة عُمان لتحسين مستويات المعيشة وتخفيف أعبائها وترقية الخدمات حتى إبان فترة تأثر الوضع المالي للدولة بتبعات الجائحة وتراجع أسعار النفط, حيث تم إطلاق حزمة من المبادرات الاجتماعية التي أسهمت في مساندة الفئات المتأثرة بتبعات الأزمات العالمية.

ومن المتوقع أن ينخفض التضخم الكلي عالميًّا إلى نسبة 5.8 بالمائة في 2024, مما يشير إلى أن جهود البنوك المركزية تحقق نجاحا متزايدا في احتواء التضخم, وبناء على هذه التطورات, قام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته للتضخم خلال العام المقبل, وبعد أن كانت التوقعات تشير إلى معدل تضخم متوقع يبلغ 4.4 بالمائة في عام 2025، تم خفض التوقعات إلى 3.5 بالمائة مع حلول نهاية العام القادم 2025.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

استطلاع: التضخم بروسيا يتسارع في ديسمبر وسط تأثيرات العقوبات الغربية

كشف استطلاع أمريكي أجرته وكالة (بلومبرج) الأمريكية اليوم الأربعاء عن توقعات حول تسارع التضخم في روسيا ديسمبر الماضي، متجاوزًا هدف البنك المركزي؛ في ظل تأثير العقوبات الغربية على البلاد وسط استمرار العملية العسكرية على أوكرانيا التي دفعت أسعار السلع والخدمات للارتفاع بشكل كبير.

بوشكوف: ترامب يهدف إلى إنهاء العمليات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا رئيس وزراء روسيا: موسكو تمكنت من التكيف مع العقوبات الأجنبية

ووفق تقديرات وسطيّة من 11 خبيرًا اقتصاديًا استطلعتهم بلومبرج، فإن هناك احتمالا أن يصل نمو الأسعار السنوي في نهاية عام 2024 إلى 9.8% مقارنة بـ 8.9% في نوفمبر؛ رغم المعدلات المرتفعة تاريخيًا لأسعار الفائدة، وهذا سيجعلها السنة الخامسة على التوالي التي يفشل فيها البنك المركزي الروسي في تحقيق هدفه البالغ 4%.

وبحسب ما ذكره فلاديمير تشيرنوف، محلل في شركة "فريدوم فاينانس جلوبال" للوساطة المالية، "أسهم تراجع الروبل بأكثر من 10% بسبب العقوبات الأمريكية الجديدة، فضلاً عن زيادة الطلب الاستهلاكي في عدم قدرة تكاليف الاقتراض المرتفعة على منع التضخم من التسارع في أواخر العام الماضي".

ويعمل اقتصاد روسيا عند طاقته القصوى لتلبية احتياجات الآلة العسكرية للكرملين، بالإضافة إلى تلبية الطلب الاستهلاكي المتزايد نتيجة للإنفاق الحكومي الضخم وارتفاع الأجور في ظل التنافس على العمالة المحدودة.

وأدت القيود المفروضة على الواردات بعد العقوبات التي تم فرضها بعد عملية روسيا العسكرية على أوكرانيا فبراير 2022 إلى ارتفاع الأسعار في كل شيء من الغذاء والوقود إلى حزم العطلات والسيارات.

ومنذ بداية العام، ارتفعت أسعار البطاطس بشكل شبه مزدوج، بينما ارتفعت أسعار البصل بنسبة 50% تقريبًا، وزادت أسعار الزبدة بنسبة تقارب 40%، وفقًا للبيانات حتى 23 ديسمبر كما ارتفع سعر البنزين بنسبة 20% في محطات الوقود.

وقارنت محافظة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا التضخم في الاقتصاد بحالة شخص مريض يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، محذرة من أن هذا النمو المفرط غير مستدام.

وكان البنك المركزي الروسي قد رفع سعر الفائدة الرئيسي في 2024 بمقدار 500 نقطة أساس ليصل إلى أعلى مستوى تاريخي بنسبة 21%، في محاولة للحد من نمو القروض وكبح الطلب، وأثار هذا التوجه النقدي انتقادات واسعة من مجتمع الأعمال، بسبب المخاوف من أن تكاليف الاقتراض المرتفعة بدأت تجبر الشركات على تقليص خطط الإنتاج والاستثمار، مع زيادة خطر تعرض العديد من القطاعات لموجة من الإفلاس.

وفي الوقت ذاته، استمرت الأسعار في الارتفاع حتى مع بداية تباطؤ الاقتصاد.

ويتوقع خبراء اقتصاد بلومبرج أن يكون قد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 1.6% على أساس شهري، و9.8% على أساس سنوي في ديسمبر.

وأضافت (بلومبرج) أن تراجع الروبل وتوقعات التضخم المرتفعة تشير إلى أن آفاق الربع الأول من العام المقبل لن تتحسن بشكل ملحوظ، ومن المتوقع أن يدفع ضعف الروبل والتباطؤ التدريجي في الطلب الاستهلاكي البنك المركزي الروسي إلى تعديل توقعاته للتضخم في عام 2025 من 4.5%-5.0% إلى 5%-6% خلال العام.

 

 

مقالات مشابهة

  • التضخم السنوي في السعودية يسجل 1.9% خلال ديسمبر 2024
  • استطلاع: التضخم بروسيا يتسارع في ديسمبر وسط تأثيرات العقوبات الغربية
  • ارتفاع أسعار النفط مدعومة بتراجع مخزونات الخام
  • وسط ترقب لتقارير التضخم الأمريكية.. ارتفاع سعر الذهب عالميا
  • أسعار الذهب العالمية تحقق ارتفاعات كبيرة خلال تعاملات اليوم
  • جولد بيليون: الذهب يرتفع عالميا مع ترقب بيانات التضخم الأمريكية
  • بعد تصريحات ترامب حول خططه النقدية القادمة.. تطورات في سوق الذهب عالميا
  • أسعار الذهب ترتفع وسط ضبابية سياسات ترامب وترقب بيانات التضخم الأمريكية
  • رؤية عمانية حكيمة تُحول التحديات إلى فرص مواتية
  • «جولد بيليون»: الذهب يفشل في الحفاظ على القمة ويتراجع بنسبة 0.2% عالميا