موقع 24:
2024-12-16@11:00:21 GMT

5 سيناريوهات منتظرة لسياسة ترامب الخارجية

تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT

5 سيناريوهات منتظرة لسياسة ترامب الخارجية

منذ إعلان فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية مجدداً وقضية السياسة الخارجية الأمريكية في ولاية ترامب الثانية تفرض نفسها على دوائر صناعة القرار والفكر السياسي والاقتصادي في أغلب دول العالم.

والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة على هذه الدوائر هو كيف سكون العالم ومكانة الولايات المتحدة فيه بعد 4 سنوات جديدة من حكم ترامب الذي يستعد لتنصيبه رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير(كانون الثاني) المقبل.

Trump is inhering a plethora of wars — both current and potential.@HalBrands explains five ways his second term could play out ???? pic.twitter.com/9xwONMCcBC

— Bloomberg Opinion (@opinion) Decmber 15, 2024 5 سيناريوهات

وفي تحليل نشرته وكالة "بلومبرغ" للأنباء تحت عنوان "5 سيناريوهات لسياسة ترامب الخارجية" قال هال براندز أستاذ كرسي هنري كيسنجر في مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية إن تقلبات ترامب حقيقية، رغم المبالغة في تصويره كشخص لا يمكن التنبؤ بتصرفاته.

ففي حين حقق ترامب تحولات سياسية مذهلة في ولايته الأولى، سواء بالانسحاب من معاهدات دولية رئيسية مثل اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي الإيراني، أو بالتهديد بالانسحاب من معاهدات كانت تشكل حجر الزاوية في السياسة الأمريكية بما في ذلك معاهدة حلف شمال الأطلسي (ناتو) لكن .الأمر مختلف هذه المرة حيث يدخل ترامب البيت الأبيض والعالم مليء  بالحروب الساخنة والباردة والمحتملة، لدرجة أنه يمكن القول إنه يدخل مشهدا أكثر قبحاً وخطورة مما شهده أي رئيس أمريكي منذ عقود.

ويمكن القول إن ترامب نفسه لا يعرف على وجه الدقة كيف سيتعامل مع كل هذه الفوضى. لكن براندز عضو مجلس سياسة الشؤون الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية يرى أن هناك 5 سيناريوهات رئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية في عهد ترامب تستحق النظر فيها، وعناوينها هي التجديد والرفض والانشقاق وإعادة الضبط والارتباك.

ففي السيناريو الأول تعهد ترامب بتجديد تاريخي لأمريكا وجعلها قوة عظمى أذكى وأشد صرامة تستطيع الانتصار على كل الجبهات، في المقابل يحذر المنتقدون من أن يختار ترامب الرفض وربما الانشقاق عنواناً للسياسة الخارجية الأمريكية، فيتخلى عن الزعامة الأمريكية للعالم  ويتعاون مع الدول المستبدة التي تهاجم العالم الذي تقوده الولايات المتحدة.

وهناك سيناريوهان أقل تطرفاً، الأول أن يتمكن ترامب من إعادة ضبط الاستراتيجية الأمريكية بطريقة فوضوية لكنها مثمرة، والثاني أن يؤدي الارتباك الشامل إلى إضعاف الولايات المتحدة  وخلق حالة فوضى عالمية أكبر. وفي حين سيتمنى أي شخص حريص على ازدهار العالم الديمقراطي السيناريوهات الأفضل، فإن أي شخص على دراية بترامب يدرك صعوبة استبعاد السيناريوهات الأسوأ.

السيدة الأولى السابقة ميلانيا ترامب حول خطاب الديمقراطيين والإعلام الهجومي حول ترامب ووصفه بالفاشي :

" إنه أمر فظيع، إنه ليس هتلر، وكل أنصاره يقفون خلفه لأنهم يريدون رؤية البلاد ناجحة، أنه يفعل ذلك من أجل البلاد والشعب". pic.twitter.com/j9RxRBe9WT

— ????????محمد|MFU (@mfu46) October 29, 2024 وضوح كامل

ويرى هال براندز أن ترامب ليس ذلك الشخص الذي لا يمكن التنبؤ بقراراته كما يعتقد الكثير من المحللين، وإنما على العكس فأفكار ترامب الأساسية  واضحة وهي أن كل شيء قابل للبيع والشراء، وأن اتفاقيات التجارة والتحالفات الأمريكية صفقات رديئة؛ والقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان مبالغ فيها ، وهي أفكار تعود إلى عقود من الزمان.  وخلال الحملة الانتخابية الأخيرة، أعلن ترامب نيته رفع التعريفات الجمركية، والدفع نحو السلام في أوكرانيا، والضغط على الحلفاء فيما يتصل بالإنفاق الدفاعي.

وفي السيناريو الأول ربما يسعى ترامب إلى تجديد قوة الولايات المتحدة  تحت شعار "لنجعل أمريكا قوة عظمى مرة أخرى". لكنه يواجه حالياً تعهد نظيره الصيني شي جين بينغ باستعادة أمجاد الصين ومحاولات نظيره الروسي فلاديمير بوتين استعادة مكانة روسياً عالمياً.

ويقول ترامب إنه سيعزز قدرة الردع الأمريكية من خلال إعادة بناء القوات المسلحة وإجبار حلفاء الولايات المتحدة على المساهمة في نفقات الدفاع المشترك. كما يقول إنه سينهي الحرب الأوكرانية بجمع الدولتين المتحاربتين على مأئدة المفاوضات، وسيمنع نشوب الحروب في العالم بتأكيد أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع من يشعل الحرب، وسيوقف البرنامج النووي الإيراني ويجبر المكسيك على وقف تهريب المهاجرين والمخدرات عبر حدودها  إلى الولايات المتحدة، وسيمنع دول العالم من التخلي عن الدولار بتهديدها بالعقوبات.

هل عودة ترامب إلى البيت الأبيض "شيك على بياض" لإسرائيل؟ - موقع 24تقدّم الولايات المتحدة منذ أكثر من عام دعماً ثابتاً لإسرائيل في حربها مع حركة حماس في قطاع غزة، مع الضغط عليها لممارسة شيء من ضبط النفس، لكن هذا الهامش الضئيل سيزول مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ولو أن رغبته العارمة في إنجاز تسويات قد تدفعه إلى مواقف لا يمكن التكهن بها.

ورغم أن تفاصيل  رسالة ترامب لجعل أمريكا قوة عظمى مجدداً تتغير بمرور الوقت فإن جوهرها ثابت وهو: إذا استخدمت واشنطن قوتها التي لا مثيل لها بجرأة أكبر وبقدر أكبر من الإكراه، فإنها قد تخلق حقبة جديدة من السلام والازدهار والهيمنة الأمريكية.

ورغم أن خبراء السياسة يحبون السخرية من هذا النوع من النهج، فإنه يستند إلى رؤية حقيقية: وهي أن القدرات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية، ومركزيتها في النظام الدولي، تمنح واشنطن نفوذاً هائلاً. لذا فإن الولايات المتحدة التي تتبنى موقفاً صارماً حقاً وتهدد حلفائها الذين يستفيدون من إمكانياتها مجاناً بالتخلي عنهم، وتمارس ضغوطاً اقتصادية مبرحة على منافسيها، وتجعل الجميع يخمنون ما قد تفعله بعد ذلك، تستطيع بالتاكيد تحقيق المزيد من المكاسب من هذه العلاقات.

ولكن ترامب نفسه يتبنى تكتيكات متناقضة تجعل تحقيق رؤيته تلك أشد صعوبة، فالسلام في أوكرانيا لن يتحقق مادام بوتين مقتنع بأنه منتصر، والتهديد بفرض رسوم تجارية لن يوقف تدفق المهاجرين والمخدرات عبر حدود المكسيك، بل إجبار إيران على تفكيك برنامجها النووي يتعارض مع رغبته في تجنب نشوب مزيد من الحروب في الشرق الأوسط. وأخيراً فإن إعادة بناء القوة العسكرية الأمريكية تصطدم باعتزامه خفض الإنفاق الحكومي والضرائب.

وفوق كل ذلك فإنه حتى القوة العظمى لا يمكن أن تكسب طوال الوقت. وفي ولايته الأولى لم تنجح ضغوطه على كوريا الشمالية في تفكيك ترسانتها النووية ولا في استسلام إيران لضغوطه الاقتصادية والدبلوماسية.

Obama, Bush, Clinton - Angela #Merkel has met many US presidents. She got along great with all of them. Then came Trump. https://t.co/yra2p56Urp pic.twitter.com/cznCuzWQXG

— DW Politics (@dw_politics) April 27, 2018 مقاومة النفوذ الأمريكي

ثم إن ترامب سيواجه عالماً أكثر مقاومة للنفوذ الأمريكي عما كان عليه الحال قبل 4 سنوات. وقد أصبحت هناك قضية مشتركة بين أعداء أمريكا المستبدين. كما أنه لو كان جعل أمريكا دولة عظمى مجدداً بتلك السهولة التي يتصورها ترامب لفعلها  آخرون  قبله.

ثاني سيناريوهات سياسة ترامب الخارجية يتمثل في إمكانية رفض النظام العالمي. وإذا كان ترامب قد تعهد بتجديد القوة الأمريكية، فإن منتقديه يخشون من رفضه للنظام العالمي القائم. وفي هذا السيناريو قد يخرج ترامب من حلف الناتو ويسحب القوات الأمريكية من كوريا الجنوبية، ويخرج من اتفاقيات التجارة الدولية الحالية أو يفرض رسوماً عالية على الواردات الأمريكية بما يجعل هذه الاتفاقيات بلا معنى. كما يمكن أن يوقف دعم أوكرانيا، وبالطبع سيتوقف عن دعم قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم.

هذا السيناريو متطرف، لكنه ليس مستحيلاً. فمن بعض النواحي، يتطلب ببساطة تصديق ما يقوله ترامب. فقد ندد الرئيس المنتخب لفترة طويلة بالتحالفات الأمريكية؛ و كتب ذات مرة أن اتفاقيات التجارة الدولية "سيئة".  كما رفض استمرار دعم أوكرانيا باعتبارها حالة خيرية وتايوان باعتبارها منافساً اقتصادياً.  كما تحدث خلال فترة رئاسته الأولى علناً عن التفكير في القيام بهذه الخطوات، لكن كبار مستشاريه في تلك الفترة منعوه بصورة ما عن الإقدام عليها. في المقابل فإن خيارات للمسؤولين في ولايته الثانية، بل والحزب الجمهوري ككل، جعلت  الولاء الأيديولوجي والشخصي شعارات إدارته الجديدة.  لذلك فإن النسخة الجديدة من الرئيس ترامب قد تحمل رؤية أشد تطرفاً لشعار "أمريكا أولاً".

لماذا تمثل عودة ترامب "كابوساً" للصين؟ ومن هم "صقور" ترامب الحاقدين على بكين.. وما موقف إيلون ماسك؟

تابعوا الحلقة الخامسة من "المحقق كارول - الانتخابات الأمريكية" عبر يوتيوب#24trndzhttps://t.co/rhnGoxyfyJ pic.twitter.com/bE74TANPB8

— 24.ae | فيديو (@24Media_Video) November 15, 2024

وإذا حدث هذا ستكون عواقبه وخيمة. فإذا انسحبت أمريكا من الشأن العالمي، فإن الفوضى والاضطرابات قد تخرج عن السيطرة. ولحسن الحظ فربما يرى  ترامب أنه لا يجب المضي قدماً في هذا الطريق للحفاظ على أهدافه.

وفي سيناريو الانشقاق أو الارتداد، قد يضغط ترامب على كييف للقبول باتفاق سلام يعطي روسيا سيطرة على أراض أوكرانية. وقد يتخلى عن تايوان برفض الدفاع عنها في حال نشوب أزمة من الصين، مقابل الحصول على تنازلات اقتصادية من جانب الأخيرة. وكجزء من تبني استراتيجية "فرق تسد" في أوروبا، فقد يتقارب ترامب مع فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر وغيره من الحكام  الشعبويين غير الليبراليين في القارة الأوروبية.

وسوف يصبح ترامب، كما كان من قبل، نموذجاً يحتذى به للزعماء الذين يحاكون تكتيكاته المناهضة للديمقراطية. وإذا فعل ولو نصف الأشياء التي هدد بفعلها، مثل إغلاق المنافذ الإعلامية المناوئة، وسجن المعارضين السياسيين، ونشر الجيش ضد التهديدات المحلية، فسيلحق ضرراً بالغاً بالمؤسسات التي تؤكد القوة الناعمة الأمريكية ودعمها للديمقراطية في العالم.

وعلى الرغم من بعض الكوارث التي حدثت بعد الانتخابات، فإن الولايات المتحدة لن تتحول إلى دولة استبدادية كاملة خلال السنوات الأربع التي سيقضيها ترامب في منصبه. ولكنها قد تتحول إلى قوة عظمى ذات ميول غير ليبرالية متزايدة في الداخل والخارج.

سقوط #الأسد وعودة ترامب يخلطان أوراق الشرق الأوسطhttps://t.co/nCvECxNUcV

— 24.ae (@20fourMedia) December 9, 2024 ضبط السياسة الأمريكية

ثم يأتي السيناريو الرابع وهو إعادة ضبط السياسة الأمريكية. ولآن السيناريوهات الثلاثة السابقة دراماتيكية أو حتى ثورية، ولآن لحسن الحظ أو سوئه صعبة الحدوث فربما يحاول ترامب إعادة ضبط أو معايرة السياسة الأمريكية بدلا من تدميرها أو إصلاحها.

وربما يمكن القول إن ترامب حاول في رئاسته الأولى إعادة ضبط اتجاهات السياسة الخارجية الأمريكية، حيث انتقل من محاولة التشارك مع الصين إلى المواجهة، حتى وهو يحاول الوصول إلى صفقة كبرى خيالية معها. كما تخلى عن السياسة الأمريكية الرامية إلى تحقيق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الشرق الأوسط وركز على تطييع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية مع تجاهل القضية الفلسطينية. وركز على الأمن الاقتصادي وأثار قلق حلفاء واشنطن بحديثه المتكرر عن إمكانية التوقف عن توفير الحماية لهم.

كانت كل هذه التغييرات فوضوية. وكلها غيرت استراتيجية الولايات المتحدة بطرق مثمرة. في فترة ولاية ثانية، قد تؤدي تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية والتخلي عن أوروبا إلى صفقة جديدة في العلاقات عبر الأطلسي بحيث تظل واشنطن ملتزمة بالدفاع عن القارة مقابل زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي والانحياز إلى الولايات المتحدة بصورة أقوى في مواجهة الصين.  كما قد تؤدي مراجعة اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا إلى إغلاق الباب الخلفي لتسلل المنتجات الصينية إلى السوق الأمريكية عبر الدولتين وهكذا.

والحقيقة أن أياً من هذه التغييرات لن  يؤدي إلى استعادة تفوق الولايات المتحدة بطريقة سحرية. ولكن من الممكن أن يساعد واشنطن في الاستعداد بصورة أفضل للفترة الخطيرة المقبلة. والتحدي هنا هو أن إعادة الضبط أو المعايرة تتطلب الانضباط والبراعة. وتتطلب أن تكون قادرة على إحداث قدر محدود من الاضطراب بما يكفي لخلخلة الترتيبات القديمة، من دون أن يكون الاضطراب قوياً إلى الحد الذي ربما يؤدي إلى تحطيمها بالكامل. وقد يكون هذا الأمر صعباً على ترامب، الذي يبدو في كثير من الأحيان متردداً بشأن ما إذا كان النظام الذي تقوده الولايات المتحدة يستحق الاستمرار، والذي يمكن أن تتحول سنواته الأربع المقبلة إلى فوضى شاملة.

قبل عودة ترامب.. إيران تجتمع مع الترويكا الأوروبية لتقييم الوضع - موقع 24يجتمع دبلوماسيون أوروبيون وإيرانيون اليوم الجمعة لمناقشة ما إذا كان من الممكن الانخراط في محادثات جادة في الأسابيع المقبلة لنزع فتيل التوتر في المنطقة بما في ذلك المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني المثير للجدل قبل عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ثم يأتي السيناريو الأخير وهو  الارتباك، فيكون لدينا ارتباك شامل يؤدي إلى الشلل.  وإذا كان ترامب يحيط ترامب نفسه بالموالين لها حتى أن مارك روبيو المرشح وزيراً للخارجية ومايك والتز، المرشح مستشارا للأمن القومي، غيرا وجهات نظرهما بشأن أوكرانيا لكي تتفق مع وجهة نظر ترامب،  وهذا لا يعني أن الولاية الثانية ستكون سلسة.

والمصادر المحتملة للدراما كثيرة. سوف ينقسم مستشارو ترامب حول قضايا رئيسية، وسيصطدم الصقور تجاه إيران مثل روبيو ووالتز سوف بالمعسكر الذي يقول "لا مزيد من الحروب" مثل تولسي جابارد، التي تم اختيارها لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية. كما أن  خبرات معظم المعينين من قبل ترامب في إدارة البيروقراطيات الكبيرة قليلة أو معدومة، وبيدو أنه تم اختيار بعضهم على أمل خوض حروب مع الإدارات التي يديرونها.

ثم يأتي دور ترامب نفسه في هذا السيناريو باعتباره الرئيس الذي لعب قصر انتباهه وانعدام انضباطه المزمن دوراً مدمراً في الجهود المبذولة لصياغة سياسات متماسكة باسمه. ومن المؤكد أنه لن يكون أكثر تركيزاً ولا انتباهاً عما كان عليه الحال في 2016 وبالتالي يظل سيناريو ارتباك السياسة الخارجية في ولايته الثانية قائماً.

لذلك لا يملك الأمريكيون ولا دول العالم إلا الانتظار لمعرفة ملامح السياسة الخارجية للرئيس ترامب عندما يبدأ تطبيقها بالفعل لآن طبيعة الرجل وأفكاره تجعل كل السيناريوهات مطروحة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب قوة عظمى رؤية حقيقية أمريكا أولا قضايا رئيسية كل السيناريوهات مطروحة عودة ترامب أمريكا روسيا الحرب الأوكرانية الصين إيران الخارجیة الأمریکیة السیاسة الأمریکیة الولایات المتحدة السیاسة الخارجیة البیت الأبیض ترامب نفسه عودة ترامب ترامب إلى إعادة ضبط فی ولایته قوة عظمى pic twitter com لا یمکن

إقرأ أيضاً:

الاستراتيجية الأميركية التي ينبغي أن تتخذها إدارة ترامب المقبلة تجاه ملف اليمن؟

 

بدأ الحوثيون في مهاجمة الشحن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن، مستهدفين السفن الأمريكية والدولية التي يُفترض أنها مرتبطة بإسرائيل، وشنوا ضربات على إسرائيل نفسها. وبعيدًا عن الإيماءات الرمزية لدعم الفلسطينيين، فقد عرضت هذه الإجراءات التجارة العالمية للخطر، حيث أصبح البحر الأحمر - شريان الحياة الحيوي للتجارة الدولية - ساحة معركة خطيرة، وهددت بتوسيع حرب إسرائيل على غزة.

 لم تكن تحركات الحوثيين مجرد بيان سياسي للولايات المتحدة: فقد تحدت مصالحها الاستراتيجية. ومع تعرض استقرار الطرق البحرية للخطر، أصبح الوضع في اليمن فجأة أزمة عالمية بعيدة المدى. ويبدو أن مستقبل اليمن ومستقبل التجارة الدولية مرتبطان الآن ارتباطًا وثيقًا بأفعال الحوثيين والاستجابة الدولية.

وفي محاولة لوقف التهديد المتزايد، ردت الولايات المتحدة بقوة. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بدأت القوات المسلحة الأميركية والبريطانية عمليات عسكرية ضد مواقع الحوثيين الرئيسية في مختلف أنحاء اليمن، ونفذت العديد من الهجمات الأخرى منذ ذلك الحين. ولكن على الرغم من الجهود الهائلة، كانت النتائج بعيدة كل البعد عن الحسم. فقد ظل عناد الحوثيين مصدر قلق للولايات المتحدة وحلفائها.

في الواقع، فشلت السياسات الأميركية في كبح جماح الحوثيين ونشاطهم في البحر الأحمر وفي الداخل، بل ساهمت الجهود الأميركية في استمرار الصراع في اليمن وتفاقم معاناة المدنيين في البلاد.

الفشل في تنفيذ نتائج محادثات السلام السابقة، بما في ذلك مبادرة مجلس التعاون الخليجي والمحادثات التي تقودها الأمم المتحدة، أدى فقط إلى تكثيف العنف. لقد أدى تفكك التحالف اليمني المناهض للحوثيين بسبب المصالح السعودية والإماراتية المتنافسة، إلى تقويض قدرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا على تحدي التمرد الحوثي. كل هذا مكن الحوثيين من تعزيز السيطرة، مما أدى إلى تعميق الأزمة.

سياسة بايدن في اليمن

لقد اتسمت سياسة إدارة بايدن تجاه اليمن بالتناقض: فقد ركزت في البداية على الإغاثة الإنسانية والدبلوماسية، ثم أعطت الأولوية للمشاركة العسكرية والعقوبات. في البداية، تحولت عن سياسة إدارة ترامب المتشددة بإنهاء الدعم الأمريكي للأعمال العسكرية الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.

كانت المخاطر عالية، وكان الرئيس جو بايدن يعلم ذلك. ولتوجيه الولايات المتحدة خلال التغيير، عين مبعوثًا أمريكيًا خاصًا لليمن، تيم ليندركينج، وعهد إليه بالعمل مع الأمم المتحدة لإنهاء الحرب وتحسين الوضع الإنساني. كما ألغت إدارة بايدن تصنيف ترامب للحوثيين باعتبارهم "منظمة إرهابية أجنبية" وإرهابيين عالميين مصنفين بشكل خاص .

كان هدف بايدن واضحًا: إعادة ضبط الأولويات الأمريكية، وتوجيه المسار نحو نهج دبلوماسي أكثر توازناً للصراع المدمر في اليمن. وعلى الرغم من هذه الجهود، ظل الحوثيون غير متعاونين، ورفضوا تقديم التنازلات.

لقد فاجأ تصعيد الحوثيين في أكتوبر 2023 من خلال هجمات الشحن في البحر الأحمر إدارة بايدن وأجبرها على إعادة النظر في نهجها. في ديسمبر 2023، أعلنت الولايات المتحدة عن إنشاء تحالف دولي - عملية حارس الرخاء - لتعطيل الهجمات البحرية للحوثيين. ثم شنت القوات العسكرية الأمريكية وحلفاؤها غارات جوية على أهداف عسكرية حوثية رئيسية، بهدف شل قدرتهم على تنفيذ الهجمات.

  

وفي يناير 2024، اتخذت الإدارة خطوة مهمة أخرى وأعادت تصنيف الحوثيين رسميًا كإرهابيين عالميين مصنفين بشكل خاص. كما وسعت وزارة الخزانة عقوباتها، مستهدفة الأفراد والكيانات المرتبطة بشبكات المشتريات والتهريب الحوثية.

وهكذا، غيرت إدارة بايدن نهجها نحو تبني المشاركة العسكرية. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2024، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد جيه أوستن عن استراتيجية جديدة تقوم على "الردع والتدهور".

وكانت الرسالة واضحة ــ تركز الولايات المتحدة الآن على تفكيك القدرات العسكرية للحوثيين. وكانت الخطوة الأولى سلسلة من الضربات المستهدفة لمنشآت الأسلحة تحت الأرض التي يسيطر عليها الحوثيون.

وتحتاج إدارة ترامب الثانية إلى استراتيجية لمعالجة القضايا الأعمق المطروحة وتوفير أساس مستقر للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط. ولكن من المرجح أن تواجه الإدارة الجديدة تحديا في الموازنة بين الحاجة إلى تأمين حرية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن ومعالجة الأزمة الإنسانية وعدم الاستقرار السياسي في اليمن.

وقد تعقد هذا التحدي، الذي تواجهه الولايات المتحدة في اليمن منذ عام 2011 ، بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. ولكن إعطاء الأولوية للحلول العسكرية يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية وتعميق عدم الاستقرار الإقليمي. وهذا يتطلب استراتيجية دبلوماسية لمعالجة قوة الحوثيين مع تجنب المزيد من زعزعة الاستقرار.

انتقادات للسياسة الأمريكية

ولم تفشل عسكرة الولايات المتحدة للبحر الأحمر في الحد من قدرات الحوثيين فحسب، بل شجعتهم عن غير قصد. ففي أكتوبر 2024، أفاد فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن أن الحوثيين شنوا ما لا يقل عن 134 هجومًا من مناطق خاضعة لسيطرتهم على سفن تجارية من العديد من البلدان بزعم أن السفن كانت متجهة نحو إسرائيل أو مرتبطة بها بطريقة أو بأخرى، وكذلك ضد السفن الحربية الأمريكية والبريطانية.

لم تكن هذه مناوشات بسيطة - فقد استخدمت بعض الهجمات صواريخ جديدة ومتطورة للغاية ، مما يمثل تقدمًا مذهلاً في القدرات العسكرية للحوثيين.

وكشف تقرير الأمم المتحدة أيضًا أن الحوثيين بدأوا في فرض رسوم غير قانونية على وكالات الشحن. وبتنسيق من قبل شركة مرتبطة بقيادي حوثي كبير، سمحت الرسوم للسفن بالمرور عبر البحر الأحمر وخليج عدن دون التعرض للهجوم. وبهذه الطريقة، حول الحوثيون الممرات المائية إلى مؤسسة مربحة، حيث جمعوا ما يقدر بنحو 180 مليون دولار شهريًا من رسومهم غير القانونية.

ورغم أن الأمم المتحدة لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل من هذه المكاسب، فإن تقريرها قدم تلميحا مثيرا للقلق حول كيفية تمكن الحوثيين من إيجاد طرق للاستفادة من نفس الصراع الذي كانت الولايات المتحدة تسعى إلى احتوائه.

ومع تزايد التزام الجيش الأميركي بمحاربة الحوثيين في اليمن، أصبح من الواضح أن التركيز الأساسي كان على حماية المصالح الأمنية لإسرائيل. ولكن مع مرور الأشهر، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن هذا النهج العسكري كان له ثمن.

فقد تم إهمال القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية العميقة الجذور في اليمن لصالح الأهداف العسكرية قصيرة الأجل. وبدلاً من تخفيف المعاناة أو جلب الفصائل المتحاربة إلى طاولة المفاوضات، أدى الوجود العسكري الأميركي إلى تغذية حلقة من العنف.

ويبدو أن الغارات الجوية والتدخلات العسكرية، على الرغم من أنها تهدف إلى حماية المصالح الاستراتيجية، تتجاهل المبادئ الإنسانية التي كانت الولايات المتحدة تدافع عنها في السابق. وفي النهاية، لم تقدم الاستراتيجية أي مسار واضح للسلام.

التحديات التي تواجه الاستراتيجية الأميركية في اليمن

لقد كان الحوثيون قوة متنامية في اليمن لسنوات، ولكن في عام 2024، وصلت قدراتهم العسكرية إلى آفاق جديدة. لم يعودوا معزولين، بل شكلوا تحالفات جديدة قوية. وتُعد اتصالاتهم العميقة مع روسيا ملحوظة بشكل خاص: فقد بدأت موسكو في تقديم الاستخبارات العسكرية وبيانات الأقمار الصناعية للحوثيين، كما تضمنت المناقشات أيضًا عمليات نقل الأسلحة الروسية المحتملة ، بما في ذلك الصواريخ المضادة للسفن.

لكن الحوثيين لم يتوقفوا عند موسكو. فقد توسعت تحالفاتهم لتشمل الجماعات المسلحة العراقية مثل المقاومة الإسلامية في العراق وحتى جماعات مثل الشباب في الصومال. لم تكن هذه الروابط تتعلق بالأسلحة فحسب: بل كانت تتعلق بالمصالح المشتركة والجهود المنسقة لتحدي القوى الإقليمية.

الاتجاهات السياسية للإدارة المقبلة لترامب

ونظرا للقيود المفروضة على العمل العسكري الأميركي ــ بسبب افتقار الرأي العام الأميركي إلى الرغبة في المزيد من الصراعات، والحالة الضعيفة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، واحتمال شن حملة عسكرية لتعزيز قوة الحوثيين عن غير قصد ــ فيتعين على إدارة ترامب أن تركز على الدبلوماسية والتفاوض والحلول السياسية باعتبارها الوسيلة الوحيدة القابلة للتطبيق لحل أزمة البحر الأحمر واستقرار اليمن.

ولكي يتسنى لنا التصدي للتحديات بفعالية، يتعين على الولايات المتحدة أن تتبنى استراتيجية تتجاوز الإجراءات العسكرية الضيقة ضد البنية الأساسية للحوثيين.

ويتمثل العمل الحقيقي في معالجة الأسباب الأوسع نطاقا التي تغذي العنف. والخطوة الحاسمة الأولى ستكون في غزة، حيث أن وقف إطلاق النار هناك من شأنه أن يقلل من الإجراءات التي تؤدي إلى تأجيج التوترات.

ومن ثم، يتعين على الولايات المتحدة أن تتبنى نهجا جديدا في اليمن لمعالجة جذور قوة الحوثيين. فقد لعبت إيران وروسيا وحركة الشباب والميليشيات العراقية دورا في تعزيز التمرد الحوثي. ويتعين على إدارة ترامب أن تمارس ضغوطا دبلوماسية واقتصادية على هذه الجهات الخارجية لوقف دعمها العسكري والمالي للحوثيين. ولكن هذا لن يكون كافيا. ويتعين على الولايات المتحدة أن تدرك مدى ضرورة قطع خطوط إمداد الحوثيين بالأسلحة التي تعتمد على التهريب.

وينبغي لها أن تركز على طرق التهريب الرئيسية في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تتسرب الأسلحة. وينبغي تكثيف عمليات الحظر البحرية والبرية، مما يجعل من الصعب على الحوثيين الاستمرار في تلقي الموارد العسكرية.

إن معالجة الانقسامات الداخلية في اليمن تشكل أهمية بالغة. ويتعين على الولايات المتحدة أن تركز على نهج متكامل يوازن بين التدابير المناهضة للحوثيين والجهود الرامية إلى مساعدة اليمن على إعادة بناء حكمه والمصالحة بين الفصائل المتنافسة.

وهذا ضروري لتجنب تفاقم تفتت البلاد. وإلا فإن اليمن تخاطر بأن تصبح ساحة معركة بالوكالة بشكل دائم، محاصرة بين قوى خارجية، دون أمل في التوصل إلى حل داخلي. ويتعين على الولايات المتحدة أن تدعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في اليمن، وهو ما من شأنه أن يضمن بدوره الأساس لتعافي اليمن مع تعزيز الأمن الإقليمي.

بالنسبة للإدارة القادمة لترامب، فإن الدروس المستفادة من الماضي واضحة. فلا ينبغي للولايات المتحدة أن تعتمد بعد الآن على استراتيجيات مجزأة تعالج أعراض الأزمة اليمنية فقط. ولإحداث تحول حقيقي في مسار الصراع في اليمن، يتعين على الولايات المتحدة أن تعالج القوى الأعمق وراء الصراع.

إن مفتاح النجاح هو التعاون. حيث يتعين على الولايات المتحدة أن تعمل جنباً إلى جنب مع الشركاء الدوليين والإقليميين لتطوير إطار موحد للسلام ــ إطار شامل ومستجيب لاحتياجات جميع الفصائل اليمنية. وهذا يعني ضمان ألا تكون الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مجرد واجهة، بل سلطة فعّالة وقادرة على تولي القيادة.

ويتعين على الولايات المتحدة أيضاً أن تضغط على الجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لتوحيد جهودها في اليمن. فقد كان التنافس بينهما لفترة طويلة عقبة رئيسية أمام أي وحدة مجدية في اليمن.

ولن يتسنى لهما المساعدة في استقرار البلاد إلا من خلال وضع خلافاتهما جانباً وتنسيق جهودهما. وبفضل النفوذ الدبلوماسي الأميركي، قد تتمكن هذه الجهات الفاعلة من تشكيل إطار تعاوني يتصدى للتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجه اليمن.

 

المصدر: المركز العربي بواشنطن 

مقالات مشابهة

  • أسوشيتدبرس: ترامب لن يتخلى عن القوات الأمريكية في سوريا
  • الجمعية العراقية في الولايات المتحدة الأمريكية تعقد مؤتمرها العاشر
  • الولايات المتحدة تستكمل نقل قوات مشاة البحرية الأمريكية من أوكيناوا إلى جوام
  • تأييد متحدث الخارجية الأمريكية لملاحقة الأسد بـالجنائية يثير سخرية صحفيين (شاهد)
  • باحث: السياسة الأمريكية تحت قيادة ترامب تثير القلق في أوكرانيا
  • أول تحديات ترامب في السياسة الخارجية بات واضحا
  • الاستراتيجية الأميركية التي ينبغي أن تتخذها إدارة ترامب المقبلة تجاه ملف اليمن؟
  • ترامب يدعو لإسقاط طائرات مسيرة غامضة تحلق فوق الولايات المتحدة
  • طائرات غامضة في سماء الولايات المتحدة.. وترامب يطالب بايدن بإسقاطها (فيديو)