سورة الفاتحة.. فضلها وأسرارها في قضاء الحوائج
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
تُعدُّ سورة الفاتحة من أعظم السور في القرآن الكريم، لما تحتويه من معانٍ سامية ومقاصد شرعية جليلة.
يُطرح كثيرًا سؤال: هل سورة الفاتحة تقضي الحوائج؟ وقد أجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي موضحة فضائل هذه السورة، وأسرارها التي يغفل عنها البعض.
مشروعية قراءة الفاتحة في قضاء الحوائج
قراءة سورة الفاتحة في افتتاح الدعاء أو اختتامه، أو عند قضاء الحوائج، أو حتى في مجالس الصلح وغيرها من شؤون الناس، تُعدّ من الأمور المشروعة، هذا ما تدل عليه الأدلة العامة التي تشير إلى استحباب قراءة القرآن الكريم، بالإضافة إلى الأدلة الخاصة التي توضح مكانة الفاتحة وخصوصيتها في تحقيق المقاصد وتيسير الأمور.
الأدلة العامة على فضل قراءة القرآن
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ (فاطر: 29).
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ» (رواه مسلم).
وتشير القواعد الأصولية إلى أن الأمر المطلق في النصوص الشرعية يفيد العموم، مما يعني أن قراءة القرآن الكريم مشروعة في جميع الأحوال والأزمنة والأماكن، ما لم يرد نص ينهى عن ذلك.
فضل سورة الفاتحة في قضاء الحوائج
أما الأدلة الخاصة التي تدل على خصوصية سورة الفاتحة في قضاء الحوائج، فتظهر من خلال النصوص الشرعية التي أكدت مكانتها الفريدة. يقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ (الحجر: 87). كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوْتِيتُهُ» (رواه البخاري).
وفي حديث آخر، قال النبي لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «يَا جَابِرُ، أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ؟» قَالَ: «بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ.» قَالَ: «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، فِيَهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ» (رواه البيهقي).
أسرار الفاتحة في العلاج والرقية
تمتاز سورة الفاتحة بأنها شفاء تام ورقية نافعة لكل داء، وهذا ما يظهر في قصة الصحابي أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عندما رقى رجلاً بلدغة عقرب بالفاتحة، فشفاه الله على الفور. وحين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال له: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟» (متفق عليه).
أقوال العلماء في فضل الفاتحة
تناول علماء المسلمين عبر العصور أسرار سورة الفاتحة وفضلها في شفاء الأمراض وقضاء الحوائج. يقول الإمام ابن القيم في كتابه زاد المعاد:
"فاتحة الكتاب هي الشفاء التام والدواء النافع والرقية التامة ومفتاح الغنى والفلاح.
حافظة القوة ودافعة الهم والغم والخوف والحزن، لمن عرف مقدارها وأحسن تنزيلها على دائه".
كما كان الإمام ابن تيمية يجعل الفاتحة وردًا يوميًا يكرره من بعد الفجر حتى ارتفاع الشمس، مما يدل على إدراكه لفضلها وخصوصيتها.
استفتاح الأمور بسورة الفاتحة
يرتبط اسم الفاتحة بكونها افتتاحية لكل شيء، كما افتُتح بها الكتاب العزيز. لذلك، فإن قراءة الفاتحة في بداية أي أمر تُعد طلبًا للهداية والمعونة من الله تعالى.
وفي الختام سورة الفاتحة ليست مجرد فاتحة القرآن، بل هي أم الكتاب، السبع المثاني، وعنوان الشفاء والبركة. فضلها العظيم يجعلها سببًا في قضاء الحوائج، تيسير الأمور، وشفاء الأمراض، متى ما قرئت بيقين وتوجه خالص لله سبحانه وتعالى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فضل سورة الفاتحة سورة الفاتحة المزيد فی قضاء الحوائج سورة الفاتحة الفاتحة فی ال ق ر آن
إقرأ أيضاً:
هل أقطع قراءة القرآن وأرد السلام؟ ..دار الإفتاء تحسم الجدل
ورد سؤال إلى دار الإفتاء خلال البث المباشر عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يقول فيه السائل: "أثناء قراءتي للقرآن مر بي شخص وألقى عليّ السلام، فهل يجوز أن أقطع القراءة لأرد عليه؟ أم أكتفي بالإشارة باليد؟ وهل عليّ ذنب إذا قطعت القراءة من أجل رد السلام؟".
وقد أجاب عن هذا السؤال الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى ومدير إدارة الفروع الفقهية بدار الإفتاء، موضحًا الأحكام المتعلقة بذلك.
أكد الدكتور عبد السميع أن إلقاء السلام سنة، أما رد السلام فواجب، وبالتالي فإن من لم يرد السلام وهو قادر على الرد يكون آثمًا، إلا في بعض الحالات التي يُعذر فيها الشخص لعدم ملاءمة الظرف للرد.
ونظم بعض العلماء هذه الحالات في أبيات شعرية شهيرة توضح المواضع التي لا يجب فيها الرد، مثل: من كان في الصلاة، أو أثناء الأكل أو الشرب، أو من كان يقرأ القرآن، أو في حال الذكر أو الدعاء، أو كان يخطب أو يُلبي، أو يقضي حاجة إنسانية، أو في أثناء إقامة الصلاة أو الأذان، أو كان طفلاً أو سكرانًا، أو فتاة يُخشى منها الفتنة، أو فاسق، أو ناعس أو نائم، أو في الحمام أو مجنونًا ، وبلغ عدد هذه الحالات 22 موضعًا لا يكون فيها الشخص آثمًا إن لم يرد السلام.
وبناءً على ذلك، أشار الدكتور عبد السميع إلى أنه لا يُستحب لقارئ القرآن أن يقطع قراءته ليرد السلام لفظًا، ولكن يجوز له أن يرد بالإشارة فقط، برفع اليد مثلًا، حتى لا يخرج عن حال التدبر والترتيل، كما أنه غير مطالب بالرد باللفظ ما دام منشغلًا بالقراءة.
هل يجوز إلقاء السلام على قارئ القرآن
أما فيما يخص إلقاء السلام على من يقرأ القرآن، فقد اختلف الفقهاء في حكمه، حيث أشار الإمام ابن حجر في كتابه "فتح الباري" إلى أن الواحدي قال: "الأولى ترك السلام على قارئ القرآن، فإن سُلِّم عليه كفاه الرد بالإشارة، وإن رد لفظًا فعليه أن يستأنف الاستعاذة ويُعيد القراءة".
فيما ذكر الإمام النووي في إجابته عن ذات السؤال: "الظاهر أنه يشرع السلام عليه، ويجب عليه الرد، إلا إذا كان الشخص منشغلًا بالدعاء ومستغرقًا فيه، فحينها يُكره السلام عليه لأنه يتنكد به ويتشتت قلبه".
من جانبه، أوضح الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، أن إلقاء السلام سنة عند جمهور العلماء، وهو سنة عين إذا كان السلام على فرد، وسنة كفاية إذا كان على جماعة، وإن كان الأفضل أن يسلم الجميع لتحصيل الأجر، أما رد السلام فهو فرض بالإجماع.
وأضاف الدكتور عاشور أن من دخل على أناس يصلون أو يقرأون القرآن، فالمشروع أن المصلي يرد بالإشارة، أما قارئ القرآن فيرد بالكلام.
واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرد السلام بالإشارة أثناء الصلاة، وقد روي أنه كان جالسًا مع أصحابه، فجاء رجل وألقى السلام، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم خاطبه قائلًا: "ارجع فصل فإنك لم تصل".
وختم الدكتور عاشور بالإشارة إلى أن قراءة القرآن ليست فريضة بل سنة، وبالتالي لا حرج في إلقاء السلام على القارئ، ولا مانع من أن ينهي الآية التي يقرأها، ثم يرد السلام بعد ذلك دون ذنب أو حرج.