بموافقة أمريكية.. تل أبيب تبرم صفقة تاريخية لبيع منظومة دفاع جوي فرط صوتية إلى برلين
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
نص: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
أعلنت إسرائيل، الخميس، أن الولايات المتحدة أجازت لها إبرام صفقة عسكرية "تاريخية" بقيمة 3.5 مليار دولار تبيع بموجبها إسرائيل لألمانيا منظومات دفاع جوي فرط صوتية من نوع "آرو-3"، في أضخم صفقة عسكرية تبرمها الدولة العبرية في تاريخها.
و"آرو-3" نظام دفاعي صاروخي طورته إسرائيل والولايات المتحدة سويا لاعتراض وإسقاط الصواريخ البالستية فوق الغلاف الجوي للأرض.
وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان إن الخارجية الأمريكية أبلغتها بموافقة الحكومة على أن تشتري ألمانيا من الدولة العبرية هذا النظام.
وجاء في البيان أن "وزارة الدفاع الإسرائيلية ووزارة الدفاع الفدرالية الألمانية وصناعات الطيران الإسرائيلية ستوقع اتفاقية دفاعية تاريخية بقيمة 3,5 مليار دولار، هي أكبر صفقة دفاعية لإسرائيل على الإطلاق".
وبحسب الوزارة فإن مسؤولين بارزين من وزارتي الدفاع الإسرائيلية والألمانية سيوقعون على الاتفاقية التي تنص على تسديد ألمانيا دفعة أولية بقيمة 600 مليون دولار.
ومن المرتقب توقيع العقد النهائي في آخر العام الجاري بعد حصول الصفقة على الموافقة البرلمانية في البلدين، وفقا لوزارة الدفاع.
وأشار البيان إلى أن "آرو-3" نظام يتمتع بـ"قدرات استثنائية على الاعتراض البعيد المدى والتي تعمل على ارتفاعات عالية فوق الغلاف الجوي... ويستخدم نهج الضرب بهدف القتل لاعتراض التهديدات الواردة".
من جانبه، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الاتفاق بأنه "أكبر صفقة بيع دفاعية" في تاريخ إسرائيل.
وأضاف "قبل 75 عاما، حول النازيون في ألمانيا الشعب اليهودي إلى رماد.. بعد 75 عاما، تعطي الدولة اليهودية ألمانيا، ألمانيا أخرى، أدوات تدافع فيها عن نفسها.. يا لها من نقطة تحول تاريخية".
أما رئيس منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية التابعة لوزارة الدفاع موشيه باتيل فقال: "نحن نتحدث عن اتفاقية دفاعية مع ألمانيا بعد 78 عاما على الهولوكوست إذ تبيع إسرائيل نظاما يحمي المواطنين الألمان".
ورحب وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بالصفقة، واصفا نظام آرو-3 بأنه "أساسي لحماية ألمانيا من أي هجمات صاروخية بالستية في المستقبل".
وأشارت وزارة الدفاع الألمانية إلى أن برلين ترمي إلى إدماج هذا النظام ضمن الدفاعات الجوية لحلف شمال الأطلسي.
اهتمام أوروبيونظام "آرو-3" الذي مولته جزئيا الولايات المتحدة تم تطويره وإنتاجه من قبل شركة صناعات الطيران الإسرائيلي "آي أيه آي" بالاشتراك مع عملاق صناعة الطيران الأمريكية "بوينغ".
ونوه باتيل إلى أن شركة صناعات الطيران الإسرائيلية ستؤسس لبنية تحتية جديدة وتوظف مهندسين وعاملي إنتاج جدد في كل من إسرائيل والولايات المتحدة لإنجاز الصفقة.
وأضاف في إيجاز صحافي عبر الإنترنت أن "الحكومة الألمانية تريده (النظام الدفاع) بالضبط مطابقا للنظام الذي نستخدمه"، مشيرا إلى أن بعض الأجزاء سيتم إنتاجها في الولايات المتحدة من قبل شركة تابعة لـ "آي أيه آي".
ورأى رئيس منظمة الدفاع الصاروخي أن ألمانيا تشتري من خلال هذه الصفقة "الهيكل الكامل" للنظام الذي يمكنه حماية مواطنيها في جميع أنحاء البلاد.
وأضاف "لا يمكنني أن أشرح أكثر، لكن هناك الكثير من الاهتمام من دول أخرى وتحديدا في أوروبا لامتلاك نظام أسلحة آرو-3".
من جهتها قالت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية في بيان إن "آرو-3" بمثابة "نظام متنقل".
ونقل البيان عن رئيس الشركة بوعز ليفي قوله "يمكنك تغييره (النظام) وفقا للتهديدات التي تواجهها، ولهذا السبب تشتري ألمانيا النظام الذي يمكن استخدامه وفقا لاحتياجاتها الخاصة".
من جهتها، اعتبرت الضابطة السابقة في المخابرات العسكرية الإسرائيلية العقيد ميري إيسن أن الصفقة مع ألمانيا ستجعل من إسرائيل "لاعبا رئيسيا ومهما في سوق مبيعات الأسلحة العالمي".
وأضافت لوكالة الأنباء الفرنسية: "هذا يعني أن إسرائيل ليست مجرد لاعب إقليمي".
وأكدت إيسن أن "آرو 3" هو نظام "دفاعي بحت وليست له استخدامات أخرى".
ووفقا للشركة الإسرائيلية المطورة لـ"آرو-3"، يمكن للنظام الدفاعي الجوي اعتراض صواريخ بالستية يتم إطلاقها من مسافة تصل إلى 2400 كلم.
وتم نشر النظام لأول مرة في العام 2017 في قاعدة جوية إسرائيلية واستخدم لحماية الدولة العبرية من هجمات محتملة من إيران وسوريا.
وتتوقع برلين أن يتم تسليم النظام الدفاعي في الربع الأخير من العام 2025.
وقادت الحكومة الألمانية حملة لتعزيز الدفاعات الجوية لحلف شمال الأطلسي في أوروبا في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
كما حضت برلين حلفاءها على شراء أنظمة دفاعية.
والعام الماضي أطلقت ألمانيا في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا مشروع "يورو سكاي شيلد" (درع السماء الأوروبية) الذي وقعت عليه حتى الآن 12 دولة أوروبية.
فرانس 24/ أ ف بالمصدر: فرانس24
كلمات دلالية: النيجر مونديال السيدات ليبيا ريبورتاج إسرائيل ألمانيا الولايات المتحدة أمريكا أسلحة إلى أن
إقرأ أيضاً:
سوريا الجديدة ليست صيدًا سهلًا
يستخف البعض عن سابق إصرار وتصميم بالحدث العظيم الذي كُتبت بدايات فصوله في الثامن من ديسمبر/كانون أول 2024 باقتلاع نظام آل الأسد الذي جثم على صدور السوريين لعقود طويلة وكأنها قرون، وهو في الحقيقة ودون أي مبالغة سيذكر في التاريخ كأعظم حدث في القرن الواحد والعشرين، فلم نقرأ عن اجتثاث أنظمة ديكتاتورية عمرت الأرض وأفسدت فيها إلا في القرآن الكريم وكتب التاريخ ليصبح التدمير والعذاب الذي حاق بهم بأمر إلهي مباشر مثلًا يُضرب على مر العصور.
شاءت الأقدار أن نُبتلى بنسخ من هذه الأنظمة، ندعو في صحونا ونومنا أن يذيقها ما أذاقه لفرعون وجنوده، لكن لحكمة لا يعلمها إلا هو لم تتكرر عجائب قدرته في هؤلاء الطغاة، وجرت المقادير أن الله عز وجل لا يكتب النصر والتمكين لأمة أو فئة إلا إذا توفرت فيها شروط محددة، فتحقيق المعجزات يحتاج إلى أمة تمتلك إرادتها وتنهض بنفسها لتحقيق النصر الذي تستحق.
منذ أن تكونت الدولة الحديثة في منطقتنا برعاية استعمارية تعاقب على حكم المنطقة أنظمة مستبدة لم يعرف فيها الناس طعم الأمن والسلام والحرية: تدجين وقمع وقتل وتهجير وتجويع وترويع، لا فرق بين نظام جمهوري أو ملكي، كلهم رهن إشارة العم سام، وكلمة السر في بقاء واستمرار أي نظام هي حفظ أمن إسرائيل وسلامتها على حساب رفاه وأمن شعوب المنطقة. وكلما هلك رئيس أو ملك، يأتي آخر ليعيد سيرته الأولى.
جاء الربيع العربي بكل ما يحمل من آمال للشعوب المقهورة بإمكانية التغيير، فسقط رئيس هنا وارتعد ملك هناك، لكن سرعان ما اكتشفت الشعوب أن هذا التغيير كان خادعًا، فرأس النظام سقط وبقي النظام الذي استجمع قواه لينقض على الإنجازات المتواضعة بدعم من الذين أرعبتهم التغييرات، من إسرائيل وممالك، وانساقت وراء هذه الردة قطعان من المغفلين.
منذ أن تكونت الدولة الحديثة في منطقتنا برعاية استعمارية تعاقب على حكم المنطقة أنظمة مستبدة لم يعرف فيها الناس طعم الأمن والسلام والحرية: تدجين وقمع وقتل وتهجير وتجويع وترويع، لا فرق بين نظام جمهوري أو ملكي، كلهم رهن إشارة العم سام، وكلمة السر في بقاء واستمرار أي نظام هي حفظ أمن إسرائيل وسلامتها على حساب رفاه وأمن شعوب المنطقة. وكلما هلك رئيس أو ملك، يأتي آخر ليعيد سيرته الأولى. حدثت احتجاجات في محاولة يائسة لإنقاذ التجربة، لكن تم فضها بوحشية، وقتل وجرح الآلاف، واعتقل وعذب مثلهم، وحُكم على القادة والنشطاء، رجالًا ونساءً وأطفالًا، بأحكام وصلت حد الإعدام، ومن نجا هاجر إلى المنافي لتبدأ حركة جديدة من المعارضة مدعومة بتقارير وبيانات عن القمع تصدر تباعًا عن منظمات حقوقية دولية، إلا أن ذلك لم يحرك أي ساكن، وأمعنت الأنظمة المنقلبة في جرائمها.
الشعب السوري كان في طليعة الشعوب التي ثارت على النظام سلميًا، إلا أن النظام واجه هذه السلمية بالحديد والنار إلى أن تحولت من سلمية إلى ثورة مسلحة تميزت عن غيرها من ثورات الجوار وكادت تجهز على نظام الأسد لولا الدعم الذي تلقاه من روسيا وإيران وميليشياتها، فقُتل واعتُقل عشرات الآلاف ودُمرت مدن وهُجر الملايين.
تمت محاصرة الثوار في كل المدن الرئيسة مما أنتج تفاهمات ينحاز الثوار بموجبها إلى منطقة جغرافية وهي إدلب، ظن البعض أن هذه المنطقة ستكون المحشر الأخير الذي سيطبق فيه النظام على ما تبقى من مقدرات بشرية ومادية للثورة، إلا أنها كانت خطوة عبقرية، فهناك أعاد الثوار ترتيب صفوفهم وتوحيدها ومراجعة خططهم لتحقيق هدفهم الأسمى باقتلاع النظام المجرم من جذوره مرة واحدة وإلى الأبد.
بدا الأمر وكأنه أضغاث أحلام إلى أن فوجئ العالم في لحظة حاسمة بجموع الثوار الذين كانوا بالأمس مجرد لاجئين مشتتين يجتاحون المدن واحدة تلو الأخرى حتى فتح دمشق وسقوط النظام بكل رموزه ليتنسم الشعب السوري عبير الحرية لأول مرة منذ أكثر من خمسين عامًا.
لو بقيت المعارضة السورية بكل مسمياتها من ائتلاف وهيئة تفاوض ومجلس وطني ومن لف لفيفهم من نشطاء في المنافي يمارسون معارضتهم في العالم الافتراضي ومن أروقة ومنابر الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بدعم خادع من الغرب ألف عام، لما حركوا حجرًا على حجر من هذا النظام.
لقد قيد الله للشعب السوري في محطة تاريخية فاصلة ثلة من أبنائه، جند مخلصون، متجردون من كل أدران الدنيا، واضعوا نصب أعينهم تضحيات الشعب السوري وآهات الثكالى والمعذبين. درسوا الواقع وفهموا متطلبات المرحلة بعيدًا عن ضوضاء الإعلام وجعجعة المجتمع الدولي، مدركين معادلة واحدة: أن القوة الغاشمة لا يقابلها إلا قوة أعتى منها، عملًا بالمثل القائل: لا يفل الحديد إلا الحديد.
ليس مطلوبًا ممن لم يشاركوا في التحرير على أرض الواقع ـ لانشغالهم بخطط التحرير في العالم الافتراضي ـ أن يلتحقوا بصفوف الجند لفرض الأمن في كافة ربوع سوريا، ليس المطلوب منهم أن ينزلوا من قصورهم العاجية لمواساة من حُرر لتوه من السجون أو الوقوف إلى جانب أم انتظرت طويلًا أمام سجن صيدنايا بحثًا عن ابنها ولم تجده. المطلوب منهم أن يستوعبوا عظم الحدث وألا يكونوا سهمًا في كنانة من يتربص بمنجزات التحرير.
واجب كل قوى المعارضة التي تشكلت في الخارج أن تصحو من غفلتها وتكف عن التخبط يمينًا وشمالًا شرقًا وغربًا، فالارتماء في أحضان أنظمة ديكتاتورية تمارس بحق شعوبها ما مارسه نظام الأسد لن ينفع، والاستقواء بأمريكا ودول غربية وبقرارات مجلس الأمن لفرض الوصاية على الشعب السوري لتمرير أجنداتهم الخبيثة لن يجدي.
الشعب السوري اليوم يمتلك القوة، والخوف من ثورة مضادة كالتي حدثت في مصر وتونس لا رصيد له على أرض الواقع، فما حدث تغيير جذري لا يسمح بالعودة إلى الوراء.
لقد قيد الله للشعب السوري في محطة تاريخية فاصلة ثلة من أبنائه، جند مخلصون، متجردون من كل أدران الدنيا، واضعوا نصب أعينهم تضحيات الشعب السوري وآهات الثكالى والمعذبين. درسوا الواقع وفهموا متطلبات المرحلة بعيدًا عن ضوضاء الإعلام وجعجعة المجتمع الدولي، مدركين معادلة واحدة: أن القوة الغاشمة لا يقابلها إلا قوة أعتى منها، عملًا بالمثل القائل: لا يفل الحديد إلا الحديد. وما نراه من مشاغبات تحت عناوين مختلفة وتصريحات وبيانات متضاربة مسيئة لن تنال مما أُنجز على الأرض، فقد أصبح راسخًا وثابتًا في ضمير كل سوري.
لن يغفر الشعب السوري لمن ينظر في هذه المرحلة إلى البلاد بأنها غنيمة أو مجموعة من الكراسي الشاغرة أو فرصة لتحقيق مكاسب شخصية، فهؤلاء لن يكون لهم مكان في سوريا الجديدة، وسيُنظر لهم كأعداء يهددون مصالح الوطن وأمنه واستقراره. فلنتجرد النفوس وتتحد الجهود لبلسمة الجراح وبناء البلاد.
عودوا إلى عزكم، عودوا إلى شامكم، فلا تذلوا أنفسكم بعد أن أعزّكم الله. فرخاء وأمن الشعب السوري من الداخل، لا من شرق ولا من غرب، فوتوا على كل المتربصين الفرصة وأثبتوا لكل العالم أنكم أصحاب حضارة ممتدة لا تقبلون الإملاءات أو الوصاية من أحد.