رسالة مفتوحة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وكل من يهمه الأمر
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
#سواليف
#رسالة مفتوحة إلى #وزير_التعليم_العالي والبحث العلمي وكل من يهمه الأمر: آن الأوان للإصلاح الجذري في البحث العلمي
بقلم : ا د #محمد_تركي_بني_سلامة
آن الأوان أن نقف وقفة جادة لوضع حد للفوضى التي تعصف بملف البحث العلمي والمجلات العلمية، خاصة تلك المدعومة من صندوق دعم البحث العلمي التابع لوزارة التعليم العالي.
لقد دفعتني سنوات طويلة من العمل في مجال البحث العلمي والتدريس، والتي تجاوزت عقدين في الجامعات الأردنية والعربية والدولية، إلى الكتابة حول هذا الموضوع الملحّ. طوال مسيرتي، نشرت قرابة 60 بحثاً باللغة الإنجليزية والعربية، معظمها في مجلات دولية مرموقة، ومع ذلك ما شهدته في هذا الملف يجعلنا نتساءل بجدية عن مستقبل البحث العلمي في وطننا.
سأبدأ بقصة صديق أكاديمي أرسل بحثاً باللغة الإنجليزية إلى مجلة “دراسات العلوم الإنسانية” التابعة للجامعة الأردنية. كان البحث مميزاً، مكتوباً بلغة إنجليزية رصينة، ومكوناً من حوالي 10,000 كلمة، متبعاً منهجية علمية دقيقة. لكنه فوجئ بعد فترة باعتذار المجلة عن نشر البحث، بناءً على تقارير المحكّمين. عندما دقق في التقارير، اكتشف أن جميع المحكّمين الثلاثة كتبوا تقاريرهم باللغة العربية، رغم أن البحث مكتوب بالكامل بالإنجليزية!
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد؛ بل عرف صديقي أحد المحكّمين بالصدفة، وهو أستاذ إعلام عراقي يعمل في جامعة خاصة، لا يستطيع كتابة جملة واحدة باللغة الإنجليزية. السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن لأستاذ جامعي لا يجيد اللغة الإنجليزية أن يقيّم بحثاً علمياً مكتوباً بهذه اللغة؟! والأدهى من ذلك، أنه كتب تقريره بالعربية! هل من المنطقي أن يقوم أحدهم بتقييم بحث مكتوب بالفرنسية أو الإسبانية، ثم يكتب تقريره بالعربية؟ أي نظام يسمح بمثل هذا العبث؟
هذه ليست حالة فردية، بل تعكس واقعاً مأساوياً تعاني منه مجلاتنا العلمية. رؤساء وأعضاء هيئات التحرير في المجلات العلمية، في كثير من الحالات، لا يقومون بواجباتهم بشكل مهني. بدلاً من مراجعة تقارير المحكّمين والتأكد من كفاءتهم، يقتصر دورهم على إرسال البحث للمحكّم ونقل الرد إلى الباحث، دون أي إشراف أو متابعة. كيف يمكن أن نرتقي بمستوى البحث العلمي في ظل هذا التسيب؟
مثال آخر على الإهمال الإداري هو ما حدث مع مجلة “العلوم الاجتماعية”، التي كانت موطّنة في الجامعة الأردنية وتم إخراجها من الجامعة دون أن يتم توطينها في أي جامعة أردنية أخرى. كيف يمكن أن نبرر مثل هذا الإهمال؟ إذا كان البحث العلمي لا يحظى بأي اهتمام جاد، فكيف سننهض بجامعاتنا؟ وكيف سنحقق التقدم المنشود لوطننا؟
من أجل الحفاظ على سمعة جامعاتنا ومستقبل البحث العلمي في بلادنا، آن الأوان لاتخاذ خطوات إصلاحية حاسمة، ومنها:
إعادة النظر في آلية اختيار المحكّمين: يجب التأكد من كفاءتهم ومهاراتهم اللغوية والعلمية قبل تكليفهم بأي تقييم. تعزيز دور رئيس التحرير: يجب أن يتحمل رئيس تحرير المجلة مسؤولية الإشراف الفعلي على العملية، وليس فقط القيام بدور ناقل الرسائل. إصلاح صندوق دعم البحث العلمي: يجب نقل ولايته إلى المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، الذي يترأسه شخصية أكاديمية مرموقة ومشهود لها بالكفاءة والنزاهة، مثل الأستاذ الدكتور مشهور الرفاعي. إعادة توطين المجلات العلمية: يجب الحفاظ على المجلات العلمية داخل الجامعات الأردنية ودعمها لتصبح منصات بحثية منافسة على المستوى الدولي.إن البحث العلمي ليس رفاهية، بل هو الركيزة الأساسية لبناء جامعات قوية ووطن متقدم. هذه رسالتي أضعها بين أيدي المسؤولين، مع الأمل في أن يتم التعامل مع هذا الملف بكل جدية. فالوقت ينفد، والإصلاح لم يعد خياراً بل ضرورة ملحّة.
والله من وراء القصد.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف وزير التعليم العالي محمد تركي بني سلامة البحث العلمی
إقرأ أيضاً:
الدقهلية .. افتتاح المؤتمر العلمي لكلية العلوم جامعة المنصورة
افتتح الدكتور شريف خاطر، رئيس جامعة المنصورة، فعاليات المؤتمر العلمي السابع عشر للكيمياء، تحت عنوان: "الكيمياء ودورها في التنمية"، والذي يُعقد تحت رعاية الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وذلك خلال الفترة من 14 إلى 18 أبريل بقاعة الدكتور أحمد أمين حمزة بكلية العلوم.
يهدف المؤتمر إلى مناقشة أحدث الأبحاث العلمية في مجال الكيمياء وتطبيقاتها في مختلف فروعها: الفيزيائية، والتحليلية، وغير العضوية، والعضوية، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز البحث العلمي في مصر، بالإضافة إلى توطيد سبل التعاون مع الجهات العلمية الخارجية.
وذلك بحضور كلٍّا من الدكتور طارق غلوش، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، الدكتور أسامة العيان، عميد كلية العلوم ورئيس المؤتمر، الدكتور حسن عتمان، نائب رئيس الجامعة الأسبق، والدكتور إيهاب عبد اللطيف، وكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث، الدكتور محسن عوض زهران، وكيل الكلية لشؤون التعليم والطلاب، الدكتور محمد أبو النور، وكيل الكلية لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتورة سحر إبراهيم مصطفى، رئيس قسم الكيمياء ومقررة المؤتمر.
كما حضر الفعاليات عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، والباحثين، والطلاب، إلى جانب مشاركة دولية من دول: الجزائر، والسعودية، والعراق، واليمن، وجنوب أفريقيا.
وأعرب رئيس الجامعة عن سعادته بتواجده في رحاب كلية العلوم، وبين كوكبة من علماء الجامعة، موجّهًا إليهم الشكر والتقدير، ومرحبًا بضيوف الجامعة من داخل مصر وخارجها، في مؤتمر يمتد تاريخه لأكثر من 45 عامًا من التميز والإبداع والريادة، وأكد أهمية المؤتمر في مناقشة أبحاث الكيمياء على المستويين الأكاديمي والتطبيقي، محليًّا ودوليًّا.
وشدّد رئيس الجامعة على أهمية هذه المؤتمرات في إثراء الحياة البحثية والعلمية، داعيًا إلى تحويل مخرجات البحث العلمي الأكاديمي إلى تطبيقات عملية تُنفّذ على أرض الواقع، وتُسهم بشكل فعّال في تحقيق التنمية المستدامة، كما أشاد بالدور البارز لكلية العلوم في دعم البحث العلمي وحوافز النشر،
و أكَّد الدكتور طارق غلوش الدور الحيوي الذي تؤديه كلية العلوم، مشيرًا إلى أن علم الكيمياء كان ولا يزال أحد أهم أعمدة الحضارة الإنسانية، حيث أسهم في إحداث تطورات هائلة في مجالات عديدة، مثل تطوير الأدوية، وأساليب الزراعة الحديثة، واستخراج المعادن، وتطوير مصادر الطاقة، وصناعات الغذاء، والنسيج، والإلكترونيات، والبناء والتشييد.
وأشار إلى أن علم الكيمياء يحمل إمكانات واعدة لمستقبل أفضل، من خلال دوره في تطوير مصادر الطاقة النظيفة، وتنقية المياه والهواء، والتصدي لتغيّر المناخ، وابتكار علاجات جديدة للأمراض المستعصية، فضلًا عن تطبيقاته في تقنية النانو وغيرها من المجالات الحيوية.
ورحَّب الدكتور أسامة العيان بالحضور، مؤكدًا حرص قسم الكيمياء بالكلية على تنظيم هذا المؤتمر بانتظام منذ عام 1980، بمشاركة فعالة من الهيئات البحثية والمجتمع المدني، لما يمثله علم الكيمياء من أهمية بالغة في تنمية المجتمعات.
وأشار عميد الكلية إلى الدعم الكبير الذي تقدمه إدارة الجامعة لكلية العلوم وأنشطتها البحثية، تنفيذًا لرؤية الجامعة في تعزيز البحث العلمي، وأضاف أن المؤتمر يمثّل منصة فاعلة لتبادل الخبرات العلمية بين الباحثين والعلماء من مختلف الدول والتخصصات، ويتضمن ورش عمل ومحاضرات متخصصة تهدف إلى تطوير مهارات الباحثين وفتح آفاق جديدة أمامهم في شتى المجالات التطبيقية.
و أشار الدكتور إيهاب عبد اللطيف إلى الإنجازات البحثية التي حققتها كلية العلوم، والتي تُوِّجت بنشر 737 بحثًا علميًّا دوليًّا في عام 2024، من بينها أكثر من 350 بحثًا في مجلات مصنّفة ضمن الفئة Q1.
وأوضحت الدكتورة سحر إبراهيم مصطفى أن المؤتمر يسعى إلى جمع المهتمين بالكيمياء بفروعها المختلفة لتبادل الخبرات، ومناقشة سبل الارتقاء بالبحوث الأكاديمية والتطبيقية التي تسهم في تنمية المجتمع، والنهوض بالعملية التعليمية والبحثية والبيئية، وصولًا إلى تصنيفات متقدمة للجامعة على المستويين المحلي والدولي، ولفتت إلى أن المؤتمر يضم نحو 200 مشارك من 7 دول، يمثلون 17 جامعة وهيئة ومركزًا بحثيًّا.