الكهانة والسلطة في الديانات القديمة … شراكة الهيمنة والاستغلال … ؟؟
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
بقلم الخبير المهندس حيدر عبدالجبار البطاط ..
منذ فجر التاريخ شكلت الكهانة والديانات القديمة دعامة أساسية للسلطات الحاكمة حيث قامت علاقة تبادلية بين الطرفين استفاد فيها كل طرف من الآخر.
الكهانة قدمت الدعم الروحي والمبرر الديني لسلطة الحكام بينما وفرت السلطة الحاكمة الرفاهية والدعم المالي للكهانة مما أدى إلى تكريس نظم قائمة على الظلم وغياب العدالة واستغلال الشعوب عبر مزيج من الخوف الروحي والخضوع الجسدي.
الدين كأداة للسيطرة
اعتمدت الكهانة على الدين كأداة لترويض العقول والتحكم بالمجتمعات عبر ترسيخ فكرة العقاب الإلهي والخوف من المجهول.
هذا التلاعب بالعواطف الروحية دفع الشعوب للقبول بالواقع مهما كان ظالماً خشية غضب الآلهة أو الكهنة الذين اعتبروا وسطاء بين العالمين.
وفي المقابل دعمت السلطة هذا الدور مستفيدة من قدرة الكهانة على تهدئة المجتمعات المضطربة وضمان استقرار الحكم.
السلطة راعية الكهانة
لعبت السلطة دور الممول الأساسي للكهانة والديانات القديمة.
فالمعابد لم تكن مجرد أماكن عبادة بل كانت مراكز اقتصادية وسياسية مهمة تمولها الضرائب والأوقاف وتمنحها السلطة امتيازات خاصة.
في المقابل وفرت الكهانة غطاءً روحياً لتصرفات الحكام وصوّرتهم كأصحاب حق إلهي في الحكم.
النتائج الاجتماعية والسياسية
هذا التحالف أدى إلى غياب العدالة الاجتماعية وانتشار الفقر والظلم.
فالضرائب المفروضة على الرعية لم تكن تذهب لتحسين حياتهم بل كانت تصرف على رفاهية الكهنة وقصور الملوك.
أصبح المجتمع منقسماً بين نخبة تستأثر بالثروات والسلطة وعامة مسحوقة بالخوف الروحي والقهر المادي.
سيطرة مزدوجة العقل والجسد
كان الخوف هو السلاح المشترك بين الكهانة والسلطة. الكهانة سيطرت على العقول باستخدام الدين كأداة لإثارة الرهبة بينما استبدّت السلطة بالجسد باستخدام القوة والقوانين القمعية.
بهذا الشكل وقع الإنسان بين سندان الدين الذي يهيمن على روحه ومطرقة السلطة التي تستنزف جسده.
رؤية معاصرة بقايا التحالف وأثره اليوم
على الرغم من التطور الذي شهده العالم في مجال حقوق الإنسان وفصل السلطات إلا أن العلاقة بين الدين والسياسة لا تزال قائمة بأشكال مختلفة.
في بعض الدول تُستخدم المؤسسات الدينية كأداة لإضفاء الشرعية على القرارات السياسية مما يعيد إنتاج التحالف القديم بين الكهانة والسلطة
الإعلام كبديل حديث للكهانة
في السياق الحديث قد تكون الكهانة التقليدية قد تراجعت لكنها استُبدلت بأدوات أخرى مثل الإعلام الموجّه الذي أصبح وسيلة حديثة لتشكيل العقول وصناعة الخوف الجماعي.
وكما كان الكهنة سابقاً يوظفون النصوص الدينية يُستخدم الإعلام اليوم لترويج سرديات تدعم السلطات الحاكمة
الدروس المستفادة
إن التاريخ يحمل بين طياته دروساً مهمة حول خطورة تحالف الدين مع السلطة.
فقد أظهرت هذه العلاقة كيف يمكن استغلال القيم الروحية لتحويلها إلى أداة هيمنة واستغلال.
الإصلاحات التي شهدتها بعض الحضارات لاحقاً حاولت الفصل بين الدين والسياسة لضمان العدالة ولكن هذا التحدي لا يزال قائماً في بعض المجتمعات.
إن فهم العلاقة بين الكهانة والسلطة في الديانات القديمة يفتح آفاقاً لفهم أعمق لطبيعة الاستبداد وكيفية مقاومته.
لا بد من العمل على بناء نظم اجتماعية عادلة تفصل بين الجانب الروحي والسلطة السياسية وتعيد للإنسان كرامته بعيداً عن الاستغلال والخوف.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
اتفاق شراكة بين وزارة الزراعة والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني
ضمن خطة وزارة الزراعة للنهوض في قطاع القمح، تم توقيع اتفاق شراكة بين الوزارة ممثلة بالوزير عباس الحاج حسن والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني ممثلة برئيس مجلس الإدارة المدير العام للمصلحة الدكتور سامي علوية.
ينص الإتفاق على زراعة كميات من القمح الطري من نوع أكساد 1133 جرى إكساره على الأراضي اللبنانية ضمن الخطة الوطنية التي أُعلنت منذ عامين في القصر الحكومي، حيث تتكفّل المصلحة الوطنية لنهر الليطاني على زراعة ورعاية القمح في أراضي تابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، وذلك بعدما أطلق وزير الزراعة الحملة الوطنية لتوزيع القمح الطري على المزارعين اللبنانيين، في أكثر من محطة وأكثر من محافظة، وذلك لتمتين الأمن الغذائي اللبناني.
وفي هذا الشأن، أكد الحاج حسن خلال اللقاء مع علوية أن "الحملة هي جزء من خطة، وضعتها وزارة الزراعة وتبنتها الحكومة اللبنانية منذ أكثر من عامين، لتنطلق بوتيرة متسارعة خلال العامين الأخيرين"، لافتا إلى "أن الهدف الأساسي يتمثل في الوصول إلى إنتاج كامل للقمح الطري الذي نحتاجه لإنتاج الطحين وصناعة الخبز".