موقع 24:
2025-01-16@00:44:14 GMT

سوريا في المفترق

تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT

سوريا في المفترق

إنه شيء يشبه مناماً مريحاً، هذا الذي جرى في سوريا قبل هرب الرئيس القائد تحت جنح الظلام إلى موسكو، وخلال الأسبوع الذي أعقب ذلك الهرب.

لقد سقط الرئيس بشار الأسد ونظامه في سرعة لا يتخيلها عقل، ومعركة الأيام الـ 10 التي أنهت حكم السلالة الأسدية عاكست نظرية "المسيرة الطويلة" الصينية الضرورية لـ "الوصول إلى الحكم"، وقالت أيضاً بانتهاء عصر "الحرب الشعبية الطويلة الأمد" نحو سلطة لا "تنبع إلا من فوهة البندقية"، وكشفت الحال السورية أن قمعاً موروثاً استمر أكثر من نصف قرن لا يمكنه الاستمرار إلى الأبد مهما زرع من تدجين داخل حدوده وفي خارجها.


انتصر السوريون بالخلاص من نظام القتل والبراميل وإهانة الإنسان، ومن دول وميليشيات ناصرته، ودخلوا بسرعة وبسلاسة تُسجل إلى مرحلة انتقالية حساسة لا يمكنها، كي تنجح، سوى أن تكون نقيضاً لمبدأ القمع المستند إلى نظام طائفي ومذهبي يستند إلى نظام مصالح دولي وإقليمي، طائفي في عمقه وتجلياته، بهدف إرساء نظام نقيض يقوم على العدالة والإنسانية والمساواة.
يراقب جيران سوريا ودول العالم بدقة أفراح ومخاوف السوريين، مثلما يتابع السوريون فرداً فرداً وحارة حارة، خصوصاً أصحاب الرأي منهم في الداخل والمنافي، تطورات بلادهم، وهم الذين دفعوا أثماناً غالية في مواجهة زنازين الأسد وأساليب حكمه المعادية لأبسط حقوق البشر، وتزداد القناعة لديهم ولدى الحريصين على سوريا أن مستقبل البلد في أيدي السوريين أنفسهم إذا أحسنوا التصرف، وأن هذا المستقبل سيبقى مهدداً لو رضخوا للحسابات الإقليمية والدولية التي رعت مرحلة الاقتتال والانقسام التي سادت منذ أكثر من 10 أعوام.
على السوريين مجتمعين تقع مهمة صياغة النظام الجديد الذي يجمعهم، نظام يقوم على نقض نهج وأساليب النظام السابق، يستعيد وحدة الدولة السورية ذات السيادة على أساس دستور جديد يقوم على المواطنية، ويتيح تداولاً للسلطة في انتخابات حرة.
سوريا تستحق استقراراً بعد عقود من الانقلابات العسكرية وتجربة نصف قرن من الاستبداد قضت على بدايات تجربة ديمقراطية ترعرعت منذ أيام الانتداب والاستقلال قبل أن تنهيها طموحات العسكرة وعبادة الأشخاص، وقبل الاستقلال وتحت الاحتلال  الفرنسي تمكن فوزي الغزي وهاشم الأتاسي ونخبة من السوريين من وضع الدستور السوري الأول عام 1928، أيام النفي في جرود لبنان (دوما البترون)، والآن أيضاً سيمكن ويجب على النخب السورية أن تنجز ذلك الأمر، ووضع دستور جديد يأخذ بعين الاعتبار واقع الشعب السوري وتحولات قرن عابق بالتجارب المريرة.
الدستور مسألة أساس في سوريا الجديدة، بسبب الانقسامات القائمة وتعدد فصائل مناهضي النظام البائد، وتوزع الأرض بين مناطق نفوذ واحتلال، ولم يكن صدفة أن تتبنى الأمم المتحدة أولوية إنجاز صياغة الدستور المفترض وتتابعها على مدى أعوام إلى أن أفشلها الأسد، فهذه العملية جزء أساس من القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم (2254) الذي يرسم خريطة طريق للتسوية في سوريا.
ولم يسقط هذا القرار بسقوط أحد طرفيه، بل هو الآن بمثابة مرجعية قانونية دولية يمكن للسوريين الاستناد إليه لإعادة بناء مؤسساتهم ودولتهم وضمان الدعم الدولي لثورتهم وبلادهم، وهو في صلب المداولات العربية والأوروبية والدولية الدائرة بنشاط حول التطورات في سوريا،


فلا يزال القرار 2254 مستنداً أساساً في يد دول العالم المهتمة بعودة سوريا لحياتها الطبيعية، دولة مستقلة ديمقراطية موحدة سيدة على أرضها، على رغم أنه في يوم صدوره عن مجلس الأمن الدولي في الـ 18 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، أي قبل تسعة أعوام بالضبط، كان يتوجه إلى المعارضة والسلطة الممثلة في الأسد، لكنه في الواقع كان يرسم معالم الطريق لمرحلة ما بعد الأسد ونظامه المديد عندما أشار إلى الفترة الانتقالية، وهو جاء خلاصة لإجماع دولي قلّ حصوله، تحتاجه سوريا اليوم أكثر من أي وقت مضى.
أكد القرار في حينه التزام العالم باستقلال وسلامة أراضي سوريا، وهو أمر أساس في الظروف الراهنة خصوصاً مع التوغل والقضم الإسرائيليين في أجزاء إضافية من الجولان المحتل، وأوضح القرار أن الحل يكون من خلال "عملية سياسية جامعة بقيادة سورية عبر إنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة، مع كفالة استمرارية المؤسسات الحكومية"، وهيئة الحكم المطلوبة هي الخطوة الأولى في عملية سياسية تتولى الأمم المتحدة تسييرها بهدف "إقامة حكم لا يقوم على الطائفية" ويحدد جدولاً زمنياً وعملية لصياغة دستور جديد، ويدعم إجراء انتخابات حرة تجري في غضون 18 شهراً تحت إشراف الأمم المتحدة".
بهذه الروحية تعامل الاجتماع العربي في العقبة مع التحول السوري، وشاركه في ذلك الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وفي الخلاصة رأى الجميع أن سوريا يجب أن تخرج من دائرة التقسيم والأطماع الإقليمية، وأن يسمح لأبنائها بالإمساك بمستقبل بلادهم وجمهوريتهم.
ويحتاج تحقيق ذلك إلى لجم الأطماع الإسرائيلية التي لا تتوقف قضماً وتدميراً، ويستلزم تخفيف الطموحات التركية في استعمال انتصارات الشعب السوري على النظام إلى وسيلة صدام داخلي مع جزء من الشعب الكردي - السوري، كما يتطلب إقفال الطريق أمام مهزوم أساس هو إيران من العودة للتلاعب بسوريا الساحة.
لم يتحمل المرشد الإيراني علي خامنئي ما جرى في محافظته الـ 35، وهو في آخر خطابات الأسبوع الماضي جزم أن "المناطق التي استولى عليها الأعداء في سوريا سيجري تحريرها على يد الشباب السوريين الغيورين، لا شك في أن هذا سيحدث وتُطرد أميركا من المنطقة عبر جبهة المقاومة".
كلام خامنئي والأصوليين الإيرانيين استحق تعليقاً لاذعاً من معلقين إيرانيين كتب أحدهم في صحيفة "هم ميهن" يقول: "تقدمون تحليلات حول الوضع في سوريا تجعل حتى الجماد يضحك ويسخر منها".
قد يكون الأمر كذلك، لكن الكلام الإيراني والنيات التركية والمشاريع الإسرائيلية تكشف جانباً أساسياً من جبل التحديات الذي تواجهه سوريا الآن، والتي لا يمكن لشخص أو فصيل مسلح أن يتحمل وحده مسؤولية الانتقال بها من حكم الأسد إلى المشروع الوطني الديمقراطي السوري الأرحب، الذي يحفظ وحدة شعبها واستقلاله وسيادته على أرضه.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الحرب في سوريا فی سوریا یقوم على

إقرأ أيضاً:

لـ أفريقيا نصيب الأسد.. نمو ملحوظ في أسواق السفر الجوي العالمية

سجلت جميع المناطق على مستوى العالم، نمواً في أسواق السفر الجوي العالمية في نوفمبر 2024، قياساً بالشهر ذاته من العام السابق، حسبما أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي “إياتا”.

حققت أوروبا أعلى عوامل الحمولة (85.0%)، في حين قادت منطقة آسيا والمحيط الهادئ النمو مع ارتفاع بنسبة 19.9% في الطلب على أساس سنوي.

سجلت شركات الطيران في آسيا والمحيط الهادئ ارتفاعاً بنسبة 19.9% على أساس سنوي في الطلب على السفر. وازدادت السعة بنسبة 16.2% على أساس سنوي، فيما وصل عامل الحمولة إلى 84.9% (بزيادة بواقع +2.6 نقطة مئوية مقارنة بشهر نوفمبر 2023).

مناطق أوروبا والشرق الأوسط

سجلت شركات الطيران الأوروبية ارتفاعاً بنسبة 9.4% على أساس سنوي في الطلب على السفر. وازدادت السعة بنسبة 7.1% على أساس سنوي، فيما وصل عامل الحمولة إلى 85.0% (بزيادة بواقع +1.8 نقطة مئوية مقارنة بشهر نوفمبر 2023).

وسجلت شركات الطيران في الشرق الأوسط ارتفاعاً بنسبة 8.7% على أساس سنوي في الطلب على السفر. وازدادت السعة بنسبة 3.9% على أساس سنوي، فيما وصل عامل الحمولة إلى 81.0% (بزيادة بواقع +3.6 نقطة مئوية مقارنة بشهر نوفمبر 2023).

سجلت شركات الطيران في أمريكا الشمالية ارتفاعاً بنسبة 3.1% على أساس سنوي في الطلب على السفر. وازدادت السعة بنسبة 1.6% على أساس سنوي، فيما وصل عامل الحمولة إلى 81.0% (بزيادة بواقع +1.1 نقطة مئوية مقارنة بشهر نوفمبر 2023).

شركات الطيران في أفريقيا

سجلت شركات الطيران الأفريقية ارتفاعاً بنسبة 11.4% على أساس سنوي في الطلب على السفر. وازدادت السعة بنسبة 11.9% على أساس سنوي، فيما وصل عامل الحمولة إلى 84.4% (بانخفاض بواقع -0.4 نقطة مئوية مقارنة بشهر نوفمبر 2023).

سجلت شركات الطيران الأفريقية ارتفاعاً بنسبة 12.4% على أساس سنوي في الطلب على السفر. وازدادت السعة بنسبة 6.0% على أساس سنوي، فيما وصل عامل الحمولة إلى 72.9% (زيادة بواقع +4.1 نقطة مئوية مقارنة بشهر نوفمبر 2023).

مقالات مشابهة

  • تفاصيل مشوقة..قوات الأمن في سوريا تحرر مقاتلين من قبضة فلول نظام الأسد
  • الأمن السوري يحرر مختطفيه وقائد فلول الأسد يفجر نفسه
  • في مسقط رأس الأسد.. خطف وكمائن وقتلى مع الأمن السوري الجديد (فيديو)
  • لـ أفريقيا نصيب الأسد.. نمو ملحوظ في أسواق السفر الجوي العالمية
  • قائد بالجيش الوطني السوري للجزيرة: نسعى لتشكيل جيش يحمي كل السوريين
  • رحيل روسيا عن سوريا.. مطلب شعبي ملح يصعب تحقيقه
  • تاج محل السوري: أعجوبة الأسد العالمية الثامنة
  • إدارة الهجرة في سوريا تعلن استئناف إصدار جوازات السفر بعد سقوط النظام
  • الشرع يتوقع عودة معظم السوريين إلى بلدهم خلال عامين
  • وصول أول ناقلة غاز إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد (صور)