صلاة الشروق كم ركعة وماذا يقرأ فيها؟.. انتبه لـ7 حقائق
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
لاشك أنه ينبغي معرفة صلاة الشروق كم ركعة وماذا يقرأ فيها ؟، خاصة مع كثرة الوصايا والنصوص النبوية الشريفة الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، التي تحث على اغتنام فضل هذه النافلة العظيم ، من هنا ينبغي معرفة صلاة الشروق كم ركعة وماذا يقرأ فيها ؟، لنيل أكبر ثواب لها.
. 5 حقائق ينبغي معرفتها
جاء أنه قد صلّاها النّبي صلّى الله عليه وسلّم ركعتين، وأربعًا، وثماني ركعات ومن زاد على ذلك فصلّى عشْرًا أو اثنتي عشرة ركعة فلا بأس لكن يجب ألا تقل عن الرّكعتين.
ويُسنُّ أن تصلّى كل ركعتين مَثْنى مَثْنى ويُسلّم بعد كل ركعتين، وبما أنّها تُصلّى في النّهار فلا يُجْهَرُ بها بل تُقرأ الفاتحة وما يليها سرًا، ويجوز أن تُصلّى جماعةً لكن دون المُداومة على ذلك لأنّ ذلك غير مشروع، ولا تُقْضى إن فات وقتها لأنّها ليست من السّنن الرواتب التابعة للفرائض إنّما هي مقيّدة بوقتها فإن فات وقتها فاتت.
ورد أنه يُقرأ في كلّ ركعة سورة الفاتحة بعدها سورة قصيرة مثل سورة الضّحى أو سورة الشّمس أو غير ذلك من السّور أو الآيات حتّى لو بلغت آية واحدة، أي أن سورة الفاتحة وما تيسر من القرآن هي أفضل ما يقرأ في صلاة الشروق بعد سورة الفاتحة.
صلاة الشروققد ورد أن صلاة الضحى هي نفسها صلاة الشروق ، ولكنها تُسمّى صلاة الشّروق إن صُلّيَتْ بعد شروق الشّمس وارتفاعها قدرَ رمحٍ، وتسمى بصلاة الضّحى إن كانت بعد ذلك الوقت، وتسمى أيضًا: صلاة الأوابين هي صلاة تؤدى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، وقيل بعد مضي ربع النهار، وصلاة الضحى أحد أنواع صلاة النفل وحكمها أنها سنة مؤكدة عند الجمهور، خلافًا للقول بأنها مندوبه في مذهب أبي حنيفة، وأقلها ركعتان، وأوسطها أربع ركعات، وأفضلها ثمان ركعات، وأكثرها اثنتي عشرة ركعة.
ما هي صلاة الشروق ، ومن حيث كونهما من النوافل فلا فرق بين صلاة الشروق وصلاة الضّحى فقد داوم عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وحثّ عليها الصّحابة –رضوان الله تعالى عنهم-، فقد رُوي عن أبي الدّرداء رضي الله عنه قوله: «أوصاني خليلي بثلاثٍ: بِصيامِ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهرٍ ، وألا أنامُ إلَّا علَى وِترٍ، وسُبحةِ الضُّحَى في السَّفرِ والحضَرِ»، وقد ورد في صلاة الضحى أسماء أُخرى، منها: صَلاة الإشرَاق.
حكم صلاة الشروققال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن صلاة الشروق أحد أنواع صلاة النفل وحكمها أنها سُنَّةٌ مؤكدةٌ عند الجمهور، خلافًا للقول بأنها مندوبه في مذهب أبي حنيفة، صلَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوصى بها، ورغَّب فيها، وأقلها ركعتان، وأوسطها أربع ركعات، وأفضلها ثمان ركعات، وأكثرها اثنتي عشرة ركعة على خلاف بين الفقهاء في ذلك، وقد سُمّيت بصلاة الإشراق والضحى بسبب وقت صلاتها.
رُوي عن أبي الدّرداء رضي الله عنه قوله: «أوصاني خليلي بثلاثٍ: بِصيامِ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهرٍ ، وألا أنامُ إلَّا علَى وِترٍ، وسُبحةِ الضُّحَى في السَّفرِ والحضَرِ»، وقد جاء في الصّحيح من قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يُصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويُجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضّحى»، كما جاء فيما رُوي أيضًا عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أنه رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى، فَقالَ: «أَما لقَدْ عَلِمُوا أنَّ الصَّلَاةَ في غيرِ هذِه السَّاعَةِ أَفْضَلُ، إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: صَلَاةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ».
ورد أن الملائكة تشهد صلاة الشروق ، لما ورد أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن عبسة رضي الله عنه: «صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حتَّى تَرْتَفِعَ... فإنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ»، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صلَّى الغداةَ في جماعة، ثم قعد يذكر اللهَ حتى تطلُعَ الشمسُ، ثم صلَّى ركعتَين؛ كانت له كأجرِ حجَّةٍ وعمرةٍ ، تامَّةٍ تامَّةٍ تامَّةٍ».
فضل صلاة الشروق1- من صلى بعد شروق الشمس فله مثل ثواب الحاج والمُعتمر.
2-تُجْزِئُ عن الصّدقة المطلوبة عن كل مفصل من مفاصل جسم الإنسان الثّلاث مئة وستّين في كل يوم يُصْبِح فيه العبد.
3-تقوم مقام التّسبيح والتّحميد والتّهليل والتّكبير.
4-يتقرّب بها العبد إلى الله سبحانه، ويفوز بمحبته عز وجل، باعتبارها من النوافل، كما جاء في الحديث القدسي: «مَنْ عادَى لي وليًّا فقَد بارَزني بالمحارَبةِ، وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بمثلِ أداءِ ما افتَرضتُه عليْهِ، ولا يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أحبَّهُ، فإذا أحببتُهُ كنتُ سمعَهُ الَّذي يسمَعُ بِهِ وبصرَهُ الَّذي يبصرُ بِهِ ويدَهُ الَّتي يبطِشُ بها ورجلَهُ الَّتي يمشي بها، فبي يسمَعُ وبي يُبصِرُ وبي يبطِشُ وبي يسعى، ولئن سألني لأعطينَّهُ، ولئنِ استعاذني لأعيذنَّهُ، وما تردَّدتُ عَن شيءٍ أنا فاعلُهُ تردُّدي عن قَبض نفسِ عَبدي المؤمنِ يَكرَهُ الموتَ وأكرَهُ مَساءتَهُ، ولابد لَهُ منْه».
5- ومن فضل صلاة الشروق جلب الرزق والبركة فيه .
6- صلاة الشروق من النوافل التي حرص عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
7- صلاة الشروق غنيمة عظيمة: هي من الصلوات التي يغنم المُصلّي بها الكثير من الغنائم، وذلك لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضحى فهو أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلاة الشروق حكم صلاة الشروق المزيد صلى الله علیه وسلم صلى الله علیه وسل ى الله علیه وسل رضی الله عنه ه علیه وسل رسول الله صلاة الش ورد أن
إقرأ أيضاً:
نص المحاضرة الرمضانية الـ 16 للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي
الثورة نت/..
نص المحاضرة الرمضانية الـ 16 لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ليوم 17 رمضان 1446هـ/ 17 مارس 2025م:
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
خروج شعبنا اليوم، الخروج العظيم، الواسع، الكبير، في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، كان إحياءً عملياً جهادياً عظيماً للذكرى التاريخية العظيمة: ذكرى غزوة بدرٍ الكبرى، وأكرم وأنعم به من إحياء! إحياء بالموقف، إحياء بالعمل، إحياء بالاستمرار على الخط، والنهج، والطريق، في الصراط المستقيم، وهذه نعمةٌ كبيرةٌ، وتوفيقٌ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
في خروج شعبنا اليمنى في هذه الذكرى، ليؤكِّد على ثباته على موقفه المناصر للشعب الفلسطيني، ووقوفه ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، وتصديه للتصعيد العدواني الأمريكي تجاه بلدنا، هذا الخروج هو خروجٌ جهاديٌ في سبيل الله تعالى، في إطار الموقف الحق، الموقف الذي يرضي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويُعبِّر عن هوية هذا الشعب، عن قيمه، عن انتمائه الإيماني الأصيل، عن وفائه لرسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، وللإسلام العظيم، عن أنه شعبٌ يتمسك بمبادئه الإسلامية العظيمة؛ ولـذلك هو شعبٌ يتمتع بالعزَّة الإيمانية، لا يقبل بالإذلال، ولا يقبل بالاستباحة، ولا يقبل بالخنوع لأعداء الله.
هذا الإحياء العملي، العظيم، المهم، هو تعزيزٌ يصل به هذا الشعب العزيز حاضره بماضيه المجيد، في نصرة الإسلام، في الجهاد في سبيل الله تعالى، في حمل راية الإسلام، وفي نفس الاتِّجاه، الاتِّجاه ضد الطغيان، الطغيان الكافر، طغيان قوى الشر، قوى الإجرام، قوى الكفر، القوى الظلامية، الظالمة، المفسدة، المستكبرة في الأرض، فمثلما كان الطغيان الكافر آنذاك مُتَمَثِّلاً بجبهة الكفر، التي حاربها رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”؛ الطغيان الكافر الظالم في هذا العصر يَتَمَثَّل في أمريكا وإسرائيل، ومن يدور في فلكهم، شعبنا العزيز هو يسير في اتِّجاه الاقتداء برسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، والسير على نهجه وفي طريقه.
رسالة اليوم، التي قدَّمها شعبنا العزيز بخروجه الواسع العظيم، هي رسالةٌ واضحة:
· أولاً: للشعب الفلسطيني، شعبنا يؤكِّد لهم باستمرار أنهم لن يكونوا وحدهم، الشعب الفلسطيني لن يكون وحده، لن نقبل- كشعبٍ يمني- بأن يستفرد به العدو الإسرائيلي، بشراكةٍ وحمايةٍ أمريكية، للعمل على إبادته، وتجويعه، وتهجيره، وتصفية قضيته، ومصادرة فلسطين والمُقَدَّسَات في فلسطين، هذا هو الهدف الإسرائيلي والأمريكي، لكنَّ شعبنا لن يقبل بذلك أبداً؛ باعتبار موقفه الإيماني، والتزامه الديني والأخلاقي والإنساني، تجاه هذه القضية وهذه المظلومية.
· ورسالةٌ واضحة فيما يتعلق بالتصدِّي للعدوان الأمريكي، حينما أعلن الأمريكي جولةً جديدةً من العدوان على بلدنا، إسناداً منه للعدو الإسرائيلي؛ فشعبنا العزيز لن يقف مُتفرِّجاً تجاه هذا العدوان الذي يستهدفه، ويستهدفه لموقفه الحق، فشعبنا العزيز قدَّم رسالة صمود وثبات، في مواجهة الطغيان والعدوان الأمريكي.
· رسالةً للمجرم المعتوه الكافر [ترامب]، بأن شعبنا العزيز هو ثابتٌ بكل قناعةٍ، بكل بسالةٍ، بِعِزَّة الإيمان، بثقته بالله تعالى، واعتماده على الله، وتوكله على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وإيمانه بوعد الله الصادق بالنصر، في مواجهة الطغاة المستكبرين.
ولـذلك فهذه الرسائل المهمة للأعداء، الأمريكيين والإسرائيليين أيضاً، والرسالة التي يؤكِّد بها شعبنا العزيز ثباته على موقفه في مناصرة الشعب الفلسطيني، هي رسائل واضحة وجليَّة، ومعها الموقف، البارحة اشتبكت قواتنا المسلحة المجاهدة مع حاملة الطائرات الأمريكية، التي هربت أثناء الاشتباك إلى أقصى شمال البحر الأحمر، تهرب إلى مسافة (ألف وثلاثمائة كيلو)، كذلك تصدَّت قواتنا المسلحة لمحاولات الأعداء لشن هجومٍ عدواني.
فهذه الرسائل العملية، في إطار الموقف الشعبي، وإطار الموقف من القوات المسلحة، في أدائها الجهادي العظيم، يجعل- فعلاً- من إحياء هذه المناسبة فرقاناً عظيماً في هذا العصر، فرقاناً مهماً بين الإسلام والكفر، بين الإيمان والنفاق، بين خيار الخنوع والذِّلَّة للكافرين، الذي يَتَبَنَّاه البعض من أبناء الأُمَّة للأسف، وبين الاتِّجاه الإيماني الثابت، بالعِزَّة على الكافرين، الامتداد لنهج الإيمان، لموقف رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”.
فأمام هذا المشهد العظيم، الذي كان واضحاً في الحضور المليوني لشعبنا العزيز، في إطار الموقف العملي الجهادي، نُقدِّم أيضاً من جديد التحذير للأمريكي: أن استمراره في عدوانه على بلدنا، إسناداً منه للعدو الإسرائيلي، إنما يدفع بنا إلى مواجهة تصعيده بخياراتٍ تصعيدية إضافية، نحن نواجِّه الآن عدوانه بالاستهداف لحاملة طائراته، بالاستهداف لبوارجه وقطعه الحربية في البحر؛ ولكن حينما يستمر في عدوانه لدينا خيارات تصعيدية أكبر من ذلك، وأكثر إيلاماً له، وإزعاجاً له، وغيظاً له من ذلك، فنحن نوجِّه إليه التحذير، وليستفد مما قدَّمه شعبنا العزيز اليوم من رسالة واضحة وقوية، تؤكِّد على ثباته على موقفه.
أيضاً بالنسبة للعدو الإسرائيلي، إصراره على منع دخول المساعدات إلى قطاع غزَّة، هو عدوانٌ كبير، إجرامٌ رهيبٌ وفظيع، لا يمكن السكوت عنه، ونحن حتى تجاه هذه المسألة، قلنا: موقفنا في حظر الملاحة على السفن الإسرائيلية هي خطوةٌ أولى، لكن عندما تشتد مجاعة الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، لا يمكن أن نتفرَّج وأن يكون موقفنا فقط عند هذا المستوى؛ لأن المعيار لمواقفنا هو: مسؤوليتنا الدينية والإيمانية والأخلاقية، مع فعل ما نستطيعه، وما نتمكن منه؛ ولـذلك لا نتردد عندما يستلزم الحال، وتقتضي المسؤولية، أن نُقْدِم على خطوة أكبر، أو عملٍ أكبر، فنحن مستعدون.
في محاضرة اليوم، نتحدث أيضاً- بعد أن نتوجَّه إلى شعبنا بالشكر والإشادة، ونسأل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أن يكتب أجركم، وأن يُبَيِّض وجوهكم، وأن يرفع قدركم، وأن يتقبَّل منكم هذا الخروج العظيم، والإحياء العظيم لهذه الغزوة المباركة لذكرها، في إطار الموقف والعمل الذي يرضي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وَالتَّحَرُّك جهاداً في سبيل الله وابتغاء مرضاته- نتحدث في هذه المحاضرة عن غزوة بدرٍ الكبرى، بما تُقَدِّمه لنا، ونحن في إطار الموقف والعمل؛ ولأُمَّتنا، وهي بحاجة إلى التذكير بذلك، من دروسٍ وعبرٍ مهمة.
محاضرتنا في هذا اليوم سنبدأ فيها بمقدِّمات مهمة لهذه الغزوة، هذه الغزوة التي تُذَكِّرنا برسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، بمسيرته، بجهاده، وهو لنا الأسوة والقدوة، الذي نهتدي به، ونهتدي بسيرته، بمواقفه، بتحركاته، نحن نؤمن بأنه رسول الله وخاتم أنبياءه، القدوة، الأسوة، والهادي لنا إلى طريق الحق؛ ولـذلك عندما نعود إلى مثل هذه المناسبات، ونستذكر من خلالها ما هو جزءٌ من سيرة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، فذلك في إطار الاهتداء، والاقتداء، والاتِّباع.
مسيرة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” في إقامة الدين، وفي بناء الأُمَّة، وفي الحركة في مختلف المجالات في هذه الحياة على أساس القرآن الكريم، هي مسيرة هدايةٍ للمسلمين على امتداد التاريخ، وليس فقط للجيل المعاصر له من المسلمين؛ وإنما يحسب هو “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” حساب كل الأجيال اللاحقة؛ ولـذلك فهو يتحرَّك بناءً على ذلك، يُقَدِّم في حركته، في ترتيباته العملية، في خطواته العملية، في مواقفه العملية، ما فيه الهداية لكل الأجيال المسلمة إلى نهاية التاريخ، ولا يحسب فقط حساب عصره وزمنه، فيما يقوم به في إطار حركته في إقامة دين الله، وبناء الأُمَّة، والعمل في مختلف المجالات على أساس هدي القرآن الكريم، وهذه مسألة مهمة بالنسبة لنا أن نعيها جيداً؛ لأنها تُقَدِّم لنا ما يقوم به رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” في إطار الاهتداء، لنستفيد منه، ونهتدي به.
عادةً ما يدرس الناس الأحداث التاريخية؛ للاستفادة منها في معرفة الأسباب والنتائج، يعني: هذه من أهم ما يستفيد منها البشر، عندما يعودون لدراسة الأحداث التاريخية؛ ليستفيدوا منها- من واقع التجربة العملية التي قد حصلت- معرفةً بالأسباب والنتائج: أسباب النصر، وأسباب الهزيمة؛ وأن يدرسوا أسباب النجاح، أسباب الفشل… وهكذا، وهذه مسألة مهمة جدًّا، ومفيدة في نفس الوقت.
لكن فيما يتعلق بسيرة رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، والأحداث التاريخية في إطار جهاده وعمله، فهي مع أنها غنيةٌ جدًّا بالدروس المرتبطة فيما يتعلق بهذا الجانب، مدرسة كبيرة مهمة وملهمة في الدروس والعبر، فيما يتعلق بالأسباب، والنتائج، والسُّنَن في هذه الحياة، فهناك أيضاً اعتبار آخر مع ذلك، أرقى وأهم، وهو: أن رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، مع نجاحه العظيم الذي لا مثيل له؛ لأنه يُقاس فيه:
· الإمكانات البسيطة جدًّا، على المستوى المادي، وعلى مستوى العدد والعُدَّة.
· وفي نفس الوقت التعقيدات الكبيرة، على مستوى الظروف، والوضع، وجهة الأعداء.
· وحجم النتائج، والإنجاز العظيم الذي تحقق مع كل ذلك.
وهذه مسألة مهمة جدًّا، في نظرتنا إلى ما تحقق على يد رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” والمؤمنين معه، وطبيعة ونوعية الإنجاز الذي حققه؛ لأنه إنجاز عظيم، يعني: صناعة تحوُّل كبير جدًّا في الوضع بكله، وفي مسار التاريخ.
مع كل ذلك، رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” هو في موقع القدوة والهداية، هو رسول الله الذي يصلنا به انتماؤنا الديني والإيماني، على قاعدة وأساس الاتِّباع، الاتِّباع له؛ ولـذلك هذه ميزة كبيرة لسيرة رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، فرقٌ بين أن نقرأ- مثلاً- الأحداث التي في سيرته، والأحداث الأخرى:
· الأحداث الأخرى قد نستفيد منها في إطار استيعاب السُّنَن الإلهية، فيما يتعلق بالأسباب والنتائج.
· لكن هذا نستفيده من سيرة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وفي مقام الاهتداء، والاقتداء، والاتِّباع، من واقع هذه الصلة، وهذا الانتماء الإيماني.
ولـذلك يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21].
للأحداث التاريخية، التي غيَّرت مجرى التاريخ، وصنعت تحوُّلات كبيرة في واقع البشر والناس، لها أهمية خاصة بين بقية الأحداث، التاريخ مليءٌ بالأحداث، لكن هناك أحداث تختلف عن غيرها، بهذه الميزة: أنها أحداث غيَّرت مجرى التاريخ، صنعت تحوُّلات جديدة في واقع المجتمع البشري، كانت لها تأثيرات كبيرة، وممتدة عبر الأجيال، لم تكن تأثيراتها محدودة على مستوى ظرف مُعَيَّن، أو مجتمع مُعَيَّن، أو لزمن محدود؛ بل امتدَّت على مستوى نطاقها الواسع في الواقع البشري، وعلى مستوى الزمن، امتدَّت إلى الأجيال، لهذه الأحداث أهمية خاصة بين غيرها من الأحداث.
ومن تلك الأحداث التاريخية، التي لها هذه الأهمية، وهذه الميزة، هي: غزوة بدرٍ الكبرى، وأيضاً فتح مكة، وسيأتي الحديث عن فتح مكة في محاضرة أخرى إن شاء الله، هذه التأثيرات، هذه التحوُّلات، امتداد هذا التأثير إلى زمننا هذا، وما بعد زمننا إلى نهاية التاريخ؛ فلها أهمية كبيرة، ولها علاقة كبيرة بنا.
أُمَّتُنَا في هذه المرحلة بالذات، وهي في حالة كبيرة من الاستهداف، ويقابلها حالة كبيرة من التخبُّط في داخل الأُمَّة، على مستوى الخيارات، والقرارات، والمواقف، والتوجيهات، أُمَّتنا- بالنظر إلى كل ذلك- هي أحوج ما تكون إلى العودة إلى سيرة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، واستلهام الدروس والعبر منها، ومن جهاده، من موقع التأسِّي، والاقتداء، والثقة، كما قلنا: العلاقة برسول الله هي علاقة إيمانية، وحركته ومسيرته هي مسيرة إيمانية، يعني: لم يكن يعمل ما يعمل، ويتَّخذ ما يتَّخذ من قرارات كآراء شخصية، بعيدة عن الموقف الإيماني والديني، أو منفصلةً عن الاعتبار الإيماني والديني؛ إنما كان يتحرَّك بنور الله، بهدى الله، وفق تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عن غزوة بدر، يقول الله له: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ}[الأنفال:5]، في إطار توجيهات الله، وتعليمات الله، ولـذلك فحركة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” العملية (في جهاده، في مسيرته) هي في إطار العمل لتطبيق تعليمات الله، وتنفيذ توجيهات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ فهي مدرسةٌ:
· في الالتزام الإيماني والديني.
· وفي الأداء للمسؤوليات الإيمانية والدينية على أساس ذلك.
فلها هذه القيمة، يعني: ليست المسألة أننا ندرس أفكار أشخاص، تصرفات أشخاص عاديين، في إطار تجاربهم كأشخاص عاديين، نحن عندما ندرس سيرة رسول الله ندرس الإسلام، ندرس الإيمان، ندرس الحق يتجسَّد عملياً في الواقع، يتحرَّك في ميدان الحياة، ونرى أنفسنا- بحكم انتمائنا الإيماني- مُلزمين بأن نسير في هذا الاتِّجاه، وأن نهتدي برسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، وبما قدَّمه، وتتعزز لدينا الثقة بأنها منهجية ناجحة.
رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” تحرَّك بالقرآن الكريم، تحرَّك بتوجيهات الله وتعليماته، التي نقرأها في كتابه، ندرسها في القرآن، فكيف كانت النتائج؟ واجه ظروفاً صعبة، بالغة التعقيد، لكن كيف كانت النتائج؟ هذا نراه جَلِيّاً في سيرة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”؛ مما يعزز الثقة في الانطلاقة الإيمانية، مما يعطي الاطمئنان تجاه النتائج المهمة لتعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” حينما نتحرَّك على أساسها، أن لها نتائج عظيمة؛ لأنها من حكمة الله، من رحمته، بعلمه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ليست توجيهات عشوائية، ممن لا يعلم ما يجري في الزمن من متغيرات، ومن ظروف، هي تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الذي يعلم الغيب والشهادة، {يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[الفرقان:6].
ولـذلك يجب أن ننطلق من هذا المنطلق في قراءتنا للسيرة، في نظرتنا إلى الأحداث في عصر رسول الله، في حركة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، فتعاليمه القَيِّمَة هي على أساسٍ من نور الله وهدايته، ويجب أن ننطلق بثقة، وأن تتعزز هذه الثقة، وأن نستفيد منه في كيفية التطبيق.
ثم- بناءً على ذلك- أن تكون هي (القرآن الكريم، ومسيرة رسول الله وجهاده) معياراً لنا نحن المسلمين، في هذه المرحلة بالذات، لتقييم الآراء، والتوجيهات، والمواقف؛ لأن هناك- وللأسف الشديد- حالة تخبُّط كبيرة جدًّا في واقع الأُمَّة.
الأعداء يتَّجهون لاستهدافها، (الأمريكي، والإسرائيلي، والحركة الصهيونية اليهودية) يتَّجهون لاستهداف هذه الأُمَّة، ولديهم خيارات واضحة، وخطوات واضحة، ومواقف واضحة، وتوجُّه ناجز، ومحدد وواضح، يعني: ليست المسألة عندهم مسألة يغرقون على كل خطوة، على كل إجراء، على كل موقف، في جدل، وينشغلون، ويتعرقلون نتيجةً لذلك، لا، لديهم مخطط يسيرون عليه، ومشروع واضح، هو (المشروع الصهيوني)، هو الأساس الذي يتحركون عليه، ولديهم أهداف عملية محددة وواضحة، ولديهم سياسات محددة أيضاً وواضحة، كلها سياسات عدوانية، ويعملون على تحقيق المكاسب المرحلية؛ ليصلوا- في نهاية المطاف- إلى الأهداف النهائية، فلديهم وضوح في اتِّجاههم.
وللأسف الشديد، كان هذا لا ينبغي أن يكون لديهم وفي نفس الوقت مفقود لدى المسلمين، يعني: أن المسلمين هم الأولى، بأن يكونوا هم الذين يتحرَّكون ضد أعدائهم، على أساس المواقف الواضحة، والثوابت، وعلى أساس الرؤية الصحيحة المدروسة، والخطة الكاملة؛ لأن المواقف لدى المسلمين ليست مواقف ثابتة، هي مجرد ردود أفعال عارضة، يعني: كلما أقدم الأعداء على خطوة في نطاق مشروعهم الواسع؛ كانت ردة فعل المسلمين، المتفاوتة، المتناقضة، المضطربة، ردة فعلٍ لحظية، لحظية، في الموقف المستجد، وكأنه موقف ليس له أي سياق، وليس وراءه أيضاً أي شيء يتبعه، يعني: كأن اليهودي فقط افتعل مشكلة هكذا طارئة، كيف يتعاملون معها، ثم افتعل مشكلة ثانية… وهكذا، يتخبَّطون- للأسف الشديد- في حالةٍ من العمى، من العمى، في حالةٍ من الغباء، في حالةٍ من الجهل الرهيب والفظيع، وهذا هو نتيجة لإعراضهم عن القرآن، لإعراضهم عن رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وعن الاستفادة منه في الحركة على أساس القرآن، ونتيجةً لعدم نظرتهم الجادَّة، الموضوعية، إلى الأعداء، وما هي خطة الأعداء، وما هو المشروع الحقيقي للأعداء، الذي يتحركون على أساسه.
ولــذلك فالحركة الارتجالية للأُمَّة، والمواقف الآنية واللحظية، ليست صحيحة إطلاقاً، وتتفاوت، وتضطرب، وأكثرها في الاتِّجاه الذي ليس له أي أثر أبداً في مواجهة الأعداء، ولا أي قيمة، ولا أي أهمية.
فنحن بحاجة إلى أن نجعل من حركة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ومن سيرته، ومن مواقفه الناجحة، التي ثبت نجاحها، مدرسةً لنا، وأن نُقَيِّم بناءً على ذلك- شعوب إسلامية وبلدان إسلامية- أن نقيم الآراء والتَّوجُّهات: هل هي في نفس هذا الاتِّجاه؟ هل هي تنسجم مع القرآن، مع حركة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، أو لا تنسجم؟ إذا كانت لا تنسجم، فلا ينبغي أن تأخذ بها الأُمَّة، أن تغرق فيها الأُمَّة، أن تُضِيْع الأُمَّة لأجلها الوقت، الجهد، الفرص، وبالشكل الذي يتيح للأعداء تحقيق المزيد من الإنجازات، وتعزيز فرصهم؛ لتحقيق إنجازاتٍ أخرى إضافية، هذه مسألة مهمة جدًّا.
الأُمَّة مستهدفة في غاية الاستهداف، وفي وضعٍ خطيرٍ للغاية، أعداؤها واضحون، واضحون جدًّا في القتل اليوم، في الاحتلال، في التدمير، والأعداء هم يسعون إلى ماذا؟
· إلى تدمير هذه الأُمَّة.
· إلى طمس هويتها الدينية.
· إلى احتلال أوطانها.
· إلى نهب ثرواتها.
· إلى استعبادها.
· إلى إذلالها.
ولهـذا لا يتوقفون، من حربٍ إلى حرب؛ ومن غزو بلد إلى غزو بلد؛ ومن تدمير بلد بمؤامراتهم عليه من الداخل، إلى اجتياح بلد آخر بشكل مباشر… وهكذا.
يعني: عندما- مثلاً- نعود إلى هذه السنوات الماضية، لِنُقَيِّم- هذه مسألة التَّقْيِيم غائبة لدى المسلمين- لِنُقَيِّم على مدى عشرين عاماً، كيف يفعل الأمريكي والإسرائيلي، هل تركوا هذه الأُمَّة لتهدأ؟ على مدى عشرين عاماً فقط، فما بَالُك والمسألة من قبل ذلك بكثير، ومستمرة، وستستمر من جانب الأعداء، ستستمر من جانبهم، لن يتوقفوا عن ذلك، لن يوقفهم إلَّا الردع، إلَّا الهزيمة، إِلَّا مَنَعَة في واقع الأُمَّة، تَحُوْلُ بينهم وبين تخطيط مؤامراتهم، وتنفيذ أعمالهم العدوانية والإجرامية تجاه هذه الأُمَّة.
فالأُمَّة هي تتضرر بالخيارات الخاطئة، والقرارات الخاطئة، التي تتيح لأعدائها المزيد من السيطرة، من التمكُّن من تنفيذ مؤامراتهم في داخلها؛ لأنهم يشتغلون في كل الاتِّجاهات: الاجتياح المباشر، الأعمال المباشرة، والأعمال التي من داخل الأُمَّة؛ فهم يشتغلون ويَتَحَرَّكون بهذا الشكل.
يَــوْمُ الفُرْقَــان، هو العنوان العظيم لغزوة بدرٍ الكبرى، (يوم الفرقان) كما سمَّاه الله في (سورة الأنفال)، يعني: أنه يومٌ فارقٌ في التاريخ؛ ولـذلك يجب أن ننظر إلى هذه الذكرى باهتمام كبير؛ لأنه تَرَتَّب عليها نتائج عظيمة جدًّا، والمهم أن نستفيد منها ومن أمثالها:
· في تصحيح الرؤية في واقع الأُمَّة، هذا جانب.
· وأيضاً في استنهاض العزائم والهمم في داخل الأُمَّة.
· في ترسيخ الأمل في الاتِّجاه العملي الصحيح.
لأن هنـــاك مـن جــانب الأعــــداء:
· ضخّ هائل جدًّا للإرجاف، والتهويل، والتيئيس، والإحباط، في أوساط الأُمَّة.
· وهناك أيضاً على مستوى التشويش للرؤية ضخّ كبير جدًّا، شغل كبير من جانب الأعداء: تشكيك، تلبيس، ترسيخ لخيارات خاطئة كما قلنا.
أمام هذا وذاك يجب أن ننظر إلى (يوم الفرقان)، إلى ذكرى غزوة بدرٍ الكبرى، وما بعدها، وما قبلها، في سيرة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، بما يفيدنا لتصحيح الرؤية، بما يفيدنا لاستنهاض العزائم والهمم، بما يفيدنا أيضاً لترسيخ الأمل في الثقة بوعد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” والنصر، والتغيير للواقع المظلم والمذلِّ، والمهين والمخزي للأمة، والدفع في الاتِّجاه الصحيح، الاتِّجاه العملي الصحيح الذي يحقق ذلك.
من أول الدروس في غزوة بدرٍ الكبرى، هو: درس يتعلق بأهمية الجهاد في سبيل الله تعالى، أنه هو الخيار الصحيح، الذي يصنع الله به التَّحَوُّلات، الذي يُشَكِّل حمايةً حقيقيةً للأمة، الذي يدفع الخطر من جهة الأعداء، ويدفع شَرَّهُم، هذه مسألة مهمة.
الخيارات التي تُطرح في الساحة، والخيارات المُتَّبعة- بالفعل- في واقع الأُمَّة، هي الخيارات الأخرى:
· خيارات (الجمود، القعود، الاستسلام): وهذا لدى فئة واسعة من أبناء الأُمَّة: لدى أنظمة، وحكومات، وزعماء، واتِّجاهات فكرية، واتِّجاهات ثقافية، واتِّجاهات سياسية، ولدى جماهيرها من أبناء الأُمَّة، رؤيتهم هي هكذا: أنه في مقابل ما يعمله الأمريكيون، ماذا نعمل نحن كمسلمين؟ نسكت، نجمد، نتركهم لفعل ما يفعلون، ونترك الساحة مفتوحةً أمامهم لفعل ما يريدون.
وهذا هو أيضاً تَوجُّهٌ ليس حتى في الإطار العقلاني الفطري، يعني: يَشُذُّ حتى عن الفطرة، كيف ذلك؟! كيف ذلك؟! لكنَّها حالة خطيرة في واقع الأُمَّة، أن يكون هذا تفكيراً سائداً لدى فئة واسعة من المسلمين: حكومات، وفي أوساط الشعوب، وفي أوساط النُّخَب… وغيرهم.
· هناك اتِّجاه آخر من أبناء الأُمَّة له رأي أسوأ من ذلك: رأيه هو التعاون: التعاون مع الأعداء، التحالف مع الأعداء، التَّجَنُّد مع الأعداء، الدخول في إطار مؤامراتهم كأدوات لهم.
أمَّا هذه فهي طامة كبرى، واتِّجاه يُمَثِّل حالة ارتداد عن مبادئ الإسلام، وقيمه العظيمة، وأخلاقه الكريمة، ومشروعه لإقامة العدل في الحياة؛ وفي نفس الوقت تمكين تام للعدو، وإعانة له على النفس، على هذه الأُمَّة، على أوطانها، على شعوبها، على ثرواتها، وَتَجَنُّد مضاد لمبادئ الإسلام، يتناقض معها كلياً.
الجهاد في سبيل الله تعالى هو الوسيلة الحقيقية التي يمكن أن تحمي الأُمَّة، أن تدفع عنها الشَّرّ والأشرار؛ لأنه في إطار سُنَّة من سُنَنِ الله تعالى، سُنَّة من سُنَنِه في هذه الحياة، سُنَّة من السنن الحاكمة، الحاكمة في مسألة الأسباب والنتائج في مسيرة البشر.
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال في القرآن الكريم: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}[البقرة:251]، هذه هي سُنَّة من سُنَن الله تعالى: أن الله يدفع الناس بعضهم ببعض، هذا التدافع، هذا الدفع الذي يأتي في إطار المواقف العملية، في إطار المواجهة، في إطار التَّصدِّي للطغيان، الذي يَحُدّ من طغيان الآخرين، لولا هذه السنة الإلهية لفسدت الأرض بالكامل، ولما بقيت حياة للمجتمع البشري عليها؛ لأن هناك في أوساط البشر من هم في مستوى طغيانهم، وعدوانيتهم، وشَرِّهِم، وإجرامهم، إلى درجة يمكن ألَّا تبقى الحياة معهم، وألَّا يُبْقُوا للحياة وجوداً على هذا الأرض، إلَّا بشكلٍ فاسدٍ تماماً، يعني: ليس فيه أي شيءٍ من الصلاح، يعني: تتحول الحياة في المجتمع البشري: إمَّا أن تنتهي بالكامل؛ وإمَّا أن تصل إلى درجة- من فسادها- إلى درجة فظيعة جدًّا، تتحوَّل إلى حياة حيوانية، بهيمية، لا يبقى فيها أي قيمة للوجود الإنساني، ولا للجوهر الإنساني، للكرامة الإنسانية، للاعتبار الإنساني، ولا يبقى فيها أي مستوى من الاستقرار إطلاقاً، ولا تبقى فيها أي شيءٍ من مظاهر الاستخلاف في الأرض: لا عِمارة للحياة، ولا ازدهار في الحياة، ولا استقرار في الحياة.
ولـذلك هذه السُّنَّة الإلهية في دفع الناس بعضهم لبعض، يأتي في إطارها عنوان الجهاد في سبيل الله، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}[الحج:40]، على مستوى الشعائر الدينية، حتى هي لَما بَقِيَت.
ولـذلك عندما أتى الإذن والتوجيه للمسلمين بالجهاد، في قول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج:39]، يأتي أيضاً في سياق الدفع للظلم، إذا كانت الأُمَّة لا تريد أن تُقاتل، فالأعداء يريدون هم أن يقاتلوها، وأن يقتلوها، وأن يُبِيدُوها، العدو الإسرائيلي يَقْتُل يومياً، يَقْتُل من الناس المسالمين، يَقْتُل من الناس العاديين، يَقْتُل من العاملين في المجال الإنساني، من صحفيين، مدنيين، بشكلٍ يومي، يقتلهم عدواناً وظلماً؛ ولـذلك فالأُمَّة بحاجة إلى أن تتحرك في إطار السُّنَّة الإلهية؛ لدفع الظلم عن نفسها، لدفع الخطر عنها؛ ولـذلك تحرَّك رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” في غزوة بدرٍ الكبرى.
لو كان هناك نجاح للخيارات الأخرى، وكانت أرشد، وأصوب، وأحكم، وأرحم، وأنسب؛ لكان رسول الله هو الأَوْلَى “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، فيما هو عليه من رشد، من رحمة، من حكمة، بأن يتبنى أي خيار آخر بديلاً عن الجهاد في سبيل الله.
نكتفي في هذه المحاضرة بهذا المقدار، في هذه المُقَدِّمَة.
وَنَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛