محادثات أميركية سعودية حول لبنان
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
كتب جوني منيّر في" الجمهورية": في الأمس حاول الأمين العام ل «حزب الله » الشيخ نعيم قاسم اللعب على هذا الوتر المستجدات في سوريا ولكن بكثير من الحذر والتأنّي. فهو وفي معرض حديثه عن الطريق البري والعمل لإيجاد ممرات عبر البرّ السوري لتزويد «حزب الله » السلاح، ألمح إلى إمكانية فتح أبواب التواصل مع السلطات الجديدة.
لا بل قد يكون على «حزب الله » التفكير أكثر بهذه «الصحوة السنّية » والتي أدّت إلى نقل عدواها إلى الساحة اللبنانية وتحديداً في المنطقة الشمالية في طرابلس وعكار.
واستطراداً فإنّ الذي كان مطلوباً في الأمس بعدم إحكام القبضة الأمنية على الحدود تسهيلاً للممرات المفتوحة، بات اليوم معكوساً لناحية ضرورة التشدّد منعاً لتسرّب عناصر متطرّفة قادرة على العبث أمنياً إنطلاقاً من الشمال اللبناني. هذا مع الإشارة إلى أنّ مرفأ طرابلس شكّل على الدوام عامل إغراء للمنطقة السنّية السورية في حمص وحماه. ولأنّ الظروف تزداد تعقيداً وسط توقعات بمرحلة الضغط القصوى ضدّ إيران والتي سيباشر بها فريق ترامب حال تسلّم السلطة في العشرين من كانون الثاني المقبل، فإنّ القوى تتعاطى مع الإستحقاق الرئاسي اللبناني من هذه الزاوية الحساسة. وعندما حدّد الرئيس نبيه بري التاسع من كانون الثاني موعداً جدّياً ثابتاً لجلسة تؤدي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، كانت دمشق لا تزال تخضع لسلطة بشارالأسد. لذلك قيل يومها إنّ الموعد حُدّد على أساس استباق بدء اندلاع عاصفة ترامب تجاه إيران. ففي التهديدات الإستباقية إشارات لرفع مستوى خنق إيران إقتصادياً والحديث جدّياً عن ضرب المنشآت النووية الإيرانية. ويصبح هنا تحديد الموعد يهدف للنفاذ برئيس للبنان قبل حصول تبدلات إضافية في المعادلة الإقليمية العريضة. ولا حاجة للإشارة إلى أنّ لائحة بري الرئاسية باتت معروفة خصوصاً بالنسبة إلى الإسم الأول فيها. لكن جاء الحدث السوري الكبير، مازاد من حال البلبلة الحاصلة. ولا شك في أنّ دروساً كثيرة يمكن استخلاصها من الزلزال السوري، ولكن يبقى أهمها أنّ الخط الأحمر الذي كان موضوعاً حول استمرارية النظام السوري زال فجأة، ما يعني أنّ التحولات الحاصلة لا تراعي أي ثوابت كانت تمتاز بها المراحل السابقة، فكيف بالحري على المستوى اللبناني. لذلك، برز رأي آخر عند الثنائي الشيعي يدعو لإيجاد المخرج المناسب لتأجيل الإستحقاق لكي يكون من ضمن المفاوضات بين واشنطن وطهران، والتي لن تتأخّر كثيراً، ما سيجعل الموقف أكثر مردوداً لهذا الفريق.
وصحيحٌ أنّ واشنطن كانت تفّضل تأجيل الإنتخابات إلى ما بعد وصول ترامب، لكن إدارة بايدن والتي تنسّق خطواتها كلياً مع فريق ترامب، باشرت تحضير ملفها الرئاسي اللبناني. وتبدو واشنطن متمسكة بأن يكون الرئيس المقبل متناغماً مع المتغيرات الهائلة التي طرأت على التوازنات اللبنانية والإقليمية.
وفي المحصلة، فإنّ الأيام الفاصلة عن الأعياد ستشهد حركة تفاوضية ناشطة ولكن بعيداً من الإعلام، لإنضاج ظروف انتخاب رئيس جديد في ولادة قيصرية غير مضمونة وقابلة لأن تنقلب إلى نهاية سعيدة كما إلى نتائج غير محسوبة.وفي خلاصة القول إنّ إيضاح وتنقية العلاقة مع سوريا الجديدة، ستكون أولوية العهد الجديد في لبنان، وعندها يمكن معرفة النيات والاتجاهات، ويمكن أيضاًالاستنتاج، هل إذا كان تردّي العلاقات اللبنانية - السورية الرسمية في كثير من الأحيان هو عطب بنيوي لازمها منذ ولادة دولة لبنان الكبير عام 1920 ، يتعلق بنظرة حكام دمشق وولاة الأمر فيها ورأيهم العقائدي والسياسي في نشوء الكيان اللبناني كدولة مستقلة ذات سيادة، او أن توالي السنين وتبدّل الاوضاع وتحوّلها وتغيّر المعطيات، سيتقدّم على الموروثات العقائدية والسرديات القومية في الوحدة الشاملة على اختلاف اشكالها، فتحلّ النظرة الموضوعية مكان المواقف المبدئية؟ إنّ العام 2025 لناظره قريب. وإنّ متتبع أحداث التاريخ يجدمن دون كبير عناء أنّ الأمور بخواتيمها، وأنّ التطورات والوقائع هي التي تحدّد شكل العلاقة اللبنانية - السورية ومستقبلها، والتي لم يكن فيها من عوامل الثبات إّلّا التقلّب والتبدل من حال إلى حال .
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
كاتبة أميركية: سياسات ترامب تُقلق اليمين الأوروبي المتطرف
ورد في عمود بمجلة فورين بوليسي أن عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة أدت إلى إرباك فصائل اليمين المتطرف في أوروبا، وانقسامهم حول كيفية التعامل مع إدارته.
ففي حين يوافق قادة اليمين المتطرف الأوروبيين على توجهات ترامب الأيديولوجية في قضايا القومية ومعارضة سياسات المناخ وهجرة المسلمين وحقوق المثليين، فإنهم منقسمون بشأن التعامل مع سياساته الاقتصادية والخارجية والتوفيق بينها وبين أولوياتهم الداخلية، وفق التقرير.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوموند: بين أوروبا وواشنطن.. الانقسام عميق والقطيعة تاريخيةlist 2 of 2يديعوت أحرونوت: نتنياهو لن يستمر بصفقة الأسرى من دون ضغط ترامبend of listوتجلى هذا الانقسام، حسب ما جاء في عمود أنشال فوهرا، في مباركة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان والسياسي الفرنسي المتطرف إريك زمور لأغلب سياسات ترامب، بينما يصعب ذلك على رئيسة حزب التجمع الوطني الفرنسي مارين لوبان ورئيسة وزراء إيطاليا جورجا ميلوني، تجنبا لتنفير الناخبين أو الإضرار بالمصالح الوطنية، على حد سواء.
الدانماركوذكرت فوهرا أن طموحات ترامب "الإمبريالية"، مثل موقفه العدواني تجاه غرينلاند ومطالبته أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) بزيادة الإنفاق الدفاعي، أثارت قلق السياسيين في أحزاب الوسط واليمين المتطرف في أوروبا.
ففي الدانمارك، أعرب أعضاء حزب الشعب الدانماركي الشعبوي عن غضبهم من رغبة الولايات المتحدة بالاستيلاء على غرينلاند، بصفتها محمية دانماركية، ورد عضو الحزب أندرس فيستيسن على ترامب في الشهر الماضي أمام البرلمان الأوروبي بأن: "غرينلاند جزء من المملكة الدانماركية منذ 800 عام، واسمح لي أن أصيغ الأمر لك بكلمات يمكنك فهمها يا سيد ترامب: انقلع".
إعلان فرنساكما أكدت الكاتبة أن تهديدات ترامب لأوروبا بالتعريفات الجمركية، التي قد تصل إلى 25% على السلع الأوروبية، خلقت حالة من القلق والانزعاج داخل معسكر اليمين المتطرف، وخاصة في الدول التي تحظى فيها هذه الأحزاب بدعم قوي من الناخبين من الطبقة العاملة.
وأبرزت أن لوبان نأت بنفسها عن ترامب للحفاظ على الدعم المحلي، ورغم موافقتها ترامب معاداته للمهاجرين، فإنها بدت حذرة من سياساته التجارية التي قد تضر بالاقتصاد الفرنسي، وخاصة بصناعات النبيذ والجبن.
كما أن لوبان تصبو لأن تصبح رئيسة لفرنسا في المستقبل، وبالتالي فهي بحاجة إلى أكبر قدر ممكن من الأصوات، حتى من الناخبين الذين يكرهون ترامب، حسب ما جاء في العمود.
وسلطت فوهرا الضوء على استطلاع رأي أجرته مؤسسة إيلابي العام الماضي، كشف عن أن 8 من أصل كل 10 مشاركين في الاستطلاع لديهم صورة سيئة عن الرئيس الأميركي الجديد، وقد يزداد هذا الرقم مع تعريفات ترامب الجمركية.
كما لفتت إلى أن السياسي المتطرف زمور يخالف نهج لوبان الحذر في التعامل مع ترامب، ويمثل بذلك الانقسام الداخلي في أطياف الفكر اليميني الفرنسي، حيث يروج زمور إلى نظرية مفادها أن الفرنسيين والشعوب الأوروبية يستبدلون تدريجيا بالمهاجرين من غير البيض، وخاصة المسلمين.
إيطالياومثل لوبان، أشارت فوهرا، إلى أن ميلوني تواجه صعوبات بسبب سياسات ترامب الاقتصادية رغم تقاربها الأيديولوجي معه، وتتعلق هذه التحديات بالإنفاق الدفاعي والرسوم الجمركية الأميركية المحتملة على المنتجات الإيطالية.
فإيطاليا، وفقا لما جاء في العمود، تنفق حاليا 1.5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وتخطط لرفع هذه النسبة إلى 2% تقريبا بحلول عام 2028، وهو أقل من النسبة التي يتوقعها ترامب.
وحسب دراسة حديثة أجرتها وكالة الأنباء الإيطالية، فإن فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على المنتجات المستوردة إلى الولايات المتحدة قد يكلف الاقتصاد الإيطالي خسائر تصل إلى 7 مليارات يورو (7.3 مليارات دولار)، دائما وفقا لما جاء في العمود.
إعلان ألمانياوفي ألمانيا، أشارت فوهرا إلى أن أليس فايدل زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف تواجه تناقضا بين دعمها سياسات ترامب الأيديولوجية ورغبتها في استئناف استيراد الطاقة من روسيا، وهو ما يعارضه ترامب.
كما تؤكد فوهرا أن تعريفات ترامب ستؤثر سلبا على الاقتصاد الألماني وخاصة قطاع السيارات، وهو من أهم الصناعات في ألمانيا. وأشار التقرير إلى أن الكثير من ناخبي الحزب ينتمون إلى الطبقة العاملة التي ستتضرر بشدة، مما قد يؤدي إلى تراجع الدعم الشعبي للحزب إذا لم يتعامل بحذر مع موقفه من ترامب.
انشقاقويفتقر العديد من الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا إلى نهج موحد، وعمق سياسي يؤهلها للتعامل مع التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي تفرضها سياسات ترامب، وفقا لفوهرا.
ويعكس هذا الانقسام أيضا حالة الارتباك في صفوف اليمين المتطرف الأوروبي تجاه موقف ترامب من الحرب الروسية الأوكرانية، ففي حين أبدى بعض قادة اليمين المتطرف في أوروبا تعاطفا مع روسيا، أوضح التقرير أن تهديدات ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورغبته في إنهاء الحرب دفعت شخصيات مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى تعديل موقفه الداعم لغزو أوكرانيا.
وفي النهاية، أكدت فوهرا أن إستراتيجية ترامب القائمة على مبدأ "فرق تسد" قد تزيد من حدة الانقسامات داخل جماعات اليمين المتطرف في أوروبا، ومن المرجح أن يستمر الغموض المحيط بمواقفه تجاه التجارة والدفاع والسياسة الخارجية في تأجيج التوترات بين الشعبويين الأوروبيين.