عون يتقدم رئاسياً وباسيل يواجه صعوبة بتأمين البديل
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": يخطئ من يستعجل الرهان، منذ الآن، على أن قائد الجيش اللبني العماد جوزف عون استُبعد من السباق إلى رئاسة الجمهورية كونه لا يزال يتصدر لائحة المرشحين، وفق ما تقول مصادر نيابية لبنانية . وتؤكد أنه (عون) لا يزال يتمتع بتأييد محلي ودولي، ومن غير الجائز الدخول في بحث يتعلق بالخيارات الرئاسية ما بعد استبعاده بذريعة أنه في حاجة إلى تعديل دستوري بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان، وبعدد مماثل لإيصاله إلى القصر الجمهوري في بعبدا.
وتؤكد المصادر النيابية، التي تدور في فلك الكتل الوسطية في البرلمان، ومعها عدد من النواب المستقلين، أن «ورقة عون الرئاسية لا تزال قائمة بقوة، ولا يمكن منذ الآن الانجرار وراء حرق المراحل» قبل ثلاثة أسابيع من الموعد الذي حدده رئيس المجلس النيابي نبيه بري في التاسع من كانون الثاني المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية.
وتلفت إلى أن الكتل النيابية تنصرف حالياً لإعادة تجميع صفوفها والالتفات إلى النواب الذين يتموضعون في منتصف الطريق بين المعارضة ومحور الممانعة في محاولة لكسب تأييدهم. وتكشف المصادر أنها لم تحقق حتى الآن التقدم المطلوب، فيما قطع العدد الأكبر من النواب المنتمين إلى الطائفة السنية شوطاً على طريق التحضير للقاء جامع يرجّح بأن يُعقد قريباً فور الانتهاء من التحضير له تحت عنوان رفض المجيء برئيس من طرف سياسي واحد.
وتنقل عن عدد من النواب السنّة قولهم إن الاجتماع سيضم أكثر من 15 نائباً، وأن لا مانع من تطعيمه بنواب من الطوائف الأخرى ممن «نتوافق وإياهم على ضرورة انتخاب رئيس لا يشكل تحدياً لأحد ويتمتع بالمواصفات التي حدّدتها اللجنة (الخماسية)، لأن من دونها لا يمكن تعبيد الطريق للانتقال بالبلد إلى مرحلة التعافي».
وتؤكد المصادر نفسها أن الحضور لن يقتصر على نواب من لون واحد، وأن المدعوين ينتمون إلى أبرز المكونات النيابية في البرلمان، وتقول بأن التحضير للقاء نيابي سني جامع نوقش في الاجتماع الذي عُقد بين النواب فؤاد مخزومي وعبدالرحمن البزري وفيصل كرامي ومسؤول «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) عن الملف الرئاسي أحمد الدباغ. وتتوقع أن يشارك في الاجتماع، إضافة إلى مخزومي والبزري وكرامي، النواب سجيع عطية، وأشرف ريفي، وأحمد الخير، ووليد البعريني، ومحمد سليمان، ومحمد يحيى، وأحمد رستم، وعبد العزيز الصمد، وحسن مراد، وعدنان الطرابلسي، وطه ناجي، وعماد الحوت، ونبيل بدر، وبلال الحشيمي. ولم تستبعد أن ينضم إليهم المرشح نعمت أفرام وجميل عبود.
وتضيف أن المدعوين سيناقشون إمكانية مقاربة الملف الرئاسي من موقع موحد من دون الدخول في أسماء المرشحين، على الأقل في المدى المنظور. وتؤكد أن التحولات التي شهدتها المنطقة ستكون حاضرة على طاولة البحث في ضوء سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، والاستعداد لتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته.
وترى المصادر نفسها أن بعض النواب من المدعوين يستعدون، مع سقوط بشار الأسد، للتموضع محلياً وعربياً في الوسط لاعتقادهم أن التحولات أدت إلى إعادة خلط الأوراق محلياً وصولاً إلى إصرارهم على تشكيل قوة نيابية ضاغطة يُحسب لها حساب في انتخاب الرئيس، ولا يمكن تجاهلها في حال توافقت مع «اللقاء الديمقراطي» و«اللقاء النيابي المستقل» الذي يضم النواب الذين خرجوا أو أُخرجوا من «التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل.
وتراهن على أن توصل النواب السنّة إلى إقامة تكتل نيابي يعني أنه انضم إلى عداد من يسمونهم بالرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله للتوصل إلى رئيس توافقي، وبالتالي تمكنوا من إثبات حضورهم في انتخابه بخلاف التعاطي معهم سابقاً على أنهم يفتقدون إلى المرجعية القادرة على التأثير في القرار السياسي.
وتكشف المصادر أن مجرد توافق النواب السنّة على إقامة تجمع نيابي شامل يعني حكماً أن البرلمان مع الاستعدادات الجارية لانتخاب الرئيس يشهد تحولاً في ميزان القوى لا يمكن تخطيه، خصوصاً أن خريطة التحالفات النيابية لم تعد كما كانت قبل سقوط بشار الأسد وانكفاء إيران إلى الداخل بعد أن افتقدت إلى وحدة الساحات.
وتؤكد أن الاستعدادات، من وجهة نظر باسيل، لمرحلة ما بعد استبعاد العماد عون من السباق الرئاسي لا تلقى التجاوب المطلوب باعتبار أنه - أي عون، لا يزال يتقدم السباق، وأن استعجاله ليس في محله. وهذا ما اصطدم به باسيل لدى إقناعه، كما يقول خصومه، «الثنائي الشيعي» (حركة أمل وحزب الله) للتحرك لضمان تأييد 65 نائباً أو أكثر لإيصال مرشحهما في دورة الانتخاب الثانية إلى الرئاسة، خصوصاً أنه يتعذر عليه تأمين العدد المطلوب، مع ميل زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية للتموضع في مكان آخر لن يكون في عداده باسيل، وهو يتحضر لتحديد موقفه النهائي من المرشحين، وإن كان أعلن سابقاً دعمه ترشيح العماد عون في حال عزوفه شخصياً عن الترشح.
وتلفت إلى أن اجتماعه بالمعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل انتهى على تباين، برغم أن مصادر في «الثنائي الشيعي» ما زالت تراهن على استرداده وكسب تأييده، وتتعامل مع موقفه المستجد على أنه ليس أكثر من رد فعل يمكن استيعابه قبل انعقاد جلسة الانتخاب.
وتقول المصادر إن باسيل بانفتاحه على «الثنائي الشيعي» يراهن على المجيء برئيس من طرف واحد، لكنه يواجه صعوبات، خصوصاً وأن «اللقاء الديمقراطي» (برئاسة النائب تيمور جنبلاط) ليس في وارد انتخاب رئيس هو أقرب إلى اللون الواحد بالمفهوم السياسي للكلمة، ويصر على أن يكون ثمرة تقاطع مع المعارضة. وتؤكد أنه جرت محاولة لكسب تأييد «اللقاء النيابي المستقل» كبديل عن «اللقاء الديمقراطي» لكنه لم يتردد في قطع الطريق، كما تقول مصادره، على من يحاول إيصال فريق من طرف واحد، خصوصاً وأنه يتعذّر على من يدعم هذا التوجّه تأمين 65 نائباً لإيصاله إلى بعبدا.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: وتؤکد أن لا یمکن على أن
إقرأ أيضاً:
نص كلمة رئيس مجلس النواب بمناسبة التصويت النهائي على مشروع قانون الإجراءات الجنائية
ألقى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب كلمة بمناسبة التصويت النهائي على مشروع قانون الإجراءات الجنائية.
وتنشر «الأسبوع» نصر كلمة رئيس مجلس النواب: جاء في نصها
السيدات والسادة النواب المحترمون، بعون الله وتوفيقه، وصلنا اليوم إلى لحظةٍ فارقةٍ، من عمر مجلسكم الموقر، تتشابك فيها أيدينا، لنسطر سويًا، بكل فخرٍ واعتزازٍ، صفحةً جديدةً من صفحات سجل التشريع المصري العريق. وتعلمون جميعاً، أنه لعقودٍ ممتدةٍ، قد طال الجمود التشريعي مجال الإجراءات الجنائية، حاولت خلال تلك العقود جهودٌ عدةٌ أن تصوغ لمصر قانونًا حديثًا يليق بمكانتها وطموحات شعبها، لكنها تعثرت مرارًا.
واليوم، يحسب لمجلس النواب الحالي أنه قد اقتحم، بعزيمةٍ صادقةٍ، قلاع هذا الجمود، وحطم بكل جرأةٍ، قيود التعطيل والانغلاق، ونفخ روح التغيير، بكل إيمانٍ، في نصوصٍ هرمت، فأحياها فتيةً، تواكب نبض العصر وتستجيب لحاجات المجتمع. واليوم، بحمد الله، قد بلغنا موعد ميلاد قانونٍ جديدٍ للإجراءات الجنائية.
الزملاء الأعزاء، لقد جاء تعامل مجلسكم الموقر مع هذا المشروع استثنائيًا، ولعل من أبرز مظاهره تشكيل لجنةٍ فرعيةٍ، في سابقةٍ برلمانيةٍ فريدةٍ، ضمت في عضويتها خبراء قانونيين بارزين، فتحولت اجتماعاتها إلى ورش عملٍ نابضةٍ بالحيوية، وانفتحت أبواب النقاش الصادق، فعالجت أدق الإشكاليات وأعقد القضايا.
ومما لفت النظر وأثلج الصدر، أن اللجنة قد تميزت بانخفاض أعمار أغلب أعضائها، بما يؤكد أن مصر كانت وستظل بلدًا لا ينضب معينه من الكفاءات، ولا تخلو أرضه الطيبة من العقول المبدعة والطاقات الواعدة.
نواب شعب مصر، انطلاقا من الوفاء لأهل العطاء، لا يفوتني في هذا المقام أن أبدأ بما هو أوجب، فأتوجه بأسمى آيات الشكر والعرفان
إلى قائد مسيرة الوطن، فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، فقد كانت إرادته السياسية الصلبة، ورؤيته الثاقبة، من بين الدوافع الحقيقية لفتح هذا الملف، الذي طال انتظاره، إيمانًا من فخامته بأن دولة القانون هي الركيزة الأساسية لبناء الأوطان ونهضتها، وأن العدالة هي السياج الحامي لمقدرات الشعوب وطموحاتها.
كما أتوجه بعظيم الامتنان لدولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، الذي كان ــ وما زال ــ داعمًا مخلصًا لمواقف مجلس النواب سيما التشريعية منها، ومؤمنا بأن الصالح العام فوق كل اعتبارٍ، فلم يدخر جهدًا في دعم كل مبادرةٍ برلمانيةٍ ترسي قواعد الدولة الحديثة.
كما أشيد بالسيد المستشار عدنان فنجري، وزير العدل، والذي أضفي حضور سيادته شخصيًا لكل جلسات مناقشة مشروع القانون طابعا من الالتزام والإخلاص، وهو ليس بغريبٍ على سيادته، فقد أثرى المناقشات من خلال تعقيباته حول فلسفة النصوص وبيان مقاصدها، مما عزز الفهم المشترك وقرب وجهات النظر، مستندًا في ذلك إلى خبرةٍ قانونيةٍ رفيعةٍ المستوى.
والشكر أيضا، للسيد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، لما بذله من جهودٍ حثيثةٍ في رحاب المناقشات، فكان صوت الحكمة، ولسان العقل، وبنى جسرًا متينا تتلاقى عليه الإرادة الشعبية مع السلطة التنفيذية، فعمل بصبرٍ وحسن تدبيرٍ، على تقريب المسافات بين الرؤى المتباينة، بغية الوصول بالنص التشريعي إلى ما نصبو إليه من دقةٍ وتوازن.
ولا يسعني في هذا المقام، إلا أن أخص بالعرفان والتقدير السيد المستشار محمد عبد العليم، المستشار القانوني لرئيس المجلس، هذا الرجل النبيل، الذي جمع بين غزارة العلم ورفعة الخلق، فأثبت أن القيمة لا تقاس بالعمر، بل بالهمة، والإخلاص، والقدرة على الإنجاز. لقد كان أحد الأعمدة الراسخة التي شيد عليها بنيان مشروع قانون الإجراءات الجنائية، جنباً إلى جنبٍ مع زملائه المستشارين بالأمانة العامة. وكان مثالًا نادراً للجدية والتجرد، يعمل في صمتٍ، لا يبتغي مجدًا شخصيا، ولا ينشد شهرةً أو أضواءً، بل كان شغله الشاغل أن تخرج تشريعات المجلس على أكمل وجه، منسجمةً مع الدستور، معبرةً عن نبض الواقع وتحدياته. ولقد أضفى على منصبه وقارًا وهيبةً صنعهما بكده ومثابرته، فأكسب المنصب بريقاً خاصاً، سيظل علامةً مشرقةً في سجل العمل البرلماني، وسيظل أثره شاهدًا مضيئًا لكل من يخلفه.
السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر، أما وإنني قد أوشكت على ختام كلمتي، فاسمحوا لي أن أتلو على مسامعكم كلماتٍ تنبع من مشاعر، يعلم الله، أنها صادقةٌ، مشاعر كانت تجول في نفسي طوال هذه المسيرة الشاقة، كلماتٌ تخالجها أحاسيس مفعمةً بالمسؤولية، تثقل قلبي قبل لساني:
"إننا نعي تماماً أن هذا القانون، كغيره من صنائع البشر، يظل قابلاً للتطوير والتقويم مع تطور حاجات المجتمع ومسيرة الزمن، وندرك - تمام الإدراك- أن ما بين أيادينا اليوم ليس نهاية الطريق، بل محطةٌ في دربٍ طويلٍ لا ينقطع فيه السعي نحو الكمال. ولكننا، والله شهيدٌ علينا، قد راعينا ربنا في كل خطوة خطوناها، وأخلصنا النية وبذلنا وسع جهدنا، وأدينا الأمانة، لا نبتغي إلا وجه ربنا الكريم، ولا نطلب إلا مرضاته، ولم نكتب حرفاً إلا ابتغاء إصلاحٍ، ولم نتخذ موقفاً إلا رغبة في إنصافٍ، ولم نعقد عزماً إلا نصرةً للحق وعدلاً بين الناس. وإن كان في عملنا صواب، فبتوفيقٍ من الله وفضله، وإن كان فيه نقصٌ، فحسبنا أننا اجتهدنا، مخلصين غير مفرطين ولا مضيعين، ونسأل الله جل وعلا أن يتقبل عملنا، وأن يجعله لبنةً في صرح العدل، وشاهداً لنا لا علينا يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، يوم توزن الأعمال بميزان الحق الذي لا يميل ولا يحيف. وقد كرم الله إتقان العمل، بقوله تعالى "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا، وأختم كلامي بآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أشكر حضراتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.