الملف الرئاسي على ايقاع الضغوطات الدولية... سفراء الخماسية يحضّون القيادات المسيحية على التوافق
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
باتت الأسابيع الثلاثة المقبلة توصف بأنها الفترة الحاسمة وربما الفرصة التي سيكون من الصعوبة الكبيرة تجاوز تداعيات إخفاقها إذا مرّ موعد 9 كانون الثاني المقبل ولم يُنتخب رئيس الجمهورية. ومع أن ثمة من القادة السياسيين والنواب من لا يجزم بعد بأن 9 كانون الثاني سيكون نهاية المطاف لأزمة الفراغ الرئاسي منذ سنتين وشهرين، فإن ذلك لن يزيد التحركات والمشاورات المفتوحة بين القوى السياسية والكتل النيابية في الأسابيع القليلة المقبلة سوى حماوة وسخونة من دون أن يعني ذلك حتماً أن الأجواء آيلة حكماً إلى انتخاب رئيس الجمهورية في الموعد المحدد.
وكتبت" النهار":لوحظ أن معنيين بالاتصالات والمشاورات الجارية على محور انتخاب رئيس الجمهورية بدأوا في الأيام الاخيرة خفض وتيرة توقعاتهم التي كانت جازمة قبلاً إذ أن صعود العقبات المتصلة ببلورة خيار من اثنين عاد يبرز بوضوح بعدما كانت وتيرته قد انحسرت قبل التوصل إلى اتفاق وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان. وتحدث هؤلاء المعنيون عما يمكن وصفه بمعركة رفع السقوف أو رسمها مجدداً التي برزت بقوة من خلال لقاءات بعض الكتل النيابية وحركتها سعياً وراء مناخ توافقي يوصل إلى توافق واسع على مرشح يحظى بأرضية متقدمة داخلياً وخارجياً.
وكشفت أن رفع سقف المواصفات جاء في الغالب من قوى المعارضة بعد التطورات الضخمة التي شهدها لبنان وسوريا وانعكست تبديلاً جذرياً في الواقع السياسي الداخلي ولو لم يعترف بذلك كثيرون بعد. ولذا أشار المعنيون إلى أن ما يجري من محاولات تقديم أسماء وتأخير أسماء أخرى لم يبلغ بعد المرحلة التقريرية الجادة في غربلة بضعة أسماء محددة قبل الاتجاه نحو توافق واسع على مرشح أو التوافق على إطلاق معركة تنافسية مفتوحة في جلسة تعهّد رئيس مجلس النواب نبيه بري لسفراء المجموعة الخماسية أخيراً أنها لن تنتهي إلا بصعود الدخان الأبيض فوق ساحة النجمة. وتكشف معطيات بعض الجهات السياسية أن الأيام المقبلة قد تحمل محاولات متقدمة للغاية لن يكون سفراء المجموعة الخماسية بعيدين منها على طريق إقناع القادة السياسيين ورؤساء الكتل المسيحية خصوصاً على "صناعة" توافق مسيحي عريض يفرض نفسه بقوة على الجميع شرط أن يقدم مرشحاً يستوفي مواصفات حاجات لبنان والظروف المحيطة به، باعتبار أن التطورات الاستثنائية الجارية، وبعضها تاريخي كما في سقوط النظام السوري البائد، تستدعي من القوى المسيحية سلوكيات استثنائية وهو أمر يتلازم مع دعوة البطريرك الماروني أمس للمسيحيين في سوريا إلى الانخراط في بناء سوريا الجديدة فكم بالحري بالاستحقاق الرئاسي في لبنان الذي يُقبل على حسم لم يعد مقبولاً إرجاؤه؟
وترددت معلومات في سياق "إعادة التموضعات" الرئاسية التي أملتها التطورات التي اصابت "حزب الله" وأسقطت النظام السوري أن رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية يتجه إلى إعلان انسحابه من السباق الرئاسي وتجيير دعمه لقائد الجيش العماد جوزف عون علماً أن فرنجية ستكون له كلمة مساء الأربعاء المقبل، خلال عشاء تكريمي في بنشعي لخلية الأزمة في "تيار المردة" التي ساهم عناصرها في الاهتمام بالنازحين.
وكتبت" نداء الوطن": ما زال استحقاق الانتخابات الرئاسية في التاسع من الشهر المقبل يتصدر الاهتمام من زوايا عدة تفتقد إلى وحدة الرؤية. وأتت إطلالة الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم السبت الماضي لتؤكد أن الهوة ما زالت عميقة بين الموقف السيادي والموقف الممانع على كل الصعد تقريباً.
وفي قراءة أوساط بارزة في المعارضة لكلمة قاسم الأخيرة. أشارت أولاً إلى الأمين العام لـ "الحزب" يقول "إن "الحزب" هو من يضع الأجندة السياسية في البلد" من خلال روزنامة العمل التي تتضمن أربعة عناوين وهي: تنفيذ القرار 1701 جنوب الليطاني فقط، إعادة الإعمار، الانتخابات الرئاسية والحوار.
أضافت هذه الأوساط: "على "حزب الله" أن يعلم أنه ليس من يضع الأجندة في لبنان. وعندما كان يضعها سابقاً تسبب بالحروب والكوارث التي كانت وبالاً لا مثيل له على لبنان".
وتابعت: "من الآن فصاعداً سيضع أجندات العمل الذين يلتزمون تطبيق الدستور وتالياً اتفاق الطائف والقرارات الدولية1701 و 1559 و1680".
ولفتت إلى أنه منذ بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافق عليه "الحزب" لم يعد سلاح الأخير موجوداً. كما لم يعد هناك أي حوار مع "حزب الله". ومن سيدير الحوار رئيس الجمهورية المقبل لن يكون له أية علاقة بالاستراتجية الدفاعية. فالمرحلة الماضية التي كانت تتطلب هذه الاستراتيجية قد ولّت إلى غير رجعة".
واعتبرت الأوساط نفسها أن كلمة قاسم هي الأولى بعد سقوط النظام السوري وأتت لكي يقول إن سلاحه باقٍ لكن قاسم يعلم أن اتفاق وقف إطلاق النار ما كان ليوقع لو لم يستسلم "الحزب" وعلى الرغم من معرفة قاسم أن شيئا اسمه مقاومة لم يعد موجوداٍ لكنه مع ذلك يريد الإبقاء على هذا العنوان ولو لفظياً كعنوان قوة له".
وخلصت هذه الأوساط إلى القول: "إنه منطق خطير بكل خلفيته. وإذا كنا مختلفين على قراءة نص وقف إطلاق النار والـ 1701 واتفاق الطائف فهناك مشكلة. وخطورة المشكلة أننا نذهب إلى انتخابات رئاسية ومن ثم نعود إلى السرديات السابقة نفسها ما يعني أن رئيس الجمهورية المقبل سيكون مكبلاً ومثله رئيس الحكومة الجديد ونعود بعد ذلك إلى دوامة البيانات الوزارية".
وكتبت" اللواء": ليس من باب المصادفة ان يحضر ملف لبنان الى جانب ملف سوريا الجديدة في الاجتماع الذي يعقد في العاصمة الفرنسية، وتشارك فيه تركيا وباريس وممثلون عن جهات اخرى، لبحث مسألتي الامن واعادة النازحين الى بلادهم.
وسط هذه الاجواء عاد الحديث عن مواصفات رئيس الجمهورية، بحيث ترتبط بالمتغيرات الحاصلة في المنطقة، ووفقا لحسابات لها صلة بما يُخطط لجهة الدور المستجد لبنان، في مجرى تحولات الشرق الاوسط.
وتتحدث بعض المصادر القريبة من واشنطن عن ان الموقف الاميركي ليس بوارد التسامح مع الاتيان برئيس مقرَّب من توجهات «الثنائي الشيعي»، بل يتمسكون بشخصية تتبنى بالكامل مستلزمات ما قبل وما بعد القرار 1701، لجهة سلاح حزب لله، او لجهة المضي قدما بخيارات تنسجم مع الحسابات الاميركية في المنطقة.
وتوقعت مصادر سياسية مطلعة أن تتكثف لقاءات قوى المعارضة تمهيدا لتنسيق مسألة الترشيحات والإتفاق على شخصية في هذا الملف، وقالت ان ما من تباين حول الرؤية بشأن هذا الإستحقاق بين هذه القوى وإن موقف الدكتور جعجع الأخير لا يؤثر على هذا التنسيق، معلنة أن التريث في اعلان أي تبنٍ لهذا المرشح أو ذاك يعود إلى حسابات معينة.
وقال هذه المصادر أن ما من تقدم لحظوظ هذا المرشح أو ذاك ، والمسألة لا تزال خاضعة لمشاورات متواصلة إلى الأسبوع الأول من الشهر المقبل، لافتة في الوقت نفسه أن هناك شخصيات قد تعلن ترشيحها قبل حلول موعد التاسع من كانون الثاني المقبل.
ونقل زوار عين التينة عن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قوله أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ستكون في موعدها يوم 9 كانون الثاني المقبل ولا تراجع عنها.
وقال الزوار لـ"النهار" نقلا عن بري بأن "الكتلة التي تقدم على فرط نصاب الجلسة عليها تحمل مسؤولياتها امام اللبنانيين اولا والبعثات الديبلوماسية ثانيا"، مضيفا أن "لا تهريبة في انتخابات الرئاسة. وما زلت ادعو الى مرشح توافقي".
ونقل الزوار أيضا انفتاح بري على كل الكتل والنواب للتشاور قبل جلسة الانتخاب، وأكد أن "كل الظروف في لبنان والمنطقة تستدعي التوصل الى انتخاب رئيس الجمهورية".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: انتخاب رئیس الجمهوریة کانون الثانی حزب الله لم یعد
إقرأ أيضاً:
الملف الفلسطيني والتعاون الاقتصادي يتصدران زيارة رئيس إندونيسيا لقطر
الدوحةـ في ظروف وُصفت بالاستثنائية، أجرى الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو زيارة إلى العاصمة القطرية الدوحة، قادما من القاهرة، في زيارة رسمية تهدف إلى بحث العلاقات الثنائية، ومناقشة العديد من الملفات السياسية والاقتصادية والثقافية.
وتأتي هذه الزيارة في ظل تطورات إقليمية ودولية متسارعة، ما يمنحها بعدا إستراتيجيا، خاصة أنها تجمع بين دولتين تلعبان أدوارا محورية في محيطيهما الإقليمي والدولي، كما أنها تمثل فرصة لتعزيز التنسيق حول قضايا محورية، إلى جانب دفع التعاون الاقتصادي إلى آفاق أوسع، وبحث التبادل الاستثماري والتجاري بين البلدين.
وشهدت الزيارة إبرام العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الجديدة في مجالات متنوعة، شملت السياسة، والثقافة، والبنية التحتية، والإسكان، والطاقة المتجددة، والأمن الغذائي، وغيرها من القطاعات الحيوية.
ورأى مراقبون أن للزيارة أبعادا أخرى، خاصة في توقيتها وما حملته من مناقشة ملفات ساخنة في المنطقة، كالملف الفلسطيني وضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات من دون عوائق إلى سكان غزة المحاصرين.
وقال رئيس المركز القطري للصحافة سعد الرميحي إن الجانبين أظهرا توافقا في الرؤى والمواقف، خصوصا في العمل على وقف الحرب في غزة، وتكثيف الجهود لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
إعلانوأكد أن هذا التوافق يعكس التزام الدوحة وجاكرتا المشترك بدعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، ولا سيما ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مآس إنسانية متواصلة، نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة.
وأضاف أن قطر وإندونيسيا تتشاركان موقفا ثابتا يدعو إلى ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات من دون عوائق، والعمل على حماية المدنيين، وفقا للقانون الدولي الإنساني.
وأشار الرميحي إلى أن اللقاءات التي جرت خلال الزيارة تناولت عددا من القضايا المحورية، من أبرزها تعزيز الاستثمارات القطرية في إندونيسيا، والتي تشمل قطاعات الطاقة، والطيران، والاتصالات، والبنوك، والإسكان، إضافة إلى العمالة الماهرة التي تسهم في دعم سوق العمل القطري.
رئيس #غرفة_قطر: 4.13 مليار ريال حجم التبادل التجاري بين #قطر و #إندونيسيا في 2024#قنا #اقتصادhttps://t.co/m492OBZlSj pic.twitter.com/r0Mb6QHfnP
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) April 13, 2025
صندوق استثماريوعقد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، جلسة مباحثات رسمية، تم الاتفاق خلالها على إنشاء صندوق استثماري مشترك بقيمة 4 مليارات دولار، مناصفة بين دولة قطر وإندونيسيا، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء القطرية (قنا).
وتُعد إندونيسيا شريكا تجاريا مهما لدولة قطر، فقد حقق التبادل التجاري بين البلدين نموا بنسبة تزيد على 150% خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ نحو 3.2 مليارات ريال قطري عام 2022، مقابل 1.26 مليار ريال عام 2017.
كما شهدت الاستثمارات القطرية في إندونيسيا نموا ملحوظا منذ تأسيس العلاقات بين البلدين، واتسعت لتشمل قطاعات متنوعة مثل الاتصالات والبنوك والطاقة، وتوجد عدة شركات إندونيسية تستثمر في السوق القطرية، بشراكة مع شركات قطرية في مجالات مختلفة.
سمو الأمير يؤكد إجراء محادثات بناءة مع الرئيس الإندونيسي#قنا #قطر #إندونيسياhttps://t.co/r5MV9mEu8z pic.twitter.com/5M9897SHEZ
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) April 13, 2025
إعلان توقيت حرجويرى الكاتب والباحث السياسي الدكتور خالد محمود أن الزيارة تكتسب أهمية استثنائية في هذا التوقيت، نظرا للسياق الإقليمي المتوتر، وتحديدا في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.
وبيّن أن قطر تبحث عن شركاء إقليميين ودوليين يمتلكون التأثير والشرعية، وإندونيسيا تُعد شريكا مثاليا، باعتبارها أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، وعضوا فاعلا في منظمة التعاون الإسلامي.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقال الدكتور خالد محمود إن الزيارة تأتي في توقيت حرج يشهد تقلبات في الأسواق العالمية، وتهديدات للأمن الغذائي والطاقة، ما يدفع البلدين إلى توسيع مجالات الشراكة الاقتصادية، كنوع من التحوط الإستراتيجي.
ووفقا للدكتور خالد، تبدو إندونيسيا مهمة بالنسبة لقطر، كدولة آسيوية واعدة تمتلك سوقا ضخمة وموارد طبيعية غنية، في حين تمثل قطر شريكا ماليا واستثماريا ذا ثقل كبير.
سمو الأمير المفدى وفخامة الرئيس برابوو سوبيانتو رئيس جمهورية إندونيسيا الصديقة، يعقدان جلسة مباحثات رسمية في الديوان الأميري، ويشهدان التوقيع على مذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين بشأن الحوار الاستراتيجي. #قطر #إندونيسيا https://t.co/jqgi9e629c pic.twitter.com/xo1g0Yjy6v
— الديوان الأميري (@AmiriDiwan) April 13, 2025
ممارسة الضغطوأشار الدكتور خالد إلى الخطوة الإندونيسية التي أُعلن عنها قبل أيام، بشأن استقبال لاجئين من غزة، وقال إن هذه الخطوة تعكس رغبة جاكرتا في لعب دور مؤثر في القضايا الإسلامية، لكنها في الوقت ذاته تواجه تحديات لوجستية ودبلوماسية معقدة، في ظل عدم اعتراف إندونيسيا بإسرائيل.
وأكد أن إندونيسيا تبقى في موقع فريد يمكّنها من ممارسة الضغط الأخلاقي والدبلوماسي على دولة الاحتلال، بالتعاون مع دول مثل قطر ومصر، ما يعزز مكانتها كقوة إسلامية ذات توجه إنساني.
إعلانوحول الانفتاح القطري على آسيا، يرى الدكتور خالد أن هذا التوجه لم يعد مجرد خيار تكتيكي، بل بات خيارا إستراتيجيا طويل الأمد.
وأشار إلى أن الدولة القطرية تدرك أن موازين القوة الاقتصادية تنتقل تدريجيا نحو الشرق، ولذلك تسعى إلى تنويع شراكاتها خارج الأسواق التقليدية، وخاصة مع دول كبرى مثل إندونيسيا، والهند، والصين.
وأوضح أن قطر تعتمد سياسة "التوازن الذكي"، إذ تتعاون مع جميع الأقطاب الآسيوية من دون انحياز، ما يمنحها مساحة واسعة للمناورة والوساطة على الساحة الدولية. وبيّن أن الشراكة مع دول مثل إندونيسيا، والتي تتمتع بثقل إقليمي ودولي، تمكن قطر من تعزيز مكانتها كفاعل مستقل ومتوازن في المعادلات الجيوسياسية العالمية.
وتلعب قطر دورا مهما في دعم التنمية والمشاريع الإنسانية في إندونيسيا، من خلال استثماراتها في البنية التحتية والمساعدات الإنسانية التي تقدمها عبر مختلف المؤسسات الخيرية القطرية، والتي تشمل الإغاثة العاجلة في حالات الكوارث الطبيعية، وبناء المساجد والمدارس والمراكز متعددة الخدمات، وحفر الآبار لتوفير المياه النظيفة.