عربي21:
2025-03-23@11:38:52 GMT

سؤال عبثي: ربيع عربي أم مؤامرة كونية؟

تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT

بسقوط نظام الأسد في سوريا، طفا مجدّدا سجال النخب العربية، ومعها جمهور مواقع التواصل الاجتماعي، حول حقيقة ما تشهده المنطقة منذ نهاية عام 2010، ولا تزال فئات واسعة تبذل جهدها في تثبيت سيناريو المؤامرة الكونية للإطاحة بأنظمة حكم وظيفية في عمومها، ظلّت طيلة عقود منذ سبعينيات القرن العشرين في خدمة المصالح الأجنبية.



يحاول عرّابو المؤامرة تناسي حجم المعاناة التي كابدها التونسيون والمصريون واليمنيون والليبيون والسوريون في ظل حكم بن علي ومبارك وصالح والقذافي وعائلة الأسد، لاستبعاد فرضيّة إرادة الشعوب المطحونة في الانعتاق من قبضة أنظمة حكم فاشية شمولية، كانت تنتمي إلى عصر بائد خارج إحداثيات التاريخ والجغرافيا.

ينبغي الاتفاق على أن الأمريكيين والأوروبيين لا يرغبون في صناعة تحوّل ديمقراطي حقيقي في الإقليم العربي، بل ما يهمّهم فقط هو ضمان حد أدنى من الاستقرار يضمن خدمة مصالحهم وعدم تشكيل أي تهديد فعلي على ربيبتهم الكيان الصهيوني، لذلك من غير المنطقي الادّعاء أنهم كانوا وراء انتفاضة شعوب المنطقة قبل 14 عاما للتخلّص من أنظمة بالية لم تكن في غالبها سوى حليف وظيفي مهم.

إن ما حصل في واقع الحال كان نتيجة طبيعية لعقود من التسلّط والاستبداد والفساد والفشل الذريع، ليس في تحقيق التنمية الاقتصادية ومستوى الرفاهية الاجتماعية المطلوبة، بل الإخفاق في مأسسة الدولة الوطنية وبنائها على أسس القانون والعدالة والمواطنة وتنظيم آليات التداول على السلطة بطرق سلمية حضارية تحتكم لإرادة الشعب السيدة.

عكس ذلك، فإنّ تلك الأنظمة الفاشلة لم تكتف بخيانة الأمانة الوطنية التي آلت إليها في ظروف تاريخية مختلفة، فتقاعست عن خدمة شعوبها وفق الإمكانات المتاحة وتطلّعات العصر، بل راحت تكرّس حكم الفساد والريع واحتكار السلطة والثروة بالتخطيط للتوريث الفردي والانتقال من نموذج حكم الأقلية التسلطية إلى حكم العائلة المستبدّة (بشار الأسد وجمال مبارك وسيف الإسلام القذافي وعلي عبد الله صالح..)، وهي قطرة السمّ التي أفاضت كأس الشعوب الممتلئ غضبا بشعور المهانة والتهميش، لتندلع شرارة الثورات من سيدي بوزيد في جنوب تونس في ديسمبر 2010 ولا تزال شظاياها ملتهبة إلى يوم الناس هذا.

تلك هي الحقيقة الأولى والمفتاحية في فهم ما جرى، أما ما وقع من تفاعلات في غضون الأحداث وبعدها، وما عاشته من تطوّرات غير مرغوب فيها، فلم تكن في الواقع سوى ممارسات ثورات مضادة أو انحرافات بفعل تطرّف أنظمة القمع أو ركوب موجات أو استغلال من أطراف خارجية وإقليميّة تشتغل ضد حرية الشعوب العربية وبحثا عن تأمين أجنداتها الخاصة.
المسؤولية التاريخية والأخلاقية ستبقى عبئا على كاهل أنظمة الفساد والاستبداد
هذا يعني أن المسؤولية التاريخية والأخلاقية ستبقى عبئا على كاهل أنظمة الفساد والاستبداد، لأنّها المتسبّب الرئيس في صناعة الأحداث ابتداء ثم تداعياتها لاحقا، بالفشل في تحقيق تطلُّعات الشعوب في الحرية والكرامة وعدم التناغم مع أشواق الأجيال الجديدة التي لم تعد تنطلي عليها شعارات كاذبة باسم الوطنية أو القومية ونصرة فلسطين.

لم يكن قدر الشعوب العربية في تلك البؤر الثورية العيش تحت ظلم أنظمة فاشية فاشلة مدى الحياة، مستسلمة أمام مصيرها المحتوم، أو الدخول في حرب أهلية تنسف كيان الدولة من البنيان والسقوط في مخططات الآخرين، بل كل ما تطلعت إليه هو صناعة التغيير والإصلاح السياسي والاقتصادي، لتعيش مثل كل الأمم المتمدّنة، واثقة من حاضرها وآملة في مستقبل أفضل، غير أن مكر أجهزة الدولة العميقة، بدعم من أنظمة إقليمية أخرى، لحسابات ضيقة، انقلب على رغبة الشعوب السلميّة وصادر حقها في الحرية الآمنة، قبل إدخالها في دوامة الفوضى الدستورية والأمنيّة.

هل يعفي كل ذلك الشعوب العربية المنتفضة منذ 2010 ونخبها الفاعلة من المسؤولية الوطنية؟ قطعا الجواب: لا، لكن محاولة تجريم ثورات الكرامة، بذريعة تحوّلها إلى العسكرة المشبوهة أو الاضطراريّة وتعرّضها للاختراق الخارجي، ليس سوى تبرير مكشوف، للدفاع عن استمرار أنظمة بائدة هي التي شكّلت أكبر خطر ضدّ الدولة والمجتمع، ولم ينفع تأخير سقوطها في حماية الوطن، بل زاد من تكلفة التغيير المشروع، بفعل تراكم الأخطاء وعامل الزمن.

عود على بدء، فإنّ تلك الأنظمة العربية لم يكن أمام شعوبها من خيار آخر سوى الإطاحة بها، بغضّ النظر عن الطريقة والتداعيات التي ورّطها فيها الآخرون أحيانا، ولاشكّ أن الشعوب الحرّة ستتعلم من تجاربها المريرة، إذ أن عمر الانتقال الحضاري في سيّاقات تاريخية معقدة لا يقاس بالسّنوات ولا حتى بالعقود، بل هو مسار متشابك من الوعي والتراكم النضالي سيفضي إلى إرساء الإصلاح على قاعدة صلبة ولو بعد حين من الدهر، عندما تتوفر كل شروط الاجتماع السياسي وسننه الكونيّة.

الشروق الجزائرية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا المؤامرة سوريا الربيع العربي المؤامرة سقوط الاسد مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

النسخة 32 لكأس رئيس الدولة للخيول العربية الأصيلة تعلن أجندة سباقاتها العالمية

بدعم وتوجيهات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، أعلنت اللجنة العليا المنظمة عن أجندة النسخة  32 لسلسلة سباقات كأس رئيس الدولة للخيول العربية الأصيلة لعام 2025، بمجموع جوائز تصل إلى أكثر من 15 مليون درهم، لتغدو جوائزها الأكبر والأغلى في تاريخ سباقات الخيل العربية في العالم.

وتتضمن الأجندة الجديدة، 17 سباقاً بواقع 10 جولات في مضامير القارة الأوروبية وروسيا وتركيا بجانب 5 في المضامير العربية ومحطة في الولايات المتحدة الأمريكية ومحطة في بريطانيا، حيث البداية بانطلاقة سباقات الكأس الغالية من تونس بتاريخ 20 أبريل (نيسان) المقبل بجوائز( 500 ألف دينار تونسي) ومن ثم المملكة المغربية بتاريخ 26 أبريل (نيسان) بجوائز( 250 ألف يورو )، وتليها فرنسا بتاريخ 11 مايو (أيار) 2025 وجائزتها ( 350 ألف يورو ) ثم تنتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 17 مايو (أيار)  2025 وجائزتها ( 200 ألف دولار ).

وتعود من جديد إلى أوروبا عبر المحطة الإيطالية بتاريخ 18 مايو (أيار) 2025 وجائزتها (300 ألف يورو)، وبعدها تقام في كل من: السويد  6 يونيو ( 100 ألف يورو) ، ألمانيا 6 يوليو ( 250 ألف يورو)، هولندا 3 أغسطس (آب)  ( 100 ألف يورو)، إسبانيا 15 أغسطس (200 ألف يورو)، روسيا 30 أغسطس (آب) ( 100 ألف دولار )،  بلجيكا 2 سبتمبر(200 ألف يورو)، تركيا 7 سبتمبر (250 ألف دولار)،  انجلترا 13 سبتمبر (أيلول) ( 400 ألف جنيه استرليني)، بولندا 28 سبتمبر (أيلول) (200 ألف يورو) ، مصر 25 اكتوبر (تشرين الأول) ( 500 ألف درهم إماراتي)، ليبيا 26 أكتوبر (تشرين الأول) (مليون درهم إماراتي)، المملكة العربية السعودية 21 نوفمبر (تشرين الثاني) (مليون ونصف المليون ريال سعودي).

 

مقالات مشابهة

  • رغم توقيعها الاتفاق مع دمشق.. لماذا تعتقل قسد أبناء العشائر العربية بمناطق سيطرتها؟
  • هل يشعر الميت بقبره بالزمن؟.. فيديو رد أستاذ فيزياء كونية يشعل تفاعلا
  • رئيس الجمهورية: لا تسامح مع الممارسات التي تمس بالوحدة الوطنية وتقسم الجزائريين
  • شريف النسيري: توجيهات الرئيس بشأن الإعلام والدراما تستهدف تعزيز الهوية الوطنية
  • اللغة وتقبّل المجتمع أبرز التحديات التي تواجهها المرأة العربية بألمانيا
  • كأس رئيس الدولة للخيول العربية.. «17 سباقاً» في «أجندة 2025»
  • النسخة 32 لكأس رئيس الدولة للخيول العربية الأصيلة تعلن أجندة سباقاتها العالمية
  • العربية للطيران المدني تناقش تهديدات عمليات التشويش بمنطقة البحر المتوسط على أجهزة الملاحة
  • علي ربيع: تدربت على كرة السلة عامين بسبب فيلم الصفا الثانوية بنات
  • دعاء ختم القرآن الكريم.. اللهم اجعله ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا