بعد 9 أعوام على صدوره وبعد سقوط الأسد.. هل يصلح القرار 2254 كأساس لمستقبل سوريا؟!
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
في أوج الممارسات الاجرامية التي قام بها جزار سوريا المخلوع بشار الأسد، مستعينا بحلفائه الإقليميين والدوليين لإبادة شعبه وتدمير مدنه وتهجير أكثر من نصف سكان سوريا، أصدر مجلس الأمن قبل 9 أعوام في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2015 القرار رقم 2254، والذي طالب جميع الأطراف بالتوقف فورا عن شن أي هجمات ضد أهداف مدنية، وحث القرار جميع الدول الأعضاء على دعم الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار، وطلب من الأمم المتحدة أن تجمع بين الطرفين (النظام والمعارضة) للدخول في مفاوضات رسمية في أوائل كانون الثاني/ يناير 2016.
وأقر القرار باستثناء مجموعات اعتبرها "إرهابية"، بما في ذلك تنظيم الدولة وجبهة النصرة. وسمح القرار باستمرار ما وصفها بالأعمال الهجومية والدفاعية ضد هذه المجموعات، وأقر آلية لمراقبة وقف إطلاق النار. وأقر إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، في غضون 18 شهرا.
وكما اتضح خلال الأعوام التسعة أن الصياغات المطاطة والملغومة التي صيغ بها القرار انتهت لعجز المجتمع الدولي عن تحقيق الأمن والاستقرار وحماية المدنيين في سوريا، ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بل وشرعت لنظام بشار الأسد ممارسة الانتهاكات من تدمير المدن باستخدام البراميل المتفجرة والطائرات الحربية والأسلحة الكيميائية باعتبارها إجراءات لمحاربة الارهاب!!
اتضح خلال الأعوام التسعة أن الصياغات المطاطة والملغومة التي صيغ بها القرار انتهت لعجز المجتمع الدولي عن تحقيق الأمن والاستقرار وحماية المدنيين في سوريا، ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بل وشرعت لنظام بشار الأسد ممارسة الانتهاكات من تدمير المدن باستخدام البراميل المتفجرة والطائرات الحربية والأسلحة الكيميائية باعتبارها إجراءات لمحاربة الارهاب!!
وفشلت كل المبادرات السياسية ومنها مسار آستانة واجتماعات جنيف وغيرها من أجل الاتفاق على أساس دستوري واتفاق سياسي في ظل تعنت نظام المخلوع بشار الذي اطمأن للدعم الخارجي الذي كان يستعين به لقمع شعبه، بعد أن منح القواعد العسكرية والتسهيلات الضخمة لروسيا، التي أسبغت الحماية لنظامه، عسكريا ودوليا، واستخدمت حق النقض الفيتو في مجلس الأمن 17 مرة على الأقل لحماية نظام بشار الأسد ومنع مساءلته على جرائمه ومنها استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، حتى بعد أن أدانت تقارير الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية نظام الأسد، في آب/ أغسطس 2016، لاستخدامه الأسلحة الكيماوية (قنابل الكلور) على بلدة "تلمنس" في نيسان/ أبريل 2014 و"سرمين" في آذار/ مارس 2015، ما أدى لاستشهاد 1450 مدنيا، بينهم أكثر من 200 طفل وامرأة، وإصابة آلاف آخرين.
كما أدان تحقيق آخر للأمم المتحدة في 27 كانون الثاني/ يناير 2023 استخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين في هجوم السابع من نيسان/ أبريل 2018 في دوما على مشارف دمشق، والذي أسفر عن مقتل 43 مدنيا.
واليوم وبعد أن انتصر الشعب السوري على واحد من أكثر الأنظمة وحشية وفسادا في العالم، ونال حريته، بعد هروب بشار وكبار مجرميه، بعد أن قدم الشعب أكثر من 600 ألف شهيد خلال الـ14 عاما الأخيرة، ونزوح أو لجوء 13 مليون مواطن من ديارهم بعد أن هُدمت مدنهم وقراهم.
يأتي البعض الآن ليضع قرار مجلس الأمن 2254 الذي عجزوا عن تنفيذه، كمسمار جحا للتدخل الدولي في مستقبل الشعب السوري، الذي لديه قلق حقيقي يتعلق بوحدة التراب السوري، ومخاوف تتعلق بتقسيم سوريا أو السماح بتأسيس كيانات مسلحة داخل التراب السوري. وكلها مشاريع لها من يدعمها خارجيا، وهي أمور بالتأكيد لن تجد قبولا من الغالبية العظمى من الشعب الذين يريدون توحيد البلاد والسيطرة على كل موارد الدولة السورية.
هذا القرار بصيغته القديمة تجاوزه الزمن، ويحتاج لإعادة النظر فيه على ضوء ما تأكد من أن الصراع كان مع الشعب السوري التواق للحرية والرافض للظلم وليس مع جماعات وصفت ظلما بالإرهابية، كما ورد في متن القرار، بل إن العالم يكتشف يوميا حجم الإرهاب الذي كان مصدره نظام المخلوع بشار الأسد الذي لم يترك جريمة لم يرتكبها في حق شعبه بل وشعوب المنطقة والعالم، ومنها ما يتم كشفه من معامل للمواد المخدرة التي كان يصدرها لجميع الدول.
على من يحاولون الآن التدخل في شئون سوريا وفرض الوصاية عليها بزعم تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 أن يحاسبوا أنفسهم أين كانوا طوال الأعوام الـ14 الأخيرة وكيف كانت مواقفهم وانحيازاتهم، ومنذ متى تذكروا حقوق السوريين الذين سحقهم نظام بشار في سوريا!
وعلى ضوء ما تحقق في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي بعد سقوط نطام الطاغية بشار الأسد، لا يمكن الاعتداد بهذا القرار.
سوريا الجديدة تحتاج لتضمد جراحها بمساعدة كل أصدقائها بعد رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها بعض الدول، بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بعد أن أصبح الباب مفتوحا الآن للكشف عنها ومحاسبة مرتكبيها في إطار نظام للعدالة الانتقالية يزاوج بين المحاسبة والعفو ويجبر الأضرار ويكشف حقائق كل الانتهاكات، ويعمق المصالحة الوطنية التي رأيناها تتجلى في الاحتفالات الواسعة في كل المدن السورية بالحرية وسقوط النظام الطائفي الذي حكم سوريا بالحديد والنار.
بالتأكيد يحتاج أصدقاء سوريا للاطمئنان على أن سوريا الجديدة ستتسع لكل أبنائها على أساس المواطنة بدون إقصاء لفكر او طائفة، وبالتأكيد سوريا تحتاج لبعض الوقت لمعالجة القضايا العاجلة، ومنها إعادة تأسيس المؤسسات التي انهار بعضها لارتباطها بأفراد وليس بالوطن.
وهذا لا يقلل من حق الشعب السوري أيضا في اختيار نظامه السياسي، وكتابة دستوره وانتخاب حكامه بدون وصاية عليهم، في إطار الالتزام بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
وقد عبر الثوار مؤخرا عن رغبتهم بالفعل في بناء دولة قانون تتسع لكل السوريين، وبدأ المهاجرون بالفعل بالعودة لديارهم، وصدرت تطمينات لكل الطوائف الدينية والإثنية والسياسية، وهذه بدايات جيدة تحتاج للبناء عليها.
وعلى من يحاولون الآن التدخل في شئون سوريا وفرض الوصاية عليها بزعم تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 أن يحاسبوا أنفسهم أين كانوا طوال الأعوام الـ14 الأخيرة وكيف كانت مواقفهم وانحيازاتهم، ومنذ متى تذكروا حقوق السوريين الذين سحقهم نظام بشار في سوريا!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الأسد الأمم المتحدة الإرهاب وصاية سوريا الأسد الأمم المتحدة الإرهاب وصاية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لحقوق الإنسان الشعب السوری مجلس الأمن بشار الأسد نظام بشار فی سوریا بعد أن
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تكشف حصيلة السوريين العائدين إلى ديارهم منذ سقوط الأسد
كشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عن حصيلة السوريين العائدين منذ سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي، مشيرة إلى أن أكثر من مليون و400 ألف سوري عادوا إلى ديارهم.
وقالت المفوضية في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، الجمعة، "عاد حوالي 400 ألف سوري من دول الجوار منذ سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول /ديسمبر 2024.
Since December 2024, over 1.4 million Syrians have returned home, including about a million who were displaced inside Syria.
But without urgent funding, many won’t get the support they need to rebuild — and fewer returns will be possible.
Learn more: https://t.co/XLIESB2soF pic.twitter.com/tuWNd3DEVZ — UNHCR, the UN Refugee Agency (@Refugees) April 11, 2025
وأضافت أنه "خلال الفترة نفسها عاد أكثر من مليون نازح داخلي داخل سوريا، ليصل إجمالي عدد السوريين الذين عادوا إلى ديارهم إلى أكثر من 1.4 مليون شخص".
وأشارت المفوضية إلى أنه مع اقتراب العام الدراسي على نهايته، سيكون فصل الصيف من الفترات المهمة جدا للعودة الطوعية وفرصة لا يمكن تفويتها، مشددة على حاجة السوريين إلى الدعم في مجالات المأوى وسبل العيش والحماية والمساعدة القانونية لجعل عودتهم إلى ديارهم ناجحة ومستدامة.
كما شددت على ضرورة التمويل الكافي لتحقيق عودة متوقعة لنحو 1.5 مليون سوري إلى وطنهم هذا العام، موضحة أن "دعم المفوضية والجهات الفاعلة الإنسانية يعتبر من الأمور بالغة الأهمية لتحقيق الاستقرار".
وقالت المفوضية، إن "النقص الحاد في التمويل الذي نواجهه يعرض حياة الملايين للخطر، إذ يحتاج ما يقرب من 16.7 مليون شخص داخل سوريا، أي حوالي 90 بالمئة من السكان، إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، بينما لا يزال أكثر من 7.4 ملايين سوري في عداد النازحين داخليا".
وحثت المفوضية الجهات المانحة التقليدية على "بذل جهد إضافي"، داعية "الدول الغنية التي لم تسهم بعد لدعمها في ضمان العودة الآمنة والكريمة للاجئين السوريين الراغبين في العودة إلى ديارهم".
وأوضحت أنه "منذ سقوط نظام الأسد، أصبحت العودة إلى الوطن وبدء حياة جديدة ممكنة للسوريين"، مشددة على أنه من الممكن "خلق الفرص والحفاظ على أمل السوريين من خلال الاستثمار في المساعدات والإنعاش المبكر".
وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.
وفي 29 كانون الثاني/ يناير، أعلنت الإدارة السورية الجديدة عن تعيين قائد قوات التحرير أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية، بجانب العديد من القرارات الثورية التي قضت بحل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.