تعيش الأمة على الصعيدين القطري والقومي أتعس مراحلها التاريخية حتى يخيل لي إن أمتنا لم تعش في كل مراحلها الحضارية مرحلة انحطاط كالمرحلة التي تعيشها اليوم، إذ تعيش مزعزعة العقيدة سقيمة الوجدان مهدورة الكرامة ومستباحة السيادة إلا من بقايا جيوب تصارع أمواج الانحطاط العاتية..!
حالة غير مسبوقة تعيشها الأمة بكل قدراتها المادية والمعنوية وبكل قيمها وعقيدتها ومعتقداتها وإرثها الحضاري.
بمعزل عن سرد المبررات والأسباب التي أوصلت الأمة إلى مرحلة وجدت فيها نفسها فريسة سهلة لأعدائها الذين داسوا بأقدامهم الهمجية كل مقدسات الأمة وامتهنوا كرامتها بمساعدة بعض المحسوبين على الأمة ممن باعوا كرامتهم وقيمهم وتخلوا عن كل المبادئ مقابل أن يحظوا بقدر من الشهرة الكذابة والنجومية التي جعلتهم يتماهون برغباتهم مع رغبات أبطال وبطلات (أفلام البورنو)، المهم الشهرة وهذا هو ما حققه دعاة (الثورة والتغيير) في الأمة الذين ساهموا وبفعالية في تدمير ما حققته الأمة طيلة الفترة الممتدة من منتصف القرن الماضي وحتى اليوم (خمسة وسبعين عاما) من التحولات الوطنية والقومية تم تدميرها على أيدي بعض النخب الحاقدة من أبناء الأمة ممن يعانون عقدة الشعور بالنقص وهي العقدة التي دفعتهم ليكونوا معاول هدم بيد أعداء الأمة وفعلا استطاع العدو أن يدمر كل ما تم بناؤه في الأمة وطنيا وقوميا خلال الخمسة والسبعين عاما من عمر التحولات العربية، ومكن أعداء الأمة من تحقيق أهدافهم الاستعمارية، وبدلا من تحرير فلسطين بعد كل هذه التضحيات الجسام التي قدمتها الأمة، ها نحن نفقد أقطاراُ أخرى ونمنح أعداء الأمة المزيد من الفرص لتركيع الأمة وها هي الأمة ركعت حتى الانبطاح بسقوط آخر قلاعها (دمشق)..!
الأمة اليوم لم تعد هي الأمة لا التي كنا نحلم بها ولا التي كانت وكنا نتذمر منها، الأمة اليوم تحولت أو حولها بعض المحسوبين عليها والنافذين المتحكمين بها، الذين حولوها إلى مجرد (حديقة ألعاب)..!
( 2500 دبابة و500 طائرة حربية، وآلاف العربات المدرعات، ومئات الرادارات، ومئات منصات الدفاع الجوي، وآلاف القطع العسكرية وراجمات الصواريخ، ومراكز أبحاث ومطارات عسكرية، ومئات القطع البحرية وغواصات ومدمرات بحرية)، كل هذه القدرات العسكرية العربية السورية تم تدميرها بالكامل، وتم تدمير الجيش العربي السوري والأجهزة الأمنية السورية، وقبلها تم تدمير الجيش العراقي وقدرات العراق، وتم تدمير الجيش العربي الليبي وتدمير كل قدراته والحال كذلك مع الجيش اليمني، وقبل ذلك تم تدمير الصومال وضرب كل قدرات الدولة الصومالية، ويتم تدمير الجيش السوداني، إضافة إلى تدمير قدرات المقاومة في فلسطين ولبنان..
قيل سابقا إن العراق تحرر من الديكتاتورية؟ وقيل أن ليبيا تحررت من الديكتاتورية فأين هي ليبيا؟ وماذا يجري فيها؟ وما حدث في الصومال والسودان، وما يحدث في اليمن، وها هي سوريا تنهار دولة وقدرات ومجتمعاً وهناك من يصفق ويتحدث عن تحرير سوريا وشعبها!
فأي حرية هذه التي يتشدق بها هؤلاء للأمة وأقطارها؟!
إن الحرية الحقيقية هي اليوم للصهاينة والأمريكان بعد تمكنهم من العبث بالأمة قطريا وقوميا وكما يحلو لهم.. نعم الحرية التي يتحدث عنها البعض هي للعدو الصهيوني الذي أصبح صاحب ومالك الحرية المطلقة ليعمل ما يريد على الجغرافية العربية دون أن يعترضه أحد.. نعم (من يجرؤ على الكلام؟) قالها ذات يوم (بول فندلي) وجعلها عنواناً لكتابه الشهير عن الشرق الأوسط، وها هي الفكرة تتجسد واقعيا وفعليا ولم يعد هنا من يجرؤ على الكلام أمام الصهاينة..!
فأي حرية يتحدث عنها البعض؟ حرية الحاقدين أم حرية التدمير والتخريب وتمزيق الأنسجة الاجتماعية لشعوب الأمة؟
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
جهود عراقية لترميم موقع النمرود بعد تدمير «داعش» للمدينة عام 2014
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق 35 ألف قطعة جمعها علماء الآثار من كنوز ومنحوتات بلاد ما بين النهرين
عثر علماء الآثار على عشرات الآلاف من القطع، وبقايا قصر قديم دمره الداعشيون فى موقع النمرود، جوهرة الإمبراطورية الآشورية فى العراق، لينتظرهم تحدٍ هائل، وهو تجميع النقوش البارزة ومنحوتات الحيوانات الأسطورية.
وبعد سيطرته على مناطق واسعة فى العراق وسوريا فى عام ٢٠١٤، استولى تنظيم الدولة الإرهابي «داعش» على مدينة نمرود، حيث دمرت ميلشياته المعابد والقصور على بعد حوالى ثلاثين كيلومترا من الموصل، العاصمة الجهادية السابقة فى شمال العراق.
وفى الموقع الذى تسعى السلطات العراقية إلى إدراجه على قائمة التراث العالمى لليونسكو، حطم إرهابيو داعش آثارًا لا تقدر بثمن، بينها ٥٠٠ قطعة من الجداريات والأرضيات البارزة بأحجام مختلفة، وأعدادا كبيرة من تماثيل الثيران والأسود المجنحة بوجوه بشرية المعروفة بـ«لاماسو»، كانت على مداخل قصر الملك الآشورى آشورناصربال الثانى ويعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف عام.
وحتى الآن، تمكن علماء آثار عراقيون من جمع أكثر من ٣٥ ألف قطعة بفضل أعمال تنقيب أثرى دقيقة، ويقول خبير الآثار العراقى عبدالغنى راضى «٤٧ عامًا»، أحد كوادر إدارة آثار وتراث محافظة نينوى حيث تقع نمرود، لوكالة فرانس برس: «عند انتشال أى قطعة أثرية وإرجاعها إلى مكانها الأصلي، نشعر كأننا أمام اكتشاف جديد».
ويبدو العمل لإعادة تشكيل القطع الأثرية المحطمة أشبه بلعبة بازل، حيث توضع القطع العائدة إلى الأعمال الأثرية نفسها جنبًا إلى جنب، مفروشة تحت قماش أخضر اللون.
رغم عمليات التشويه المتمادية على يد داعش الإرهابي، أمكن التعرف على الملك الآشورى آشورناصربال الثانى مُجسدًا بطريقة النحت الغائر، على إحدى جداريات القصر المدمرة، إلى جوار ملاك مجنح تبدو تجاعيد لحيته منحوتة بكثافة، مع نحت محفور لزهرة على معصمه، وعلى جدارية أخرى، مشهد لأسرى مقيدى الأيدى ينحدرون من المناطق المتمردة التى أخضعها الجيش الآشوري.
ويوضح «راضي»، أن هذه المنحوتات تعتبر كنوزًا لبلاد ما بين النهرين، واصفًا مدينة النمرود بأنها إرث للإنسانية جمعاء ولكل العالم لأنها عمق تاريخى يمتد لثلاثة آلاف سنة.
وفى عام ٢٠١٥، أظهرت مقاطع فيديو صورها داعش إرهابيين يدمرون بالجرافات أو الفؤوس أو المتفجرات، معالم أثرية بينها معبد نابو الذى يعود عمره إلى ٢٨٠٠ عام والمخصص لآلهة الحكمة والكتابة فى بلاد الرافدين، وشهد متحف الموصل، وكذلك موقع تدمر الشهير فى سوريا، دمارًا مشابهًا لما تسبب به «داعش» فى نمرود.
وبدءا من عام ٢٠١٧، طُرد «داعش» من العراق، وانطلقت فعليًا أعمال إعادة تأهيل موقع النمرود عام ٢٠١٨، لكنها توقفت بسبب جائحة كوفيد، لتستأنف من جديد فى العام ٢٠٢٣.
وقال مدير معهد الأبحاث الأكاديمية فى العراق محمد قاسم، إن جهود إعادة تجميع الآثار تتركز حتى الآن على عملية جمع وتصنيف وعزل، على أن تتطور بعد إعداد الخطة اللازمة لتصبح عملية ترميم.
وأكد أنه حتى الآن، جرى الانتهاء من ٧٠٪ من أعمال الجمع فى القصر المدمر، مُشيرًا إلى الحاجة لاثنى عشر شهرًا إضافيًا من العمل الميدانى لإنجاز المهمة بالكامل، ويصف هذه العملية بأنها معقدة.
ولفت «قاسم» إلى أن عملية الترميم تحتاج إلى خبرة أجنبية ودعم دولى نظرًا لما تعرضت له النمرود من عملية تدمير بربرية كبيرة ربما لم تحدث فى التاريخ الحديث لموقع أثري.
وأشار إلى أن الدمار اللاحق بالمدينة الأثرية شكّل ضربة لـ«أهم المواقع الأثرية فى حضارة بلاد ما بين النهرين»، مذكرًا بأن هذا الموقع يُمثل واحدًا من أبرز المعالم التى تؤرشف الفن والعمارة فى الحضارة الآشورية حين كان الإنتاج الفنى فى أرقى مستوياته.
عمل المعهد بالتنسيق مع علماء آثار عراقيين ليكون همزة الوصل مع معهد سميثسونيان الأمريكى من خلال تقديم دورات تدريبية للفريق العراقى لإنقاذ نمرود وحماية الآثار.