بعد ساعات من سقوط سوريا في يد الميليشيات المسلحة والإرهابية، في الثامن من ديسمبر الجاري، سارع الجيش الإسرائيلي إلى تنفيذ عملية عسكرية غير مسبوقة، كان يخطط لها منذ عقود، وخلال 48 ساعة، فقط، نفذت إسرائيل 480 غارة جوية مكثفة، دمرت خلالها القدرات العسكرية السورية بشكل كامل، خاصة الدفاعات الجوية، الطائرات، المطارات، المدفعية، الآليات المدرعة، مخازن السلاح، والمرافق العسكرية المهمة.

استهدفت الغارات الإسرائيلية منظومة صواريخ «إس 300»، مما شل قدرة الدفاع الجوي تمامًا قبل تدمير 500 طائرة مقاتلة، 575 مدفعًا متحركًا، 2550 مدفعًا منقولًا، و750 راجمة صواريخ، و5370 آلية مدرعة، منها 2700 دبابة، إضافة إلى المخازن العسكرية التي كانت تضم أسلحة استراتيجية، وكذلك تدمير السفن والغواصات وكاسحات الألغام السورية بشكل يجعلها عاجزة عن الدفاع عن نفسها لسنوات طويلة.

ابتلاع الجولان وجبل الشيخ

بعد تدمير القدرات العسكرية السورية، بادرت إسرائيل باحتلال كامل أراضي الجولان، بما في ذلك جبل الشيخ، وشهدت المنطقة العازلة، التي أُنشئت بموجب اتفاقية هدنة عام 1974، خرقًا غير مسبوق تمثل في اقتحام الدبابات الإسرائيلية وفرض حظر تجول على التجمعات السكنية فيها، ما دفع المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إلى وصف ما تقوم به إسرائيل بأنه انتهاكًا لاتفاقية 1974.

تمثل هضبة الجولان أبعادًا عسكرية واستراتيجية حاسمة، وعبر ارتفاعها الذي يصل إلى 2800 متر، تمنح المرتفعات إسرائيل ميزة مراقبة واسعة تشمل جنوب سوريا والعاصمة دمشق التي تبعد نحو 60 كيلومترًا، ومنذ احتلال إسرائيل جزءًا من الجولان عام 1967، باتت المنطقة تضم نحو ثلاثين مستوطنة يسكنها حوالي 20 ألف مستوطن.

كما أن المنطقة العازلة في الجولان لها أهمية ميدانية كبيرة، فهي تمثل خط الدفاع الأمامي لإسرائيل ضد أي اختراق محتمل لأمنها. كما يوفر جبل الشيخ، الذي يُطل على مناطق واسعة من سوريا ولبنان، ميزة استراتيجية لإسرائيل تتيح لها جمع معلومات استخباراتية حيوية حول الأنشطة العسكرية في المنطقة.

بدوره، يمثل جبل الشيخ موقعًا استراتيجيًا وعسكريًا مهمًا على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، حيث تلتقي عنده الحدود بين لبنان وسوريا وفلسطين. يبلغ ارتفاع أعلى قممه 2814 مترًا، ويطل على مناطق واسعة تمتد من بانياس إلى الجولان المحتل. وإلى جانب أهميته العسكرية، يحظى الجبل بمكانة دينية لدى المسيحيين واليهود والطائفة الدرزية.

لماذا احتلال أجزاء جديدة؟

منذ بداية الأزمة السورية في 2011، أولت إسرائيل اهتمامًا كبيرًا لتطور الأوضاع في سوريا نظرًا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، ومع تراجع النظام السوري، زاد قلق إسرائيل من تزايد النفوذ الإيراني وحزب الله، خاصة مع زعمها تحول الأراضي السورية إلى قاعدة عسكرية إيرانية تهدد أمن إسرائيل!!

وتؤكد القدرة الإسرائيلية على شن ضربات جوية دقيقة في الأراضي السورية خلال السنوات الأخيرة أن هناك نية مبيتة لضمان السيطرة على المناطق الحيوية، ولا تنفصل الخطوات العسكرية التي أقدمت عليها إسرائيل عن خططها الأساسية والاحتياطية للتعامل مع قوى "وحدة الساحات" التي تقودها إيران.

وسبق أن نصحت إسرائيل حلفاءها في الولايات المتحدة وأوروبا بأن تقليص النفوذ الإيراني وحزب الله في سوريا مصلحة استراتيجية، قبل أن تستغل الوضع الميداني في تطوير تجهيزاتها العسكرية وتعزيز وجودها في مواقع حساسة بالجولان وسوريا.

تشير المعلومات إلى أن الجيش الإسرائيلي قام بتطوير دفاعات جوية متقدمة وعمل على تعزيز قدراته عبر معدات مراقبة ذكية وتكنولوجيا عسكرية، من أجل تمهيد الطريق لفرض واقع جديد على الأرض، خاصة أن الجولان تمثل أهمية اقتصادية كبيرة لإسرائيل، فهي مصدر رئيسي للمياه، حيث توفر ينابيع الجولان نحو ثلث المياه المستهلكة في البلاد، فضلا عن أهميتها الدينية والسياحية.

القانون الدولي يعارض الاحتلال

وفقًا للقانون الدولي، يعتبر وجود القوات الإسرائيلية في الأراضي السورية غير شرعي. وتنص مبادئ الأمم المتحدة على عدم جواز الاحتلال دون مبررات قانونية واضحة، خاصة في ظل غياب قرار أممي يبرر هذا التواجد.

ورغم رفض المجتمع الدولي الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، إلا أن تل أبيب تستمر في فرض واقع جديد يخدم مصالحها الاستراتيجية، وقد تزيد الضغوط الدولية على إسرائيل، سواء من الاتحاد الأوروبي أو بعض الدول العربية التي تعتبر التوسع العسكري تهديدًا للاستقرار الإقليمي، لأن ما تقوم به يتعارض مع مبادئ الأمم المتحدة الخاصة بالحدود وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.

المؤكد أن التحركات العسكرية الإسرائيلية في سوريا جزء من استراتيجية شاملة تزعم إسرائيل أنها لحماية مصالحها الأمنية والاقتصادية، خاصة في مواجهة التهديد الإيراني، ومع تدمير الجيش السوري بشكل كامل، أصبحت إسرائيل في وضع مهيمن على الأراضي السورية، حيث أصبحت دولة منزوعة السلاح، مما يعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة لصالحها، ويفتح المجال لمزيد من التحديات السياسية والقانونية على المستويين الدولي والإقليمي.

اقرأ أيضاًمحلل سياسي: إسرائيل تستغل الوضع في سوريا للتوسع من الناقورة إلى جبل الشيخ

بعد احتلال «جبل الشيخ».. خالد عكاشة: إسرائيل ستلعب دورًا في ترتيب مستقبل سوريا

لتعزيز الوعى ومكافحة الإدمان.. ورش عمل وجلسات علمية في برنامج "بداية قادة الجامعات" بشرم الشيخ

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فلسطين سوريا لبنان حزب الله الأزمة السورية جبل الشيخ الأراضی السوریة جبل الشیخ فی سوریا

إقرأ أيضاً:

بعد توغله في الجولان السورية.. الاحتلال الإسرائيلي يستعد للبقاء في قمة «جبل الشيخ»

عقب سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، واستيلاء الجماعات الإرهابية المسلحة على حكم البلاد، أقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي، على احتلال جبل الشيخ، وهومن الموقع ذات الأهمية الكبرى، والذي يطل على دمشق وعدة مواقع أخرى في الجولان السوري المحتل.

وأمر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، جيش الاحتلال بالاستعداد للبقاء في قمة جبل الشيخ طيلة فصل الشتاء، زاعمًا أن هناك أهمية أمنية كبيرة لسيطرة الاحتلال على قمة جبل الشيخ وسط ما يجري من أحداث في سوريا، حسبما ذكرت قناة «القاهرة الإخبارية».

ويعتزم الاحتلال الإسرائيلي البقاء طويلا في الأراضي السورية التي توغل فيها، بهدف تأمين الحدود حسب زعم نتنياهو بعد تدمير القدرات العسكرية لدمشق.

أهمية منطقة جبل الشيخ

وتعد منطقة جبل الشيخ التي تقع في الجزء الغربي من سوريا بالقرب من الحدود اللبنانية، منطقة عازلة بين سوريا وإسرائيل منذ سبعينيات القرن الماضي وما قبلها، حيث تُشرف منطقة جبل الشيخ على العديد من مناطق سوريا كدمشق وبادية الشام وسهل حوران.

ويعتبر جبل الشيخ هو أعلى نقطة في سلسلة جبال لبنان الشرقية، ويمتد على الحدود بين سوريا ولبنان وإسرائيل، ويشرف على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، ما يمنح من يسيطر عليه ميزة استراتيجية في مراقبة وتوجيه العمليات العسكرية.

جبل الشيخ بحسب ويكيبدا، هو جبل يقع في سوريا ولبنان. يمتد من بانياس وسهل الحولة في الجنوب الغربي إلى وادي القرن ومجاز وادي طبرية في الشمال الشرقي وهو بذلك يشكل القسم الأكبر والأهم والأعلى من سلسلة جبال لبنان الشرقية التي تمتد بين سوريا ولبنان.

يحدّه من الشرق والجنوب منطقة وادي العجم وإقليم البلان وقرى الريف الغربي لدمشق وهضبة الجولان في سوريا، ومن الشمال والغرب القسم الجنوبي من سهل البقاع ووادي التيم في لبنان. به أربعة قمم، الأعلى (2814م) تسمى شارة الحرمون في سوريا، والثانية إلى الغرب (2294م)، والثالثة إلى الجنوب (2236م) في القسم السوري المحتل من قبل الكيان الصهيوني، والرابعة إلى الشرق

اقرأ أيضاًبلينكن يصل العراق في زيارة غير معلنة ويجتمع مع «السوداني» لبحث الوضع بسوريا

تحرُّك عربي تقوده مصر ضد ممارسات إسرائيل في سوريا.. إدانة توغُّل قوات الاحتلال داخل الجولان

مصطفى بكري: سوريا أصبحت مستباحة والهدف إسقاط الأمة العربية

مقالات مشابهة

  • باحث: إسرائيل تستفيد من الأزمة السورية وتوسع نفوذها بدعم أمريكي
  • إسرائيل تحتل 3 قرى جديدة في سوريا
  • لماذا سيطرت إسرائيل على جبل الشيخ بعد سقوط الأسد؟
  • مصر والأردن يطالبان إسرائيل بسحب قواتها من المنطقة منزوعة السلاح على الحدود مع سوريا
  • خبيرة بالشرق الأوسط: إسرائيل تقدم ذرائع واهية لتوغلها بسوريا
  • مسؤول أوروبي: على إسرائيل الانسحاب من المنطقة العازلة بالجولان السوري
  • بعد توغله في الجولان السورية.. الاحتلال الإسرائيلي يستعد للبقاء في قمة «جبل الشيخ»
  • وزير الدفاع الإسرائيلي يصدر تعليمات للجيش بشأن جبل الشيخ والأراضي السورية التي استولى عليها
  • إسرائيل تعزز وجودها في الجولان المحتلة.. أوامر للجيش بالبقاء خلال فصل الشتاء في المنطقة العازلة