عبدالجبار الغراب

ببضعة أَيَّـام قليلة كانت كافية لإسقاط نظام حكم بشار الأسد والتي حكم فيها السوريين منذ عام 2000م خلفاً لأبيه، لتمتد فترة حكمهما لأكثر من خمسة عقود من الزمان؛ لتلعب تتابع الأحداث السابقة بفعل ما تم تسميتها “بالثورات العربية” منذ العام 2011م أدوارها الفعلية والأَسَاسية في إضعاف الدولة السورية؛ لتتراكم حدة الصراعات، ولمصالح ولأهداف خارجية وبدعم مباشر من دول إقليمية ودولية في اتساعها لدائرة النيران وازدياد لحدة الاقتتال في أكثر البقاع السورية، ودخولها بمواجهات عسكرية دامية ما بين جماعات مسلحة عديدة، لعبت الجماعات الإرهابية أدوارها الكبرى لتدمير الدولة السورية، لتخرج كُـلّ مطالبات الإصلاح والتغيير الشعبي عن مساراتها الحقيقية، ولمدة ثلاثة عشر عاماً من الصراع العسكري دخل السوريون في عديد من الفتن والقلاقل الواسعة والمحن والانقسامات المتعددة ملحقة الدمار، مخلفة عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء؛ ليكون بعدها لاتّفاقية أستانا الموقعة بين الروس والأتراك إخمادها لفتيل الصراع عام 2020م.

لعبت الأحداث الدائرة في المنطقة والحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة ولبنان وما رافقها من أحداث أُخرى لها علاقتها المعززة لصمود الشعب الفلسطيني من عمليات إسناد لقوى محور المقاومة دورها الأَسَاسي في صناعتها لمختلف الحسابات التي خرجت عن إطار توقعات الصهاينة والأمريكان، لتتشكل العديد من المتغيرات الجديدة التي عصفت بمختلف الحسابات لكافة الأطراف المتحاربة؛ فكان لإشعال الحرب السورية إعطائها للزخم الصهيوني لتحقيق مكاسبه التي خسرها في غزة ولبنان، ومن إعلان إيقاف الحرب الإسرائيلية على لبنان كانت البداية لإشعال الحرب على الدولة السورية؛ لتدلل مسارات العمليات الموضوعة والمدروسة إيضاحها للتداعيات الكبرى لمدى الاستفادة التي سوف يجنيها الصهاينة من الصراع في سوريا وفي هذا التوقيت بالذات، ولأسباب واضحة لما يدور في المنطقة من صراع إسرائيلي مع المقاومة الفلسطينية ومحورها المساند لها، وفرضها لنتائج عكست مخطّطات وأحلام الصهاينة والأمريكان.

تطورات متصاعدة لخطط مدروسة وجاهزة، وترتيبات لأوضاع مستقبلية خادمة الأمريكان والصهاينة، واستمرار متواصل للإطاحة بكل ما يتصل للمقاومة من أشكال الدعم والإسناد للقضية الفلسطينية، وتغير كامل لمسارات الدولة السورية السابقة بفصلها عن محور المقاومة وجعلها تابعة للأمريكان والصهاينة، ومساع وتحَرّكات نحو تثبيتهم للمعادلات التي تحقّق لهم الأهداف، ولهذا فقد ساروا نحو اتّجاهين كما فصل ذلك السيد القائد عبدالملك الحوثي، في خطابه الأخير، أولاً في اتّجاه لتثبيت معادلة الاستباحة والسطو على مقدرات العرب والمسلمين بحرية كاملة دون رد فعل أَو اعتراض من قبل أحد، وهو بمثابة مصادرة حقوق الإنسان العربي، واحتلاله للمزيد من الأراضي السورية وإلغائه لمعاهدة فك الاشتباك الموقعة عام 1973م واقترابه من العاصمة السورية دمشق على بعد 25 كم، واتّجاه ثان وهو تثبيت معادلة عدم السماح للعرب بامتلاكهم لمستوى متطور من السلاح أَو الحصول عليه وجعله تحت مستوى معين وصغير لا يحقّق لهم مستويات الدفاع إلَّا بما يكون للاقتتال الداخلي غرضه الفعلي لتحقيق أهدافهم حتى تحين الفرصة للانقضاض السهل عليهم، وبقصفه وفي أكبر عملية عسكرية يقدم عليها الكيان منذ نشأته المشؤومة باستهدافه لكل ما يتصل للدولة السورية ومقدرات الشعب من أسلحة وعتاد عسكري وبمختلف الأشكال والأنواع تم إخراجه عن الخدمة وتدميره بشكل كامل أمام مسامع وأنظار العالم كله، ودون إدانة حتى لقوى المعارضة السورية الحامية الفعلية وفق الوقائع الحالية، ولا عربيًّا بصمتهم الدائم والمعروف كما هي عاداتهم بما يحصل في غزة من إبادة جماعية، والتي غلب عليهم السكوت والصمت لتتغاضى أبصارهم فأصبحت عمياء لا تقوى حتى على إصدار مواقف مندّدة بما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من جرائم وانتهاكات كبيرة ومتعددة.

مآلات مستقبلية ومتصاعدة وتداعيات كبرى محتملة لذرائع ومبرّرات الأمريكان المتوقعة لسياستهم القديمة والمفتعلة المعروفة بالأـكاذيب والتلفيقات التي كثيرًا ما استخدموها كوسائل وأساليب للسيطرة على البلدان العربية، ولنا في العراق الدليل للأكاذيب الأمريكية بامتلاك العراقيين لسلاح الدمار الشامل، وهو سيناريو جديد سيعتمد عليه الأمريكان والصهاينة للسيطرة على المزيد من الأراضي السورية وبشكل كبير سيجعل الدولة السورية بأكملها تحت سيطرتهم، ومن الأكاذيب التي يتم الترويج لها مسبقًا لوجود السلاح الكيماوي في سوريا ومخاوفهم من وقوعه بأيادي الجماعات الإرهابية سيجعلون منه الذريعة للقدوم والتوغل وبعملية عسكرية كبيرة واسعة تحت أنظار الجميع وبتحالف الجماعات المسلحة معهم سيكون لإخضاع سوريا وجعلها إمارة تابعة للصهاينة أمراً أكيداً لا محالة بحسب مخطّط الشرق الأوسط الجديد.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الدولة السوریة

إقرأ أيضاً:

بعد فرار جنود النظام السوري إلى العراق.. بغداد لن نقبل بهم لاجئين

قال قائم مقام قضاء الرطبة بمحافظة الأنبار العراقية٬ عماد الدليمي٬ إن أكثر من ألفي جندي سوري تابع للنظام فر إلى العراق خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. ويعيش الجنود حاليًا في مدينة خيام أنشأتها الحكومة العراقية لإيوائهم.

وأضاف أن وزارة الدفاع العراقية أصدرت توجيهات للوحدات العسكرية في محافظة الأنبار الغربية بإقامة معسكر يضم مئات الخيام لـ 2150 جنديًا سوريًا هارب.
أكثر من 2000 جندي من الجيش السوري، الذين فروا إلى العراق خلال نهاية الأسبوع الماضي بعد انهيار الحكومة السورية، يعيشون حالياً في مدينة خيام أنشأتها الحكومة العراقية لإيوائهم. pic.twitter.com/sALBPekGMN — محمد الحيدري Moh. Haidari ????.???? (@haidari700) December 14, 2024



وأكد الدليمي الجمعة، أن الجنود السوريين "سلموا أنفسهم للسلطات العراقية بعد سقوط النظام في سوريا" خوفاً من الانتقام في وطنهم بعد خدمتهم لنظام الأسد.

وأفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، الأسبوع الماضي، أن ما لا يقل عن ألفي جندي سوري عبروا إلى العراق مع تقدم الفصائل المسلحة.

كما كشفت مصادر رسمية في العاصمة العراقية بغداد عن مصير الجنود والضباط من الجيش السوري الذين لجأوا إلى الأراضي العراقية قبل سقوط النظام بساعات. ووفقًا للمصادر، فإن عددهم يقارب ثلاثة آلاف، بينهم ضباط برتب مختلفة.

كما أكد مصدر عراقي مطلع أن الحكومة لا تنوي قبول الجنود السوريين الفارين كلاجئين، لكنها تنتظر استقرار الأوضاع في سوريا لتنسيق عودتهم وضمان سلامتهم.


وأضاف المصدر أن هؤلاء الجنود سيبقون في ضيافة العراق خلال الفترة المقبلة لحين ترتيب أوضاعهم، مشيرًا إلى أن العراق ملتزم بتأمين سلامتهم داخل أراضيه وحتى عند إعادتهم إلى الجانب السوري.

وفي السبت الماضي٬ أعلنت الحكومة العراقية استقبال مئات الجنود السوريين الذين فروا من المعارك قبيل سقوط نظام المخلوع بشار الأسد.

وأشارت السلطات العراقية إلى أنه كان من المقرر إعادتهم إلى دمشق عبر رحلات جوية، إلا أن سقوط النظام أدى إلى تأجيل عملية الترحيل حتى إشعار آخر.

وفي الثلاثاء الماضي، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، علي عباس، أن الجنود السوريين الفارين من جيش بشار الأسد موجودون في ضيافة الجيش العراقي مؤقتًا حتى استقرار الأوضاع في سوريا.


وأوضح عباس، في تصريح صحفي، أن "العسكريين السوريين يُقيمون حاليًا في موقع تابع للجيش العراقي بالقرب من الحدود، وسيتم نقلهم بمجرد عودة الاستقرار إلى سوريا".

مقالات مشابهة

  • قصف صاروخي إسرائيلي يستهدف موقعاً عسكرياً للجيش السوري في طرطوس
  • وزير التربية السوري: لا تغيير على المناهج الحالية إلا الرموز التي تمجد النظام السابق
  • بعد فرار جنود النظام السوري إلى العراق.. بغداد لن تقبل بهم لاجئين
  • بعد فرار جنود النظام السوري إلى العراق.. بغداد لن نقبل بهم لاجئين
  • هل يسقط النظام العراقي بعد سقوط النظام السوري
  • هل يسقط النظام العراقي بعد سقوط النظام السوري؟
  • هكذا غيّر سقوط النظام السوري مستقبل الشرق الأوسط
  • قراءة في مواقف السلطة والقوى الديمقراطية التونسية من الثورة السورية
  • تركيا تعين قائما بالأعمال لسفارتها في العاصمة السورية دمشق