قال الدكتور  محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن العالم يمر بأزمات يندى لها جبين البشرية، وإن عالمنا الإسلامي والعربي ليس بمعزل عنها، موضحا أن منطقتنا العربية تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية إلى كوارث متلاحقة أصابت كثيرا من الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، نتيجة أفكار وانحرافات عن جادة الصواب استغلها المغرضون لتدمير عقول الشباب وتفكيك وحدة الأوطان فغاب الأمن والأمان، وذلك في الوقت الذي نقر فيه أن الشريعة الإسلامية بما فيها من أحكام مختلفة تحرص على تحقيق الأمن والطمأنينة في حياة الأفراد والمجتمعات.


وأوضح وكيل الأزهر، خلال كلمته اليوم بالندوة الدولية لدار الإفتاء المصرية، والتي تقام تحت عنوان «دور الفتوى في تحقيق الأمن الفكري»، أوضح أن ظهور متطفلين على الفتوى؛ ساهم في تعميق أزمات عالمنا العربي والإسلامي، مبينا أن ما أتاحه الإعلام ووسائله المتنوعة، وخاصة وسائل التواصل التي سهلت انتشار الفتوى، ونشرها في الآفاق، ربما ساعد على هذا التطفل، كاشفا عن أنه كلما كانت الفتوى أكثر شذوذا وغرابة، ازداد الاهتمام بها وتناقلتها الوسائل المشبوهة وصورت للناس أن هذا هو الإسلام وأحكامه.

حكم مناداة الإنسان لوالده باسمه مجردا.. الإفتاء توضححكم السجود على العمامة أو الطاقية.. الإفتاء توضح
وبيّن الدكتور الضويني، أن الناظر إلى واقع الناس في تعاملهم مع الفتوى يرى فوضى لا ضابط لها، فمن فتوى موجهة، إلى فتوى عمياء، إلى فتوى صحيحة ولكنها غير محاطة بأسوارها الفقهية، إلى فتوى تنشر حيث ينبغي أن تمنع! قائلا: "ليت الأمر مقصور على العلماء المتخصصين أو مؤسسات الإفتاء الرسمية، وإنما يزاحم هؤلاء دخلاء على الإفتاء من كل حدب وصوب، ممن لم تتوفر فيهم شروط الفتوى، وليست لديهم ملكة فقهية، موضحا أن موطن الداء في هذه الفتاوي غير المؤصلة وهؤلاء المفتين المفتونين بالشاشات والصفحات أنها لا تعبر إلا عنهم أو عن مذهبهم أو عن جماعتهم، وأنها قد تغفل أبعادا أخرى ضرورية في صناعة الفتوى.


وأكد وكيل الأزهر أن الإسلام وأحكامه لا يعرف إلا من خلال أهل العلم المعتبرين الذين أوجب الله تعالى على العامة الرجوع إليهم، وأن الفتوى البصيرة عامل مهم من عوامل استقرار النفوس، وأمن المجتمعات، إذا وضعت في إطارها الصحيح ووجدت من يقدمها بعيدا عن الأهواء والشهوات ومحاباة الاتجاهات الفكرية وغيرها.
العلماء الأجلاء.


وشدد وكيل الأزهر على أن حاجة المجتمعات إلى الأمن لا تقل عن حاجتها إلى الطعام والشراب، مبينا أن الإسلام قد حرص على تحقيق الأمن الفكري، وعده من المطالب الأساسية للمجتمعات الآمنة.


وقال وكيل الأزهر، إن الوصول إلى مجتمع آمن فكريا لا يكون بأماني العاجزين، ولا بأحلام الكسالى، وإنما يكون بصيانة الفتوى من الاختطاف بعيدا عن حياض العلم والشرع، وإن من الخطورة بمكان أن تستخدم الفتوى كسلاح لتمرير ممارسة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غير ذلك، مؤكدا أن ذلك هو أول طريق الهزيمة للأوطان وللأمة، وأن الجماعات –وحتى الأفراد- التي تستخدم الفتوى سلاحا في يدها ترهب به كل معارض ظالمة لنفسها ولدينها ولأمتها.


كما أضاف وكيل الأزهر، أنه في الوقت الذي نعاني فيه من الفكر المنغلق، ووجهة النظر الأحادية نؤكد أن صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان نابعة من مرونتها التي استطاعت أن تقابل المتغيرات بأحكام منضبطة وفق ركن ركين من القواعد والأصول المقررة، وأن الفتاوى المعلبة لا تفي بحاجات المجتمعات المتغيرة في ظل سياقات الزمان والمكان والإنسان والحال المتغيرة.


ودعا وكيل الأزهر إلى إقرار قوانين وضوابط ومعايير تعنى بضبط وتصحيح مسيرة الإفتاء ووقاية المجتمع من تداعيات الانحراف بها عن جادة الصواب، والسعي لتأكيد ثقة الناس في المؤسسات الرسمية، بدلا من هذه الهوة المقصودة التي تسعى اتجاهات وأجندات لتجذيرها.


كما أكد الدكتور الضويني، ضرورة أن يعهد بالفتوى إلى الأمناء الذين يدركون الواقع بعين الفقيه المتشرع وعين العالم المتمرس، والذين يلتزمون في فتواهم بأصول الفتوى وضوابطها، ويؤسسونها على أدلة صحيحة معتبرة، والذين يختارون الأيسر للناس دون أن يتجاوزوا الأحكام المستقرة، ودون أن يوقعوا الناس في الإثم أو الحرمة، والذين يحققون مقاصد الشريعة الكلية، والذين يتجردون عن الهوى، مؤكدا أن ذلك وغيره من المعايير كفيل بأن يجعل المستفتي يقبل على الدين، يأوي به إلى ركن آمن، ويطمئن إلى صحة عقيدته وعبادته، ويتعامل به مع الناس وفق سعة الشريعة وسماحتها، فيحبهم ويحبونه، ويأنس إليهم ويأنسون إليه، فتتحقق المصلحة له ولهم، وتتحقق السعادة في الدارين للجميع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأزهر وكيل الأزهر منطقتنا العربية المزيد وکیل الأزهر الناس فی

إقرأ أيضاً:

أمين الفتوى: الاستطاعة في الحج لا تقتصر على المال فقط

أكد الشيخ أحمد بسيوني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن فريضة الحج لا تجب على المسلم إلا عند تحقق ما يسمى بـ"الاستطاعة"، والتي تشمل جوانب متعددة وليست مادية فقط، كما يظن البعض. 

جاء ذلك في سياق حديثه عن قوله تعالى: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً"، حيث أشار إلى أن الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى "السبيل"، فأجاب: الزاد والراحلة، في إشارة إلى القدرة على السفر والإعاشة.

حكم الشرع في شخص أدى فريضة الحج من مال حرام.. الإفتاء تكشفزوجى رافض أحج .. هل على ذنب وحجى مقبول؟.. أمينة الفتوى ترد

وبيّن أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأحد، أن الاستطاعة تشمل القدرة المالية، بحيث يكون لدى المسلم ما يكفي لتغطية نفقات الحج كاملة من سفر وإقامة ومعيشة، مع التأكيد على ضرورة ترك ما يكفي لأسرته من مال يضمن لهم حياة كريمة أثناء غيابه.

وأضاف أن من شروط الاستطاعة أيضًا أن يكون الإنسان سليم البدن، قادرًا على أداء المناسك بنفسه، دون مشقة فوق طاقته، كما يجب أن يكون خالي الذمة من الديون، سواء أكانت ديونًا لله أو للناس، مؤكدا أن أداء الحج لا يجوز إذا كان على حساب حقوق الآخرين.

وأشار إلى أهمية الالتزام بالقوانين والتعليمات المنظمة للحج من قبل الجهات الرسمية، مؤكدًا أن هذا من تمام الاستطاعة الشرعية، قائلاً: "القدرة على الحج لا تعني فقط أن أملك المال، بل أن أملك أيضًا القدرة البدنية، وأن أترك من أعول دون تقصير أو تفريط، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «ابدأ بمن تعول، وكفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول»".

حكم تكرار فريضة الحج

وفي سياق آخر، كان الشيخ هشام ربيع، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أكد أن تكرار الحج جائز، لكن في بعض الحالات التصدق بنفقاته أولى.

وقال أمين الفتوى في بيان حكم الصدقة أم تكرار الحج أي حج النافلة، إن كل نَفْسٍ تشتاق لتكرار الحَجِّ والعمرة لري ظمأ النَّفْس بمشاهد الإيمان في الأماكن المقدسة -البيت العتيق والمقام الشريف-، ومع ذلك فالعلماء يُقرِّرون: أَنَّ "العبادة المتعدية أفضل مِن العبادة القاصرة".

وتابع: وهذا معناه: أنَّ عبادتَكَ المتعدية نفعها للغير أفضل من عبادة تكرار الحج أو العمرة التي تعود نفعها عليكَ فقط.

وأشار إلى أن أفضل العبادات المتعدية الآن لـمَنْ هم في هذه الحالة "التَّبرُّع لأهلنا في فلسطين"، فلنجعلها شعارًا لنا قائمًا على الود والتراحم والترابط.

مقالات مشابهة

  • أمين الفتوى يعلق على الـمشاهد غير الأخلاقية التي تخالف الذوق العام
  • هل تصح صلاة الضحى قبل شروق الشمس خوفا من فواتها ؟ أمين الفتوى يوضح
  • أمين الفتوى: الاستطاعة في الحج لا تقتصر على المال فقط
  • الخارجية: المملكة تُدين وتستنكر الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر غرب السودان
  • وكيل الأزهر يعتمد نتيجة رواق العلوم الشرعية والعربية بنسبة نجاح 79%
  • وفاة أستاذة نتيجة اعتداء دموي من طالب بأرفود
  • بنسبة 79%.. وكيل الأزهر يعتمد نتيجة رواق العلوم الشرعية والعربية
  • المملكة تُدين وتستنكر الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر غرب السودان
  • المملكة تُدين الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين بالسودان
  • أبوالفتوح: وصول إنتاجية القمح لـ 10مليون طن خطوة جادة لتحقيق الأمن الغذائي المصري