عقار: الدولة عازمة على قيام الامتحانات في الموعد المحدد
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
قال نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار إن الدولة عازمة على قيام الامتحانات في الموعد المحدد لها وهناك طلاب لم يجلسوا لامتحان الشهادة وتقتضي الضرورة أن يؤدوا امتحاناتهم هذا العام بسبب تراكم الدفع.الجزيرة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الوزارة ترفع شعار:ادفع عشان تتعلم
رسوم جديدة لدخول امتحانات الإعدادية والثانويةأعطال الأنظمة الإلكترونية تهدد مستقبل الطلابتخالف الدستور وتزيد من نسبة التسربخبراء: على الحكومة إيجاد وسائل لتمويل التعليم غير جيوب المواطنين
شهدت منظومة التعليم فى مصر فى الآونة الأخيرة تحولات ملحوظة، حيث أصبح الطالب مطالباً بدفع رسوم متعددة مقابل خدمات تعليمية كانت سابقاً مجانية. هذه التغيرات أثارت جدلاً واسعاً فى ظل شعار الدولة «التعليم حق للجميع»، الذى أصبح مغايراً للواقع الحالى. فقد تحولت العملية التعليمية إلى عبء مالى متزايد على الطلاب وأولياء الأمور، حيث تشمل الرسوم الدراسية فى المدارس الحكومية والتجريبية والخاصة، بالإضافة إلى رسوم دخول الامتحانات والأنشطة الطلابية، بالإضافة إلى أعباء الذهاب إلى مكاتب البريد لدفع قيمة بعض الخدمات والوقوف فى طوابير، ومعاناة «السيستم الواقع دائما».
ففى السابق، كان الطلاب قادرين على دخول الامتحانات دون تحمل أى تكاليف إضافية، لكن مع مرور الوقت ظهرت رسوم جديدة على مختلف مراحل التعليم، بدءاً من مرحلة التعليم الأساسى حتى الجامعة، هذه التغيرات دفعت البعض إلى التساؤل عن الأسباب وراء فرض هذه الرسوم، وهل هى نوع من الجباية التى تتفنن الدولة كل يوم فى تحصيلها من المواطنين؟ وفى الوقت نفسه، أثارت هذه التغييرات قلقاً واسعاً من تأثيرها على الطلاب ذوى الدخل المحدود، إذ قد تعوق وصولهم إلى التعليم المناسب وتزيد الفجوة الاجتماعية.
التغيرات التى طرأت على نظام التعليم فى مصر، خاصة فيما يتعلق بالرسوم المتزايدة، تعكس تغيراً ملحوظاً فى سياسات الدولة تجاه التعليم، فقد كانت مجانية التعليم شعاراً ومبدأ أساسياً فى مصر لعقود، ولكن هذا الوضع تغير فى الفترة الأخيرة وأصبح لكل شىء فى التعليم ثمنه، فالدولة لم تكتفِ بمجموعات التقوية التى أقرتها داخل المدارس لتقنين ظاهرة الدروس الخصوصية، بل إنها فرضت رسوماً لدخول امتحانات الشهادات العامة، وإعادة تصحيح الأوراق فى حالة رغبة التلميذ وولى أمره، وغيرها من الخدمات التى تقدم من خلال المدارس.
البعض أكد أن الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد كانت من ضمن الدوافع لاتخاذ هذه الخطوة، حيث تعانى مصر ارتفاعاً كبيراً فى تكلفة المعيشة وزيادة التضخم، ما أثر على جميع القطاعات، بما فى ذلك التعليم. وقد تكون هذه الرسوم وسيلة لتغطية جزء من النفقات التشغيلية للمدارس والجامعات.
ودافع البعض عن فرض الرسوم باعتبارها محاولة لتحسين جودة التعليم من خلال توفير موارد إضافية، مثل التجهيزات الحديثة أو زيادة رواتب المعلمين، مع تقليل الاعتماد على الميزانية العامة، خاصة مع التحديات التى تواجه الحكومة لتقليل الإنفاق الحكومى فى مجالات معينة، وهو ما دفعها إلى البحث عن مصادر تمويل إضافية للتعليم.
ولكن هذه الإجراءات أدت إلى تنامى الشعور بالقلق والإحباط لدى الطلاب وأولياء الأمور بسبب صعوبة تحمل هذه التكاليف، ما قد يؤثر فى الحالة النفسية لهم، بل زادت المخاوف من عدم قدرة العديد من الأسر على مجابهة هذه المطالب والرسوم وهو ما قد ينعكس على تسرب العديد من الطلاب من مراحل التعليم المختلفة.
وقد حددت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى رسوم التقدم لامتحانات الشهادة الإعدادية لعام 2025، بمبلغ 10 جنيهات، بالإضافة إلى 148 جنيهاً مقابل خامات ومستلزمات الامتحانات لكل مرة من مرات التقدم، ليصبح الإجمالى 158 جنيهاً.
وأرسلت الوزارة خطاباً إلى المديريات التعليمية لتوضيح قواعد ونظام امتحانات الشهادة الإعدادية، حيث أكدت أن الامتحانات ستكون على مرحلتين دراسيتين، ويتعين على الطلاب النظاميين والمنازل تسجيل استمارة التقدم قبل بدء امتحان الفصل الدراسى الأول.
كما أشارت الوزارة إلى أن تسجيل الاستمارة الإلكترونية للشهادة الإعدادية شرط أساسى لدخول امتحانات العام الدراسى الحالى، ولا يحق للطالب دخول الامتحانات دون تحرير الاستمارة وتقديم الأوراق المطلوبة للمدارس، مع التأكد من صحة البيانات المسجلة ومراجعتها.
وأكدت المديريات التعليمية أنه يسمح للطلاب الذين تخلفوا عن أداء امتحانات الفصل الدراسى الثانى بعذر مقبول، بإجراء امتحان تكميلى فى المواد التى تخلفوا عن اجتيازها، وذلك فى الدور الثانى طبقاً للقرارات الوزارية المنظمة. وأوضحت أنه سيتم عقد امتحانات الدور الثانى للطلاب الراسبين فى مواد الفصل الدراسى الثانى بالكامل، للمواد التى لم يتمكنوا من اجتيازها بعذر مقبول.
وأوضحت الوزارة أن المتقدمين للامتحانات العامة فى مدارس التعليم الثانوى العام والتعليم الأساسى، وكذلك المدارس الثانوية الفنية بنظامى الـ3 سنوات والـ5 سنوات، سيخضعون للرسوم التالية:
فى التعليم الثانوى، يدفع الطالب 10 جنيهات إذا كان يتقدم للامتحان للمرة الأولى، بينما يدفع 210 جنيهات إذا كان يتقدم للمرة الثالثة أو الرابعة، كما يتم دفع 200 جنيه مقابل المستلزمات والخامات الخاصة بكل مرة من المرات التى يدخل فيها الطالب الامتحان.
وبالنسبة إلى مدارس الدبلومات الفنية بنظامى الـ3 و5 سنوات، يقوم الطالب بدفع 15 جنيهاً عن كل مرة من المرات الثلاث الأولى لدخول الامتحان، وإذا كان يتقدم للمرة الرابعة، فيدفع 60 جنيهاً. بالإضافة لرسوم المستلزمات الخاصة بالامتحانات.
وعبر العديد من الأهالى عن استيائهم من هذا الوضع مؤكدين أن هذه الرسوم تؤثر بشكل كبير فى حياتهم اليومية. وأن هذه الزيادة تأتى فى وقت يعانون فيه ارتفاعاً مستمراً فى أسعار السلع والخدمات ما يضاعف العبء المالى عليهم، ويؤثر سلباً فى قدرة أبنائهم على مواصلة التعليم بشكل طبيعى، كما أنه توجد مشكلة أخرى تهدد مستقبل أبنائنا، وهى تحديد مواعيد للدفع من قبل الوزارة، دون مراعاة للعوائق التى قد يواجهها الطلاب.
ففى ظل الاعتماد المتزايد على الأنظمة الإلكترونية، يجد العديد من الطلاب أنفسهم عاجزين عن دفع الرسوم فى الوقت المحدد بسبب أعطال مفاجئة، مثل تعطل «السيستم» ما يمنع الطلاب من إتمام الإجراءات اللازمة، ونتيجة ذلك، يتعرض الطلاب لخطر كبير يتمثل فى منعهم من دخول الامتحانات، ما يهدد فرصهم التعليمية.
أولياء الأمور: ارحمونا
ضج أولياء الأمور بالشكوى مما يحدث فى منظومة التعليم فى مصر، وقالت بسمة رضا، وهى أم طالبة فى المرحلة الإعدادية: «ارحمونا» إن فكرة دفع رسوم لدخول الامتحانات أمر غير مبرر، حتى إن كانت هذه المبالغ صغيرة. وأضافت: «أخشى أن تتحول هذه الظاهرة إلى عبء حقيقى مع مرور الوقت، وعندما أرسل ابنتى إلى المدرسة، أريدها أن تركز على التعلم وليس على دفع الرسوم».
حسن مصطفى، ولى أمر طالب فى الصف الأول الثانوى يقول منذ سنوات كان التعليم مجانياً بشكل كامل لكن الوضع تغير الآن كثيراً. أنا لا أمانع فى دفع رسوم محدودة إذا كانت موجهة لتحسين جودة التعليم، ولكن المشكلة أن هذه الرسوم أصبحت متزايدة بشكل غير مبرر، حيث نجد أنفسنا مجبرين على دفع رسوم لدخول الامتحانات على الرغم من أننا ندفع بالفعل مصاريف دراسية ودروساً خصوصية، وإذا استمر هذا الوضع، فقد يتوقف العديد من الطلاب عن مواصلة تعليمهم.
جريمة مخالفة للدستور
وعلى الجانب الآخر أكد مصطفى كامل، الخبير التربوى، أن هذه القرارات تتعارض بشكل كبير مع ما ينص عليه الدستور المصرى، وتحديداً المادة (19) التى تنص على أن التعليم حق لكل مواطن فى الدولة، ويجب أن يكون مجانياً فى جميع مراحله حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها. وأشار إلى أن التعليم هدفه بناء الشخصية المصرية وتعزيز الهوية الوطنية، ما يتطلب من الدولة الالتزام بتوفير تعليم مجانى وعالى الجودة لجميع المواطنين. وأوضح أن فرض هذه الرسوم يتناقض مع هذا المبدأ، ويزيد من الأعباء المالية على الأسر، خصوصاً فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تمر بها الكثير من الأسر، وتعانى ارتفاع التكاليف اليومية، سواء فى التعليم أو غيره من جوانب الحياة.
وأضاف كامل أن فرض الرسوم على امتحانات الشهادة الإعدادية والثانوية يثقل كاهل الأسر المصرية التى تتحمل بالفعل العديد من المصاريف الأخرى، مثل تكاليف الكتب الخارجية، والزى المدرسى، والأدوات الكتابية، والدروس الخصوصية، والمواصلات اليومية، والوجبات الخفيفة. ما يجعل موسم الدراسة يمثل عبئاً اقتصادياً كبيراً على الأسر، حيث إن معظم المنازل تحتوى على أكثر من طالب فى المراحل التعليمية المختلفة، ما يزيد من التكلفة الكلية لتعليم الأبناء.
وأكد كامل أن هذه القرارات قد تؤدى إلى زيادة نسب التسرب من التعليم، خاصة بين الأسر التى تواجه صعوبات مالية، ما يعكس التحديات الكبيرة التى يواجهها النظام التعليمى فى مصر.
كما شدد كامل على ضرورة أن تتحمل الدولة مسئولية توفير تمويل الامتحانات من خلال الموازنات المخصصة لهذا الغرض، وهو ما كان يحدث منذ بداية تأسيس النظام التعليمى فى مصر، وألا تفرض عبئاً مالياً إضافياً على أولياء الأمور. وأشار إلى أن هناك مصادر تمويل بديلة يمكن اللجوء إليها، مثل إقامة مشروعات ربحية داخل المؤسسات التعليمية بالتعاون مع الأحياء والمجالس المحلية، ما يسهم فى تقليل الضغط على ميزانية الدولة. كما اقترح أيضاً إمكانية استقطاب تبرعات من رجال الأعمال أو تخصيص جزء من الدعم الدولى الموجه للتعليم، لضمان توفير التعليم المجانى والجودة العالية لجميع الطلاب دون تحميل الأسر أعباء مالية إضافية.
ودعا كامل الحكومة إلى إعادة النظر فى هذه القرارات التى قد تؤدى إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية للأسر المصرية، وإيجاد حلول تمويلية أخرى تضمن استمرارية التعليم المجانى وتخفف الأعباء عن المواطنين.
قرار صائب
على الجانب الآخر يرى الدكتور تامر شوقى، الخبير التربوى وأستاذ التربية بجامعة عين شمس، أن فرض رسوم على الامتحانات هو قرار صائب لعدة أسباب، منها أن هذا القرار يعزز من المشاركة المجتمعية فى العملية التعليمية، حيث يتحمل أولياء الأمور جزءاً من التكاليف فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية التى تمر بها البلاد. كما أن تكاليف إجراء الامتحانات، مثل الورق والطباعة والتصوير، قد تضاعفت بشكل ملحوظ فى السنوات الأخيرة، ما يشكل عبئاً إضافياً على ميزانية الدولة. واعتبر أن الرسوم التى تفرض على الامتحانات بسيطة مقارنة بتكلفة الكتب الخارجية التى يشتريها الطلاب، ما يجعلها عبئاً يسيراً على الأسر. كما أن فرض هذه الرسوم يعزز من جدية الطلاب وأسرهم تجاه الامتحانات، ويزيد من اهتمامهم بتحقيق نتائج أفضل.
وأشار شوقى إلى أن فرض الرسوم يسهم أيضاً فى تحسين جودة العملية التعليمية، موضحاً أنها ليست مفرطة أو مرهقة، لافتاً إلى أنه يمكن للوزارة وضع آليات لإعفاء الطلاب محدودى الدخل، ما يقلل من أى تأثير سلبى على الأسر الأقل دخلاً.
وأكد أن الدولة تتحمل جزءاً كبيراً من تكلفة العملية التعليمية، وأن الأعباء الإضافية التى يتحملها أولياء الأمور تكون اختيارية، مثل الدروس الخصوصية والكتب الخارجية. ومع عودة الطلاب إلى المدارس وتوافر المنصات الإلكترونية، لا يوجد مبرر لزيادة الأعباء على الأسر. وأكد أنه يمكن تخفيف هذه الضغوط من خلال عدة إجراءات، مثل فتح باب التبرعات من رجال الأعمال لدعم التعليم، وفرض رسوم تنمية التعليم على الوثائق الرسمية مثل شهادات الميلاد.