من جنوب لبنان إلى شماله.. قصص سجناء تحرروا من السجون السورية
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
بيروت- في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، بدأت مرحلة جديدة في تاريخ سوريا مع سقوط النظام السوري، حيث تمكنت قوات المعارضة السورية من تحرير السجناء من أسوأ سجون البلاد.
وفي تلك اللحظات، خرج المعتقلون المحررون من قبضة النظام ليحملوا معهم حكايات مريرة عن التعذيب والمعاناة التي عاشوها في الزنازين.
أما أولئك الذين عبروا الحدود عائدين إلى لبنان بعد إطلاق سراحهم، فقد حملوا معهم أكثر من مجرد أجساد مثقلة بالآلام، حملوا أيضا ذاكرة مليئة بالألم والعنف، وقصصا مروعة عن أساليب التنكيل التي تعرضوا لها.
عذاب لا يمكن وصفه
يروي علي جونة الفلسطيني المقيم في مخيم الرشيدية بمدينة صور جنوب لبنان، تفاصيل تجربته المريرة داخل السجون السورية التي استمرت شهرين قبل تحريره إثر سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
يقول علي، في حديث خاص للجزيرة نت، "كنا 16 شخصا سوريا وأنا الوحيد بينهم فلسطيني من لبنان، لم أكن أحمل أي هوية ودخلت سوريا بطريقة غير نظامية، ووُجهت لي تهمة الإرهاب، بزعم أنني قدمت للانضمام إلى المسلحين أو كنت في طريقي إلى تركيا، حاولت إقناعهم ببراءتي".
ويضيف "حاولت توضيح الأمر بأني جئت فقط لأستأجر بيتا لي ولعائلتي حتى تنتهي الحرب في لبنان وأعود، لكنهم رفضوا تصديقي، واتهموني بالتخطيط لدعم المجموعات المسلحة أو الانضمام إليها".
إعلانويتابع "مكثت 20 يوما في خان شيخون تحت التحقيق، ثم نقلت إلى حمص بمنطقة تسمى البولوني، حيث قضيت يومين، بعد ذلك نقلت إلى فرع فلسطين أحد فروع المخابرات العسكرية السورية، حيث أمضيت هناك 60 يوما من العذاب الذي لا يمكن وصفه".
اسم لا يشبه مضمونهيصف علي تجربته في فرع فلسطين قائلا "هناك، رأيت أهوالا لا يمكن أن يتخيلها أحد، العذاب هناك يشبه الموت بكل تفاصيله، رغم أن المكان يحمل اسم فلسطين، فإن الواقع كان لا يمتّ لها بأي صلة، كان القتل يوميا، والضرب مستمرا، والإذلال لا ينقطع، كنا ننام عند الواحدة ليلا ونُجبر على الاستيقاظ في الخامسة صباحا".
ويتابع "تحت إشراف الشاويش وأوامر المساعد، كان 5 أو 6 أشخاص يتعرضون يوميا للضرب المبرح من بين 100 سجين، لم يكن الأمر مجرد ضرب، بل وصل إلى القتل باستخدام أنابيب الحديد الخاصة بالماء، وكان ذلك يتم بمنهجية يومية".
لحظة التحريريواصل علي روايته "في إحدى الليالي، عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، شعرنا بحركة غير طبيعية، وفجأة هبطت طائرة هليكوبتر داخل الفرع، تساءلنا جميعًا عما يحدث، لكن لم يكن هناك أي إجابة، بعد حوالي ربع ساعة، أقلعت الطائرة مرة أخرى".
ما هي إلا دقائق، حتى بدأ إطلاق نار كثيف لا يتوقف، أصوات الرصاص كانت تملأ المكان، والجميع في حالة ذهول وارتباك، بقينا مستيقظين طوال الليل دون أن نفهم ما يجري، مع طلوع الفجر سمعنا أحدهم يصرخ "الله أكبر" أدرك السوريون فورًا أن المعارضة هي من اقتحمت المكان".
يصف علي لحظة الخروج من السجن "عندما فتح الثوار أبواب الزنازين، وجدنا أنفسنا أمام أعضاء هيئة تحرير الشام والمقاتلين، قالوا لنا "لا تخافوا النظام سقط، ومن هنا يمكنكم الخروج إلى تركيا، أو الأردن، أو لبنان، أو العراق.. انتهى حاجز الخوف".
وعلى الفور "خرجنا وكنا حوالي 5 آلاف شخص ومعنا 100 امرأة و24 طفلا، كان المقاتلون يكسرون الأقفال واحدا تلو الآخر بإصرار حتى أُطلق سراحنا جميعًا، عندما خرجنا إلى الخارج، شعرنا للمرة الأولى بالحرية".
إعلان
جحيم السجون
أما اللبناني معاذ مرعب الذي أمضى 18 عاما في السجون السورية، فيشارك في حديث مؤثر مع الجزيرة نت، تجربته القاسية من الاعتقال والتعذيب والظروف الإنسانية الصعبة التي مرّ بها، قبل أن يتم تحريره ويعود إلى مدينة طرابلس في شمال لبنان.
كان معاذ في طريقه من العراق إلى لبنان عبر دمشق في 20 يوليو/تموز 2006 عندما وقع في كمين واعتقل من قبل جهاز أمن الدولة السوري، ليتم نقله إلى فرع أمني في دمشق، حيث بدأ رحلته المريرة من التحقيقات والتعذيب.
أشار مرعب إلى أن أساليب التعذيب كانت شديدة القسوة، حيث كان يُجبر على السير عاريا، مكبلا، وعيناه مغطاة، ثم يُنقل إلى المحقق الذي يفرض عليه أوضاعًا مهينة، مثل الركوع.
في صيدناياتم نقله لاحقًا إلى فرع فلسطين حيث أُعيد التحقيق معه، ووصف مرعب معاملة السجون بالقاسية، حيث لا يُنادى على المعتقل باسمه بل يُعطى رقمًا، وتُستخدم معه ألفاظ مهينة.
كما تحدث عن تجربته في سجن صيدنايا، الذي شهد فيه ضربًا وتعذيبًا مستمرين. ومن بين الأساليب الوحشية، كان "قطار المرح" عند الوصول إلى السجون.
وفي وصفه لــ"قطار المرح"، قال مرعب: "أنت تتنقل بين السجون والزنازين ويجب عليك البقاء مع رفاقك، لأن انفصالك عنهم قد يعرضك لمزيد من العنف والتعذيب، إذا تركت رفيقك وراءك، ستواجه عقوبات إضافية وقد تجد نفسك في مواجهة قسوة أكبر قبل أن تصل إلى الزنزانة المنفردة".
أشار مرعب إلى أنه قضى سنوات طويلة في السجون، حيث تم نقله من فرع فلسطين إلى سجن صيدنايا سيئ السمعة، ثم إلى سجن عدرا المركزي في ريف دمشق بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011.
ووفقًا له، كان الضرب جزءًا أساسيًّا من التعذيب في السجون، إضافة إلى أساليب وحشية أخرى مثل "التعذيب بالشبح"، الذي يتضمن التعليق على الحديد.
ومع سقوط حلب، بدأ مرعب يشعر ببصيص من الأمل، وبعد سماعه بأن حماة قد سقطت أيضًا، كان يعتقد أن النهاية اقتربت، ومع بداية الأحداث التي تلت سقوط دمشق، كان مرعب وزملاؤه في السجن في حالة استنفار دائم، بعدما وصلتهم أخبار عن هروب الضباط.
إعلانوفي لحظة فارقة، بدأ المعتقلون بالصراخ معًا محاولين الهروب، وتكسير الأبواب والخروج، وعندما وصل مرعب إلى السيارة التي نقلته، تمكّن من الاتصال بابنه عبر الهاتف، ليصرخ في وجهه قائلا: "محمد، طلعنا!".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فرع فلسطین
إقرأ أيضاً:
لبنان.. تصعيد إسرائيلي حادّ ومقتل 7 أشخاص في غارات عنيفة
أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، “مقتل 7 أشخاص في الغارات الإسرائيلية التي استهدفت بلدة تولين ومدينة صور، جنوبي البلاد”.
وقال مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة اللبنانية، في بيان، اليوم السبت، إن “غارة العدو الإسرائيلي على بلدة تولين أدت في حصيلة نهائية إلى استشهاد خمسة أشخاص من بينهم طفلة وإصابة أحد عشر آخرين بجروح من بينهم طفلان”.
وأضاف في بيان لاحق، أنه “استشهد شخص وأصيب 7 آخرين في حصيلة أولية للغارة الإسرائيلية على مدينة صور”.
في السياق، جدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، “التأكيد على أن المقاومة اللبنانية ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار بصورة كلية”.
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام، بياناً لـ”نبيه بري”، قال فيه إن “لبنان ومقاومته التزما باتفاق وقف إطلاق النار بصورة كلية”، مضيفا أن “المستفيد الأول والأخير من جرّ لبنان والمنطقة إلى دائرة الانفجار الكبير هو الكيان الصهيوني”.
ودعا رئيس النواب اللبناني “الجيش والسلطات القضائية والأمنية ولجنة مراقبة وقف إطلاق النار إلى المسارعة لكشف ملابسات ما حصل صباح اليوم في الجنوب”.
وشدد نبيه بري، على “اللبنانيين والقوى السياسية إلى وجوب تنقية الخطاب السياسي والالتفاف حول الدولة ومؤسساتها ووعي المخاطر الناجمة عن خلق الذرائع أمام العدو الإسرائيلي”.
بدوها، قالت وزارة الخارجية اللبنانية، إن الوزير يوسف رجي، “طلب الضغط على إسرائيل لوقف العدوان والتصعيد واحتواء الوضع الخطير على الحدود الجنوبية”.
وقالت الخارجية اللبنانية في بيان: “في إطار الجهود الدبلوماسية للجم التصعيد الحاصل اليوم في جنوب لبنان وبالتشاور والتنسيق مع رئيسي الجمهورية جوزيف عون ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، أجرى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، اتصالات مع عدد من وزراء خارجية الدول العربية والأجنبية والمسؤولين، ومنهم وزراء خارجية مصر بدر عبد العاطي، والأردن أيمن الصفدي، وفرنسا جان نويل بارو، ونائب المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط مورغان أورتيغوس، ونائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط ناتاشا فرنشيسكي”.
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قائد بعمليات “حزب الله” بغارة في جنوب لبنان
أكد الجيش الإسرائيلي مقتل رضوان عواضة، الذي وصفه بالقائد بعمليات “حزب الله”، في غارة استهدفت جنوب لبنان أمس السبت.
وكشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي في وقت سابق، “أن تل أبيب حاولت القضاء على شخصية مهمة في “حزب الله” في الغارات العنيفة التي نفذتها أمس السبت، مضيفة أنه “يجري التأكد من نجاح العملية”.
من جانبه، نعى “حزب الله” في بيان مساء أمس، أحد عناصره ويدعى “رضوان سليم عواضة” قتل جراء غارة إسرائيلية على مدينة صور”.
وذكر البيان أن “عواضة” والملقب بـ”أبو ناصر” ويحمل الاسم الحركي “جهاد”، هو من بلدة شيحين وسكان برج الشمالي في جنوب لبنان”.
كما نعى “حزب الله” عنصرين آخرين له قتلا بغارات أمس، هما “محمد شقير” من بلدة الصوانة و”علي الرضا” سلوم من بلدة “القنطرة”.
وأفادت مصادر إعلامية لبنانية بأن “الغارة التي استهدفت مدينة صور “جرت من خلال طائرة مسيرة استهدفت شقة في مبنى مؤلف من 10 طوابق”، وأدت الغارة الى مقتل مواطن ومواطنة وإصابة عشرة آخرين”.
قطر تدين القصف على لبنان وتؤكد على ضرورة انسحاب إسرائيل
أدانت دولة قطر، “القصف الإسرائيلي الذي استهدف جنوب لبنان ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى مدنيين”، وجاء ذلك خلال “اتصال هاتفي أجراه رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن، مع نظيره اللبناني نواف سلام، حيث “استعرضا علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها”، وفق بيان للخارجية القطرية.
وذكر البيان، أنه جرى “مناقشة آخر المستجدات في لبنان، لا سيما اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية”، وبحسب البيان، أعرب رئيس الوزراء القطري عن “إدانة دولة قطر للقصف الإسرائيلي الذي استهدف جنوب لبنان”.
وأكد “ضرورة التزام الأطراف الكامل بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جميع الأراضي اللبنانية”.
وجدد رئيس وزراء قطر، وفق البيان، “موقف بلاده الثابت والداعم للجمهورية اللبنانية، ووقوفها المستمر إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق”.
وكان أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع إسرائيل كاتس، “تعليمات للجيش الإسرائيلي بشن موجة ثانية من الهجمات ضد أهداف لـ”حزب الله” في لبنان”.
هذا “ورغم سريان اتفاق وقف النار في 27 نوفمبر 2024، ارتكبت إسرائيل 1263 خرقا له، ما خلف 100 قتيل و331 جريحا على الأقل”.