الشرق الأوسط الجديد: لا شيء يـبقى .. لا أرض تُـستثنى
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
التي يسعى إليها العدوُ الإسرائيلي بدعم وشراكة من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو هدف الصهيونية العالمية ضمن مخططاتها في المنطقة العربية، يهدف هذا المشروع إلى توسيع نفوذ الكيان الصهيوني وتعزيز وجوده في المنطقة بما يفضي إلى تسيّده المطلق، واستباحته الكاملة لسيادة ومقدرات دول المنطقة، ومصادرتها كليا، قرارات وحقوق شعوبها وهويتهم، وهو في الوقت ذاته يجسّد جوهر أطماع السياسة الغربية المتبعة في العالم العربي.
لم يكن مشروع “الشرق الأوسط الجديد” فكرة مستجدة؛ بقدر ما هو تحديث لأهداف قديمة وضعها وصاغها المحتل، وهي موجودة في متن وهوامش استراتيجيته الانتهازية الإمبريالية، وبالتالي فإن “الشرق الأوسط الجديد” مفهوم حديث لمخطط قديم ، يعيد اليوم المستعمرُ الغربي قولبته وصياغته ليحقق أهداف المحتل وفق متغيرات المرحلة في المنطقة التي شهدت أحداثاً كبرى من بينها ثورات “الربيع العربي” التي تزامنت مع الترويج لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” قبل عقد من الزمن، وأعلن للمرة حينها على لسان كوندليزا رايز، وزيرة خارجية الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، كحصاد لمسرحية “أحداث” 11 سبتمبر، ضمن ترتيبات عالمية واسعة.
واعتمدت الولايات المتحدة في ذلك على خلق “فوضى خلاّقة” في الدول العربية، مستغلة الفروق الجغرافية والسياسية الناشئة أصلا عن اتفاقية “سايكس بيكو”، بالإضافة إلى تعزيز وتكريس الصراعات الداخلية التي أدت إلى تفكك الدول العربية وتمزيق مجتمعاتها.
استنزاف قدرات الأمةوفعلياً أدت السياسات الأمريكية إلى إضعاف القدرات البشرية والاقتصادية للدول العربية إثر سلسلة أحداث وفتن عصفت بالمنطقة، واستنزفت الثروات على حروب وصراعات داخلية، بينما تراجعت القضية الفلسطينية إلى مؤخرة الأولويات، في لحظة تراجع عربي وإسلامي غير مسبوق وفق تصنيف الكثير من الكٌتاب والنخب العربية، وهو ما مهّد لطرح مشاريع تطبيعية يقدمها كل وافد أمريكي جديد على البيت الأبيض ضمن مشاريعه الانتخابية في مضمار سباق الفوز برضا اللوبي اليهودي في أمريكا.
ورغم خطورة وانكشاف هذه المخططات مثل “صفقة القرن واتفاقية إبراهام” أمام الرأي العام والنخب في عالمنا العربي على ما تمثله من انقلاب واضح على القضية المحورية للأمة، شعوباً وأنظمة إلا أنها توضع على سكة التنفيذ، وتجد رواجاً وقابلية، وكان طرح مثل هذه الأفكار قبل سنوات يُعدُ خيانة تستوجب المحاكمة، وتلحق العار بدعاتها، لكنها اليوم وفي مؤشر على نجاح سياسة الترويض الأمريكية الإسرائيلية تُطرح بجرأة وتُقدم كحقيقة لا جدال فيها، وكقضية أساسية لتحقيق ما يصفه الأمريكي وأدواته الخيانية بـ”فرص خلق أمن واستقرار لشعوب المنطقة”!!.
بالعودة إلى الوراء قليلاً إلى مطلع القرن العشرين مع بداية الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين وما أعقبها من تفريط عربي بالأرض، نجد أن الصهيونية إنما تُعيد تدوير العناوين وتحديث الشعارات لتحريك عجلة مشروعها القديم ليس إلا.
ومع ذلك، بدأت تظهر بوادر صحوة تجاه القضية الفلسطينية، رغم التحديات التي فرضتها الحروب الأهلية والانقسامات الطائفية.
“الشرق الأوسط” من التخطيط إلى التنفيذيُعتبر الاحتلال الإسرائيلي حجر الزاوية في مشروع “الشرق الأوسط الجديد”، حيث تسعى الولايات المتحدة لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة بما يتناسب مع مصالحها ومصالح “إسرائيل”. على الرغم من محاولات بعض الأنظمة العربية للتعاون مع العدو الإسرائيلي، إلا أن الشعوب تظل متشبثة بقضيتها المركزية: فلسطين.
تشير التصريحات الأخيرة من المجرمين القادة الإسرائيليين، مثل “بتسلئيل سموتريتش”، إلى نوايا إسرائيلية واضحة للتوسع والضم، متجاوزةً الاتفاقيات السابقة مثل أوسلو.
ومع اقتراب ترامب من البيت الأبيض، يُتوقع أن تتصاعد هذه التوجهات، خاصة مع دعم ترامب العلني لإسرائيل، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في فترة ترمب الرئاسية الأولى، ولاحقاً الاعتراف بالجولان السوري كجزء من “إسرائيل” وهو ما أعاد التأكيد عليه اليوم مجرم الحرب نتنياهو وحكومته التي صادقت على “خطة نتنياهو” لتعزيز النمو الديمغرافي بهضبة الجولان ومدينة “كتسرين”.
وجاء في تصريحات المجرم نتنياهو: “سنواصل التمسك بالجولان من أجل ازدهاره والاستيطان فيه”، مضيفاً أن “تعزيز الاستيطان في الجولان يعني تعزيز “دولة إسرائيل” وهو أمر بالغ الأهمية في هذه الفترة” حد وصفه.
وهكذا تدريجياً تتوسع مظاهر “الشرق الأوسط” الجديد لتشمل ضم الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن، بالإضافة إلى التمدد نحو سوريا، تتجاوز هذه السياسات حدود الاتفاقيات الدولية، فضلاً عن تجاهلها التام لسيادة الدول العربية، حتى أنه يبدو أن ما يمنع العدو الإسرائيلي من التوسع في هذه المرحلة هو فقط اعتبارات صهيونية داخلية لا أكثر.
ومع تسارع مشاريع الاستيطان وتوسعها خارج حدود الأراضي الفلسطينية يبدو مشروع “الشرق الأوسط الجديد” خطر لا يهدد وجود الدولة الفلسطينية وحسب بل يضع دول الطوق الفلسطيني أمام تهديد وجودي يعيد رسم الخارطة وفق الأجندات الصهيونية، ويُلغي تماماً هوية شعوبها ويصادر حقوقها، ولا يفهم اليوم سبب التغافل عن هكذا خطر بهذا الحجم لن يبقي ولا يذر.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: الشرق الأوسط الجدید
إقرأ أيضاً:
6 اتصالات وزيارتان أمريكيتان.. ملف سوريا يتصدر أجندة الشرق الأوسط
شهدت منطقة الشرق الأوسط، الجمعة، حراكا دبلوماسيا مكثفا تركز على تطورات الملف السوري عقب سقوط نظام بشار الأسد، متضمنا 6 اتصالات هاتفية رفيعة المستوى وزيارتين لمسؤولين أمريكيين.
وأكدت التصريحات الرسمية الصادرة عن الدول المشاركة في هذا الحراك أهمية الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها، إلى جانب الدعوة لإطلاق عملية سياسية شاملة تضمن مشاركة جميع الأطراف دون استثناء.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سيطرت الفصائل السورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، بعد انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، منهية بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.
** 6 اتصالات هاتفية
الحراك الدبلوماسي بشأن سوريا، اليوم، شمل إجراء 6 اتصالات هاتفية شارك فيها زعماء ومسؤولون من الإمارات وقطر والكويت والعراق والأردن وروسيا واليونان وقبرص الرومية.
من بين هذه الاتصالات، أجرى وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد 3 مكالمات مع نظيريه الكويتي عبد الله علي اليحيا، والروسي سيرغي لافروف، ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن.
في الاتصال مع لافروف، أكد الجانبان "ضرورة تفعيل وتعزيز دور المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون".
كما شددا على "أهمية الالتزام وتفعيل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، للتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، بما يلبي تطلعات الشعب السوري الشقيق نحو تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار"، وفق بيان للخارجية الإماراتية.
والقرار 2254 أصدره مجلس الأمن عام 2015، ويعرب عن الدعم لعملية سياسية تيسرها الأمم المتحدة في سوريا بقيادة سورية، وتقيم حكما ذا مصداقية يشمل الجميع، ولا يقوم على الطائفية، ويحدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد.
وفي الاتصال مع اليحيا، أكد ابن زايد حرص بلاده على "وحدة سوريا وسيادتها ودعم جهود تحقيق الاستقرار والأمن المستدامين فيها وتلبية تطلعات شعبها الشقيق في التنمية والازدهار"، وفق وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.
من جهتها، أبدت قبرص الرومية اهتماما بالملف السوري، حيث أجرى وزير خارجيتها كونستانتينوس كومبوس، اتصالا هاتفيا بالخصوص مع نظيره العراقي فؤاد حسين.
واستعرض الوزيران، خلال الاتصال، "التحديات الأمنية والسياسية المرتبطة بالوضع السوري، وتقييم تداعياته المستقبلية، وسبل التعامل معها"، وفق بيان للخارجية العراقية.
الملف السوري كان بندا رئيسيا على أجندة الدبلوماسية اليونانية، اليوم.
فقد أجرى رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس مباحثات هاتفية مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وملك الأردن عبد الله الثاني، ركزت على مستجدات الأوضاع في المنطقة، وخاصة على الساحة السورية.
وأكد ملك الأردن، خلال الاتصال، أن "ضمان أمن سوريا واستقرارها سيعزز أمن المنطقة واستقرارها"، لافتا إلى "ضرورة تنسيق الجهود الدولية بهذا الصدد"، وفق بيان للديوان الملكي الأردني.
** زيارتان لمسؤولين أمريكيين
إلى جانب الاتصالات الهاتفية، حضر الملف السوري بقوة في أجندة زيارتين لمسؤولين أمريكيين إلى المنطقة.
فقد أجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن زيارة مفاجئة للعراق اليوم، حيث التقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
ووفق بيان لمكتب السوداني، "ناقش الطرفان تطورات الأوضاع في المنطقة، والأحداث الجارية في سوريا، وما تتطلبه من جهود إقليمية ودولية لتعزيز الأمن في سوريا واستقرار المنطقة بالكامل".
وفي اللقاء، جدد السوداني موقف العراق "بدعم سوريا وأهمية أن تضطلع الدول الصديقة بمساعدة السوريين في إعادة بناء دولتهم، ومواجهة التحديات التي قد تؤثر على السلم الأهلي فيها".
وشدد على "ضرورة تمثيل كل مكونات الشعب السوري في إدارة البلاد لضمان تعزيز استقرارها".
كما دعا السوداني إلى "ضرورة عدم السماح بالاعتداء على الأراضي السورية من أي جهة كانت"، معتبرا ذلك "تهديدا للأمن والاستقرار في المنطقة".
من جانبه، أكد بلينكن اتفاق الولايات المتحدة مع الجانب العراقي على "ضرورة احترام خيارات الشعب السوري، والعمل على تشكيل حكومة شاملة تعكس إرادة الشعب السوري وتنوع مكوناته".
ومستغلة إطاحة الفصائل السورية بنظام الأسد، كثفت إسرائيل في الأيام الأخيرة هجماتها الجوية مستهدفة مواقع عسكرية بأنحاء متفرقة من البلاد، في انتهاك صارخ لسيادتها.
كما أعلنت إسرائيل انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا لعام 1974، وانتشار جيشها في المنطقة العازلة منزوعة السلاح بهضبة الجولان السورية التي تحتل معظم مساحتها منذ عام 1967، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة ودول عربية.
على النحو ذاته، شغل الملف السوري جزءا مهما من أجندة مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان خلال زيارته لقطر اليوم، ولقائه رئيس الوزراء وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن.
فقد ذكر بيان لوزارة الخارجية القطرية أن ابن عبد الرحمن وسوليفان شددا خلال اللقاء "على ضرورة ضمان وحدة سوريا والعمل على انتقال سلمي للسلطة من خلال عملية سياسية جامعة استنادا إلى قرار مجلس الأمن 2254، وتعزيز جهود حماية المدنيين ومكافحة الإرهاب".