اﻟﺼﺤﻒ اﻟﺤﺰﺑﻴﺔ: ﻧﻔﻖ ٌ ﻣﻌﺘﻢ.. ﻓﻰ اﻧﺘﻈﺎر ﺷﻤﻌﺔ!
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
أدت الثورة التكنولوجية الهائلة خلال الثلاثين عاماً الماضية، إلى تأثيرات غير مسبوقة على الصحافة عموماً والصحف الورقية خصوصاً. وقد طالت هذه التأثيرات السلبية جميع الصحف فى العالم كله، حيث تعانى الصحف المطبوعة من تحديات تدفعها إلى الاحتضار يوماً وراء الآخر، رغم بعض المحاولات الخجولة لإبقائها على قيد الحياة.
لقد دفع توحش الميديا صحفاً عالمية رصينة إلى «استجداء» القراء، لدعمها بمبالغ زهيدة كى تتمكن من الاستمرار. تحرص «الجارديان» البريطانية على سبيل المثال، على تذييل موضوعاتها بالمناشدة التالية لحثِّ القراء على الاشترك شهرياً: «ليس لدينا مالك ملياردير، ولكنّ لدينا شيئاً أكثر قوة إلى جانبنا، هو أنت أيها القارئ. كن واثقاً أنك تُحدث تأثيراً كبيراً كل شهر فى دعم الصحافة المستقلة. شكراً لك».
لا شك أن حال الصحف المطبوعة فى مصر شديد الصعوبة، أما الحزبية منها على وجه الخصوص، فهى تنتظر قبلة إنعاش عاجلة أو تكريمها بالدفن فى مثواها الأخير. لقد أدت الزيادات المتوالية فى أسعار الورق ومستلزمات الطباعة وتراكم المديونيات وغياب الدعم واحتكار سوق الإعلانات وفقر مصادر التمويل، إلى عثرات مؤسفة تهدد بإغلاق الصحف الحزبية التى لم يتبقَّ منها إلا بضع صحف لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، مثل «الوفد» اليومية و«الأهالى» الأسبوعية، فى بلد يتخطى عدد سكانه مائة مليون مواطن! إن نظرة سريعة على حال الصحف المصرية فى أربعينيات القرن الماضى التى كانت تموج بعدد لا يحصى من الإصدارات الحزبية والخاصة، يكشف لنا الحالة المزرية التى وصلت إليها حالة الصحف، حد العجز عن دفع الرواتب الهزيلة أصلاً للعاملين.
كانت «الوفد» على سبيل المثال، والتى يتجاوز عمرها حالياً أربعين عاماً، قد راكمت وديعة مالية بجهود العاملين فيها، تضمن لها الصدور المنتظم، ودفع الرواتب دون تأخير، وضمان مستحقات المحالين للمعاش، غير أن الأزمة الاقتصادية المتواصلة وشُح مصادر التمويل طوال السنوات العشر الأخيرة، قد استنزفت هذا المخزون المالى، وأحالته إلى مديونيات.
إن أبرز مشكلات الصحف الحزبية تتركز فى تدهور موارد الإعلانات التى كانت تعتمد عليها فى تمويلها، وارتفاع أسعار مستلزمات الطباعة، واستغناء شرائح كبيرة من القراء عن الصحف الورقية التى تقدم محتوى رصيناً وملتزماً، لصالح مواقع الميديا التى تهدف إلى الترفيه التافه والاستهلاك السريع.
ورغم هذه الأزمة المعقدة، فإن هناك بعض الاقتراحات التى يمكن أن تكون خطوات مبدئية لانتشال الصحف الحزبية من مصير مأساوى:
١- دعم الدولة للصحف الحزبية، أسوة بالصحف القومية.
٢- إلزام الكيانات الإعلامية الكبرى التى تستحوذ على سوق الإعلانات، بتخصيص نسبة للصحف الحزبية.
٣- إعطاء الأولوية للصحف الحزبية من إعلانات المؤسسات الحكومية.
٤- خفض تكاليف طبع الصحف الحزبية فى المطابع التى تمتلكها الدولة.
٥- لا يجوز أن تتبع الصحف القومية الهيئة الوطنية للصحافة، بينما الصحف الحزبية تتبع الهيئة الوطنية للإعلام.
٦- الهيئة الوطنية للصحافة تمنح الزملاء فى الصحف القومية مكافأة نهاية خدمة، بينما لا يحصل عليها الصحفيون فى الصحف الحزبية.
٧- توجيه البنوك الحكومية بتقديم قروض ميسرة لسداد مديونيات الصحف الحزبية.
٨- مطلوب تدخل نقابة الصحفيين لحل مشكلة الديون المتراكمة لهيئة التأمينات.
٩- ضرورة تخصيص نسبة محددة وثابتة من المشروعات الخدمية التى تحصل عليها نقابة الصحفيين لمحررى الصحف الحزبية، بهدف التخفيف من ظروفهم المادية الصعبة.
وغنىّ عن القول إن الصحافة عموماً، والصحف الحزبية تحديداً لا تنتعش إلا فى مناخ تام من الحرية، حيث تقع على عاتقها مسؤولية أكبر من زميلاتها القومية والخاصة فى استقصاء الحقيقة، لأنها تفقد ثقة القراء إن لم يكن لها صوتها الخاص المستقل عن الصوت الحكومى الرسمى، ولذلك فهى تعانى من صراع دائم للتوفيق بين المسموح والمحظور، مما ينعكس على أدائها ويهوى بمستويات توزيعها. إن غياب المناخ الحر بسبب الاستقطابات السياسية الحادة فى العالم أجمع، وفى منطقتنا على وجه الخصوص، هو ما دفع جهات دولية عديدة مهتمة بحرية التعبير، إلى التحذير من أن مستقبل الصحافة المطبوعة فى خطر. ولستُ فى حاجة إلى التأكيد على أن الديمقراطية هى روح الصحف المطبوعة، سواء كانت قومية أو حزبية أو خاصة، حيث تقوم بدور مهم فى التصدى للفساد، وتطوير المجتمع المدني، وتحث المواطنين على المشاركة السياسية، من أجل بناء وطن أقوى وغد أفضل.
ختاماً؛ إن النظرة القديمة القاصرة التى تُقصى الصحف الحزبية من المشهد وتحرمها من الدعم وتراقبها بعين العداء بزعم أنها "ضد الدولة" لابد لها أن تتغير، فى عالم يموج يومياً بتغييرات عنيفة ومتسارعة.
(نص كلمة رئيس التحرير حول أزمات الصحف الحزبية، فى المؤتمر السادس لنقابة الصحفيين).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عاطف خليل الصحف الحزبية الثورة التكنولوجية الصحافة التأثيرات السلبية الجارديان البريطانية سبيل المثال الصحف الحزبیة الحزبیة من
إقرأ أيضاً:
الصحافة العالمية تعلق على سجن عمدة إسطنبول
أنقرة (زمان التركية) – قضت محكمة الصلح والجزاء المناوبة صباح اليوم الأحد، بحبس عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بتهمة الفساد، ولاقى القرار أصداء واسعة بالصحافة العالمية التي تتابع التطورات منذ اعتقال إمام أوغلو رفقة العديد من القيادات ببلدية إسطنبول الكبرى.
بي بي سي: التظاهرات سلمية
تناولت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قرار حبس إمام أوغلو في خبرها بعنوان “صدر قرار سجن عمدة إسطنبول رسميا وتم توجيه الاتهام إليه”. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أن العديد من الأشخاص الذين كانوا في الشوارع ليلة السبت وواجهوا خطر الاعتقال أوضحوا في حديثها معهم أنهم يقاتلون من أجل مستقبل يمكن أن يؤمنوا به.
ووصفت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الاحتجاجات، التي تشهدها العديد من المدن خلال الأيام الأربعة الماضية بمشاركة الآلاف من الناس، بالسلمية، وأفادت أن إمام أوغلو يُنظر إليه على أنه أحد أصعب المنافسين السياسيين للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وأنه المرشح الوحيد الذي يتنافس بانتخابات حزب الشعب الجمهوري لتحديد المرشح الرئاسي للحزب.
الغارديان: الاحتجاجات تتحول إلى صراع من أجل الديمقراطية
في خبرها بعنوان “الاحتجاجات تتحول إلى صراع من أجل الديمقراطية”، أوضحت صحيفة الغارديان البريطانية أن الغضب على اعتقال إمام أوغلو كان حجر الزاوية في معارضة أردوغان. وأضافت الغارديان أن محاولة أردوغان طويلة الأمد لاستعادة اسطنبول من سيطرة المعارضة قد غذت حماس وغضب المحتجين الذين تحدوا الحظر المفروض على التجمع والتظاهر في المدينة التي بدأ فيها أردوغان مسيرته السياسية كرئيس للبلدية.
ووصف مئات الأشخاص التظاهرات أمام محطة مترو الأنفاق بأنها “رد على الضغوط التي تراكمت على مر السنين” مشيرين إلى الأزمة الاقتصادية التي ارتفعت فيها تكاليف المعيشة.
أسوشيتد برس: المخاوف بشأن الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا تتعمق
في تقريرها بعنوان “محكمة تركية قررت اعتقال عمدة إسطنبول بتهم فساد”، ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن عمدة بلدية إسطنبول وأهم معارض للرئيس التركي تقرر اليوم من جانب المحكمة حبسه وإرساله للسجن بانتظار محكمة وأمر بسجنه انتظارا لنتيجة القضية التي يُحاكم خلالها بتهمة “الفساد”.
وأفادت وكالة أسوشيتد برس أن هذا الوضع يعمق أيضا المخاوف بشأن الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا.
سي إن إن: المحتجون يتحدون حظر الاحتجاج
اختارت سي إن إن الأمريكية عنوان “تم سجن عمدة إسطنبول بينما يتحدى المحتجون في جميع أنحاء تركيا الحظر المفروض على التظاهرات” عنوانا لخبرها الذي أوضحت خلاله أن عشرات الآلاف من الناس خرجوا إلى الشوارع في أكثر من اثنتي عشرة مدينة في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك إسطنبول والعاصمة أنقرة، في مظاهرات سلمية إلى حد كبير ضد اعتقال إمام أوغلو منذ يوم الخميس.
وأكدت سي إن إن أن قرار حبس إمام أوغلو لا علاقة له بتحقيق منفصل في المساعدات المزعومة لحزب العمال الكردستاني.
نيويورك تايمز: “حبس رئيس بلدية اسطنبول الذي من المتوقع أن يكون المرشح الرئاسي لتركيا”
نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن أنصار إمام أوغلو قولهم إن اتهامات الفساد ضد إمام أوغلو كانت حيلة للقضاء على الخصم السياسي الرئيسي لأردوغان”.
رويترز: “قد يؤدي ذلك إلى أكبر احتجاجات في البلاد”
أفادت وكالة رويترز للأنباء أن قرار السجن قد يؤدي إلى أكبر احتجاجات في البلاد ضد حكومة أردوغان منذ أكثر من عقد، بحسب ما تداوله وسائل إعلام تركية.
دويتشه فيله: محاولة سياسية للقضاء على منافس لحكم أردوغان
وذكرت وكالة دويتشه فيله الألمانية في تقريرها بعنوان “منافس الرئيس أردوغان إمام أوغلو في السجن” أن أنصار إمام أوغلو يرون أن هذا الاعتقال هو محاولة ذات دوافع سياسية للقضاء على منافس شعبي لحكم أردوغان منذ أكثر من عقدين.
وأشار دويتشه فيله إلى أن الانتخابات الرئاسية في تركيا ستجري في عام 2028، مفيدًا أن “الرئيس أردوغان لا يمكن أن يكون مرشحا مرة أخرى إلا إذا تم إجراء تعديل دستوري أو اتخاذ قرار بإجراء انتخابات مبكرة.
Tags: أكرم إمام أوغلوحبس عمدة إسطنبول