بوابة الوفد:
2025-01-16@00:07:54 GMT

الكرسى بين الوظيفة والرمزية

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

ما من مرة نلتقى بأصدقائنا إلّا ويقدّم الصغير سنا بيننا الكرسى الأفضل للكبير سنا أو مقاما. وهذا ما جعلنى أبحث عن الكرسى ورمزيته وأجعله موضوعا لمقالى.

فى لغتنا العربية كُرسيّ (ج. كراسٍ) ويعنى مقعدٌ من الخشب ونحوِه لجالس واحد، والكُرْسِيُّ أيضا مركزٌ علميٌّ فى الجامعة يشغَله أُستاذٌ، وكرسيّ المُلْك: عَرْشه.

والفعل الشائع المشتق من جذر كرسى هو: كرَّسَ يكرِّس، تكرِيسًا، وكَرَّسَ البِنَاءَ: أَسَّسَهُ. وطبعا لاننسى الاسم الذى لازمنا فى سنوات الدراسة: كُرّاس (ج. كَرَارِيسُ أو كُرَّاسَاتٌ).

وفى الانجليزية يسمّى الكرسى «chair» والتى جاءت من اللغة الفرنسية القديمة «chaiere» (الكرسي، المقعد، العرش)، وهى مشتقة من الكلمة اللاتينية «cathedra» مما يبرز مكانة الكرسى كرمز للسلطان والهيبة على نحو مشابه لمعناه فى لغتنا العربية.

واستعمال الكرسى يظهر الفرق بين مكانة الجالس والواقف، فالجالس فى الغالب يكون أعلى رتبة من الواقف فى حضرته. فلا غرابة أن الكرسى كان رمزًا للسلطة الحاكمة، حيث كان يرتبط بالملوك والاباطرة. ففى مصر القديمة كان الفراعنة يظهرون فى الفنون القديمة وهم يجلسون على عروش فخمة مصممة بعناية تعبيرًا عن مكانتهم العالية. كما كانت هذه العروش تُصوّر كأدوات للهيمنة والفصل بين الملك والشعب. وهذا الرابط بين الكرسى والسلطة استمر فى الثقافتين اليونانية والرومانية، حيث كانت كلمة «cathedra» ترتبط بالتماثيل واللوحات التى تُظهر الشخصيات البارزة مثل الأباطرة والفلاسفة.

ومع بداية عصر النهضة فى أوروبا، شهد الكرسى تحولًا فى رمزيته. ففى الوقت الذى ظلّ فيه رمزًا للسلطة، بدأت تكنولوجيا التصميم تسمح بإنتاج كراس أصبحت متاحة لأوسع طبقات المجتمع. وأصبح الكرسى فى الفن والأدب ليس مجرد أداة للراحة، بل رمزًا للكرامة الشخصية. مثّل الكرسى فى أعمال فنانى النهضة مثل دافينشى وميكل أنجلو الراحة والرفاهية، ما يعكس التغيير الاجتماعى فى ذلك الوقت.

فى القرن العشرين استخدم فنانون مثل آندى وارهولAndy Warhol وجوزيف بويز Joseph Beuys الكرسى فى أعمالهم لاستكشاف موضوعات مثل الاستهلاكية والهوية والتغيير السياسى. يبرز استخدام آندى وارهول فى رسمه «الكرسى الكهربائى» عام 1967 عن رأيه فى الاعدام بينما يرمز «الكرسى الدهنى» (Fat Chair) للفنان جوزيف بويز إلى مكونات الجسد البشرى. وفى عصرنا الحديث ظهر كرسى المونوبلوك monobloc الكرسى البلاستيكى الأبيض الأكثر شيوعًا فى العالم.

يظل الكرسى رمزًا غنيًا ومعقدًا يعكس تطور الأفكار والمفاهيم عبر العصور محتفظا بأهمية متعددة الأوجه فى فهمنا للجسد، والهوية، والسلطة، والراحة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لغتنا العربية

إقرأ أيضاً:

الوقت

 

 

أنيسة الهوتية

هذه الحياة الدُنيا بسيطةٌ جِدًا ومطلب العيش فيهِا ليس تعجيزياً! ولكن الإنسان بطبعهِ الكنود والطامع والمتطلع للمزيد من كل مزيد يُهَولُ على نفسهِ بساطة العيشِ، فيفقد لذة سر السعادة وهي العبادة. ويفقد حِس الاستمتاع بالحياة، ولذة عيشِ اللحظة التي تنساب من بين يديه كانسياب الماء. وَيُحبَطُ خاسرًا دون إدراكه لخسارته، بينما هو يفكر في الغد إن كان طامحًا، أو في مالِ غيرهِ إن كان حاسدًا حاقدًا، أو في الاستمتاع بالملذات الدنيوية المحظورة إن كان فاسقًا، أو في انتصار لا يُسمن ولا يُغني من جوع إن كان سفيهًا.

وفي كلِ حالاتهِ تلك تتسلط عليهِ الدُنيا بأمرِ الله تعالى حسب رغباته النفسية التي هي المغناطيس الجاذب للطاقات الكونية إليه، فيغرق في وحلها، أو يضيع في دهاليزها، وفي النهاية لا يجدُ شيئًا من أمرٍ إلا وكان قد كُتب لهُ ولو مشى على الصراط المستقيم كان سينالهُ حلالًا طيبًا.

فالرزق أنواعٌ، وهنا لا أتحدث عن أنواعهِ التصنيفية كمثلِ الصحة، والجمال، والمال، وراحة البال...إلخ، إنما عن أنواعهِ الأساسية الثلاث والتي هي رزقٌ مكتوب لك يتبعكَ أينما ذهبت، ورزقٌ مرغوب لك يأتيكِ بسعيك له ولا يذهب لغيرك أبدًا، بل يبقى ينتظرك في مكانه حتى تجذبه إليك باجتهادك، ورزقٌ يُكافئكَ به الله تعالى حين يرضى عليكَ وهو ما قيل فيه (رِزقٌ من حيثُ لا تحتسب).

والوقت رزقٌ عظيم، ووجودنا في الأرضِ مُسطرٌ بمسطرة الوقت. وكل جزءٍ من ثانية يضيع منَّا في أمورٍ تافهةٍ يعتبر هدرًا فيه، والوقت المهدور كالمال المهدور؛ بل وأشد وقعًا.

والإنسان الذي يقدر قيمة الوقت، يحاول أن يكسبهُ في استثمارات دنيويةٍ صالحةٍ تعود عليهِ بمكاسب في حياتهِ الآخرة! فإننا كُلنا كبشر لسنا سوى رواد أعمال ومستثمرين في هذه الحياة الدنيا كما شاء الله لنا.

فكمثلِ صناديق ريادة الأعمال التي تواجدت كينونتها في أغلب الدول المتقدمة قبل مئات السنين، ولكن في الشرق الأوسط بدأ العمل بهِا منذ بداية الألفية والتي من شأنها المساهمة في تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودعم رواد الأعمال أو المستثمرين.

فإنها بذات النسق، يولد الإنسانُ على هذه الأرضِ بأمر الله تعالى، وينزل معه وقتهُ كأول نوالِ من الرزق بدفعة واحدة دون تقسيط، ولكن برقمٍ غير معلوم! فيبدأ تجهيزهُ بهِ لاستثماره الجاري مُذ لحظةِ ولادته. وككل استثمار، في أُولى سنواته التي يكون فيها ضعيفًا هو غيرُ مُحاسب، حتى يبلغ أشدهُ وَيصل سن التكليف، فيأمر الله تعالى الكرام الكاتبين الموكلين عليه بالعمل، فتبدأ الأقلامُ بالكتابة، والصحائفُ والتقاريرُ بالامتلاء.

وتشبيهًا بالمشاريع في المؤسسات هُم المدققون، مهمتهم تدوين أي فساد داخلي وخارجي يدار من مشروع الاستثمار الحي الذي هو الإنسان في حقِ نفسه، وهؤلاء المدققون ليس لديهم وقت عمل محدد، بل يعملون أربع وعشرين ساعة بشكل يومي، بلا كلل ولا ملل، حتى أنهم يبقون على رأسِ المشروع بينما هو نائم! إنهم لا يفارقونه حتى تفارقه روحه في آخر ثانيةٍ من وقته.

ومن رحمة الله تعالى بهذا المشروع البشري الذي خلقه للاستثمار في الأرض، بشرط أن ينال ثمرة استثماره وتجارته مع الله تعالى في الآخرة. أنه ليس فقط يُعطى رزق الوقت مع بقية الأرزاق ثم يكون مُحاطًا بالمدققين حوله. إنما كذلك يُنزل الله تعالى لهُ مُستشارين متخصصين ينصحونهُ ويرشدونهُ، فقط عليهِ الإنصات بالابتعاد عن ضوضاء الشياطين. وأيضًا، حُراسًا يحرسونهُ، وَمفاتيحَ هائلة من الآيات والدعوات الفورية التأثير لزيادة ربح تجارته واستثماره.

الكون مُسخرٌ لنا، ونحن المعجزة. فلماذا نستهين بأنفسنا وَنجزع؟!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الوقت
  • وفود سياحية تزور المناطق الأثرية بالمنيا للتعرف على عظمة الحضارة المصرية القديمة
  • وقفة مسلحة في صنعاء القديمة تأكيدا على الجهوزية لمواجهة العدو
  • وقفة مسلحة في صنعاء القديمة تؤكد الجهوزية لمواجهة العدو ونصرة فلسطين
  • حفظ التحقيق في العثور على جثة شاب مشنوق داخل مقابر مصر القديمة
  • سلطات طنجة توقف أعمال بناء كانت تهدد بإعدام مشهد بانورامي بالمدينة القديمة
  • الكويت.. محكمة الوزراء تقضي بحبس وزير الداخلية السابق 14 سنة مع عزله من الوظيفة
  • من مصر القديمة إلى نيويورك.. متحف بروكلين يعرض تاريخ الذهب الخالص في الثقافات
  • إعانة 2730 دولارا لمن يستبدل سيارته القديمة في هذه الدولة
  • إجراءات حازمة ضد ازدواجية الوظيفة في الجامعات الخاصة الليبية