بوابة الوفد:
2024-12-15@20:49:49 GMT

الكرسى بين الوظيفة والرمزية

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

ما من مرة نلتقى بأصدقائنا إلّا ويقدّم الصغير سنا بيننا الكرسى الأفضل للكبير سنا أو مقاما. وهذا ما جعلنى أبحث عن الكرسى ورمزيته وأجعله موضوعا لمقالى.

فى لغتنا العربية كُرسيّ (ج. كراسٍ) ويعنى مقعدٌ من الخشب ونحوِه لجالس واحد، والكُرْسِيُّ أيضا مركزٌ علميٌّ فى الجامعة يشغَله أُستاذٌ، وكرسيّ المُلْك: عَرْشه.

والفعل الشائع المشتق من جذر كرسى هو: كرَّسَ يكرِّس، تكرِيسًا، وكَرَّسَ البِنَاءَ: أَسَّسَهُ. وطبعا لاننسى الاسم الذى لازمنا فى سنوات الدراسة: كُرّاس (ج. كَرَارِيسُ أو كُرَّاسَاتٌ).

وفى الانجليزية يسمّى الكرسى «chair» والتى جاءت من اللغة الفرنسية القديمة «chaiere» (الكرسي، المقعد، العرش)، وهى مشتقة من الكلمة اللاتينية «cathedra» مما يبرز مكانة الكرسى كرمز للسلطان والهيبة على نحو مشابه لمعناه فى لغتنا العربية.

واستعمال الكرسى يظهر الفرق بين مكانة الجالس والواقف، فالجالس فى الغالب يكون أعلى رتبة من الواقف فى حضرته. فلا غرابة أن الكرسى كان رمزًا للسلطة الحاكمة، حيث كان يرتبط بالملوك والاباطرة. ففى مصر القديمة كان الفراعنة يظهرون فى الفنون القديمة وهم يجلسون على عروش فخمة مصممة بعناية تعبيرًا عن مكانتهم العالية. كما كانت هذه العروش تُصوّر كأدوات للهيمنة والفصل بين الملك والشعب. وهذا الرابط بين الكرسى والسلطة استمر فى الثقافتين اليونانية والرومانية، حيث كانت كلمة «cathedra» ترتبط بالتماثيل واللوحات التى تُظهر الشخصيات البارزة مثل الأباطرة والفلاسفة.

ومع بداية عصر النهضة فى أوروبا، شهد الكرسى تحولًا فى رمزيته. ففى الوقت الذى ظلّ فيه رمزًا للسلطة، بدأت تكنولوجيا التصميم تسمح بإنتاج كراس أصبحت متاحة لأوسع طبقات المجتمع. وأصبح الكرسى فى الفن والأدب ليس مجرد أداة للراحة، بل رمزًا للكرامة الشخصية. مثّل الكرسى فى أعمال فنانى النهضة مثل دافينشى وميكل أنجلو الراحة والرفاهية، ما يعكس التغيير الاجتماعى فى ذلك الوقت.

فى القرن العشرين استخدم فنانون مثل آندى وارهولAndy Warhol وجوزيف بويز Joseph Beuys الكرسى فى أعمالهم لاستكشاف موضوعات مثل الاستهلاكية والهوية والتغيير السياسى. يبرز استخدام آندى وارهول فى رسمه «الكرسى الكهربائى» عام 1967 عن رأيه فى الاعدام بينما يرمز «الكرسى الدهنى» (Fat Chair) للفنان جوزيف بويز إلى مكونات الجسد البشرى. وفى عصرنا الحديث ظهر كرسى المونوبلوك monobloc الكرسى البلاستيكى الأبيض الأكثر شيوعًا فى العالم.

يظل الكرسى رمزًا غنيًا ومعقدًا يعكس تطور الأفكار والمفاهيم عبر العصور محتفظا بأهمية متعددة الأوجه فى فهمنا للجسد، والهوية، والسلطة، والراحة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لغتنا العربية

إقرأ أيضاً:

مدائن التراث في شنقيط يحتفي بالمدن القديمة لموريتانيا

انطلقت الجمعة فعاليات النسخة الـ13 من مهرجان "مدائن التراث" بمدينة شنقيط شمالي موريتانيا، الذي تنظمه الحكومة سنويا بهدف "إعادة الاعتبار للمدن القديمة في البلاد".

وبث التلفزيون الموريتاني فعاليات افتتاح المهرجان الذي حضره رئيس البلاد محمد ولد الشيخ الغزواني، وزعيم المعارضة حمادي ولد سيدي المختار، بالإضافة إلى وفود عربية ودولية، وفق مراسل الأناضول.

وتستمر فعاليات المهرجان 5 أيام، يتم خلالها تنظيم ندوات علمية وسهرات فنية وفلكلورية، ومعارض للصناعات التقليدية.

وفي اليوم الثاني للمهرجان، شاركت فرق فنية ومسرحية وشعراء من مختلف مناطق موريتانيا، في إنعاش فعاليات مهرجان "مدائن التراث" بمدينة شنقيط التاريخية شمالي البلاد.

فرق فنية ومسرحية وشعراء من مختلف مناطق موريتانيا شاركوا في إنعاش فعاليات مهرجان "مدائن التراث" بمدينة شنقيط التاريخية شمالي البلاد (مواقع التواصل)

وقدمت الفرق، أمس السبت، عروضا فنية وفلكلورية ورقصات شعبية، إضافة إلى فقرات أشادت بصمود الشعب الفلسطيني في تصديه للاحتلال الإسرائيلي.

وشملت فعاليات اليوم الثاني من النسخة الـ13 للمهرجان سباقات الإبل ومعارض للصناعة التقليدية الموريتانية.

وزارت الوفود المشاركة في المهرجان المكتبات التاريخية في المدينة واطلعت على المخطوطات فيها.

ومدينة شنقيط هي التي عرفت البلاد باسمها لقرون، وكان لها دور ثقافي واقتصادي بارز على الطرق التجارية القديمة، وبمنطقة غرب أفريقيا.

فعاليات المهرجان شارك فيها وفود من منظمات ومؤسسات دولية وإقليمية (مواقع التواصل)

وتصنف منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو" شنقيط موقعا للتراث العالمي، حيث استطاعت الحفاظ على نمطها المعماري الاستثنائي منذ 7 قرون، وتضم نحو 20 مكتبة تحوي آلاف المخطوطات.

إعلان

وتنظم وزارة الثقافة الموريتانية المهرجان سنويا، بالتناوب بين المدن التاريخية القديمة في البلاد وهي شنقيط ووادان وتيشيت وولاتة، بهدف إعادة الاعتبار لها.

وتشارك في فعاليات المهرجان وفود من منظمات ومؤسسات دولية وإقليمية، بينها اليونسكو، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو".

كما يشارك في المهرجان وفد جزائري يرأسه وزير الثقافة زهير بللو، بالإضافة للعديد من الخبراء والباحثين والأكاديميين.​​​​​​​

مقالات مشابهة

  • وفاة 3 أشخاص في حريق هائل داخل شقة سكنية بمنطقة مصر القديمة
  • شقيق المتهم بالشروع في قتله بمصر القديمة: "كنت ناوى أصالحه"
  • عزل من الوظيفة وتخفيف السجن مع غرامة للمتهم الأول في قضية «رشوة مصلحة الجمارك»
  • الكرسي بين الوظيفة والرمزية 
  • مدائن التراث في شنقيط يحتفي بالمدن القديمة لموريتانيا
  • مسؤولان سابقان متابعان بإساءة استغلال الوظيفة بعد اتهامهما بالتوزيع غير العادل لعقود سكنات “عدل”
  • الناقدة شاهندة محمد علي: إعادة إنتاج الأعمال الفنية القديمة يضر صناعة السينما
  • حبس تشكيل عصابى تخصص فى سرقة الهواتف بمصر القديمة
  • المصرية لـ حقوق الإنسان: مصر هدمت السجون القديمة التي لم تكن آدمية