الكرسى بين الوظيفة والرمزية
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
ما من مرة نلتقى بأصدقائنا إلّا ويقدّم الصغير سنا بيننا الكرسى الأفضل للكبير سنا أو مقاما. وهذا ما جعلنى أبحث عن الكرسى ورمزيته وأجعله موضوعا لمقالى.
فى لغتنا العربية كُرسيّ (ج. كراسٍ) ويعنى مقعدٌ من الخشب ونحوِه لجالس واحد، والكُرْسِيُّ أيضا مركزٌ علميٌّ فى الجامعة يشغَله أُستاذٌ، وكرسيّ المُلْك: عَرْشه.
وفى الانجليزية يسمّى الكرسى «chair» والتى جاءت من اللغة الفرنسية القديمة «chaiere» (الكرسي، المقعد، العرش)، وهى مشتقة من الكلمة اللاتينية «cathedra» مما يبرز مكانة الكرسى كرمز للسلطان والهيبة على نحو مشابه لمعناه فى لغتنا العربية.
واستعمال الكرسى يظهر الفرق بين مكانة الجالس والواقف، فالجالس فى الغالب يكون أعلى رتبة من الواقف فى حضرته. فلا غرابة أن الكرسى كان رمزًا للسلطة الحاكمة، حيث كان يرتبط بالملوك والاباطرة. ففى مصر القديمة كان الفراعنة يظهرون فى الفنون القديمة وهم يجلسون على عروش فخمة مصممة بعناية تعبيرًا عن مكانتهم العالية. كما كانت هذه العروش تُصوّر كأدوات للهيمنة والفصل بين الملك والشعب. وهذا الرابط بين الكرسى والسلطة استمر فى الثقافتين اليونانية والرومانية، حيث كانت كلمة «cathedra» ترتبط بالتماثيل واللوحات التى تُظهر الشخصيات البارزة مثل الأباطرة والفلاسفة.
ومع بداية عصر النهضة فى أوروبا، شهد الكرسى تحولًا فى رمزيته. ففى الوقت الذى ظلّ فيه رمزًا للسلطة، بدأت تكنولوجيا التصميم تسمح بإنتاج كراس أصبحت متاحة لأوسع طبقات المجتمع. وأصبح الكرسى فى الفن والأدب ليس مجرد أداة للراحة، بل رمزًا للكرامة الشخصية. مثّل الكرسى فى أعمال فنانى النهضة مثل دافينشى وميكل أنجلو الراحة والرفاهية، ما يعكس التغيير الاجتماعى فى ذلك الوقت.
فى القرن العشرين استخدم فنانون مثل آندى وارهولAndy Warhol وجوزيف بويز Joseph Beuys الكرسى فى أعمالهم لاستكشاف موضوعات مثل الاستهلاكية والهوية والتغيير السياسى. يبرز استخدام آندى وارهول فى رسمه «الكرسى الكهربائى» عام 1967 عن رأيه فى الاعدام بينما يرمز «الكرسى الدهنى» (Fat Chair) للفنان جوزيف بويز إلى مكونات الجسد البشرى. وفى عصرنا الحديث ظهر كرسى المونوبلوك monobloc الكرسى البلاستيكى الأبيض الأكثر شيوعًا فى العالم.
يظل الكرسى رمزًا غنيًا ومعقدًا يعكس تطور الأفكار والمفاهيم عبر العصور محتفظا بأهمية متعددة الأوجه فى فهمنا للجسد، والهوية، والسلطة، والراحة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لغتنا العربية
إقرأ أيضاً:
مؤسسة CIB تدعم مستشفى مبرة مصر القديمة بـ15 مليون جنيه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في خطوة تعكس التزامها بتعزيز القطاع الصحي وتحسين جودة الرعاية الطبية للأطفال، أعلنت مؤسسة البنك التجاري الدولي عن تقديم دعم مالي بقيمة 15 مليون جنيه لصالح وحدة أمراض القلب للأطفال بمستشفى مبرة مصر القديمة.
ويستهدف هذا الدعم توفير الفحوصات الطبية باستخدام تقنية الموجات الصوتية (الإيكو) للأطفال المصابين بعيوب خلقية في القلب، إلى جانب تقديم التدخلات العلاجية الضرورية عبر قسطرة القلب للأطفال الذين يعانون من تشوهات قلبية وأمراض القلب الروماتيزمية.
وجرى توقيع اتفاقية التعاون بين مؤسسة البنك التجاري الدولي والمؤسسة العلاجية بمقر وزارة الصحة والسكان بالعاصمة الإدارية الجديدة، وذلك بحضور الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، وعمرو الجنايني، نائب الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة البنك التجاري الدولي – مصر، ونائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة البنك التجاري الدولي.
وأكد عمرو الجنايني، خلال كلمته بهذه المناسبة، أن هذا التعاون يعكس التزام المؤسسة بدورها في دعم الأطفال المصابين بأمراض القلب، مشددًا على أهمية توفير الرعاية الصحية اللازمة لضمان حياة أفضل لهم. وأضاف: "نؤمن بأهمية تطوير قطاع الرعاية الصحية وخلق تأثير مستدام للأجيال القادمة".
ويهدف المشروع إلى تحقيق تأثير طويل الأمد على حياة الأطفال المرضى في مختلف أنحاء مصر، من خلال توفير رعاية طبية متكاملة تسهم في تحسين جودة حياتهم وضمان مستقبل صحي أفضل.
وتعكس هذه المبادرة التزام مؤسسة البنك التجاري الدولي بتطوير البنية التحتية الصحية في مصر وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، في إطار الجهود الرامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مجال الصحة.