ورأى المغردون أن التعتيم على ملف النفط السوري بدأ منذ انقلاب حافظ الأسد واستيلائه على السلطة، إذ ظلت أرقام الإنتاج وعدد الحقول ونسبة العائدات في ميزانية الدولة غير معلنة.

واستمر هذا الغموض في عهد المخلوع ابنه بشار الأسد، رغم أن البلاد كانت مكتفية ذاتيا بإنتاج يقدر بنحو 300 ألف برميل يوميا.

وشهد ملف النفط السوري تحولا كبيرا بعد اندلاع الثورة عام 2011، إذ وقعت أهم الحقول النفطية في قبضة "تنظيم الدولة" أولا، ثم انتقلت السيطرة عليها إلى قوات سوريا الديمقراطية.

وتشمل هذه الحقول الرئيسية: السويدية والرميلان في الحسكة، والعمر في دير الزور، والتي كانت تشكل مجتمعة 90% من الثروة النفطية و45% من إنتاج الغاز في البلاد.

ووفقا لموقع أويل برايس، تجني قوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على معظم هذه الحقول، نحو 10 ملايين دولار شهريا، وتصدر النفط إلى 3 وجهات رئيسية: نظام الأسد، ومناطق سيطرة المعارضة، وإقليم كردستان العراق.

وقد انخفض إنتاج الحقول السورية بشكل كبير بعد 2011 ليصل إلى 30 ألف برميل يوميا فقط.

معاناة السوريين

واستعرضت حلقة 15-12-2024 من برنامج "شبكات" تغريدات بعض النشطاء التي سلطت الضوء على حجم المعاناة التي عاشها السوريون رغم امتلاك بلادهم ثروات نفطية كبيرة.

إعلان

وغرد الناشط كريم متحسرا على المعاناة اليومية التي كان السوريون يواجهونها قائلا: "حرفيا، نحنا كنا واقفين بالدور على جرة الغاز، وع الأغلب المي (المياه) مقطوعة، والكهربا تطل علينا بالشهر زيارة رسمية! كنا شعب عندنا نفط وما منعرف شو ريحته".

وفي السياق نفسه، اتفقت صاحبة الحساب لمى مع كريم، وكتبت تقول: "باب النجار مخلوع، أغلب النفط بسوريا من دير الزور والحسكة، وما فيهم مشافي ولا مدارس ولا جامعات مثل الخلق، وكلها فقر ونقص خدمات".

ومن جهته، حاول الناشط لؤي توضيح أوجه صرف أموال النفط، وغرد: "كانت عائدات النفط لا تدخل في ميزانية الدولة السورية مطلقا، ولا توزع على المؤسسات؛ كانت فقط تنزل بحساب عيلة المخلوع، مصروفات شخصية لهم وتحويل للحسابات خارج البلد".

أما المغردة سمر، فعبرت عن تخوفها من المستقبل وتساءلت: "رجعت ثرواتنا هلا كيف رح ندبرها؟ كيف رح نرجع نستفيد منها؟ كيف نضمن أنه ما تنفتح شهية روسيا وأميركا وغيرها؟".

وكانت روسيا وقعت عام 2018 مع الحكومة السورية اتفاقية تمنح موسكو حقوقا حصرية لإعادة بناء قطاع النفط والغاز السوري وحماية حقول النفط مقابل حصة 25% من إنتاج النفط والغاز من أرباح عدد من الحقول النفطية، لكن وزارة الخزانة الأميركية فرضت عليها عقوبات اقتصادية.

15/12/2024

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

كيف غزت المنتجات الأجنبية الأسواق السورية بعد سقوط الأسد؟

قالت صحيفة فايننشال تايمز -في تقرير لها- إن سوريا تشهد تحولًا اقتصاديًا جذريًا بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، حيث أدى تخفيف القيود على الدولار وخفض الرسوم الجمركية إلى تدفق غير مسبوق للسلع الأجنبية التي كانت غائبة عن الأسواق السورية طوال سنوات الحرب الأهلية.

وقد نتج هذا التحول الاقتصادي المفاجئ عن تغييرات شاملة في السياسات الاقتصادية، مما جعل الأسواق تزدهر بالبضائع المستوردة.

سيل من الواردات

وفي العاصمة دمشق، شهدت المتاجر ارتفاعًا كبيرًا في توفر السلع المستوردة التي كانت تختفي عن الأنظار منذ سنوات، مثل المياه المعدنية التركية، مكعبات المرقة السعودية، مساحيق الحليب اللبنانية.

أحد الأسواق الشعبية في دمشق (الأناضول)

كما عادت العلامات التجارية الغربية لتزين أرفف المتاجر، في مشهد يرمز إلى عودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها بحسب الصحيفة.

وفي أحد المتاجر الكبرى وسط دمشق، خُصص جدار كامل لمنتجات رقائق البطاطا (الشبس)، في حين أفاد موظف بأن المستهلكين كانوا الأكثر حماسًا للحصول على منتجات مثل الجبنة المكعبة والمشروبات الغازية الأميركية، مضيفًا "كل شيء مستورد الآن جديد. ما كنا نبيعه سابقا كان إنتاجا سوريا بالكامل".

إعلان إرث سابق

ووفق الصحيفة فقد كانت السياسات الاقتصادية لنظام الأسد تعيق وصول السلع الأجنبية إلى الأسواق. فمنذ عام 2013، تم حظر التعامل بالعملات الأجنبية، وزادت الرسوم الجمركية على الواردات بشكل كبير لتصل -على سبيل المثال- إلى 900 دولار على هواتف آيفون.

وقد أجبر ذلك السوريين على الاعتماد على الإنتاج المحلي أو اللجوء إلى التهريب للحصول على السلع غير المتوفرة.

كما فرضت نقاط التفتيش العسكرية التابعة للنظام، وخاصة الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، قيودًا إضافية على نقل البضائع، مما زاد من تكاليف الإنتاج ورفع أسعار السلع. وأوضح محمود، أحد بائعي الخضراوات في سوق الشعلان، أن المزارعين كانوا يُجبرون على تسليم جزء من منتجاتهم عند نقاط التفتيش. وقال "لم يكن لدى المزارعين خيار سوى الخضوع للابتزاز. كانوا بحاجة لتأمين معيشتهم".

إصلاحات اقتصادية

وبعد سقوط النظام، أعلنت الحكومة الجديدة التي تدير شؤون البلاد عن سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية، أبرزها السماح بالتعامل بالدولار وتخفيض الرسوم الجمركية بنسبة تتراوح بين 50% و60% وفق فايننشال تايمز.

وصرّح وزير التجارة الداخلية ماهر خليل الحسن -لوكالة سانا- في وقت سابق بأن الهدف الرئيسي لهذه الإصلاحات هو "ضخ الدماء في شرايين الاقتصاد والحفاظ على المؤسسات وخدمة المواطنين".

تهدف الإدارة السورية الجديدة لضخ الدماء في شرايين الاقتصاد المتهاوي (الأناضول) تأثير الإصلاحات على الأسعار والأسواق

وأسهمت هذه الإصلاحات في انخفاض ملحوظ بأسعار السلع، سواء المستوردة أو المحلية. على سبيل المثال، انخفض سعر الكيلوغرام من الموز اللبناني بنسبة الخُمس، بينما انخفضت أسعار البطاطس المحلية إلى ربع قيمتها السابقة. أما المنتجات الأجنبية مثل الكاتشب، فقد بلغ سعر زجاجة منها 78 ألف ليرة مقارنة بـ14 ألفا فقط للمنتج المحلي دوليز.

كما شهدت الأسواق عودة العلامات التجارية التي تحمل قيمة رمزية للمستهلك السوري، مثل بعض الأجبان الأجنبية مما أثار موجة من التعليقات الساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

إعلان تحديات مستمرة

وتشير فايننشال تايمز إلى أنه رغم التحسن الملحوظ في توفر السلع وانخفاض الأسعار، لا تزال التحديات الاقتصادية قائمة، حيث أشار البائعون لتأخر دفع الرواتب، مما أدى إلى ضعف القدرة الشرائية للمستهلكين.

لكن بعض التجار أكدوا شعورهم بالأمان النسبي في العمل، إذ يقول المواطن محمود "لم أعد أشعر بالخوف كما كان الحال في السابق".

رغم التحسن الملحوظ في توفر السلع وانخفاض الأسعار فلا تزال التحديات الاقتصادية قائمة (الفرنسية)

وأشارت فايننشال تايمز إلى أن هذه الإصلاحات الاقتصادية قد تشكل نقطة تحول كبيرة في تاريخ سوريا الاقتصادي، مع فتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية وزيادة النشاط التجاري.

ومع ذلك، يعتمد النجاح طويل الأمد لهذه الإصلاحات على الاستقرار السياسي وقدرة الحكومة على تنفيذ سياسات اقتصادية مستدامة تلبي احتياجات الشعب السوري.

وفي ظل هذه التغيرات، يبدو أن سوريا تسير على طريق الانفتاح الاقتصادي بعد سنوات من العزلة، حيث تشكل هذه الفترة اختبارا حقيقيا للقدرة على تجاوز التحديات وبناء مستقبل اقتصادي أكثر ازدهارًا.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء: العراق يتجه إلى تطوير صناعته النفطية والتوسع في إنتاج وتصدير المشتقات
  • موسكو لا تستبعد الردّ على العقوبات النفطية الأمريكية
  • الكرملين: لا نستبعد أي رد على العقوبات النفطية الأميركية
  • بالأرقام.. معدلات الإنتاج في الحقول النفطية
  • انخفاض الإيرادات النفطية نحو 6.447 مليار دولار مقارنة بالعام 2023.. والوطنية للنفط توضح!
  • كيف غزت المنتجات الأجنبية الأسواق السورية بعد سقوط الأسد؟
  • ما حجم الودائع السورية التي أثارها الشرع؟
  • عشرات الناقلات النفطية ترسو في المياه الدولية بعد فرض العقوبات الأميركية
  • إنتاج «سرت» من النفط والغاز يبلغ 130 ألف برميل في اليوم
  • الشرع يتوقع عودة معظم السوريين إلى بلدهم خلال عامين