لجريدة عمان:
2025-04-27@05:29:15 GMT

المأزق التركي في سوريا

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

حدث في يوم من الأيام أن رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب إردوجان استضاف الرئيس السوري بشار الأسد في إجازة عائلية في تركيا وخططا معا لاتحاد شرق أوسطي يضم كلا من سوريا ولبنان والأردن. لكن الربيع العربي أتي فغير ذلك كله تغييرا. إذ اتسم حكم الأسد بعده بوحشية فاق بها وحشية أبيه حافظ الأسد، وذلك حتى سقوطه على أيدي هيئة تحرير الشام في الأسبوع الماضي.

لاحقا، أصبح بشار الأسد يوصف بـ«الأسد القاتل»، وأعلن رجب طيب إردوجان ـ وقد بات رئيسا ـ أنه عما قريب سوف يصلي في المسجد الأموي بدمشق. غير أن هذه الصلاة استغرقت من الوقت أكثر كثيرا مما توقعه. ولكي يغير إردوجان نظام الأسد ذا القيادة العلوية ويستبدل به حكما سنيًّا، فقد استعمل الاحتيال والتحالف مع عصبة متنوعة من الجهاديين.

وفي زلة لسان بجامعة هارفرد سنة 2014، قال نائب الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن في فقرة الأسئلة المفتوحة إن أكبر مشكلات أمريكا وحلفائها من الأتراك والخليجيين في منطقة الشرق الأوسط هي سوريا.

«لقد عقدوا العزم على إسقاط الأسد، وخوض حرب بالوكالة بين السنة والشيعة، فما الذي فعلوه؟ صبوا ملايين الدولارات وعشرات الأطنان من الأسلحة على كل من أبدى استعدادا لمحاربة الأسد، لولا أن الذين أمدوهم بالسلاح كانوا النصرة والقاعدة والعناصر المتطرفة من الجهاديين الذين وفدوا على سوريا من أجزاء مختلفة من العالم».

وقد تمثلت مشكلة تركيا المستمرة في مشكلتهم مع القومية الكردية، بدءا بتمرد الشيخ سعيد سنة 1925 في ما يعرف بـ«الحرب القذرة» مع حزب العمال الكردستاني. ولم يزل صدى ذلك يتردد حتى اليوم في المظاهرات الأسبوعية لـ«أمهات السبت» المطالبة بمعرفة أماكن وجود أحبائهن.

ومن المفارقات أن إردوجان كان هو أول زعيم تركي يعترف بأن لدى تركيا مشكلة كردية، الأمر الذي أدى إلى محادثات أوسلو وهدنة استمرت سنتين حتى عام 2015. غير أنه في اتفاقية إغرائية كبيرة أبرمت في يوليو من عام 2015، عرض إردوجان على أوباما قاعدة إنجرليك الجوية في مقابل ما يرقى إلى إطلاق يده في الأكراد.

وبدأت عملية سلام ثانية مع شريك حكم حزب العدالة والتنمية الحاكم وهو حزب الحركة الوطنية، لولا أنها تعطلت بسبب إقالة رؤساء البلديات الأكراد المنتخبين انتخابا شرعيا وبسبب الكارثة الإنسانية الناجمة عن الضربات الجوية التركية لشمالي سوريا الخاضع لسيطرة الأكراد.

يتبين من تحليل فرانشيسكو سيكاردي [المنشور في موقع كارنيجي أوروبا سنة 2021] بوضوح أن لسوريا دورا في سياسة تركيا الخارجية. إذ يزعم الكاتب أن سياسة تركيا في سوريا مدفوعة بسياسات محلية وبحاجة إلى ضمان دعم انتخابي من خلال سياسة خارجية قومية عدوانية.

يتسم تدخل تركيا واحتلالها الفعلي لمناطق في سوريا بثلاث عمليات عابرة للحدود في أغسطس 2016 (درع الفرات)، وفي يناير 2018 (غصن الزيتون) وأكتوبر 2019 (نبع السلام)، وداخليا في إدلب في فبراير 2020 (درع الربيع)، وقد وفرت العملية الأخيرة نقطة انطلاق لحملة هيئة تحرير الشام الناجحة.

كانت العملية الأولى صدا للولايات المتحدة، إذ انطلقت العملية في اليوم الذي وضع فيه جو بايدن قدميه في أنقرة لطمأنة تركيا إلى الدعم الأمريكي بعد محاولة الانقلاب في يوليو 2016.

وأدت عملية غصن الزيتون إلى احتلال عفرين، وهي جيب كردي في شمال غرب سوريا، وأدت عملية نبع السلام إلى التوغل في شمال شرق سوريا، وكان ذلك أيضا صدا لدعم الولايات المتحدة للقوات الديمقراطية السورية ذات القيادة الكردية في حربها ضد داعش.

وتمثل سيطرة تركيا على مناطق في شمالي سوريا وإدارتها لها سخرية من دعم تركيا للحفاظ على سوريا وسلامة أراضيها.

في تحليله، يذكر فرانشيسكو سيكاردي الترتيب الاستراتيجي المتجدد بين تركيا وروسيا الذي ساعد البلدين على تحقيق أغراضهما المنفصلة في سوريا: أي بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالنسبة لموسكو وإضعاف أكراد سوريا بالنسبة لأنقرة.

وبعد هرب الأسد، ضعفت يد موسكو، وثمة دلائل على انسحابها، برغم أنها تحتفظ بالسيطرة على قاعدة حميميم الجوية وقاعدتها البحرية في طرطوس في الوقت الحالي. غير أن تركيا تبدو القوة الخارجية ذات اليد الأساسية في سوريا وتحولها السياسي الراهن. بل إن إردوجان مضى بعيدا إلى حد قوله إنه «ليس في العالم الآن غير زعيمين اثنين، هما أنا وفلاديمير بوتين».

تعارض تركيا بشدة لعب أكراد سوريا أي دور في صياغة مستقبل بلدهم، فيتعارض ذلك مع كونهم يمثلون 10% من الشعب ويحتلون مساحة ضخمة من البلد.

ولتركيا أيضا مصلحة خاصة في رجوع أربعة ملايين لاجئ سوري استضافتهم تركيا ـ بدعم من الاتحاد الأوروبي ـ منذ 2011.

لقد تشكلت حكومة مؤقتة في سوريا. ولكن في ضوء نفوذ هيئة تحرير الشام، ثم تخوف من الاتجاه الذي سوف تمضي فيه.

في يناير من عام 2017، عقدت روسيا وتركيا وإيران اجتماعا في الأستانة في محاولة لإنهاء صراع دام ست سنوات في تركيا. ولم تشارك في ذلك الاجتماع الحكومة السورية فقط وإنما حضرته أيضا المعارضة السورية ومبعوث من الأمم المتحدة.

اقترح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مسودة دستور للتسوية رفضته المعارضة السورية. ومع ذلك، فقد احتوى عناصر قادرة على أن تكون قاعدة للحل. فمنها على سبيل المثال أنه اقترح إسقاط صفة «العربية» من الاسم الرسمي للبلد، أي الجمهورية العربية السورية، ورفض الشريعة الإسلامية أساسا للقانون. كما اعترف بالاستقلال الذاتي الثقافي الكردي والاستعمال المتساوي للعربية والكردية في هذا الصدد.

ولأن الحكومة السورية الجديدة تحتاج احتياجا ماسا إلى دعم دولي، ليس أقله الدعم المالي، فإن المسودة الروسية بحاجة إلى مزيد من الدرس.

روبرت إيليس محلل ومعلق تركي. وهو أيضا مستشار دولي في معهد البحوث للدراسات الأوروبية والأمريكية في أثينا.

عن ذي ناشيونال إنتريست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی سوریا

إقرأ أيضاً:

رئيس المخابرات العراقية يقود وفدا حكوميا إلى سوريا

وصل وفد عراقي حكومي يقوده رئيس المخابرات حميد الشطري العاصمة دمشق -اليوم الجمعة- للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع، ولبحث التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين، وفق بيان صادر عن رئاسة الوزراء العراقية.

وقال البيان إنه بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وصل العاصمة السورية وفد رسمي حكومي برئاسة رئيس جهاز المخابرات الوطني.

وأبرز أن الزيارة تتضمن لقاء الوفد بالرئيس السوري وعدد من المسؤولين الحكوميين.

وتأتي الزيارة بعد 10 أيام من لقاء جمع الشرع والسوداني في الدوحة، رعاه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لـ"تعزيز العمل العربي"، وفق بيان لمتحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري.

كما تأتي في وقت يرفض فيه عدد من السياسيين العراقيين الموالين لإيران احتمال زيارة الشرع العراق للمشاركة في القمة العربية يوم 17 مايو/أيار المقبل تلبية لدعوة رسمية من بغداد.

ويضم الوفد العراقي -بجانب رئيس المخابرات- مسؤولين عن قيادة قوات الحدود بوزارة الداخلية، ومن وزارتي النفط والتجارة، وهيئة المنافذ الحدودية، وفق البيان ذاته.

الشرع (يسار) التقى السوداني (وسط) في الدوحة برعاية أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (وكالات) مجالات البحث

وأشار البيان العراقي إلى أن الوفد سيبحث مع الجانب السوري "التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز الترتيبات المتعلقة بتأمين الشريط الحدودي المشترك وتقويتها من أي خروقات أو تهديدات محتملة، وتوسعة فرص التبادل التجاري بما يصب في مصلحة الشعبين الشقيقين".

إعلان

كما سيتم "دراسة إمكانية تأهيل الأنبوب العراقي لنقل النفط عبر الأراضي السورية إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط".

وتتضمن المباحثات التأكيد على "دعم العراق وحرصه على وحدة وسيادة الأراضي السورية، وأهمية استقرار سوريا بالنسبة للأمن الوطني العراقي وأمن المنطقة"، وفق المصدر.

وتُعدّ هذه الزيارة ثاني زيارة لوفد عراقي إلى دمشق تُعلنها بغداد منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد.

وبسطت فصائل سورية في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد.

ويعتبر العراق من الدول العربية القليلة التي حافظت على علاقة مع نظام بشار الأسد بعد قمعه للاحتجاجات الشعبية التي بدأت عام 2011.

لكن مع سقوط نظام الأسد، قال السوداني إن بلاده "تنسق مع سوريا بشأن تأمين الحدود وعودة اللاجئين ومستعدة لتقديم الدعم، ولا تريد لسوريا أن تكون محطة للصراعات الأجنبية".

في حين أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين يوم 14 فبراير/شباط الماضي أن "العراق ليس لديه تحفظات أو شروط للتعامل مع القيادة السورية الجديدة، بل مجموعة من الآراء المتعلقة برؤيتنا حول مستقبل سوريا، ولكن بالنتيجة القرار والإرادة للشعب السوري نفسه".

مقالات مشابهة

  • الإمارات تعتقل قياديا بارزا في وزارة الدفاع السورية.. قائد جيش الإسلام سابقا
  • محطات العلاقة بين سوريا والعراق منذ انهيار نظام الأسد
  • سوريا تدعو مجلس الأمن للضغط على إسرائيل كي تنسحب من أراضيها
  • بأول كلمة في مجلس الأمن.. الشيباني ينقل "طلبا سوريا"
  • رئيس المخابرات العراقية يقود وفدا حكوميا إلى سوريا
  • دمشق تغلق الأجواء السورية أمام الطيران التركي
  • سوريا .. اشتباكات دامية في حمص بين الأمن وفلول النظام السابق
  • باحث إسرائيلي النفوذ التركي في سوريا خبر سيئ للاحتلال.. على حساب مصالحنا
  • وزيرا الخارجية التركي والنرويجي يؤكدان أهمية رفع العقوبات بشكل كامل عن سوريا
  • وزير المالية التركي يؤكد ضرورة رفع العقوبات عن سوريا