لجريدة عمان:
2025-01-16@00:21:05 GMT

المأزق التركي في سوريا

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

حدث في يوم من الأيام أن رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب إردوجان استضاف الرئيس السوري بشار الأسد في إجازة عائلية في تركيا وخططا معا لاتحاد شرق أوسطي يضم كلا من سوريا ولبنان والأردن. لكن الربيع العربي أتي فغير ذلك كله تغييرا. إذ اتسم حكم الأسد بعده بوحشية فاق بها وحشية أبيه حافظ الأسد، وذلك حتى سقوطه على أيدي هيئة تحرير الشام في الأسبوع الماضي.

لاحقا، أصبح بشار الأسد يوصف بـ«الأسد القاتل»، وأعلن رجب طيب إردوجان ـ وقد بات رئيسا ـ أنه عما قريب سوف يصلي في المسجد الأموي بدمشق. غير أن هذه الصلاة استغرقت من الوقت أكثر كثيرا مما توقعه. ولكي يغير إردوجان نظام الأسد ذا القيادة العلوية ويستبدل به حكما سنيًّا، فقد استعمل الاحتيال والتحالف مع عصبة متنوعة من الجهاديين.

وفي زلة لسان بجامعة هارفرد سنة 2014، قال نائب الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن في فقرة الأسئلة المفتوحة إن أكبر مشكلات أمريكا وحلفائها من الأتراك والخليجيين في منطقة الشرق الأوسط هي سوريا.

«لقد عقدوا العزم على إسقاط الأسد، وخوض حرب بالوكالة بين السنة والشيعة، فما الذي فعلوه؟ صبوا ملايين الدولارات وعشرات الأطنان من الأسلحة على كل من أبدى استعدادا لمحاربة الأسد، لولا أن الذين أمدوهم بالسلاح كانوا النصرة والقاعدة والعناصر المتطرفة من الجهاديين الذين وفدوا على سوريا من أجزاء مختلفة من العالم».

وقد تمثلت مشكلة تركيا المستمرة في مشكلتهم مع القومية الكردية، بدءا بتمرد الشيخ سعيد سنة 1925 في ما يعرف بـ«الحرب القذرة» مع حزب العمال الكردستاني. ولم يزل صدى ذلك يتردد حتى اليوم في المظاهرات الأسبوعية لـ«أمهات السبت» المطالبة بمعرفة أماكن وجود أحبائهن.

ومن المفارقات أن إردوجان كان هو أول زعيم تركي يعترف بأن لدى تركيا مشكلة كردية، الأمر الذي أدى إلى محادثات أوسلو وهدنة استمرت سنتين حتى عام 2015. غير أنه في اتفاقية إغرائية كبيرة أبرمت في يوليو من عام 2015، عرض إردوجان على أوباما قاعدة إنجرليك الجوية في مقابل ما يرقى إلى إطلاق يده في الأكراد.

وبدأت عملية سلام ثانية مع شريك حكم حزب العدالة والتنمية الحاكم وهو حزب الحركة الوطنية، لولا أنها تعطلت بسبب إقالة رؤساء البلديات الأكراد المنتخبين انتخابا شرعيا وبسبب الكارثة الإنسانية الناجمة عن الضربات الجوية التركية لشمالي سوريا الخاضع لسيطرة الأكراد.

يتبين من تحليل فرانشيسكو سيكاردي [المنشور في موقع كارنيجي أوروبا سنة 2021] بوضوح أن لسوريا دورا في سياسة تركيا الخارجية. إذ يزعم الكاتب أن سياسة تركيا في سوريا مدفوعة بسياسات محلية وبحاجة إلى ضمان دعم انتخابي من خلال سياسة خارجية قومية عدوانية.

يتسم تدخل تركيا واحتلالها الفعلي لمناطق في سوريا بثلاث عمليات عابرة للحدود في أغسطس 2016 (درع الفرات)، وفي يناير 2018 (غصن الزيتون) وأكتوبر 2019 (نبع السلام)، وداخليا في إدلب في فبراير 2020 (درع الربيع)، وقد وفرت العملية الأخيرة نقطة انطلاق لحملة هيئة تحرير الشام الناجحة.

كانت العملية الأولى صدا للولايات المتحدة، إذ انطلقت العملية في اليوم الذي وضع فيه جو بايدن قدميه في أنقرة لطمأنة تركيا إلى الدعم الأمريكي بعد محاولة الانقلاب في يوليو 2016.

وأدت عملية غصن الزيتون إلى احتلال عفرين، وهي جيب كردي في شمال غرب سوريا، وأدت عملية نبع السلام إلى التوغل في شمال شرق سوريا، وكان ذلك أيضا صدا لدعم الولايات المتحدة للقوات الديمقراطية السورية ذات القيادة الكردية في حربها ضد داعش.

وتمثل سيطرة تركيا على مناطق في شمالي سوريا وإدارتها لها سخرية من دعم تركيا للحفاظ على سوريا وسلامة أراضيها.

في تحليله، يذكر فرانشيسكو سيكاردي الترتيب الاستراتيجي المتجدد بين تركيا وروسيا الذي ساعد البلدين على تحقيق أغراضهما المنفصلة في سوريا: أي بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالنسبة لموسكو وإضعاف أكراد سوريا بالنسبة لأنقرة.

وبعد هرب الأسد، ضعفت يد موسكو، وثمة دلائل على انسحابها، برغم أنها تحتفظ بالسيطرة على قاعدة حميميم الجوية وقاعدتها البحرية في طرطوس في الوقت الحالي. غير أن تركيا تبدو القوة الخارجية ذات اليد الأساسية في سوريا وتحولها السياسي الراهن. بل إن إردوجان مضى بعيدا إلى حد قوله إنه «ليس في العالم الآن غير زعيمين اثنين، هما أنا وفلاديمير بوتين».

تعارض تركيا بشدة لعب أكراد سوريا أي دور في صياغة مستقبل بلدهم، فيتعارض ذلك مع كونهم يمثلون 10% من الشعب ويحتلون مساحة ضخمة من البلد.

ولتركيا أيضا مصلحة خاصة في رجوع أربعة ملايين لاجئ سوري استضافتهم تركيا ـ بدعم من الاتحاد الأوروبي ـ منذ 2011.

لقد تشكلت حكومة مؤقتة في سوريا. ولكن في ضوء نفوذ هيئة تحرير الشام، ثم تخوف من الاتجاه الذي سوف تمضي فيه.

في يناير من عام 2017، عقدت روسيا وتركيا وإيران اجتماعا في الأستانة في محاولة لإنهاء صراع دام ست سنوات في تركيا. ولم تشارك في ذلك الاجتماع الحكومة السورية فقط وإنما حضرته أيضا المعارضة السورية ومبعوث من الأمم المتحدة.

اقترح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مسودة دستور للتسوية رفضته المعارضة السورية. ومع ذلك، فقد احتوى عناصر قادرة على أن تكون قاعدة للحل. فمنها على سبيل المثال أنه اقترح إسقاط صفة «العربية» من الاسم الرسمي للبلد، أي الجمهورية العربية السورية، ورفض الشريعة الإسلامية أساسا للقانون. كما اعترف بالاستقلال الذاتي الثقافي الكردي والاستعمال المتساوي للعربية والكردية في هذا الصدد.

ولأن الحكومة السورية الجديدة تحتاج احتياجا ماسا إلى دعم دولي، ليس أقله الدعم المالي، فإن المسودة الروسية بحاجة إلى مزيد من الدرس.

روبرت إيليس محلل ومعلق تركي. وهو أيضا مستشار دولي في معهد البحوث للدراسات الأوروبية والأمريكية في أثينا.

عن ذي ناشيونال إنتريست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی سوریا

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية السوري يعتزم التوجه إلى تركيا في أول زيارة رسمية

أعلن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية، أسعد الشيباني، عزم الإدارة الجديدة إرسال وفد رسمي إلى تركيا في أول زيارة من نوعها منذ سقوط النظام وهروب رئيسه المخلوع بشار الأسد خارج البلاد.

وقال الشيباني في تدوينة مقتضبة عبر حسابه على منصة "إكس"، الثلاثاء، "سنمثل سوريا الجديدة غدا (الأربعاء) في أول زيارة رسمية إلى الجمهورية التركية، التي لم تتخلى عن الشعب السوري منذ 14 عاما".

سنمثل سوريا الجديدة غدا في أول زيارة رسمية إلى الجمهورية التركية، التي لم تتخلى عن الشعب السوري منذ ١٤ عاما. — أسعد حسن الشيباني (@Asaad_Shaibani) January 14, 2025
ولم يتطرق الوزير السوري إلى ذكر تفاصيل حول الوفد المقرر أن يتوجه إلى تركيا، لكن من المرجح أن يرافقه وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب، كما حصل في الجولة العربية.

يشار إلى أن رئيس جهاز الاستخبارات التركية إبراهيم كالن كان أول المتوجهين من الجانب التركي إلى العاصمة السورية دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول /ديسمبر الماضي.


وخلال الشهر ذاته، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارته الأولى منذ سقوط الأسد إلى العاصمة دمشق، حيث التقى بقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.

وأكد فيدان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الشرع، أن تركيا تقف إلى جانب السوريين ولن تتركهم، وقال: إن الفترة الماضية كانت سوداء في تاريخ سوريا، لكنهم مقبلون على مستقبل مشرق، مضيفا: "اليوم يوم الأمل، ونريد أن تكون المحن الماضية دافعا للعمل من أجل المستقبل".

وأشار إلى أنه بحث مع الشرع استقرار سوريا وعودة اللاجئين، وأكد أن هدف تركيا هو مساعدة سوريا على النهوض وإعادة ملايين اللاجئين والنازحين، مشددا على ضرورة بدء النهوض بسوريا، وإعادة إعمار بناها التحتية والفوقية.


وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر عام 2024، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.

وقبلها في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بدأت معارك بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة، في الريف الغربي لمحافظة حلب، استطاعت الفصائل خلالها بسط سيطرتها على مدينة حلب ومحافظة إدلب، وفي الأيام التالية سيطرت على مدن حماة ودرعا والسويداء وحمص واللاذقية، وأخيرا دمشق.

مقالات مشابهة

  • السلطات السورية تعتقل متشددا قاتل ضد الأسد بعد تهديده مصر
  • أبعاد ودلالات أول زيارة لوزير الخارجية السوري إلى تركيا بعد سقوط الأسد
  • وزير خارجية سوريا يعتزم زيارة تركيا الأربعاء
  • وزير الخارجية السوري يعتزم التوجه إلى تركيا في أول زيارة رسمية
  • المنتجات الأجنبية تغزو الأسواق السورية
  • كيف غزت المنتجات الأجنبية الأسواق السورية بعد سقوط الأسد؟
  • ممثل بارزاني في سوريا لدعم الحوار التركي الكردي
  • وزير الطاقة التركي يكشف عن خطط لدعم سوريا بالطاقة
  • الشرع: لا يمكننا بناء سوريا بالفصائل المسلحة
  • وزير خارجية مصر يبحث مع نظيره التركي التطورات السورية