الطاقة الشمسية في تونس.. الحلم الأخضر الذي تعرقله التحديات السياسية
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
قد تبدو ظاهرة تغير المناخ أمرا طبيعيا للحفاظ على توازن حرارة كوكب الأرض واستمرار الحياة فيه، وإذا رجعنا إلى التاريخ، فسنجد أن الأمم المتعاقبة شهدت كثيرا من التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية كالفيضانات وأزمات الجفاف.
ولكن منذ انفجار الثورة الصناعية الأولى في بريطانيا في ستينيات القرن الثامن عشر، تسارعت وتيرة التطور الصناعي وازدادت حاجة السوق العالمية إلى ماكينات وأدوات الصناعة، وتركزت بالأساس على قطاعات الحديد والفحم والنسيج، ثم انتقلت إلى العديد من دول غرب أوروبا قبل أن تصل إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وشهدت هذه الفترة ارتفاعا كبيرا في نسبة انبعاث ثاني أكسيد الكربون، وذلك بسبب اعتماد القوى الصناعية على الفحم مصدرا للطاقة، واقتلاع الأشجار لأغراض مختلفة، منها صناعة الفحم الخشبي والبناء.
تداعيات خطيرة على شمال أفريقيا.. تونس في الواجهةرغم أنها الأقل مساهمة في انبعاث الغازات الدفيئة في العالم، فإن دول شمال أفريقيا هي الأكثر معاناة من التغيرات المناخية في العالم، وتعتبر تونس من الدول الأكثر عرضة للتغيرات المناخية القصوى في المنطقة حسب المؤشر العالمي لمخاطر المناخ الصادر سنة 2020.
بالإضافة إلى أنها تعاني من أزمة اقتصادية عميقة تفاقمت أكثر بسبب اشتعال حرب روسيا وأوكرانيا، وانتشار فيروس كورونا في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المحروقات، وازدياد الضغط على الغاز الطبيعي، إضافة إلى أزمة الجفاف التي دخلت فيها البلاد منذ سنة 2017، وهو ما جعلها مع حلول عام 2023 تدخل أخطر مراحلها في أزمة المياه.
إعلانفي السياق ذاته، تدفع المناطق المُهمشة والفئات الفقيرة في تونس ثمن هذه الأزمة أكثر من غيرها من الطبقات المتوسطة والغنية، إذ لا يصل الكهرباء لأغلب هذه المناطق، كما يقف الفلاحون في الصف الأول من حيث التضرر من الانقطاع شبه الدائم للكهرباء، التي يحتاجونها لاستغلال الآبار بعد دخول البلاد في أزمة شح مياه، مما جعل تونس تبحث عن حلول في مناخها المتنعم بالطاقة المتجددة.
تمتلك تونس الفرصة لتعزيز اقتصادها من خلال استقطاب المستثمرين من الدول الأجنبية الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، إذ إن المناقصات التي وقع إطلاقها بين عامي 2017 و2019 نصفها فقط لديه قادة مشاريع تونسيون، و4 مشاريع تشرف عليها شركات تونسية حصرا، بينما ذهبت 5 مشاريع إلى شركات فرنسية حصرا، و3 أخرى إلى شركات ألمانية حصرا، حسب دراسة مشتركة أجراها المرصد التونسي للاقتصاد والمعهد الدولي عام 2022.
وفي تقرير "الطاقة المتجددة للاقتصاد" لسنة 2024 قال مدير البنك الدولي في تونس ألكسندر أروبيو: "نحن ملتزمون بمساعدة تونس على الاستفادة من مواردها الغنية من الطاقة المتجددة، وتحدد تقاريرنا مسارات واضحة للنمو والاستقرار، إن تطوير هذه الموارد أمر أساسي لتقليل الاعتماد على الواردات والتكاليف المالية، بينما يعزز الأمن الطاقي مستقبلا اقتصاديا مستداما".
وقد ركز التقرير بشكل رئيسي على خطط تونس الطموحة للطاقة المتجددة كحلٍ للتحديات الاقتصادية والبيئية التي تواجهها، إذ تسعى إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء لديها من 3% الحالية إلى 35% بحلول عام 2030.
كما تم إطلاق 2200 ميغاوات من مشاريع الإنتاج الخاص، ومن المتوقع أن ترتفع حصة الطاقة المتجددة إلى 17% بحلول 2025، وبحسب المصدر نفسه فإن هذه الاستثمارات المطلوبة تقدر بحوالي 4.5 مليارات دولار أميركي بحلول 2030، ويمكن أن تأتي من القطاع الخاص إذا كانت هناك شروط تنظيمية ملائمة.
إعلان مشروع "إلميد"يعتبر مشروع "إلميد" (ELMED) جسر الطاقة الحقيقي بين تونس وإيطاليا الذي يربط بين نظامين كهربائيين رئيسيين، وهما نظام أوروبا ونظام شمال أفريقيا، وتم تحقيقه عن طريق التعاون بين شركتي "تيرنا" (TERNA) و"ستاغ" (STEG) اللتين تديران شبكات الكهرباء في كلا البلدين.
وهو من أهم المشاريع التي تهدف إلى تحسين مرونة نظام الكهرباء في تونس وتحويله إلى مصدر صافٍ للكهرباء، حيث سيربط هذا الخط محطة "بارتانا" (Partana) في صقلية بمحطة "الملاعبي" في جهة الوطن القبلي التونسي على طول إجمالي يبلغ حوالي 220 كم، بقدرة 600 ميغاوات وعمق أقصى يبلغ 800 متر. هذا المشروع يقلل بشكل كبير من اعتماد البلاد على واردات الغاز الطبيعي المكلف.
وقد وقع الفريق الأوروبي معاهدة لدعم مشروع "إلميد" الكهربائي ونظامه الاقتصادي خلال منتدى تونس للاستثمار الذي انعقد يومي 12 و13 يونيو/حزيران الماضي، والذي نظمته وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي تحت رعاية وزارة الاقتصاد والتخطيط، بالشراكة مع بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس.
وأكد فريق أوروبا التزامه بالتنمية المستدامة في منطقة البحر الأبيض المتوسط من خلال تخصيص 472.6 مليون يورو لمشروع الربط الكهربائي "إلميد".
في السياق ذاته، قال ماركوس كورنارو نائب سفير الاتحاد الأوروبي بتونس إن "إمكانات الطاقة الشمسية بتونس هائلة، ويمر استقلال تونس في مجال الطاقة أيضا عبر الطاقات المتجددة، وسيمكّن مشروع إلميد من استقرار شبكة الكهرباء على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وتصدير الكهرباء عند الإمكان، إنها فرصة حقيقية لتونس لتحقيق الانتقال الطاقي على المستوى الاقتصادي والتشغيلي وكذلك خفض الانبعاثات."
وقعت الحكومة التونسية مؤخرا اتفاقيات لبناء محطتين للطاقة الشمسية الكهروضوئية في ولايتي قفصة وتطاوين بإجمالي استثمار قدره 800 مليون دينار تونسي بقدرة 100 ميغاوات و200 ميغاوات.
إعلانويعد هذا المشروع الشمسي جزءا من التطوير المخطط لقدرة 500 ميغاوات عبر 5 مصانع، أما الـ200 ميغاوات المتبقية فهي موزعة على 3 ولايات أخرى: توزر بقدرة 50 ميغاوات، وسيدي بوزيد بالقدرة نفسها، والقيروان بقدرة 100 ميغاوات.
وتعليقا على المشروع، قالت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة ثابت شيبوب إنه سيسرع التقدم نحو تحقيق الأهداف الإستراتيجية الوطنية لقطاع الطاقة، أهمها الوصول إلى معدل دمج الطاقة المتجددة بنسبة 35% في مزيج الكهرباء الوطني بحلول عام 2030، الأمر الذي يقلل عجز ميزانية الطاقة، ويشجع على الاستثمار في الطاقة المتجددة، ويساهم في تنويع المصادر بالاعتماد على الطاقة النظيفة.
مشروع القيروان لخدمة 43 ألف أسرةيشير مشروع القيروان إلى تحول في الاتجاه الصحيح، إذ من المتوقع ومع بداية عمله أن ينتج هذا المشروع 222 غيغاوات في الساعة من الطاقة النظيفة سنويا، وسيزود 43 ألف عائلة بالطاقة، ويعوض 117 ألف طن من انبعاث الكربون على مدى عمر المشروع.
ويتم تنفيذ المشروع بواسطة "محطة قيروان" للطاقة الشمسية، وهي شركة مشروع مسجلة في تونس ومملوكة بالكامل لشركة "أميا باور"، وسيتم بناؤه وفق نموذج البناء والتملك والتشغيل، وهو أول مشروع للطاقة الشمسية تموله المؤسسة المالية الدولية "آي إف سي"، وهي عضو في مجموعة البنك الدولي، والبنك الأفريقي للتنمية، وتبلغ كلفة المشروع 86 مليون دولار، وهذا هو المشروع الأحدث في سلسلة التطورات في مجال الطاقة المتجددة في البلاد.
تأخر تقنيصحيح أن تركيب الألواح الشمسية في القطاع الفلاحي في تونس له دور مهم في تشغيل المعدات الفلاحية كالطواحين والمجففات، وتوفير طاقة التبريد والتسخين في المزارع، وإنارة المساحات الزراعية، وتقليل تكاليف الإنتاج الفلاحي بشكل كبير، كما أن له فوائد بيئية كتخفيف انبعاث الغازات الدفيئة الصادرة من الطاقة الملوثة، وفوائد اجتماعية كتحسين جودة حياة السكان في المناطق الريفية.
إعلانلكنها تعتبر طريقة تقليدية وبسيطة، خاصة مع أزمة الجفاف في البلاد، وحسب بحث نشرته جامعة شيفلد فإن المصفوفات التقليدية المثبتة على الأرض من الألواح الشمسية تقلل من مساحة الأرض اللازمة لأنشطة أخرى مثل زراعة المحاصيل.
من جهة أخرى، تطورت نظم الطاقة الزراعية في دول أفريقية أخرى مثل كينيا وتنزانيا التي تعتمد تركيب الألواح الشمسية باستخدام تقنية الحوامل المرتفعة.
وبحسب جامعة شيفلد البريطانية تجمع هذه التقنية بين توصيل الكهرباء الشمسية، وإنتاج المحاصيل، وتجميع مياه الأمطار في مساحة الأرض نفسها، فبدل تركيبها بالقرب من الأرض مثل مصفوفات الطاقة الشمسية التقليدية، يتم بناء أنظمة زراعية بارتفاع عدة أمتار مع وجود فجوات بين المصفوفات، مما يتيح زراعة المحاصيل تحتها.
وهذه التقنية يمكن أن تحسّن بشكل كبير من إنتاجية المحاصيل لأن الظل الذي توفره المصفوفات يقلل من الإجهاد الحراري وفقدان الماء، ويمكّن من توسيع نطاق المحاصيل لتشمل المحاصيل الأعلى قيمة بحسب المصدر نفسه، وبالتالي يحسن دخل الفلاحين في المجتمعات الريفية، وتعتبر هذه التقنية مهمة إذا تم اعتمادها في تونس كأحد الحلول لمواجهة أزمة الجفاف.
تعتبر البلاد التونسية من البلدان المتأخرة بأشواط في إنتاج الطاقة الشمسية مقارنة ببلدان أخرى في شمال أفريقيا، فهي لا تزال حتى اليوم تتخبط بين إدارة أزمة الديون التي تثقل الدولة، والتي تزايدت وتيرتها بسبب ارتفاع الواردات من المواد الغذائية والطاقة المدعومة من الدولة إثر حرب روسيا وأوكرانيا، وبين مواجهة العقبات القانونية والإجراءات المعقدة بسبب البيروقراطية التي تعرقل المخطط الشمسي التونسي حسب مذكرة نشرها المرصد التونسي للاقتصاد سنة 2022.
إعلانووفقا لطبعة ربيع 2024 من المرصد الاقتصادي للبنك الدولي بتونس، تعتبر الدولة التونسية من أبطأ حالات التعافي الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وحسب ما جاء في المذكرة التوجيهية للمرصد التونسي للاقتصاد، فإن المشروع يتطلب ما يقارب 8 مليارات يورو من الاستثمارات خلال الفترة 2015 و2030 منها 6.3 مليارات للمعدات و 1.7 مليار لتطوير شبكة الطاقة، وثلث هذا التمويل سيأتي من مصادر خاصة أغلبها من الاستثمار الأجنبي، والثلث الآخر من مصادر عمومية، وهذا يعني أن المديونية الخارجية للبلاد ستتعمق أكثر بسبب احتياجها لاستيراد التكنولوجيا التي تخضع للاحتكار وحقوق الملكية الفكرية.
الاستثمار الأجنبي في الطاقة.. حقائق مغيبة ونموذج فكري مضلل؟منذ بداية الألفية الثالثة انتقلت تونس من كونها مُصدرة للطاقة إلى مستورد صافٍ لها، بسبب زيادة الطلب وانخفاض إنتاج الطاقة المحلية، بالرغم من أنها كانت مصدرة للنفط والغاز حتى التسعينيات، فإنها أصبحت دولة مستوردة على مدار العقد الماضي، فقد تحول ميزان الطاقة من فائض 124% سنة 1990 إلى عجز منذ سنة 2001 وصل إلى 80% في سنة 2012 و48% مع حلول العام الماضي، حسب تقرير نشرته منظمة "بوصلة" التونسية وهي منظمة غير حكومية تركز على تعزيز حقوق المواطن والمساءلة في العمل السياسي.
ويعتبر الاستثمار الأجنبي في مجال الطاقة البديلة الحل الوحيد للتخفيف من عجز الطاقة بالنسبة للدولة التونسية، باعتبارها إحدى دول شمال أفريقيا التي تتمتع بإمكانات هائلة في مجال الطاقة المتجددة بسبب موقعها الإستراتيجي ومناخها المعتدل إلى حار، الذي تصل ساعات سطوع الشمس فيه إلى 3 آلاف ساعة في العام، حسب الوكالة الوطنية لحفظ الطاقة.
هذا الأمر يفتح لها فرصا وآفاقا لتكون عملاقة في إنتاج الطاقة الشمسية وتصديرها إلى القارة العجوز التي تواجه أزمة في الطاقة عقب الحرب الروسية الأوكرانية التي كشفت مدى حاجة أوروبا إلى الغاز الطبيعي الروسي في توليد الكهرباء.
إعلانفي السياق ذاته، تثير الرغبة الأوروبية المستميتة في الاستثمار في الطاقة في تونس تحت شعار "الانتقال العادل للطاقة" الجدل من حيث عناوينها الجذابة في ظاهرها وتداعياتها الخطيرة في باطنها، إذ قالت منظمة "البوصلة" التونسية في تقريرها إن هذا الانتقال لا يبدو عادلا إذا تم النظر إليه في السياق التونسي بوصفه مكونا من نظام عالمي يكرس التبعية الطاقية، وتمارس فيه المؤسسات الدولية ضغوطا على دول الجنوب لاتباع نموذج طاقي استخراجي نيوليبرالي يشيد بالطاقات المتجددة كأحد مصادر إنتاج الطاقة، دون أن يفضي ذلك إلى تغيير حقيقي في طبيعة أنظمة استخراج هذه الأخيرة وتأثيراتها الكارثية على الأرض وحياة الشعوب.
وأشار التقرير إلى أن الانتقال الطاقي التونسي مرتبط بشكل مباشر بتأثير الشركاء الأوروبيين، ومنهم ألمانيا التي تسعى لتقليل انبعاثاتها الغازية بصفتها رابع قطب صناعي في العالم، وتبحث عن أسواق لتستثمر فيها خبراتها وإمكاناتها التكنولوجية، ومن اللافت للنظر حضور شعار "وكالة التعاون الفني الألماني" في كل المشاريع المتعلقة بالبيئة.
في سياق متصل، وفر الجانب الألماني المساعدة التقنية لتطوير قطاع الطاقة في تونس بما يخدم مصالحه، وقد أطلقت وزارة الصناعة والطاقة والمعادن التونسية بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي "جيز" (GIZ) الإستراتيجية الوطنية لتطوير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته في تونس في سبتمبر/أيلول 2023.
وتهدف هذه الإستراتيجية إلى تصدير 6 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا بحلول عام 2050.
وحسب المصدر نفسه، لم تأخذ التبعات السلبية لهذا المشروع الحيز الكافي للنقاش، إذ إن تلبية احتياجات الاتحاد الأوروبي ستكون تكاليفها البيئية والاجتماعية باهظة على البلاد التونسية بسبب تبعاتها "الإصلاحية" على المواطنين.
إعلانإذ إن إنتاج الهيدروجين الأخضر يمثل ثقلا إضافيا على كاهل دولة تعاني من ندرة المياه، وذلك بسبب أن إنتاج كيلوغرام واحد من الهيدروجين يتطلب من 10 إلى 15 لترا من الماء في ظروف طبيعية.
أما في حالة الجفاف، فقد تلجأ تونس إلى تحلية مياه البحر كحل بديل، وهذه العملية لها آثار بيئية سلبية بسبب المحلول الملحي المركز الذي يتم التخلص منه في البحر، وهو ما سيؤثر سلبا على التوازن البيئي والحياة البحرية.
من جهة أخرى، قالت منظمة "البوصلة" إن الخصخصة لشركة الكهرباء والغاز "ستاغ" ما زالت تُروج لتكون حلا لتوفير الطاقة وسط المشكلات المالية التي تواجهها الشركة، وفي هذا الإطار الليبرالي يتمثل دور هذه الشركة في قطاع الطاقة المتجددة في نقل الكهرباء، وشراء الفائض من المصادر الذاتية، وإصدار التراخيص لإنشاء شركات إنتاج تهدف إلى الاستهلاك المحلي أو التصدير.
وهذا يعني أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تدور حول استغلال البنية التحتية التاريخية للشركة العامة لصالح القطاع الخاص المتمثل بالأساس في المستثمرين الأجانب، وهو ما يحول الكهرباء إلى سلعة، وينقل التكاليف الحقيقية إلى المواطنين، لأن هدف المستثمر الأجنبي هو الربح واستغلال منطقة شمال أفريقيا لتكون بديلا للتبعية للغاز الروسي، وليس تقديم خدمة عامة مثل الشركة الوطنية للكهرباء والغاز.
في خضم كل هذه التحديات هل ستتمكن تونس من استغلال مناخها الفريد وموقعها الإستراتيجي لتحقيق اكتفائها الذاتي من الطاقة، ومن أن تروي تعطش القارة العجوز لرمي حبالها في البلاد من أجل الطاقة دون المساس بسيادتها؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الطاقة المتجددة الألواح الشمسیة الطاقة الشمسیة فی مجال الطاقة شمال أفریقیا إنتاج الطاقة هذا المشروع فی السیاق من الطاقة فی الطاقة فی تونس
إقرأ أيضاً:
ورشة عمل في صنعاء حول الشبكات الكهربائية المصغرة باستخدام الطاقة الشمسية
الثورة نت/..
بدأت اليوم بصنعاء ورشة عمل حول الشبكات الكهربائية المصغرة باستخدام الطاقة الشمسية في اليمن، ينظمها مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع “اليونبس” بالتعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة والمياه.
تهدف الورشة التي تستمر يومين، إلى تعريف 25 شخصاً من وزارة الكهرباء والمؤسسات والهيئات التابعة لها والجهات الحكومية ذات العلاقة والمجتمعات المحلية والقطاع الخاص، وشركاء التنمية، وخبراء وفنيين، بمفهوم الشبكات الشمسية المصغرة ودورها في تعزيز الوصول إلى مصادر نظيفة للطاقة.
ويتلقى المشاركون معارف حول تجارب عدد من الدول ومعرفة الثغرات والأسباب وراء فشل أو نجاح تلك التجارب للاستفادة منها في تطوير نموذج ملائم للبيئة اليمنية، خاصة ما يتعلق بدور الشبكات الشمسية المصغرة لضمان وصول الكهرباء إلى المناطق الريفية وتقييم أفضل الممارسات الدولية ومراجعة الأطر التنظيمية واستراتيجيات إشراك المجتمع وتعزيز الاستدامة المالية والقدرات الفنية لتصميم الأنظمة وتشغيلها بكفاءة.
وفي افتتاح الورشة، أكد النائب الأول لرئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح، أن اليمن في مرحلة تعافٍ خلال المرحلة الراهنة، بالرغم من العدوان والحصار على مدى العشر السنوات الماضية، وكذا العدوان الأمريكي حاليًا.
وتوّقع أن يكتفي اليمن من الطاقة، خلال العشر السنوات المقبلة، وقال “بالجهود الحكومية ودعم الشركاء المانحين، اعتقد بأننا خلال العشر السنوات سنصل إلى مرحلة من الاكتفاء، لأن المجتمع اليمني حيُ ومتجذرُ ولا يخضع للظروف القاسية”.
وأضاف “نتذكر في عام 2015م، عندما بدأ العدوان الأمريكي السعودي والإماراتي واستهدف البنية البسيطة للكهرباء، وشعر الناس حينها أنهم سيغرقون في الظلام، وما حصل العكس أن الناس اتجهوا لتغطية احتياجهم من الطاقة للمنازل والمحال التجارية”.
وأشار العلامة مفتاح إلى أن اليمن أصبح بحكم الحاجة وليس بالتخطيط ولا بالتنظيم من أوائل البلدان في الشرق الأوسط من يوجد لدى المجتمع تغطية من طاقة بديلة بسيطة لتيسير شؤون حياتهم بالمنازل والمحال التجارية وتشغيل مياه الآبار، مشيدًا بدور المجتمع اليمني في إدارة مشكلة التيار الكهربائي ومعالجتها لتغطية الاحتياج الفعلي من الطاقة.
وعبر عن سعادته بافتتاح الورشة المخصصة لتدارس الحالة الراهنة في مجال الطاقة المتجددة بالبلاد، وكيفية تغطية المناطق النائية بشبكات صغيرة لننقل تلك المناطق من مستوى العوز في الطاقة إلى المستوى الأدنى من التيار الكهربائي.
وأوضح أن القرن القادم، هو قرن الطاقة، لأن البشرية متجهة نحو الطاقة لتوفير وسائل خزن صغيرة الحجم ومضبوطة وعالية الجودة، وكيفية توليد الطاقة من أكثر من مصدر، سواء المعروفة أو التي ما يزال البحث عنها واكتشافها جارياً، مشيرًا إلى أن البشرية وصلت في قطاع الاتصالات إلى مستوى متقدم ولم يعد هناك ما تقدمه في هذا القطاع من تكنولوجيا ومعلومات، بالرغم من الاكتشافات المتواصلة.
وقال “لم يكن لدى الكثير خيال قبل عقود قريبة أن تتحول الشمس إلى طاقة هائلة جدًا وأن المياه والرياح والمخلفات العضوية تصبح جميعها مصادر للطاقة، إلى جانب الكثير من الوسائل، وما يحصل في البلدان المتقدمة من اليابان وغيرها تولّد الطاقة بكثير من الطرق والوسائل حتى على مستوى حركة السير وكرة القدم وممارسة الرياضة”.
وأعرب النائب الأول لرئيس الوزراء، عن الأمل في أن تخرج الورشة بنتائج إيجابية ومثمرة وأن يكون دور القطاع الخاص فاعلًا باعتباره المستفيد مستقبلًا في الاستثمار في مجال الطاقة الكهربائية، مؤكدًا أن البلد ما يزال بلدًا بكرًا وخامًا والاستثمار في هذا القطاع واعد بالخير.
وأدان استهداف العدوان الأمريكي، للمدنيين والمنشآت المدنية، بما فيها قصف مصانع القطاع الخاص، معتبرًا ذلك انتهاكًا سافرًا للشرائع والأعراف والمواثيق والقوانين الدولية والإنسانية التي تجّرم الاعتداء على الأعيان المدنية.
بدوره أوضح وزير الكهرباء والطاقة والمياه الدكتور علي سيف، أن التقدم العلمي في الطاقة المتجددة، جعل الفواصل التي كانت موجودة بين قطاعات النقل والتوزيع والتوليد، تتلاشى، وأصبح التوليد اليوم أقرب للتوزيع.
ولفت إلى أن قطاع النقل في معظم الدول أصبح يتلاشى بشكل كبير، ويستخدم فقط للفائض من الطاقة لنقله من الأماكن الزائدة إلى الأماكن ذات الطلب، سيما في ظل وجود مصادر طاقة جديدة ومتجددة من الطاقة الشمسية والرياح والمائية والحرارية وغيرها.
وأفاد الوزير سيف، بأن العالم خلال الفترة الراهنة يركز على مشروعين استراتيجيين، يتمثل الأول في الحاسوب الكمي، والثاني مشروع الطاقة المتجددة، وهما مشروعان يصب اهتمام العالم فيهما للوصول إلى تكنولوجيا وتقنيات عالية.
وأشار إلى أن الورشة ستركز بدرجة أساسية على الشبكات الصغيرة والذكية، وقال “بدلاً من أن يتم نقل الطاقة من تيار مستمر وتحويله إلى تيار متردد والعودة إلى تيار مستمر، يتم البحث عن كيفية إيجاد مصدر للتيار من مستمر إلى مستمر بشكل مباشر، بحيث تعمل الشبكات الصغيرة على إيجاد مصدر طاقة وتيار مستمر بدون وسائط”.
وأكد وزير الكهرباء والطاقة، الحرص على إيجاد طاقة متجددة بشكل لا مركزي، مضيفًا “نسعى لإيجاد طاقة متجددة بشكل لا مركزي، بالمناطق التي تتواجد فيها مصائد الرياح، وأيضًا الطاقة المائية بوجود شلالات مياه في أي منطقة، يتم عبرها إنتاج طاقة لأبناء المنطقة، وهي الطاقة اللامركزية المحلية التي تسهم في تخفيف معاناة المواطن فيها”.
وبين أن الورشة ستركز على أولويات الشبكات الصغيرة وفق شروط ومعايير، وإدارتها وتشغيلها بتعاون المجتمع، واستدامتها.. لافتًا إلى أن وزارة الكهرباء لديها نموذج أعده المهندس محمد البحيري في مقبنة بمحافظة تعز لـ 120 مشتركًا بطاقة محددة.
كما أكد الوزير سيف أن وزارة الكهرباء والمياه ستعمل على تعميم النموذج، وقياس مدى نجاحه إلى جانب القطاع الخاص أيضاً.. معبرًا عن الأمل في أن تكون مخرجات الورشة مثمرة، تساعد على اختيار نموذجين في موقعين، لتتم دراسة الظروف الكاملة لهما، لإعطاء مؤشر ناجح لتنفيذهما بعد تسويقهما للشركاء والمانحين لتوفير التمويلات اللازمة لهما.
وفي افتتاح الورشة التي حضرها نائب وزير الكهرباء والمياه عادل بادر، ومستشار البرامج في مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع خلدون سالم، أكد مدير المشروع الطارئ لتوفير الكهرباء في اليمن زياد جابر، أن متطلبات البلاد في مختلف القطاعات كبيرة، بما فيها قطاعات الكهرباء والمياه والطرق وغيرها.
وتطرق إلى تدخلات اليونبس لتغطية جزء بسيط من احتياج مختلف القطاعات، بما فيها تسخير التمويلات من المانحين للعمل على سد الفجوة الحاصلة لكل قطاع، منوهًا بدعم البنك الدولي في تغطية تدخلات اليونبس بشكل كبير في عدة قطاعات.
وقال “ساهم البنك الدولي بتوفير منحة مالية لدعم قطاع الكهرباء باليمن، ومنها المشروع الطارئ لتوفير الكهرباء “المرحلة الثانية” بالمناطق الريفية وشبه الحضرية”، مبينًا أن الورشة يشارك فيها أصحاب المصلحة فيما يتعلق بالدراسات التي تختص بإنشاء شبكات الطاقة الشمسية الصغيرة، كجزء من الحلول الإنسانية للوصول إلى تغطية الاحتياج من الطاقة للمجتمع اليمني في المناطق الريفية.
وشدد جابر على ضرورة الاستفادة من الدراسات والخبرات الدولية، بما فيها خبرات اليونبس في عدة دول وأخذ الأمور الناجحة ونقلها لليمن مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الحاصلة في البلاد من حيث التقنية والإدارية، وخصوصيات الجغرافيا والمناخ وغيرها.
واعتبر وجود جميع أصحاب المصلحة والعمل مع اليونبس، مهمًا جدًا لاستدامة تلك المشاريع والتأكد من توفير الموارد البشرية والخبرات والمعلومات وإيجاد الحلول التي تراعي الظروف بالمناطق الريفية وتحدد الأولويات فيها، بالاستفادة من الخبرات الدولية.
ولفت مدير المشروع الطارئ لتوفير الكهرباء إلى أن الورشة أول نقطة انطلاق لهذا المشروع الحيوي ويتم البناء على مخرجاتها مستقبلًا في تطويره .. معبرًا عن تطلعه في أن تكون مشاركة الجميع فاعلة في الورشة للخروج بمقترحات تساعد على المضي في تنفيذ المشروع على الواقع، بما يصب في خدمة المواطن اليمني بالمناطق الريفية.