هدنة وشيكة في غزة.. وساطة مصرية وحراك دولي لكسر دائرة الدم
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
تبذل القاهرة جهودًا مكثفة لوقف إطلاق النار في غزة، وسط توافق بين الفصائل الفلسطينية واستجابة الأطراف الدولية، بما في ذلك أمريكا وقطر، على تعزيز الوساطة. تشير التطورات إلى إمكانية تحقيق هدنة متدرجة أو محدودة تمهد لاتفاق أوسع، في ظل ضغوط دولية وتغيرات إقليمية دفعت جميع الأطراف نحو تقديم تنازلات. ومع ذلك، تبقى نقاط خلافية، أبرزها انسحاب إسرائيل من شمال غزة وإدارة معبر رفح، ما يعكس تعقيد المفاوضات التي تسير بهدوء، لكنها محاطة بزخم غير مسبوق نتيجة للمتغيرات السياسية والعسكرية.
يأتي هذا بعد أكثر من أربعة عشر شهرًا على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على القطاع، مستخدمة أقوى وأحدث الأسلحة الأمريكية ضد شعب أعزل ومقاومة لا تملك سوى أسلحة بسيطة في مواجهة أحدث أسلحة الغرب، حيث أسفرت الحرب عن استشهاد وإصابة أكثر من 150 ألف مواطن فلسطيني في القطاع.
وتواصل مصر محاولات جادة لوقف إطلاق النار وإقامة هدنة توقف حمامات الدم المسالة على أراضي القطاع المكلوم منذ أكثر من عام، وهي جهود بدأت تسفر عن ملامح انفراجة على الأرض، خاصة بعد التصريحات المتفائلة من واشنطن التي تشير إلى أن إدارة بايدن - التي فشلت على مدى أكثر من عام في وقف إطلاق النار في غزة - بدأت جولة جديدة بإرسال وزير خارجيتها أنتوني بلينكن إلى المنطقة لرسم ملامح الاتفاق الجديد بعد مفاوضات أجراها الوفد الأمني الإسرائيلي في القاهرة قبل أن يغادرها يوم الخميس الماضي.
كما أن وجود جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، في المنطقة منذ الخميس الماضي يشير إلى أن بقعة ضوء في آخر النفق المظلم بدأت تكشف عن أمل يبدد عتمة القتل والدمار التي اجتاحت المنطقة منذ أكثر من عام وأدت إلى وقوع عشرات الآلاف من الضحايا بين قتيل وجريح.
يبدو أن وفد حركة حماس الذي كان في زيارة إلى القاهرة الأسبوع الماضي قد وافق على المقترحات الجديدة للوسطاء، خاصة بعد توافق الفصائل الفلسطينية على وقف إطلاق النار، في حين لم يعلن الجناح المتطرف في دولة الكيان المحتل رفضه إجراء مفاوضات لتبادل الأسرى والمحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية ووقف إطلاق النار في غزة.
كما أن استجابة دولة قطر لدعوتها وإعادتها مرة أخرى للمشاركة كوسيط بجانب مصر وأمريكا تشير إلى أن هذه المرة ستشهد جدية لم تكن متاحة في الجولات التفاوضية السابقة. كان بنيامين نتنياهو غالبًا ما يفسد تلك الجولات لأغراض شخصية في محاولة منه لتأجيل محاكمته في قضايا الفساد المالي والإداري الموجهة إليه وإلى عائلته، وكانت وسيلته لتأجيل هذه المحاكمة إطالة أمد الحرب.
ويبدو أن هناك عددًا من النقاط الخلافية التي ما زالت إسرائيل تصر عليها وتعترض عليها فصائل المعارضة، منها رغبة نتنياهو في البقاء على شمال قطاع غزة ومحوري فيلادلفيا ونتساريم. كما أن حكومته لا توافق على إدارة معبر رفح من الفلسطينيين حتى ولو كانوا معينين وبإشراف السلطة الفلسطينية.
لذلك، من المرجح أن يكون وقف إطلاق النار "متدرجًا" أو "محدودًا" في البداية، فكل من الفلسطينيين والإسرائيليين لا يزالون بحاجة إلى بناء الثقة بينهم، خاصة بعد أكثر من 14 شهرًا من القتل والدمار الذي أدى إلى تدمير نحو 85% من قطاع غزة، بما في ذلك المنازل والمستشفيات ودور العبادة والمدارس والجامعات وآبار المياه ومحطات الكهرباء وجميع المرافق التي تساعد على الحياة في غزة.
كان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد أبلغ وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، مؤخرا، بأن هناك فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأمريكيون، بحسب بيان صادر عن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي.
ما صدر عن وزير الدفاع الإسرائيلي صدر أيضًا عن عدد من المسئولين الإسرائيليين والأمريكيين الذين أشاروا إلى أن محادثات الهدنة تتقدم بهدوء خلف الكواليس، ساعد في تحريكها وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان والضغوط التي يمارسها الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي طلب وقف الحرب في غزة قبل أن يتسلم السلطة في 20 يناير المقبل، بحسب ما صرح به رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
رغم أن المحادثات تجري هذه المرة بهدوء شديد، إلا أنها تتم بما أطلق عليه "زخم" لم يحدث من قبل في المرات السابقة، ويتم ذلك بجدية أكثر، خاصة أن المعلومات تشير إلى أن الوسطاء طرحوا اتفاقًا يبدأ بوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، على غرار الاتفاق الذي توصلت إليه إسرائيل وحزب الله لإنهاء القتال في لبنان. وفقًا لما تسرب من المحادثات، ستبدأ بإطلاق سراح حوالي 100 رهينة محتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل.
ومع حلول الشتاء القارس، يبدو أن حماس قررت اتخاذ قرارات أكثر "مرونة"، بالتوافق على جدول زمني محدد بمواعيد متفق عليها لانسحاب القوات الإسرائيلية الكلي من المحاور الرئيسية في غزة، كما صرح بعض قيادات الحركة.
اقرأ أيضاًأكثر من 40 شهيدا جراء استهداف الاحتلال لمدرسة «خليل عويضة» شمال غزة
أستاذ علاقات دولية: إسرائيل ترغب في فرض أمر واقع بالضفة الغربية وغزة
ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة لـ 44390 شهيدا وإصابة 106624 آخرين
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: غزة الفصائل الفلسطينية وقف إطلاق النار في غزة وقف إطلاق النار وزیر الدفاع أکثر من إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
لماذا غضب نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى التي وافقت عليها حماس؟
سلط تقرير نشره موقع "موندويس" الضوء على غضب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بعد موافقة حركة حماس على مقترح أمريكي للإفراج عن الجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأمريكية عيدان ألكسندر، وتسليم جثث أربعة إسرائيليين يحملون جنسية مزدوجة.
وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21" إنّ "حماس ترى بهذه الخطوة وسيلة للتمهيد للمفاوضات حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وتضع تل أبيب في موقف صعب برفضها الدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب".
وذكر أن موافقة حماس الأخيرة نابعة عن مواقفها السابقة، والتي رفضت مقترحا للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بالإفراج عن نصف الأسرى الإسرائيليين المتبقين، وتحول المقترح إلى الإفراج عن خمسة أسرى فقط بينهم عيدان ألكسندر و4 جثث.
وتابع: "من المقرر أن تتحرك المفاوضات بشأن المرحلة الثانية وصولا إلى إنهاء الحرب بشكل دائم"، مضيفا أن "هذه التطورات وضعت إسرائيل في موقف حرج، نظرا لرفضها الدخول في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، أو التفكير في إنهاء الحرب بشكل دائم".
ولفت إلى أن "محادثات وقف إطلاق النار دخلت مرحلة جديدة في وقت سابق من هذا الأسبوع مع عودة المفاوضين إلى الدوحة، لمناقشة إمكانية التوصل إلى هدنة طويلة الأمد بين إسرائيل وحماس، وقد مدد المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إقامته في المنطقة حتى نهاية الأسبوع لدفع المفاوضات إلى الأمام، كما أرسلت إسرائيل فريقًا تفاوضيًا يضم منسق الحكومة الإسرائيلية لشؤون الرهائن ومسؤولًا في الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية والمستشار السياسي لنتنياهو أوفير فالك".
ويأتي تجدد المفاوضات في ظل وقف إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وقد أدى إغلاق جميع نقاط العبور إلى غزة ومنع إدخال المساعدات إلى القطاع إلى نقص في المواد الغذائية والوقود وإغلاق المخابز في القطاع، بالإضافة إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية للمعيشة.
وأشار التقرير إلى أن نتنياهو صرح في أوائل الشهر الحالي بأنه لن يكون هناك "غداء مجاني لغزة" طالما لم يتم إطلاق سراح أسرى إسرائيليين جدد، في خطوة تمثل انتهاكًا لشروط وقف إطلاق النار المتفق عليها، حيث لم يكن من المقرر إطلاق سراح أي أسرى جدد قبل بدء المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وانسحاب إسرائيل من ممر فيلادلفيا على طول الحدود مع مصر.
ومن الاستراتيجيات الأخرى التي اتبعها نتنياهو وحلفاؤه في تخريب مفاوضات وقف إطلاق النار هي تهديداته باستئناف الهجوم الإسرائيلي على غزة، فقد صرح وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بأن إسرائيل تستعد لهجوم متجدد وأشد قسوة، كما هدد نتنياهو نفسه حماس وسكان غزة خلال خطاب له في الكنيست الإسرائيلي بعواقب "لا تُحتمل" إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
وبحسب التقرير، جاء تعبير حماس عن استعدادها لتسليم أسير إسرائيلي وجثث أربعة آخرين مقابل التفاوض على المرحلة الثانية، ليضع حدًا لتكتيكات نتنياهو التخريبية.
وأوضح التقرير أن هذا التحول جاء إثر إجراء الولايات المتحدة محادثات مباشرة مع حماس دون وساطة، في خطوة تكسر ثلاثة عقود من العرف الأمريكي في رفض التفاوض مع المنظمات التي تعتبرها "إرهابية".
وذكر أنه "رغم محدودية صلاحيات الوفد الإسرائيلي الذي أُرسل إلى الدوحة، إلا أن استئناف المحادثات بعد أسبوع متوتر من التهديدات الإسرائيلية يظهر تغيرًا في الموقف الأمريكي الذي انتقل من اقتراح ترامب الاستفزازي بتطهير عرقي للفلسطينيين من غزة إلى مناقشة الشروط مباشرة مع حماس وتقديم مقترحات متتالية للانتقال إلى محادثات حول إنهاء الحرب".
وفي صلب هذا التغيير مسألة إعادة إعمار غزة ومقترح القمة العربية البديل؛ حيث عرض اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة يوم الأربعاء الماضي الخطة على ويتكوف، واتفقوا على مناقشتها في المحادثات الجارية كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع.
وختم التقرير بقوله: "بينما يضع الفلسطينيون في غزة وعائلات الأسرى الإسرائيليين آمالهم في جولة المحادثات المتجددة في الدوحة، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق نهائي لا تزال بعيدة؛ فحكومة نتنياهو لا تُظهر أي علامة على استعدادها لإنهاء الحرب، وستحاول الآن إيجاد طريقة لتجنب المضي قدمًا في المفاوضات وإيجاد طريقة لإلقاء اللوم على حماس، كما فعلت مرات عديدة في الماضي".