وكالات:

واصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه العسكري على سوريا في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد وانهيار حكم حزب البعث، مستغلاً الفراغ السياسي والعسكري الذي أحدثته سيطرة المعارضة المسلحة على دمشق وعدد من المدن الكبرى.

وأفادت تقارير ميدانية، اليوم الأحد، أن القوات الإسرائيلية احتلت ثلاث قرى جديدة في جنوب سوريا، هي قرية “جملة” بمحافظة درعا، و”مزرعة بيت جن” و”مغر المير” التابعتين لريف دمشق.

وتعكس هذه التحركات تعكس تصعيداً إسرائيلياً خطيراً في الأراضي السورية، في انتهاك واضح للسيادة السورية والقوانين الدولية.

غارات مكثفة

وشنت قوات الاحتلال سلسلة جديدة من الهجمات الجوية، بلغت ذروتها، السبت، باستهداف 35 موقعاً عسكرياً قرب دمشق.

وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الغارات استهدفت معسكرات تضم مستودعات للصواريخ والذخيرة في أنفاق جبلية، ضمن حملة إسرائيلية واسعة النطاق تهدف إلى تدمير البنية التحتية العسكرية للنظام السابق.

وبحسب المرصد؛ نفذت “إسرائيل” 430 غارة جوية على سوريا منذ سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، مما يشير إلى خطة ممنهجة لإضعاف سوريا عسكرياً وتفكيك قدراتها الاستراتيجية.

توسيع المنطقة العازلة 

وعقب سقوط نظام الأسد؛ أعلنت “إسرائيل” انهيار اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، ودفعت بقواتها للانتشار في المنطقة العازلة التي كانت منزوعة السلاح في الجولان السوري المحتل.

وترافق ذلك مع فرض حظر تجول على خمس بلدات سورية قريبة، في خطوة تهدف إلى ترسيخ وجودها العسكري وفرض أمر واقع جديد.

كما احتلت القوات الإسرائيلية قمة جبل الشيخ الاستراتيجية للمرة الأولى منذ عقود، في محاولة لتعزيز سيطرتها على المنطقة الحدودية.

وإلى جانب التحركات العسكرية؛ كشفت تقارير عن اتصالات إسرائيلية مع مسؤولين أكراد شمال شرق سوريا، في محاولة لبناء تحالفات مع الأقليات لاستغلال الانقسامات الداخلية في البلاد.

وتدّعي “إسرائيل” أن هذه الخطوة تأتي لدعم استقرار المنطقة، لكن الواقع يشير إلى مساعيها لتقسيم سوريا وإضعافها.

نوايا استعمارية

وبينما تبرر “تل أبيب” عدوانها بحجج أمنية واهية؛ فإن أفعالها تعكس نوايا استعمارية تهدف إلى تكريس احتلالها، وتوسيع نفوذها في سوريا على حساب استقرارها ووحدة أراضيها.

وتهدف “إسرائيل” من هذه التحركات إلى تحقيق أهداف استراتيجية متعددة، أبرزها:

توسيع احتلالها في الجولان وترسيخ سيطرتها على المناطق الحدودية.إضعاف سوريا عسكرياً، ومنع أي قوة معارضة من تشكيل تهديد مستقبلي.إجهاض أي محاولات لإعادة بناء محور المقاومة مع إيران وحزب الله.خلق واقع جيوسياسي جديد يخدم مصالحها الإقليمية عبر تحالفات مع الأقليات.

مآلات العدوان الإسرائيلي

على المدى القريب؛ قد نشهد تصاعداً في التوترات الإقليمية، مع احتمالية نشوء ردود فعل من أطراف محلية أو إقليمية متضررة من هذه التحركات، ما يهدد بفتح جبهات صراع جديدة.

أما على المدى البعيد؛ فإن استمرار هذا العدوان قد يؤدي إلى إضعاف فرص الحل السياسي في سوريا، وتثبيت الانقسامات الداخلية، مع تعميق التدخلات الدولية في البلاد.

وفي ظل هذا التصعيد؛ يبقى السؤال مفتوحاً حول قدرة القوى الإقليمية والدولية على كبح هذه التحركات الإسرائيلية، ومنعها من استغلال الوضع الراهن لتحقيق أجندتها التوسعية، وإلى أي مدى يمكن للمجتمع الدولي أن يتحرك لمنع انزلاق المنطقة نحو مزيد من الفوضى.

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي هذه التحرکات

إقرأ أيضاً:

هل ينجح أتباع أحمد الشرع في حُكم سوريا الجديدة؟

فيما يتلهّف السوريون لبدء المرحلة الانتقالية مطلع مارس (آذار) القادم، يُدير شؤون سوريا اليوم بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، حكومة مؤقتة من أتباع أحمد الشرع قائد العمليات العسكرية، رجل البلاد القوي الذي أحاط نفسه بجهاديين سابقين وإسلاميين مُحافظين، من الذين كان يحكم معهم محافظة إدلب.

إعادة تشكيل المُجتمع

ووعد الشرع بأنّ تستمر الحكومة الانتقالية الحالية ثلاثة أشهر فقط، ولكنّ الجدول الزمني لإعداد الدستور الجديد يُثير قلق عدد متزايد من الأطراف السورية والدولية، لا سيّما أنّ أحمد الشرع قدّر أنّ صياغة الدستور سوف تستغرق نحو ثلاث سنوات، وأنّ الانتخابات قد لا تُجرى إلا بعد عام واحد من اعتماده. وهو ما سيسمح له بالاحتفاظ بالسلطة لمدة أربع سنوات، وهذا يكفي، برأي محللين سياسيين فرنسيين، للبدء في تشكيل المجتمع السوري الجديد وفق معايير سادة دمشق الجدد.

En Syrie, le vernis de l’islamisme “modéré” craquelle déjà de partout

➡️ https://t.co/649FXrjWD9 par @Corentinpennar https://t.co/649FXrjWD9

— L'Express (@LEXPRESS) January 7, 2025

وخلص محللون إلى أنّ هناك مؤشرات كثيرة تُشكّك في هذه القوة الجديدة المُفترضة في دمشق، سواء فيما يتعلق بالالتزام باحترام الأقليات، أو الحرية بشكل عام، أو حقوق المرأة.
ونقلت وسائل إعلام فرنسية عن دبلوماسي أمريكي التقى بالشرع مؤخراً، قوله "إنّ الشرع يقول حرفياً كل ما ينبغي أن يتم قوله لطمأنتنا".

وأضاف: "إنّه يُظهر ذكاءً شديداً، مما يجعله أكثر خطورة"، وعلى أرض الواقع هناك تشكيك وترقّب، سواء في التغييرات الداخلية أو العلاقات الخارجية.

رجال الشرع

في جولة عربية انتهت قبل أيّام، وجولة أوروبية مُرتقبة، يُرسل الشرع ثلاثة رجال مُخلصين لعرض مشروعه المُستقبلي لسوريا الجديدة، وهم الوجه الدبلوماسي وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني، وشخصيتان أمنيتان: وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس المخابرات أنس خطاب.

ويُشكّل الرجال الثلاثة حجر الأساس للسلطة الجديدة التي يتم توحيدها في دمشق حول أحمد الشرع الذي كان يُلقّب بأبي محمد الجولاني. وهم كانوا من الرفاق الأوائل لزعيم هيئة تحرير الشام، عندما كانت لا تزال تعمل تحت راية تنظيم القاعدة الإرهابي تحت اسم جبهة النصرة (2012-2016). ولعبوا، منذ عام 2017، دوراً مركزياً في إنشاء مؤسسات الهيئة في معقلها بإدلب شمال غربي سوريا، والتي أصبحت مُختبراً لحكم الحركة.

Syrie : "Bien des signes questionnent ce nouveau pouvoir à Damas prétendument fréquentable" https://t.co/VMR7VPSjDy

— Marianne (@MarianneleMag) January 9, 2025

ومن حولهم، قام رئيس وزراء الحكومة المؤقتة، محمد البشير، بتشكيل حكومة تضم التكنوقراط الإسلاميين المحافظين، وجميعهم أعضاء سابقون في حكومة إدلب. وكان المهندس البالغ من العمر 41 عاماً، وهو في الأصل من هذه المحافظة، وزيراً للتنمية والشؤون الإنسانية آنذاك، هو نفسه نقطة الاتصال مع الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تدخلت في مخيمات النازحين أو مع ضحايا زلزال فبراير (شباط) 2023.

أقلّ ديمقراطية واعتدال

وبالنسبة للباحث التاريخي والمحلل السياسي الفرنسي د.غيلان شيفرييه، فإنّ كل ما يحدث اليوم يُشير إلى أنّ المسلحين الذين أسقطوا نظام الأسد في سوريا هم أقلّ ديمقراطية واعتدالاً مما يدّعي البعض. وذلك بينما يُريد الشرع أن يكون مُطمئناً ويُلقي خطابات هادئة تجاه الأقليات العرقية والدينية في البلاد.
وتكشف مقاطع الفيديو المنشورة على شبكات التواصل الاجتماعي عن تنفيذ إجراءات عقابية تتضمن عمليات إعدام بإجراءات موجزة، إضافة إلى إضرام النار في شجرة عيد الميلاد بالقرب من مدينة حماة من قبل مقاتلين مُلثّمين، وإطلاق النار على كنيسة، وبثّ الأغاني الجهادية ردّاً على مظاهرات عفوية، وذلك رغم محاولات استعادة الحياة شبه الطبيعية، والتخفيف من الضوابط التي كانت مفروضة في إدلب معقلهم الأوّل ضمن مساعي لتأسيس نسخة مقبولة من "الإسلاموية المعتدلة".

En Syrie, Ahmed Al-Charaa, le nouveau maître de Damas, s’entoure d’un cabinet de fidèles, dans l’attente d’une transition https://t.co/9lYjEF0zFL

— Le Monde (@lemondefr) January 9, 2025

واتخذت السلطات الجديدة بالفعل خطوات لتعديل الكتب المدرسية القديمة عن طريق إزالة الإشارات إلى النظام القديم، وكذلك القصائد عن المرأة والحب وبعض الشخصيات والحوادث التاريخية. وإضافة مفاهيم جهادية حول التضحية في سبيل الله لاستبدال عبارة "التضحية بالنفس في سبيل الدفاع عن الوطن".

وذلك رغم أنّ وزير التربية والتعليم، نذير القادري، صرّح أنّ الأمر يقتصر فقط على "إزالة المقاطع التي تُمجّد نظام الأسد الساقط".

وهناك تقارير بالفعل عن إنشاء ما يُشبه "شرطة دينية" ودعوات عامة من قبل رجال الدين لتطبيق الشريعة وإلزام ارتداء الحجاب، وصولاً إلى معلومات عن بناء مساجد في جامعات دمشق. ولعلّ الأمر الأكثر خطورة برأي المُجتمع الدولي هو تعيين الجهاديين، بما في ذلك الأجانب، في مناصب عليا في الجيش السوري الجديد، مقابل الخدمات التي قدّموها.

قشرة الإسلام المُعتدل تتشقق

مجلة "لكسبريس" الفرنسية، رأت أنّه بمحاولة الإدارة السورية الجديدة إصلاح المناهج الدراسية، يكون أسياد دمشق الجدد قد كشفوا عن جزء من أجندتهم السياسية والدينية، وهي لحظة حاسمة في سوريا ما بعد بشار الأسد. وذكرت أنّ الجولاني غيّر اسمه الحربي إلى أحمد الشرع، واستبدل ملابسه العسكرية ببدلة وربطة عنق، وغيّر خطاباته الحربية بمفردات دبلوماسية، فهل ذلك يكفي.

وتُشير التقارير إلى أنّ العضو السابق في تنظيم القاعدة تخلّى عن الجهاد الدولي وانتقل إلى "الجهاد الوطني"، مع وعد باحترام جميع الأقليات في سوريا. ولكن أيضاً الدفاع عن حقوق المرأة، على الرغم من القيود المفروضة على الملابس في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرته منذ عدّة سنوات.

وعيّن الرجل القوي في دمشق، للمرّة الأولى في تاريخ سوريا، امرأة كمحافظ للبنك المركزي، وأخرى كمحافظ لمدينة السويداء، ولكن من جهة أخرى تمّ التعرّف على وزير العدل شادي الويسي من خلال مقاطع فيديو من عام 2015 تُظهر حضوره، ومُشاركته، في إعدام امرأتين في إدلب.

وحول هذه الدلائل والوقائع، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي كورنتين بينارجوير أنّ قشرة الاعتدال في تطبيق الإسلام، والتي يُحاول الشرع إظهارها بدأت تتشقق في كل مكان، ويكفي برأيه أنّ محاولة تعديل البرامج المدرسية تُظهر أنّ سيّد دمشق الجديد لم يفقد شيئاً من تشدده.

مقالات مشابهة

  • أذرع الأخطبوط.. إستراتيجية إسرائيل للتمدد جنوب سوريا
  • أولويات الصهاينة.. القدس والجولان والليطاني
  • لافروف: موسكو على تواصل مع دمشق ولن تغادر المنطقة
  • هل ينجح أتباع أحمد الشرع في حُكم سوريا الجديدة؟
  • أيمن محسب: الجهود المصرية لإنهاء الحرب على غزة تعكس دورها المركزي في القضايا الإقليمية
  • برلماني: جهود مصر لإنهاء الحرب على غزة تعكس دورها في القضايا الإقليمية
  • مرصد الأزهر يكشف عن نوايا إسرائيل الحقيقية بشأن غزة
  • إسرائيل تتوغل في سوريا وتبعد 20 كم عن دمشق!
  • المصالح الإقليمية تطغى على استحقاقات المرحلة: أي حروب تنتظر سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد؟
  • تركيا تحمّل الدول الإقليمية مسؤولية الحفاظ على وحدة سوريا