وكالة الصحافة المستقلة:
2025-04-17@11:39:03 GMT

اغتيال الجامعات ودفن المعرفة

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

ديسمبر 15, 2024آخر تحديث: ديسمبر 15, 2024

محمد الربيعي

بروفسور متمرس ومستشار علمي

لقد تحولت الجامعات، التي كانت يوما ما معاقل للعلم والمعرفة، الى مجرد اذرع تنفيذية لسياسات حزبية ضيقة. بدلا من ان تكون منارات للعلم، اصبحت مصانع لانتاج “الشهادات”، حيث يتم تخرج طلاب غير مؤهلين لسوق العمل، ويتم اغراق جهاز الدولة بهم، وما زاد من الطين بلة الازدياد الهائل للجامعات والكليات الاهلية.

وبدلا من ان تكون الجامعات حاضنة للابداع والابتكار، اصبحت سجونا فكرية تخنق كل صوت نقدي او مخالف. وبدلا من ان تكون قلاعا حصينة للعلم، اصبحت ملاعب سياسية تتنافس فيها الاحزاب على النفوذ والمصالح الضيقة. هذا الوضع المزري نتيجة طبيعية لسياسة المركزية المقيتة والمحاصصة التي حولت الجامعات من مؤسسات اكاديمية مستقلة الى اذرع تابعة للوزارة، حيث يتم اتخاذ القرارات من وراء الكواليس، ويتم تعيين القيادات على اساس الولاء الحزبي والمحسوبية والمنسوبية وليس الكفاءة العلمية.

كانت الجامعة قديما، وقبل تأسيس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، منارة للعلم والمعرفة، حصنا يحمي الفكر الحر والابداع. وبمرور الزمن، تحولت هذه المنارة الى مجرد فانوس خافت، تحكمه ايادي السلطة. فبدلا من ان تكون حاضنة للمفكرين والمبدعين، اصبحت سجنا فكريا يضيق على كل من يحلم بتغيير الواقع. لقد تحولت الجامعات، بفعل سياسات مركزية قصيرة النظر، من مؤسسات اكاديمية مستقلة الى مجرد ادوات طيعة في يد السياسيين. فالسعي وراء الكفاءة العلمية والخبرة قد طغى عليه الصراع على المناصب والمكاسب الشخصية، وتحولت الجامعات الى اسواق تباع فيها المناصب بالولاء السياسي. لقد حُوّلت الجامعة، التي كانت يوما ما معقل الحقيقة، الى مسرحية هزلية، حيث يتقاسم الممثلون الادوار وفقا لمحسوبياتهم وعلاقاتهم، وليس وفقا لقدراتهم ومؤهلاتهم. ان هذا التدهور المريع للجامعات ليس مجرد خسارة للتعليم، بل هو خسارة للبلد باكمله.

لقد ادت سياسة المحاصصة الى ان تصبح الجامعات ساحة صراع سياسي، حيث يتنافس السياسيون على السيطرة على مقاليد الامور، متجاهلين تماما اهمية العلم والمعرفة ولم تعد هناك اهمية للمناهج وطرق التعليم والتعلم الحديثة ولا الى اهمية التدريسي المثابر والنزيه والمتتبع والمتواضع والمحفز وصاحب المعرفة الواسعة والشخصية القوية والمهارات التربوية الفعالة. فالتمركز الشديد للسلطة، الذي فرضته سياسة المحاصصة، قيد حركة الجامعات واجهز على استقلاليتها الاكاديمية. لم تعد الجامعات قادرة على مواكبة التطورات العلمية المتسارعة، بل اصبحت اسيرة لمناهج جامدة وتقليدية ونظرية. ان غياب الحوافز الحقيقية، واستبدالها بحوافز سياسية تعتمد على ما تفرزه التصنيفات الدولية وعلى النشر السريع لابحاث مفترسة، قد ادى الى تراجع مستوى التعليم بشكل كبير، وجعل الغش والانتحال والسرقات العلمية ظواهر طبيعية وتغلبت الغاية على الوسيلة في الترقيات العلمية والشهادات العليا. ونتيجة لذلك، فقدت الجامعات العراقية مكانتها العلمية المرموقة، وتحولت الى مؤسسات تعليمية تقليدية لا تقدم شيئا جديدا للمجتمع.

في الماضي، كانت عملية تعيين اعضاء هيئة التدريس تتم على اساس المنافسة، حيث كان يتم الاعلان عن الشواغر في الصحف وتحديد معايير واضحة للاختيار. اما اليوم، فقد تغير الحال تماما، حيث يتم تعيين رؤوساء الجامعات والعمداء باسلوب المحاصصة السياسية والمئات من اعضاء هيئة التدريس في الجامعات المختلفة من قبل الوزارة بدفعة واحدة دون اعلان او مسابقة، مما يثير الشكوك حول مدى كفاءتهم واستحقاقهم لهذه المناصب او الى الحاجة الفعلية للجامعات لهذه الاعداد الهائلة.

لم يعد من دور للجامعة في اختيار قياداتها واعضاء هيئة تدريسها. لقد فقدت الجامعة حقها في اختيار من يمثلها ويشارك في بناء مستقبلها، وتحولت الجامعات بالفعل الى فروع لجامعة واحدة مركزية اسمها “وزارة التعليم العالي والبحث العلمي”.

ان سيطرة الوزارة، ومنذ تأسيسها، على الجامعات وتمركز القرار هي ظاهرة خطيرة ادت الى تدهور التعليم وتهدد مستقبله. يجب العمل على اعادة الاعتبار للجامعات، ومنحها الاستقلالية اللازمة لاتخاذ القرارات، وتشجيع البحث العلمي والابداع عن طريق تمويل الجامعات واساتذتها بناء على درجة نشاطهم في البحث والابتكار. كما يجب العمل على تطوير التشريعات والقوانين التي تحكم عمل الجامعات، بحيث تضمن حصولها على الاستقلالية اللازمة لممارسة دورها الحيوي في المجتمع.

 

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: من ان تکون

إقرأ أيضاً:

​إليك 10 مهارات لتخطي المساقات الإلكترونية العلمية والمعرفية بسلاسة

اعتدنا قديما على نوع واحد فقط من المساقات، وهو النمط الجامعي، حيث يقف المحاضر في قاعة كبيرة ويجلس الطلاب أمامه ليستمعوا إليه وقد يدونون بعضا من الملاحظات، لكن حاليا ينتشر نمط آخر من التعلم، وهو المساقات الإلكترونية، حيث ظهرت منصات مثل "كورسيرا" و"إيدكس"، والتي تقدم كامل الخدمة التعليمية عبر الإنترنت فقط.

وخلال أزمة كوفيد-19 والإغلاق العالمي، بدأت مجموعة أكبر من المنصات والجامعات في التحول لنمط التدريس عبر الإنترنت، لكن هذا النوع من التعلم رغم أهميته الشديدة، ومزاياه في نشر العلوم على مسافات شاسعة دون الحاجة للسفر، إلا أنه يمتلك الكثير من العيوب، أهمها يتعلق بأن العالم الإلكتروني مزدحم، ويسهل أن تتشتت فيه.

اختر المساق المناسب

ولذلك، يجب أن تبدأ طريقك دائما باختيار المساق المناسب الذي يتوافق مع اهتماماتك، وأهدافك الأكاديمية أو المهنية.

يجب عليك كذلك قبل أن تختار البدء في هذا المساق أو ذاك أن تطالع المنهج والمتطلبات الأساسية وهيكل الدورة للتأكد من ملاءمته لمستوى معرفتك الحالي وجدولك الدراسي.

وعادة ما تضع المنصات الشهيرة مستوى المساق، بين مبتدئ ومتوسط ومحترف، وبداية من المستوى المتوسط يجب عليك فهم المتطلبات حتى لا تتقدم في المستوى ثم تصدم بضرورة التوقف لتعلم المزيد من التفاضل والتكامل مثلا.

مرن نفسك على الصبر على الدراسة لفترة محددة ثابتة لا تشوبها انقطاعات (بيكسابي) تفاعل مع الطلاب والمدرسين

من المهم كذلك أن تتحقق من نشاط الدورة، والأفضل أن تختار الدورات النشطة حاليًا، لأنها غالبًا ما توفر ملاحظات آنية وتفاعلًا مع الزملاء.

إعلان

التفاعل أثناء التعلم أمر مهم جدا، ليس فقط لأنه يساعد في إثراء معارفك عبر الإجابة عن الأسئلة وطرحها على الزملاء والمحاضرين، ولكن كذلك لأنه يخلق حالة من التواصل في التعلم، فتشعر أن هناك من يهتم بما تهتم به، ومن ثم يحفزك ذلك للاستمرار، ويقلل من فرص الإحباط.

تجنب التشتت

من المهم إدراك أن الإنترنت هو عالم يعتمد على اقتصاد الانتباه، فهناك دائما طريقة لتشتيتك عما تفعل، ويسهل جدا علينا أن نشاهد مقاطع إنستغرام أو تيك توك بدلا من محاضرة في كيمياء الأدوية أو فيزياء الحالة الصلبة.

من المهم في هذا السياق أن تمرن نفسك على الصبر على الدراسة لفترة محددة ثابتة لا تشوبها انقطاعات، ولتكن مثلا نصف أو 3 أرباع ساعة على الأقل، ثم راحة لـ10 دقائق أو ربع ساعة، ثم تعود للدراسة. في البداية يكون الأمر باردا وصعبا، ثم مع الوقت يصبح أيسر.

في بعض الأحيان تكون المساقات أفضل من الكتب (بيكسلبي) ضع جدولًا دراسيًا ثابتًا

خصص أوقاتًا محددة كل أسبوع للتركيز على مادة الدورة، وتعامل معها كفصل دراسي تقليدي، وسواء كنت تتعلم ذاتيا (بينما تمتلك مهنة أو تخصصا آخر)، أو كان ذلك هو تخصصك، فمن الضروري أن تكتسب هذا المستوى من الالتزام، وإلا فالمتوقع أن تتوقف سريعا.

في هذا السياق، يفضل أن تقسّم الدورة إلى أقسام سهلة الإدارة، مع تحديد مواعيد نهائية قصيرة للالتزام بالجدول، ويمكن أن تستخدم التقويمات الرقمية أو التطبيقات لتذكيرك بالمحاضرات والواجبات والامتحانات القادمة.

من المهم كذلك أن تعمل بانتظام على مجموعات المسائل والمشاريع لتطبيق المعرفة النظرية، هذه المجموعات تتبادل المعرفة والفهم، وتعلمك كيف تفكر في سياق جماعي لا فردي، ومع الوقت والتمرين ستكتشف أن تلك ضرورة ملحة لحياتك المعرفية.

تفاعل مع المادة الدراسية

دوّن ملاحظات دائما، يفضل أن تقوم بتلخيص المفاهيم الرئيسية بكلماتك الخاصة لتعزيز فهمك، كذلك ضع أهمية كبيرة للتمارين، فلا يمكن أن تتعلم من دون التمارين والاختبارات.

إعلان

والواقع أن ذلك يعد من أهم مزايا المساقات الإلكترونية في مقابل الكتب، فالمساقات تضع اختبارات دائمًا لتحدد مستواك، وكذلك فإن مصمميها قد تدربوا طوال سنوات طويلة على تقديم المواد المعرفية للطلاب، وبالتبعية فإنهم يصممون تراتبية المساق بحيث تكون مناسبة لك.

بدلا من الجامعات الحقيقية، بات من الممكن للطلاب أن يتعلموا في مساقات إلكترونية (بيكسابي) الأمر لا يقف عند هذا المساق

من ميزات المساقات الإلكترونية أنها تقدم صورا متنوعة من المعرفة، فقد تكون في صورة مقاطع فيديو، أو مقالات، أو يحدد المحاضر عددا من الصفحات لقراءتها في كتاب هذا الفيلسوف أو ذلك المرجع العلمي.

ولكن إذا كان الموضوع صعبًا، فابحث عن مواد تكميلية مثل الدروس التعليمية للسنوات الأقل، كأن تبحث عن دروس لتعلم التفاضل والتكامل من المرحلة الثانوية، لخدمة مساق في علم الفلك.

حافظ على هدفك

إن أول قاعدة لأي خطوة تتخذها في حياتك هي أن تضع أهدافًا واضحة، حدد ما تسعى إلى تحقيقه بنهاية الدورة، سواء كان إتقان مفهوم أو الحصول على شهادة.

من الضروري في هذا السياق أن تقيّم فهمك وإتمامك لمكونات الدورة بانتظام، واحتفل بالإنجازات الصغير للحفاظ على حماسك طوال الدورة.

فكّر في الحصول على شهادة

إذا كان المساق يتوافق مع أهدافك المهنية، فإن الحصول على شهادة موثقة يمكن أن يعزز سيرتك الذاتية، وتقدم كل من كورسيرا ويإدكس مساعدة مالية للمتعلمين المؤهلين، مما يجعل الحصول على الشهادة أسهل.

إذا كان المساق يتوافق مع أهدافك المهنية، فإن الحصول على شهادة موثقة يمكن أن يعزز سيرتك الذاتية (شترستوك) مهمة واحدة في نفس الوقت

لا تبدأ في أكثر من مساق أو كتاب أو مادة علمية في نفس الوقت، هذا التشتت لا شك سيُنهي المعركة قريبًا بفشل في كل المحاولات معًا.

الأمر متعلق بالتركيز، تخيل معي أن العمل في مهام متعددة يشبه أن تصنع أهرامات صغيرة بحجم لعبة الأطفال، تلك التي تباع في محال الهدايا، هنا سيشبه العمل في مهمة واحدة لفترة طويلة من الزمن هرما واحدا لكنه بحجم هرم خوفو في محافظة الجيزة المصرية.

الميزة الرئيسية للتركيز هو أنه يرفع قدر استيعابك بصورة متزايدة، بعد 6 أشهر فقط من البدء في مادة ما والتركيز عليها، لتكن مثلا علم الفلك، فإن سرعة استيعابك للجديد منها تتضاعف، وتتمكن من الخوض في مستويات أعمق متعلقة بالرياضيات الجامعية مثلا.

استكشف الأدوات الإضافية

استفد من الأدوات المتاحة مثل تطبيقات الهاتف المحمول للتعلم أثناء التنقل والمواد القابلة للتنزيل للدراسة دون اتصال بالإنترنت.

إعلان

كذلك يمكن أن يوفر التواصل مع الزملاء من خلال مجموعات الدراسة الدعم ويعزز التعلم من خلال التعاون.

إلى جانب ذلك، اشترك في تحديثات وإعلانات الدورة للبقاء على اطلاع بأي تغييرات أو موارد إضافية.

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم العالي يبحث سبل تعزيز التعاون مع المجلس الثقافي البريطاني
  • من أمريكا إلى الصين.. جامعات عالمية تشارك في معرض التعليم
  • الرياض وتبوك تحتضنان معرضاً للجامعات الأردنية
  • ندوة تثقيفية بجامعة كفر الشيخ للإرتقاء بمستوى المعرفة والوعي
  • معارض التعليم.. بوصلة الطلبة لاستشراف وظائف المستقبل
  • ​إليك 10 مهارات لتخطي المساقات الإلكترونية العلمية والمعرفية بسلاسة
  • وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع جامعة KU Leuven البلجيكية
  • وزير التعليم العالي يلتقي نائب رئيس "كيه يو لوفين" لبحث التعاون مع الجامعات المصرية
  • وزير التعليم العالي يبحث فرص التعاون مع جامعة ڤي يو بي خلال زيارته لبروكسل
  • وزير التعليم العالي يبحث فرص التعاون مع جامعة «ڤي يو بي» خلال زيارته لبروكسل