بعد مرور ثلاثة عشر عامًا على انطلاق الثورة السورية، ومع بقاء الرئيس بشار الأسد رئيسًا للدولة السورية، ونجاة سوريا ومؤسساتها من الإرهاب، ورحيل الجماعات الإرهابية والمعارضة السورية إلى إدلب بشمال سوريا، تمكنتِ الجماعات الإرهابية -وعلى رأسها جبهة «هيئة تحرير الشام» المنشقة عن تنظيم القاعدة- من السيطرة خلال الأيام الماضية على سوريا، وذلك بعد انسحاب الجيش السوري، وهروب الرئيس بشار الأسد وعائلته إلى روسيا، لتسقط سوريا في قبضة أبومحمد الجولاني، هذا القيادي الإرهابي الذي تمكن من إسقاط الرئيس الأسد والسيطرة على الدولة السورية ومؤسساتها.
وبهذا تكون سوريا -برغم ما يروِّجه أبناء الشعب السوري من الترحيب بتلك الخطوة- قد دخلت في نفق مظلم، وأصبحت معرَّضةً أكثر من أي وقت مضى إلى نجاح مخططات التقسيم، وتكالب القوى الأجنبية عليها. فمن سيطرة تركيا على الكثير من الأراضي الغنية بشمال سوريا، إلى بسط نفوذ قوات سوريا الديمقراطية على مساحات شاسعة من أراضي سوريا وحلمها بالانفصال لتكوين دولة كردية، إلى وجود القواعد الأمريكية والروسية ونفوذ الميليشيات الإيرانية بها، ووصولًا الآن إلى بسط نفوذ الجماعات الإرهابية وقيادات المعارضة الداخلية والخارجية، وتشكيل حكومة مؤقتة برئاسة محمد البشير العضو في هيئة تحرير الشام، تكون سوريا مع خطوة أبومحمد الجولاني قد أصبحت هشة وضعيفة، لتصبح مطمعًا لنفوذ القوى الأجنبية، وزيادة نفوذ الإرهاب الذي سوف يهدد لاحقًا أبناء سوريا ومؤسساتها وجيشها. والدليل على ذلك هو أن إسرائيل -التي تُعَد بعد الجماعات الإرهابية من ألد أعداء الأمة، إذ تسعى إلى تحقيق حلمها المسمى بإسرائيل الكبرى- قد تمكنت قواتها من إعادة الانتشار والسيطرة على هضبة الجولان السورية المحتلة، بل ودخول قواتها أربعة عشر كيلومترًا داخل العمق السوري، والسيطرة الكاملة على جبل الشيخ الاستراتيچي، متحديةً وضاربةً باتفاقية خطوط الاشتباك التي تم الاتفاق عليها مع سوريا بقرار من الأمم المتحدة عام 1974، ولربما كان ذلك بعد سقوط سوريا في قبضة الإرهاب بمثابة سيطرة إسرائيلية كبرى على هضبة الجولان.
وبهذا يقف الإرهاب الأعمى برئاسة الجولاني وشركائه بالمرصاد للكثير من بلداننا العربية ساعيًا لإضعافها وكسرها وإسقاطها الواحدة بعد الأخرى، وفاتحًا شهية القوى الاستعمارية الطامعة في بلداننا وعلى رأسها إسرائيل الحالمة بالسيطرة على المنطقة، وتكوين دولتها الكبرى من النيل إلى الفرات.. وللأسف فإن الكثير من أبناء الشعب السوري الآن فرحون برحيل الأسد، وهم يفعلون ذلك دون أن يدركوا أن ما فعله الجولاني قد جلب الخراب إلى سوريا، وذلك بعد ضياع الجولان، هذا الجولان الذي اعتبره نتنياهو مؤخرًا أرضًا إسرائيلية إلى الأبد، دون أن يحرك الجولاني وجماعته الإرهابية ساكنًا تجاه ما فعلته القوات الإسرائيلية المحتلة في الجولان وغزة ولبنان، أو يرد على اعتداء إسرائيل الغاشم على الأماكن العسكرية الخاصة بالجيش السوري، بل كل ما فعله هو فتح السجون، وإحراق قبر حافظ الأسد، وتكسير التماثيل بالمدن السورية، وتوعده بتعقب رجال الدولة السورية ورموز وقيادات حزب البعث السوري.
لقد فقد العالم الآن الثقة بعودة سوريا ومؤسساتها إلى الحاضنة الدولية وبخاصة بعد سقوطها في قبضة الإرهاب، أي بعدم إقدام الدول على إقامة علاقات دبلوماسية وشراكات اقتصادية ودولية والتعامل مع الإرهابيين الذين يتربصون بالأمة ويسلمونها بالجهل والظلامية والخيانة إلى أعدائها.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الجماعات الإرهابیة فی قبضة
إقرأ أيضاً:
مفاجأة في العلاقات السورية الروسية: "الشرع" يطلب من بوتين هذا الأمر بشأن بشار الأسد
الرئيسان السوري والروسي (وكالات)
في خطوة مثيرة ومفاجئة، كشفت مصادر مطلعة اليوم السبت، 22 مارس 2025، عن تقديم الرئيس السوري السابق، أحمد الشرع، طلبًا رسميًا إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يتضمن مطالبة موسكو بتسليم الرئيس الهارب بشار الأسد إلى دمشق، وذلك بهدف محاكمته داخل الأراضي السورية.
تأتي هذه الخطوة في وقت حساس يشهد فيه الوضع السياسي في سوريا حالة من التوتر والتغييرات المحتملة في العلاقات مع روسيا.
اقرأ أيضاً نهاية التهدئة: إسرائيل تشن غارات جوية عنيفة على جنوب لبنان رداً على صواريخ حزب الله 22 مارس، 2025 تحذيرات الأرصاد: أمطار رعدية قادمة وتغيرات جوية كبيرة في هذه المناطق اليمنية 22 مارس، 2025بحسب ما أفادت به "صحيفة المرصد" نقلاً عن مصادر روسية، فإن موسكو رفضت بشكل قاطع تسليم بشار الأسد إلى دمشق، مشيرة إلى أن روسيا لن توافق على هذا الطلب.
وتظهر هذه الرفضات بوضوح التباين في مواقف الحليفين السابقين حول مصير الأسد، الذي يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد الشعب السوري طوال سنوات النزاع الدامي.
وخلال زيارة وفد روسي إلى العاصمة السورية دمشق، تم مناقشة العديد من القضايا العالقة، بما في ذلك مستقبل الأسد. في لقاء استمر لمدة ثلاث ساعات مع نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، طرح المسؤولون السوريون احتمالية عودة الأسد إلى الساحة السياسية في سوريا، مؤكّدين أن هذه العودة قد لا تكون عقبة كبيرة في إعادة بناء العلاقات بين البلدين.
لكن في المقابل، تبقى مسألة تسليم الأسد محطَّ جدل داخلي وخارجي، ولا يبدو أن هناك توافقًا سريعًا على هذه القضية المثيرة للجدل.
هذه التطورات تأتي في وقت حساس للغاية، حيث يبحث العديد من الأطراف عن طرق لاستعادة الاستقرار السياسي في سوريا، بينما لا يزال مصير بشار الأسد يشكل نقطة خلاف جوهرية في المفاوضات الدولية والإقليمية.