كريم خالد عبد العزيز يكتب: فن إدارة ردود الأفعال.. بين الحق والسمو الإنساني
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
ردود أفعالنا ما هي إلا استجابة عصبية على أفعال الآخرين معنا، وانعكاس لمشاعرنا وتصوراتنا وتجاربنا .... رد الفعل يعتبر أمرًا طبيعيًا وصحيًا للإنسان، لأن الجمادات هي التي لا ترد ولا تعطي أي استجابة .... لكن هناك أوقات نتجاهل فيها الإساءة، ونسْمو بإنسانيتنا وأخلاقنا، ونرتقي ونترفع عن الرد، ولكن هذا لا يعني أن عدم الرد بشكل دائم شيء طبيعي .
حق الرد مشروع لأي إنسان، وكيفية الرد وتوقيته أيضًا .... قد تكون ردات أفعالنا عنيفة وقاسية في بعض الأحيان، وقد نُلام من الغير على ذلك .... ولكن الغير لا يعرف ما الذي نتعرض له من فعل أولاً لنرد بهذا الرد .... وللأسف الشديد، الإنسان الهادئ قد يتخلى عن هدوئه عندما يكون المناخ المحيط به والأشخاص غير هادئين .... هذا لا يعني أنه يغير من طبيعته، وإنما قد يغير تصرفاته وردود أفعاله ليتلاءم مع المواقف التي يتعرض لها.
التجاهل سلاح ذو حدين .... قد يكون التجاهل إيجابيًا عندما يشعر المسيء إلينا بعدم قيمته، فيضغط عليه تجاهلنا ليتراجع عن فعله السلبي، وقد يكون التجاهل سلبيًا عندما يشعر الغير أننا عاجزون عن الرد، فيتمادى ويزيد من أفعاله السلبية معنا .... وهذا الأمر يتوقف على شخصية الشخص المسيء نفسه أو الشخص الذي نستخدم معه التجاهل .... هناك من يخجل ويعتبر تجاهلنا اعتراضًا، فيتراجع، وهناك من يسيء الفهم ويعتبر تجاهلنا عجزًا عن الرد، فيتمادى .... وهنا يجب أن نميز جيدًا بين الأشخاص ونعي متى نتجاهل ومتى نرد.
من الناحية الدينية، حدّد لنا القرآن الكريم ثلاث خيارات لرد الإساءة، وترك لنا حرية الاختيار بينها، وعلى حسب اختيارنا يكون الجزاء والثواب من الله:
(الخيار الأول): أن نرد الإساءة بالإحسان، وأن نحول العدو إلى صديق حميم، وهذا الخيار رغم صعوبته، إلا أنه يُعدّ الأسمى والأرقى عند الله، ويعتبر قمة السمو الروحي والإنساني: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" (فصلت: 34).
(الخيار الثاني): أن نسكت عن الإساءة وأن نتجاهل الرد، ولكن نفوض أمرنا لله، فهو يرد بدلًا عنا، وهذا الخيار أقل درجة من الأول في الثواب: "وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" (غافر: 44).
(الخيار الثالث): وهذا الخيار بعيد عن التعاملات الإنسانية ويتماشى مع الدول في الحروب، وهو قائم على مبدأ رد الفعل بشرط عدم المبادرة بالإعتداء : "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (البقرة: 190).
علينا أن نزن الأمور بحكمة، وأن نحلل المواقف التي نتعرض لها من إساءة، لكي نعرف متى نرد ومتى نتجاهل حسب المواقف والظروف التي نواجهها .... وأن نضع في عين الاعتبار العدل والرحمة والسمو الإنساني والأخلاقي الذي يجعلنا نتحكم في ردات فعلنا، ويمنحنا ثوابًا عند الله كلما ارتقينا وترفعنا بإنسانيتنا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القرآن الكريم السمو الروحي المزيد
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: سياسات " التوقع " للأزمات !!
علم إدارة الأزمات، علم معترف به وتعمل به كل الجهات الإدارية المحترمة علي مستوياتها المختلفة، وبالقطع تستخدمه الحكومات في إدارة شئون بلادها، وخاصة تلك الدول التي تمتلك حضارة، وجامعات ومراكز بحث، ومن الجدير بالذكر أن الحكومة المصرية لديها مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار، وأعتقد بأنه يقوم بمهمة تساعد صاحب القرار في مجلس الوزراء أو الوزراء الذين في إحتياج لمعاونة فنية أو معلوماتية لاتخاذ قرار ما في شأن ما !! بالإستعانة بهذا المركز !!
ولعل من البديهى أن يكون لمجلس وزرائنا، مجموعة عمل دائمة، تضع تصورات وتوقعات وكذلك سيناريوهات أمام السيئ من هذه التوقعات (إن حدثت ) !!
وبالتالي فإن الضرر الذي يمكن أن يقع، تقلل هذه الإدارة من حجم أضراره أو حتي نستطيع أن " نتفاداه " إن أمكن !!، ولعل أيضًا إن لم أكن ( مخطئًا ) قد سمعت بأن في بداية وزارة المهندس /شريف إسماعيل أن هناك غرفة عمليات أو مجموعة عمل تسمي مجموعة ( إدارة الأزمات )، وإن لم نسمع عنها شيئًا منذ الإعلان عنها، ولم نسمع عن مشاركتها في عشرات من الأزمات التي واجهت حكومة (إسماعيل بك) إلى الأن وهذا ما يثار في المنتديات الثقافية والتي تتناول أداء "الحكومة في مصر"، وذلك حديث يجري دائمًا بين المثقفين المصريين من ذوي الإتجاهات المختلفة.
وأنا أري بأن سياسة التوقع لأزمة مثلما هى فى مفاوضات "سد النهضة" ومعالجة هذه الأزمة، كانت تستحق من الحكومة إهتمامًا أكثر من ناحية التوقع والتجهيز، لما يمكن أن يقلل من الأضرار، وكذلك سياسة "إدارة الأزمة" بعد وقوعها، حيث أديرت تلك الأزمة، بواسطة بعض الفضائيات التي كانت تعمل علي الهواء مباشرة، مع بعض المهتمين بشئون المياه فى "مصر" وربما كان العائد سيكون افضل فى الفضائيات،.
ولعل التدخل الوحيد الذي طمأن المصريين سواء الذين يتابعون من "مصر" وهم في قمة التوتر أو هؤلاء المهمومين بمستقبل المياه فى "مصر"، لم يطمئنهم سوي مداخلة الرئيس "السيسى" فى حديث له بأنه قال بأنى لم أضيع المصريين من قبل حتى أضيعهم اليوم!!
ولعل طمأنة الرئيس للشعب، جعلنا ننسى أن هناك مجموعة إدارة الآزمات في مجلس الوزراء !! ولديها خطة الحكومة المصرية في سياسة التوقعات للأحداث، سواء كانت محلية أو أقليمية ؟؟؟؟؟ وياتري هناك سيناريوهات محددة لكل توقع وكل حدث ؟ نريد فقط الإطمئنان علي صحة الحكومة !! التى ستقدم برنامجها واثقة من نفسها، لمجلس نواب (ملاكى) !!
[email protected]