ردود أفعالنا ما هي إلا استجابة عصبية على أفعال الآخرين معنا، وانعكاس لمشاعرنا وتصوراتنا وتجاربنا .... رد الفعل يعتبر أمرًا طبيعيًا وصحيًا للإنسان، لأن الجمادات هي التي لا ترد ولا تعطي أي استجابة .... لكن هناك أوقات نتجاهل فيها الإساءة، ونسْمو بإنسانيتنا وأخلاقنا، ونرتقي ونترفع عن الرد، ولكن هذا لا يعني أن عدم الرد بشكل دائم شيء طبيعي .

... يجب أن نعرف جيدًا متى نرد ومتى نتجاهل.

حق الرد مشروع لأي إنسان، وكيفية الرد وتوقيته أيضًا .... قد تكون ردات أفعالنا عنيفة وقاسية في بعض الأحيان، وقد نُلام من الغير على ذلك .... ولكن الغير لا يعرف ما الذي نتعرض له من فعل أولاً لنرد بهذا الرد .... وللأسف الشديد، الإنسان الهادئ قد يتخلى عن هدوئه عندما يكون المناخ المحيط به والأشخاص غير هادئين .... هذا لا يعني أنه يغير من طبيعته، وإنما قد يغير تصرفاته وردود أفعاله ليتلاءم مع المواقف التي يتعرض لها.

التجاهل سلاح ذو حدين .... قد يكون التجاهل إيجابيًا عندما يشعر المسيء إلينا بعدم قيمته، فيضغط عليه تجاهلنا ليتراجع عن فعله السلبي، وقد يكون التجاهل سلبيًا عندما يشعر الغير أننا عاجزون عن الرد، فيتمادى ويزيد من أفعاله السلبية معنا .... وهذا الأمر يتوقف على شخصية الشخص المسيء نفسه أو الشخص الذي نستخدم معه التجاهل .... هناك من يخجل ويعتبر تجاهلنا اعتراضًا، فيتراجع، وهناك من يسيء الفهم ويعتبر تجاهلنا عجزًا عن الرد، فيتمادى .... وهنا يجب أن نميز جيدًا بين الأشخاص ونعي متى نتجاهل ومتى نرد.

من الناحية الدينية، حدّد لنا القرآن الكريم ثلاث خيارات لرد الإساءة، وترك لنا حرية الاختيار بينها، وعلى حسب اختيارنا يكون الجزاء والثواب من الله:
(الخيار الأول): أن نرد الإساءة بالإحسان، وأن نحول العدو إلى صديق حميم، وهذا الخيار رغم صعوبته، إلا أنه يُعدّ الأسمى والأرقى عند الله، ويعتبر قمة السمو الروحي والإنساني: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" (فصلت: 34).
(الخيار الثاني): أن نسكت عن الإساءة وأن نتجاهل الرد، ولكن نفوض أمرنا لله، فهو يرد بدلًا عنا، وهذا الخيار أقل درجة من الأول في الثواب: "وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" (غافر: 44).
(الخيار الثالث): وهذا الخيار بعيد عن التعاملات الإنسانية ويتماشى مع الدول في الحروب، وهو قائم على مبدأ رد الفعل بشرط عدم المبادرة بالإعتداء : "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (البقرة: 190).

علينا أن نزن الأمور بحكمة، وأن نحلل المواقف التي نتعرض لها من إساءة، لكي نعرف متى نرد ومتى نتجاهل حسب المواقف والظروف التي نواجهها .... وأن نضع في عين الاعتبار العدل والرحمة والسمو الإنساني والأخلاقي الذي يجعلنا نتحكم في ردات فعلنا، ويمنحنا ثوابًا عند الله كلما ارتقينا وترفعنا بإنسانيتنا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القرآن الكريم السمو الروحي المزيد

إقرأ أيضاً:

بكري: العار مازال يلاحق العالم والقانون الدولي الإنساني بعد الجرائم التي ترتكب في غزة

أكد الإعلامي مصطفى بكري، أن المذبحة لازالت قائمة في غزة، والموت والدمار مستمرين، مشيرا إلى أن حرب الإبادة مستمرة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.

يستخدم صوته برقم مزيف.. بلاغ ضد منتحل شخصية مصطفى بكري| فيديومصطفى بكري يكشف عن عملية انتحال لشخصيته عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي

وقال مصطفى بكري، خلال تقديمه برنامج “حقائق وأسرار”، أن المذبح التي يثوم بها الإحتلال الإسرائيلي تتم في العلن، والعار مازال يلاحق العالم والقانون الدولي الإنساني.

 نموت ولا نستسلم

وتابع مقدم برنامج “حقائق وأسرار”، أن أهل غزة يموتون ويستشهدون وهم مرفوعي الرأس ومرفوعي الهامات، ويحملون رسالة "نموت ولا نستسلم.

مقالات مشابهة

  • مسلسل وتقابل حبيب الحلقة 22.. «كريم فهمي يتحدى عائلته بسبب ياسمين عبد العزيز»
  • خالد الإعيسر يكتب: لمن ظنّوا أن الأمر مجرد مزحة!
  • سيد الناس الحلقة 22 … خالد الصاوي يكتب أملاكه باسم عمرو سعد
  • مسلسل وتقابل حبيب الحلقة 21.. كريم فهمي يعترف بحبه لـ ياسمين عبد العزيز وسط الأمطار
  • دنيا عبد العزيز: الله يرحمك يا أمي ويصبر قلبي على الوجع
  • الحق وفق وضاعك.. «وزير الاتصالات» يعلن قطع الخدمة عن الهواتف التي لم يسدد أصحابها الجمارك بعد عيد الفطر
  • بكري: العار مازال يلاحق العالم والقانون الدولي الإنساني بعد الجرائم التي ترتكب في غزة
  • مسلسل وتقابل حبيب الحلقة 20.. ياسمين عبد العزيز تلجأ لـ كريم فهمي لحل مشكلة ابنتها
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تريد التخلص من الورقة الرسمية التي تحمي الحق الفلسطيني
  • سهيل دياب: إسرائيل تريد التخلص من الورقة الرسمية التي تحمي الحق الفلسطيني