جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-15@15:10:36 GMT

بن علوي ما زال صائمًا

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

بن علوي ما زال صائمًا

 

علي بن سالم كفيتان

لم تكن تتوقع علا الفارس الصحفية الأردنية بقناة الجزيرة القطرية، في برنامج "الجانب الآخر"، الذي بُثَّ يوم الجمعة عبر منصة "الجزيرة 360" أن يُصبح الحديث مع الوزير المُتقاعد يوسف بن علوي بن عبد الله، والذي شغل منصب الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية سابقًا في سلطنة عُمان، عن زراعة الموز والنارجيل والطقوس الصوفية في جنوب الجزيرة العربية، وكُنَّا نتوقع من الحلقة، حديثًا مُعمَّقًا وجديدًا عن الحقبة التي شغل فيها بن علوي هذا المنصب الرفيع، لما يربو على 40 عامًا، صال وجال فيها عواصم العالم، وشكَّل وجه الدبلوماسية العُمانية الحصيفة والمُتأنية.

لكن على ما يبدو أنَّ الرجل، ما يزال يعيش روح المنصب، لذلك لم تستطع الصحفية الحصول على الكثير، ومعها كل من أقَّتَ ساعته لمُتابعة المقابلة. وقد اعترفت علا الفارس في نهاية اللقاء أنَّها وَقَعَتْ في مُراوغة لم تستطع من خلالها فك شفرات بن علوي، فأصبح الحديث عن بيت العائلة ومزرعة الموز وأشياء أخرى.

اعترف الإعلامي الكويتي عمَّار تقيّ صاحب البرنامج الشهير "الصندوق الأسود" أنَّ كل مساعيه للقاء بن علوي، باءت بالفشل. وهُنا نسأل: لماذا كل هذا التمنُّع عن تنوير النَّاس والمجتمع عن تلك الحقبة المُهمة التي مرَّت بها عُمان؟ وربما كثيرون لا يتفقون مع فلسفة بن علوي في كتابة المذكرات على أنها طقس غربي لا يُحبِّذه، وأنَّ كشف الحقائق قد يُثير الشجون للماضي؛ فالرجل بدأ ثائرًا على السُلطة، ثم أصبح لاحقًا أحد رموزها، ومن المُقرَّبين من السلطان الراحل قابوس بن سعيد- رحمه الله- وهذا خلق ثراءً فريدًا للتجربة التي عاصرتها هذه الشخصية العُمانية المُتقلبة والهادئة في آنٍ معًا. الكثيرون يتطلعون للمزيد من البوح؛ فالمرحلة كانت حُبلى بالمواقف والتوجهات، وأخرجت توافقًا وطنيًا وبناء دولة عصرية في وسط إقليم مُلتهب؛ لذلك لم يُعط بن علوي الكثير وحسب توقعي بأنَّ لقاءه السابق مع الإعلامي موسى الفرعي كان أعمق وأشمل، وفيه الكثير من الدفء، ربما لكون الفرعي مسكونًا بشخصية بن علوي، وربما لأنَّ معاليه أراد أن يقذف بشيء من الطُعم في المحيط الإعلامي المُتعطِّش لمعرفة الكثير عن فترة حكم السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- التي كان بن علوي أحد الفاعلين الرئيسين فيها، فهل يوجد ما يُبرر كل هذا الحذر بعد أن انقضت المرحلة ورحل مُعظم أبطالها؟

لعلَّ الأبرز في حديث بن علوي الأخير للجزيرة، كان مبادرة السلام وحل الدولتين، وأنه ليس واقعًا؛ بل يدخل في العالم الافتراضي، الذي لا تعترف به إسرائيل ولا الدول الغربية، وبأنَّ الحل بيد الفلسطينيين أنفسهم، من خلال نبذ الخلافات، ورسم توجهٍ مُوحَّد يحقق ثوابتهم الوطنية في تحرير فلسطين. وهنا نسأل: ما دام أن حل الدولتين غير وارد في الحقيقة، لماذا الاستمرار في الدعوة إليه من قبل وزراء الخارجية العرب السابقين والحاليين؟ ولماذا طرحت المبادرة العربية الاعتراف بإسرائيل؟ ولماذا هذا السباق المحموم نحو التطبيع مع هذا الكيان الغاصب؟

كل هذه المحاور المُهمة لم تدفع بها الصحفية الأردنية علا الفارس في المقابلة، ولم نجد لها إجابات شافية، في الوقت الذي تم التركيز فيه على زيارات رؤساء وزراء الكيان الصهيوني لعُمان، بينما يُدافع الوزير السابق بأنها أتت في سياق التوافق مع الفلسطينيين، ومن هنا لم يجد المشاهد في المقابلة الجديد، حتى عن السياسة الدولية، ولا عن القضايا المُهمة خارج الإطار الوطني، الذي ظل الباب موصدًا عليه.

أكد بن علوي على ما ذكره في مقابلته مع الفرعي، عن "الربيع العربي"، وبرَّره بأنه ناتج عن زيادة عدد الشباب في العالم العربي بنحو 60% من إجمالي عدد السكان، وبأن احتياجاتهم من الوظائف والتنمية والتطوير باتت تشكل ضرورة مُلحّة أمام الأنظمة الحاكمة، ولعل هذه هي الإشارة الأبرز لأهمية التفاعل الجدي والإيجابي مع مُتطلبات الشباب؛ ففي عُمان لم تكن الاعتصامات التي حدثت عام 2011 للمطالبة بسقوط نظام ولا النيل من الوحدة الوطنية؛ بل كانت ترفع العلم العُماني وصورة السلطان قابوس- رحمه الله- وتتقدم بمطالب مُستحقَّة تمثلت في مكافحة الفساد وطرح فرصٍ للتوظيف، وتنفيذ بعض المشاريع التنموية، وهذا ما استجاب له السلطان الراحل- طيب الله ثراه- من خلال تنفيذ كل المطالب، وفي حينها؛ مما أشعر الناس بدفء العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فكانت تجربة عُمان هي المُلهمة في احتواء الموقف، لذلك نرى أنَّ إشارة بن علوي جديرة بالاهتمام كرجلٍ عاش تلك المرحلة الفاصلة.

سننتظر من بن علوي المزيد عن تجربته الثرية من النضال إلى دهاليز الحكم، ولن نكتفي بما طرح حتى الآن من باب الشهادة على العصر، دون تحفظ؛ فالأجيال توَّاقة للتجارب المُلهِمة، ولا نعتقد أن هناك تجربةً أكثر عُمقًا ولا إلهامًا من حُكم السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ولم يتبق من رفاقه اليوم إلّا القليل من الرجال، أمثال بن علوي.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

العدل والكرامة.. قيمتان محوريتان في الخطاب السامي

 

سلطنة عُمان ملتزمة بمبادئها الأخلاقية والإنسانية كجزء لا يتجزأ من نهجها في الحكم

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

 

أكد حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- في خطابه السامي يوم السبت 11 يناير 2025، بمناسبة الذكرى الخامسة لتولي جلالته مقاليد الحكم في سلطنة عُمان، حرص جلالته على التواصل المُباشر مع شعبه الوفي، وإبراز ما تحقق من إنجازات وطنية تُشارك الجميع في تحقيقها، وتحفز على العمل للمزيد من النجاحات، وتعزيز الاستقرار والأمن كركائز أساسية لتحقيق التنمية والازدهار في سلطنة عُمان.

لقد أكد جلالته- حفظه الله- على أهمية الأمن والأمان كنعمتين أساسيتين للاستقرار وازدهار البلاد، مشددًا على أنه لا يستقيم لأمة أمر دون هاتين النعمتين، ولا يصح لدولة استقرار وازدهار بدونهما، وهو ما يعكس التزام جلالة السلطان المعظم بمواصلة مسيرة النهضة المتجددة، والحفاظ على المكتسبات الوطنية، رابطًا الأمن بالازدهار الاقتصادي كرسالة للداخل والخارج، وجاءت قيمتا العدل وكرامة الإنسان محوريتين في الخطاب السامي لجلالة السلطان المعظم، لضمان المساواة بين جميع أفراد المجتمع دون تمييز؛ سواء في الحقوق أو الواجبات، ويعكسان التزام الدولة بتوفير الفرص للجميع، تعزيزًا للشعور بالانتماء والولاء للوطن، وأساسًا للاستقرار، تدعمان التماسك الاجتماعي، فإقامة العدل تُعزز ثقة الشعب العماني بقيادة جلالته حفظه الله وحكومته الرشيدة، وتولد الشعور بالحقوق المحفوظة، وأن القانون يسري على الجميع، ليشعر أفراد المجتمع العُماني بالتحفيز لبذل الجهد والعمل، لثقتهم بأنهم سيحصلون على ما يستحقونه من كرامة في صيانة الحقوق الأساسية كالتعليم، الصحة، الحرية، والأمن.

القيمتان المحوريتان في خطاب جلالته السامي تعكسان التزام الدولة بحماية الفرد وضمان عيشه بكرامة دون انتقاص، فكرامة الإنسان تعني عدم السماح بأي شكل من أشكال الظلم أو الاستغلال أو الإهانة، في ظل مجتمع يحترم إنسانية الفرد وقيمته، وفي فكر جلالته حفظه الله ورعاه وسدد خطاه، عندما تُحترم كرامة الإنسان العُماني على أرضه، يصبح أكثر استعدادًا للمساهمة في بناء وطنه بروح إيجابية، ويعزز شعوره بالمسؤولية والانتماء، كما إن احترام كرامة الإنسان عامة ينسجم مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان، مما يعزز مكانة سلطنة عُمان واحترامها على المستوى العالمي، والعدل في الفكر السامي لجلالته هو الأساس لتحقيق الكرامة الإنسانية؛ حيث إن احترام حقوق الإنسان لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل منظومة عادلة، وغياب العدل يؤدي إلى انتهاك الكرامة الإنسانية، ويخلق بيئة مليئة بالظلم والتفاوت.

وأخيرًا.. لا ريب أن تركيز جلالة السلطان المعظم على قيم العدل وكرامة الإنسان يُبرز اهتمام جلالته- حفظه الله- ببناء مجتمع متماسك يُعلي من شأن الفرد، ويعمل على تحقيق التنمية الشاملة، هذه القيم تُرسخ رسالة مفادها أن سلطنة عُمان ملتزمة بمبادئها الأخلاقية والإنسانية كجزء لا يتجزأ من نهجها في الحكم.

مقالات مشابهة

  • نهضة عُمان المتجددة
  • عن عناصر حزب الله وإمداده بالسلاح... ما الذي قاله مسؤول أميركيّ؟
  • وعدٌ تحقق
  • في ذكرى نهضة عُمان المتجددة: جلالة السلطان يقود ويُلْهِمُ
  • خماسية الإنجاز والنهضة المتجددة
  • ذكرى محبة.. لروح عمان
  • نهضة عُمان المُتجدِّدة في عامها الخامس
  • 11 يناير.. ذكرى تجلِّي الحكمة السلطانية
  • مدينة السلطان هيثم الاقتصادية وعاصمة عُمان المُتجدِّدة
  • العدل والكرامة.. قيمتان محوريتان في الخطاب السامي