جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-17@06:56:33 GMT

قطاع فرص عمله مُهدرة!

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

قطاع فرص عمله مُهدرة!

 

د. عبدالله باحجاج

خرجتُ من أحاديثي مع المستشار العقاري علي بن عامر العمري عن دور القطاع العقاري في بلادنا في توفير فرص عمل، بالكثير من الرؤى والمفاهيم والخلفيات التي ستفتح الآفاق الرحبة لصُنَّاع القرار المعنيين بملف الباحثين عن عمل، وتدلل على أهمية التشاركية في التفكير، وكذلك في الرقابة المسؤولة عن التنفيذ من كل الشركاء- حكوميين ومفكرين وكُتَّاب- في حقبة ترسيخ النهضة المُتجدِّدة ببرؤى وخطط غير مسبوقة لمواجهة تحديات استثنائية؛ وهي تحتاج لكل الأفكار الناضجة من كل الشركاء، ونوضح فيما يلي أبرز ما خرجنا به.

أولًا: وجود فرص عمل بالآلاف في القطاع العقاري في بلادنا، يشغل أغلبها الآن أجانب من جنسيات مُتعدِّدة، ويمكن توظيف 1000 عُماني فورًا في محافظة مسقط، فكيف ببقية المحافظات الأخرى التي يشهد بعضها نهضة استثمارية عقارية، كالمجتمعات المتكاملة والسكنية والتجارية والسياحية؟ وكيف بمستقبل القطاع العقاري في بلادنا التي تتوافر فيه كل مقومات النجاح والربح المضمون؟ وهذا يعني وجود استدامة في فرص العمل في القطاع العقاري، ويعني كذلك أن فرص العمل في قطاع العقار في بلادنا مُتجدِّدة.

ثانيًا: فُرص العمل في القطاع العقاري غير مُستهدفة لذاتها، رغم حاجة البلاد المُلِحَّة لها، ورغم ما يُشكِّلُه ملف الباحثين من أولوية وطنية عاجلة.

وقد قدَّم المستشار العمري منذ سنتين مبادرةً وخطة لوزارة العمل لتوفير 1000 فرصة عمل، وخطة لإنتاج فرص عمل بالآلاف في القطاع العقاري، مدعومة بآليات استحقاقاتها، إلّا أننا لم نرَ خطوات عملية لبلورتها، رغم ما قوبلت به بالتقدير والمناقشات مع العمري. ومؤخرًا أطلقت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني برنامج "توطين" في القطاع العقاري، بهدف الحصول على بيانات ومعلومات وإحصائيات ونسب التعمين في شركات التطوير العقاري.

ويُرجِع العمري عدم استغلال فرص العمل في القطاع العقاري بصورة تُرضي الطموح إلى عدم وجود تنظيم للقطاع العقاري، ومن هنا يقترح استصدار "الترخيص العقاري"، أسوة بالترخيص الصناعي، والترخيص السياحي، والترخيص الصناعي، تُصنَّف فيه الوحدات السياحية وعددها، ومن ثم تُحدَّد نسب التعمين فيها، موضحًا- على سبيل المثال- عدم وجود قانون يُلزم من يملك 20 بنايةً أو مجمعات سياحية بالتوظيف! وطبيعةُ فرصِ العملِ في القطاع العقاري مُتعدِّدة ومُتنوِّعة، ويُمكن أن تستوعب مختلف المخرجات التعليمية والأكاديمية؛ كأصحاب شهادات الدبلوم العام والتخصصات الفنية والمهنية من إداريين وحُرَّاس أمنيين ومُحلِّلين ماليين ومُشرِف تنسيق حدائق ومُشرِف إدارة المرافق ومهندس ميكانيكي وكهربائي والصحة والسلامة... إلخ.

هذا هو حجم الرهانات على قطاع العقارات في بلادنا، وهو يظل حتى الآن في معزل عن استهدافه، رغم أنه منتجٌ لفرص العمل. ومن الأهمية الوطنية العاجلة المُسارَعة إلى تنظيم استحقاقات فرص العمل في القطاع العقاري التي يشغل أغلبها- نكرر كما يقول العمري- الأجانب. وهذه القضية تدعونا هنا إلى أن نُجدِّد مقترحنا السابق باستحداث منصب "وزير دولة" لشؤون الباحثين عن عمل. وتلجأ الدول الى استحداث هذا المنصب لإدارة مُتخصِّصة ومُتفرِّغة، وتحقيق نتائج سريعة لقضايا وطنية مُلحَّة وعاجلة، أو أن التوجه الوطني يُحتِّم الإسراع في إحداث نقلة في مسارٍ ما لمواجهة تحديات داخلية أو إقليمية وعالمية. من هنا تبرُز أهمية مثل هذه المناصب التي لا يمكن إحداث تقدم حقيقي في ملفات استثنائية ضاغطة، إذا ما ظلت ضمن مجموعة أهداف وزارة ما.

وإذا ما أردنا أن نضع التفكير الذي يقف وراء المقترح، فإنه ينطلق من أبعاد توجيه عاهل البلاد- حفظه الله ورعاه- في أكتوبر الماضي لوزارة العمل باتخاذ الإجراءات اللازمة وبشكل عاجل؛ لوضع حدٍ لتجاوز الشركات في تطبيق سياسات تشغيل وإحلال المواطنين، والعمل على تصحيح الوضع القائم حاليًا في الشركات الحكومية والخاصة. وهذا التوجيه السامي جاء بعد تقرير مُفصَّل من لجنة مؤقتة شكَّلها مجلس الشورى، كشف عن اختلالات كبيرة في التوظيف والتعمين والإحلال، وكذلك عن تلاعبات تضُر بمسارات وطنية في حل قضية الباحثين عن عمل.

القضية كما تبدو من عدم استغلال فرص العمل في القطاع العقاري، ومن التوجيه السامي، وتقرير مجلس الشورى، لا تكمُن في ندرة فرص العمل، وإنما في مسألتين هما: كيفية استغلالها، وكيفية تطبيق السياسات والخطط. ومن هنا يستمد مقترحنا مشروعيته الوطنية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كم عدد السنوات اللازمة لإزالة ركام الحرب من غزة؟

بين أنقاض ما كان يوما مدينة نابضة بالحياة، تبرز معضلة جديدة تضاف إلى معاناة سكان قطاع غزة، حيث بات القطاع عبارة عن جبال من الركام، تحكي قصة دمار غير مسبوق، ويضيف تحديا صعبا على الغزيين فكم من السنين يحتاجون لإزالة الركام ليعيدوا بناء مدنهم التي دمرتها الحرب الإسرائيلية.

50 مليون طن من الحطام والأنقاض تغطي مساحات شاسعة من القطاع، وفق تقديرات أولية للأمم المتحدة، في مشهد يصعب على العقل استيعابه.

ويسلط مراسل الجزيرة عمار طيبي، في تقرير له، الضوء على هذا الوضع من خلال مشاهد إنفوغراف تقدم صورة مقربة عن حجم الكارثة التي تجاوزت كل التصورات.

ففي قطاع صغير المساحة، كثيف السكان، ألقت إسرائيل نحو 100 ألف طن من المتفجرات، محولة 85% من المباني إلى ركام، بواقع 450 ألف وحدة سكنية مدمرة كليا أو جزئيا.

لكن المأساة لا تقف عند حدود الدمار الحالي، بل تمتد لعقود مقبلة، فوفقا لتقديرات الأمم المتحدة، ستستغرق عملية إزالة هذا الركام 21 عاما كاملة، حتى مع توفر الآليات الكافية والوسائل المناسبة.

وحسب تلك التقديرات، فإن التكلفة الأولية لذلك تقدر بمليار و200 مليون دولار، وذلك لإزالة الركام ونقله فقط، دون احتساب تكاليف إعادة الإعمار أو تهيئة الطرقات والبنى التحتية.

إعلان مقاربات مفزعة

ولتقريب صورة هذا الدمار الهائل للأذهان، يقدم التقرير مقارنات مذهلة تكشف عن حجم المأساة، فلو وضع هذا الركام في شاحنات تحمل كل منها 20 طنا، سيمتد موكب الشاحنات لمسافة 30 ألف كيلومتر، أي ما يعادل 3 مرات المسافة بين قطاع غزة وواشنطن.

وفي مقارنة أخرى صادمة، يوضح التقرير أن برج إيفل في باريس يزن 10 آلاف طن، مما يعني أن ركام غزة يعادل وزن 5 آلاف برج مماثل، كما يمكن بناء سور بطول وعرض سور الصين العظيم، الذي يمتد على مسافة 21 ألف كيلومتر، من هذا الركام.

وللمقارنة أيضا، يبلغ وزن الهرم الأكبر في الجيزة نحو 6.5 ملايين طن، ما يعني أن ركام غزة كفيل ببناء 8 أهرامات مماثلة للهرم الأكبر، وهي مشاهد تقرب الصورة نسبيا، لكن الواقع على الأرض يبقى أكثر قسوة وتعقيدا.

وتتجاوز أزمة الركام في غزة مجرد تحدٍّ لوجستي ضخم، إلى كونها رمزا لحجم المعاناة الإنسانية والتحدي المستقبلي الذي ينتظر سكان القطاع، فالشوارع المدمرة، وقنوات المياه والصرف الصحي المتضررة، والبنية التحتية المنهارة، كلها تشكل تحديات تضاف إلى معضلة الركام الضخمة.

وبينما تتواصل الحرب، يتراكم المزيد من الأنقاض يوما بعد يوم، مما يجعل التقديرات الأولية للأمم المتحدة عرضة للارتفاع بشكل مستمر، ومعها ترتفع سنوات المعاناة ومليارات الدولارات المطلوبة لإعادة الحياة إلى ما كانت عليه في يوم من الأيام.

وهكذا، تصبح جبال الركام في غزة شاهدا على مأساة غير مسبوقة، لا تنتهي بتوقف الحرب، بل تمتد لعقود مقبلة، محولة مهمة إعادة الإعمار إلى واحدة من أكبر التحديات في العصر الحديث.

مقالات مشابهة

  • 500 ألف نازح في غزة منذ انتهاء وقف إطلاق النار
  • نزوح نصف مليون شخص في غزة والاحتلال يعزل ثلث القطاع
  • مقتل 11 فلسطينيا بينهم أطفال بقصف جوي اسرائيلي على غزة
  • جبالي: قانون العمل من الإنجازات التشريعية التي تمس قطاعا عريضا من المواطنين
  • 12 توصية لدفع القطاع العقاري وتسهيل التمويل ومواجهه التحديات
  • نائب رئيس الرقابة المالية: القطاع العقاري يستوعب 14% من حجم العمالة
  • أحمد صبور: التمويل العقاري هو كلمة السر في مستقبل السوق المصري
  • معرض العقارات الدولي 2025 يناقش آفاق الاستثمار العقاري ومستقبل البنية الحضرية
  • كم عدد السنوات اللازمة لإزالة ركام الحرب من غزة؟
  • "الزراعة" تناقش دور البحث العلمي والابتكار في تطوير القطاع الزراعي