يمانيون ـ بقلم ـ عبد الفتاح البنوس
بخطوات متسارعة أحكمت الجماعات التكفيرية الإرهابية قبضتها على العاصمة السورية دمشق بعد مغادرة الرئيس السوري بشار الأسد لها صوب العاصمة الروسية موسكو التي يبدو أنها ستكون مقر الإقامة الدائمة للأخير، الخارجية الروسية وفي أول تعليق لها أشارت إلى أن ( الأسد قرر ترك منصبه وغادر البلاد نتيجة مفاوضاته مع عدد من المشاركين في النزاع المسلح )، وبغض النظر عن سيناريوهات مغادرة الأسد وتسليم الجيش والحكومة للجماعات الإرهابية ؛ فإن المهم اليوم هو الحديث عن مستقبل سوريا، وطبيعة النظام الذي سيدير هذا البلد العربي الذي كان يمثل منارة للقومية العربية، وملاذا آمنا للعقول العربية النيرة النظيفة الخالية من مظاهر التدجين والأدلجة والتي أنتجت طيلة السنوات الماضية عدداً من النخب السمجة والساذجة والسطحية في فكرها وثقافتها وتفكيرها ومواقفها وتوجهاتها المثيرة للإشمئزاز.
لقد سقط نظام الأسد ولم يعد يجدي نفعا الخوض في تفاصيل ومعمعات كيف تم ذلك، نحن اليوم أمام واقع جديد يحتم علينا أن نكون أكثر وعيا وإدراكا لما يدور حولنا وما الذي يعتمل للمنطقة من مخططات تهدف في المقام الأول لخدمة كيان العدو الصهيوني، فالمسألة لا ولن تقتصر على إسقاط النظام السوري المنهك المثخن بالجراح الذي وجد نفسه أمام خيار الرحيل وترك البلاد لمجاميع إرهابية مسلحة تدعي الانتماء لسوريا العروبة والقومية، مجاميع من جنسيات مختلفة تم تدريبها وتأهيلها لإدارة سوريا الجديدة، نعم سوريا الجديدة التي ستكون خنجرا مسموما في جسد الأمة العربية في ظل تصريحات قيادة هذه الجماعات المسلحة بإستعدادها للانفتاح على العالم بما في ذلك إسرائيل بإستثناء إيران وحزب الله، وعقب سلسلة الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مركز البحوث العلمية والمربع الأمني الذي يضم مباني المخابرات والجمارك في العاصمة دمشق والذي جاء متزامنا مع إعلان إذاعة جيش العدو الصهيوني بأن حكومة النتن ياهو قررت احتلال منطقة جبل الشيخ السورية وإنشاء منطقة عازلة، بالإضافة إلى ما أوردته القناة 12 العبرية بشأن توغل القوات الإسرائيلية إلى عمق 14 كلم داخل الأراضي السورية .
كل هذه المعطيات تشير وبكل وضوح إلى أن هذا الكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا وتركيا والسعودية والإمارات هم من يرسمون اليوم المشهد السوري من خلال تلكم الجماعات الإرهابية المسلحة التي باتت تدير شؤون الحكم في سوريا، وأن هذه الدول تعمل جاهدة على ( فرمتة ) سوريا ومسخ هويتها العربية، والزج بها نحو مستنقع العمالة والخيانة والتطبيع مع كيان العدو الصهيوني، وإستخدامها كنسق أمني دفاعي عنه، من خلال محاصرتها لحزب الله وتضييق الخناق على مجاهديه، والتحالف مع الكيان الصهيوني للقضاء عليه، في سياق مخطط قذر يستهدف حركات المقاومة الإسلامية المناهضة لمشروع الهيمنة والغطرسة الأمريكي الصهيوني .
لذا لا نستغرب إن سمعنا عن إعلان هذه العناصر الإجرامية الإعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها، وفتح سفارة لها في دمشق وسفارة باسم سوريا في تل أبيب، كل شيء وارد، وخيوط المؤامرة تشير إلى أن المنطقة مقبلة على شتاء قارس جدا، شتاء يحمل معه الكثير من المتغيرات التي ستلقي بظلالها السلبية على مجمل الأوضاع العامة في المنطقة بأكملها، فهذه العناصر الإجرامية تعمل لحساب الصهيونية العالمية، وتحركاتها ومواقفها تصب في خدمتها، وهي في حقيقة الأمر لا تقل تصهينا عن الصهاينة أنفسهم، والأيام المقبلة ستكشف للجميع حجم المؤامرة وأبعادها الشيطانية الشريرة الخبيثة التي يراد لها أن تدخل حيز التنفيذ في المنطقة .
وفي الأخير لا بد من الإشارة إلى جزئية هامة في ما يتعلق بالمستجدات التي طرأت على المشهد السوري، والمتعلقة بمشاعر الفرح والإبتهاج التي طغت على الكثير من أبناء جلدتنا في سياق تعليقاتهم على ما حصل ويحصل في سوريا، والتلويح بإمكانية استنساخ ذلك في اليمن، ولهؤلاء أقول لهم ناصحا : اخجلوا على أنفسكم ولو لمرة واحدة في حياتكم، لقد صرتم بمواقفكم المخزية مجلبة للعار، ومضربا للمثل في الوضاعة والانحطاط، ما حصل في سوريا عار عليكم قبل غيركم، لن يجدي تقسيم سوريا أي نفع لكم، ولن تحصدوا من وراء اصطفافكم خلف الجماعات الإرهابية غير الخزي والذل والمهانة ، أما اليمن فكونوا على ثقة بأن الله يحرسه ويحميه بسواعد أبطاله الميامين، وما حصل في سوريا عصي عليه أن يتحقق في اليمن، وقد جربتم في الحوبان وحصدتم ثمار تجربتكم الحمقاء، تكرار ما حصل بسوريا في اليمن غير وارد، ومن أراد أن يجرب حظه فليجرب، لكن عليه أن يجهز كفنه على كتفه، فالمسألة ليست سهلة لهذا الحد، الأرض اليمنية، أرض طاهرة لا قبول بتدنيسها من قبل شذاذ الآفاق، ومنزوعي الرجولة، اليمن كان وما يزال وسيظل مقبرة للغزاة وكل من يقف معهم ويساندهم، المكتب السياسي لأنصار الله وضع النقاط على الحروف في بيانه الصادر بشأن الأحداث في سوريا، والكرة اليوم في ملعب هذه الجماعات التي بإمكانها تصحيح الصورة المرسومة عنها، والتعاطي مع الواقع الجديد بمسؤولية بعيدا عن المغامرات والممارسات الرعناء والمواقف غير المسؤولة .
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
نشاط عسكري روسي متزايد في ليبيا والسودان بعد سقوط الأسد في سوريا
شددت مجلة "فورين بوليسي" على عمل روسيا على تعزيز وجودها في كل من السودان وليبيا، وذلك بعد سقوط حليف موسكو في سوريا بشار الأسد في الثامن من كانون الأول /ديسمبر الماضي.
وقالت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن حكومة السودان وافقت على بناء روسيا لأول قاعدة عسكرية لها في أفريقيا قرب ميناء بورتسودان، حسبما أعلن وزير الخارجية السوداني علي يوسف أحمد الشريف، بعد لقاء في موسكو مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.
ومن خلال تأمين قاعدة عسكرية لها على ساحل البحر الأحمر، فإن روسيا ستنضم إلى الولايات المتحدة والصين اللتان أقامتا قواعد عسكرية في جيبوتي، وفقا للتقرير.
وأضافت المجلة أن خروج القوات الروسية من سوريا بعد انهيار نظام الأسد، دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنقل أرصدته العسكرية إلى ليبيا والسودان، وذلك حسب عدة مصادر أمنية متعددة.
وتكشف الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية بأن روسيا تقوم بتوسيع في جنوب-شرق ليبيا والواقعة قرب الحدود مع كل من السودان وتشاد.
وتظهر الصور أن روسيا قامت بإعادة بناء مدرج وبنت منشآت للتخزين وزادت من قدراتها اللوجيستية. وكانت آخر مرة استخدمت فيها القاعدة هي عام 2011 حيث تمركزت فيها قوات الرئيس السابق معمر القذافي.
ويسيطر عليها حاليا خليفة حفتر الذي يقود ما يعرف باسم الجيش الوطني الليبي، حسب التقرير.
ونقل التقرير عن المنبر الاستقصائي للشرق الأوسط "إيكاد" في منشور على منصة "إكس"، قوله "تعتبر هذه التطورات متساوقة مع استراتيجية روسيا لإنشاء عدة قواعد عسكرية في ليبيا".
وتمنح قاعدة معطن السارة "موسكو السيطرة على الطرق وتسهيل حركة المعدات العسكرية والجنود إلى منطقة الساحل وبدون أن تكون عرضة للرصد في الموانئ والمطارات الدولية".
ورصدت المخابرات الأوكرانية حركة الجنود والطائرات العسكرية عشرة مرات منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر، حيث قامت برحلات من قاعدة حميميم في سوريا إلى شرق ليبيا.
وعبر الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع عن إمكانية الحفاظ على علاقات مع روسيا، وفقا للتقرير.
وفي نهاية كانون الأول/ ديسمبر، قال "لا نريد خروج روسيا من سوريا بطريقة تؤثر على علاقتها مع بلدنا".
وزار وفد روسي في بداية الشهر الحالي دمشق للتفاوض حول الكيفية التي تحتفظ فيها روسيا بقواعدها العسكرية. ولكن من المنطقي أن يقوم الرئيس بوتين بالتحوط على رهاناته وتوزيع أرصدته العسكرية.
ففي السودان دعمت روسيا طرفي الحرب هناك، حيث زودت موسكو في البداية قوات الدعم السريع بالأسلحة، ثم تعهدت بتقديم مزيد من الدعم العسكري للجيش السوداني مقابل منحها موافقة لبناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر.
وتحدث السودان عن فكرة القاعدة البحرية في عام 2017 أثناء حكم عمر أحمد حسن البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية عام 2019. وتم التوصل لاتفاق بشأن القاعدة في عام 2020 ولكنه انهار بعد اندلاع القتال بين طرفي الحكم في السودان في نيسان/أبريل 2023.
وفي محاولة للبحث عن حلفاء لمواصلة الحرب، أعلن السودان في الأسبوع الماضي، عن تعزيز العلاقات مع إيران. وفي ليبيا، فقد تقاسم التأثير بها الحكومة التي تدعمها تركيا في غرب البلاد وتلك التي يقودها حفتر في شرق البلاد وبدعم من روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة.
وقدمت روسيا إلى حفتر السلاح والمعدات. وفي الوقت نفسه وقعت شركة النفط الروسية "روسنفط" اتفاقية طويلة الأمد لتطوير حقول النفط الليبية، وفقا للتقرير.
ولعبت قاعدة حميميم الجوية في سوريا دورا مهما في عمليات شركة المرتزقة السابقة "فاغنر" والتي أعيد تسميتها بـ "الفيلق الأفريقي"، عندما نشطت في مالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر.
وكشف تحقيق لشبكة "سي إن إن" عن تغير في حركة الدعم الروسي لحلفائها في أفريقيا، فبدلا من انطلاق الطائرات من سوريا، تنطلق الآن من ليبيا إلى باماكو، عاصمة مالي.
وإلى جانب قاعدة معطن السارة، نقلت روسيا معداتها إلى القاعدة الليبية، الخادم في شرق بنغازي وكذا الجفرة والتي كانت نقطة تمركز سابقة لمجموعة "فاغنر"، حيث أصبحتا مركز عمليات روسية في أفريقيا.
وبحسب المجلة، فإن البحرية الروسية تبحث عن ميناء تحت سيطرة حفتر. وذكرت وسائل إعلام سورية في أواخر كانون الثاني/يناير أن عقد إيجار روسيا لميناء طرطوس السوري لمدة 49 عاما قد تم إلغاؤه.
وقالت الاستخبارات العسكرية البريطانية، في بيان، نشر على موقع "إكس" الشهر الماضي، إن "قدرة روسيا على تقديم الدعم اللوجستي لكل من جيشها والمتعهدين العسكريين الخاصين في إفريقيا، إلى جانب الحد من الضرر على سمعتها والناجم عن سقوط نظام الأسد، ستكون بالتأكيد من أولويات الحكومة الروسية".
ويشير المحللون إلى أن قاعدة بحرية روسية بديلة قد تتشكل أيضا في ميناء طبرق بشرق ليبيا، وهو ما من شأنه أن يسمح لموسكو بالاحتفاظ بقدراتها في غرب إفريقيا مع توفير مركز استراتيجي ضد حلف الناتو على البحر الأبيض المتوسط.
وفي نهاية المطاف، فإن هذه القواعد الروسية الاستراتيجية في شرق ليبيا ستمنح حفتر المزيد من القوة في المفاوضات التي تشرف عليها الأمم المتحدة بشأن مستقبل ليبيا، مما قد يؤدي تأجيل الانتخابات الوطنية.