بوابة الوفد:
2025-01-16@00:20:20 GMT

الكرسي بين الوظيفة والرمزية 

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

ما من مرة نلتقي بأصدقائنا إلّا ويقدّم الصغير سنا بيننا الكرسي الافضل للكبير سنا أو مقاما. وهذا ماجعلني أبحث عن الكرسي ورمزيته وأجعله موضوعا لمقالي. 

في لغتنا العربية  كُرسيّ (ج. كراسٍ) ويعني مقعدٌ من الخشب ونحوِه لجالس واحد، والكُرْسِيُّ أيضا مركزٌ علميٌّ في الجامعة يشغَله أُستاذٌ، وكرسيّ المُلْك: عَرْشه.

والفعل الشائع المشتق من جذر كرسي هو: كرَّسَ يكرِّس، تكرِيسًا، وكَرَّسَ البِنَاءَ: أَسَّسَهُ. وطبعا لاننسى الاسم الذي لازمنا في سنوات الدراسة: كُرّاس (ج.  كَرَارِيسُ أو كُرَّاسَاتٌ).

وفي الانجليزية يسمّي الكرسي "chair" والتي جاءت من اللغة الفرنسية القديمة "chaiere" (الكرسي، المقعد، العرش)، وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية  "cathedra"  مما يبرز مكانة الكرسي  كرمز للسلطان والهيبة على نحو مشابه لمعناه في لغتنا العربية.

واستعمال الكرسي يظهر الفرق بين مكانة الجالس والواقف، فالجالس في الغالب يكون أعلى رتبة من الواقف في حضرته. فلا غرابة أن الكرسي كان رمزًا للسلطة الحاكمة، حيث كان يرتبط بالملوك والاباطرة. ففي مصر القديمة كان الفراعنة يظهرون في الفنون القديمة وهم يجلسون على عروش فخمة مصممة بعناية تعبيرًا عن مكانتهم العالية. كما كانت هذه العروش تُصوّر كأدوات للهيمنة والفصل بين الملك والشعب. وهذا الرابط بين الكرسي والسلطة استمر في الثقافتين اليونانية والرومانية، حيث كانت كلمة "cathedra" ترتبط بالتماثيل واللوحات التي تُظهر الشخصيات البارزة مثل الأباطرة والفلاسفة.

ومع بداية عصر النهضة في أوروبا، شهد الكرسي تحولًا في رمزيته. ففي الوقت الذي ظلّ فيه رمزًا للسلطة، بدأت تكنولوجيا التصميم تسمح بإنتاج كراس أصبحت متاحة لأوسع طبقات المجتمع. وأصبح الكرسي في الفن والأدب ليس مجرد أداة للراحة، بل رمزًا للكرامة الشخصية. مثّل الكرسي في أعمال فناني النهضة مثل دافينشي وميكل أنجلو الراحة والرفاهية، ما يعكس التغيير الاجتماعي في ذلك الوقت.

في القرن العشرين استخدم فنانون مثل آندي وارهولAndy Warhol    وجوزيف بويز Joseph Beuys الكرسي في أعمالهم لاستكشاف موضوعات مثل الاستهلاكية والهوية والتغيير السياسي. يبرز استخدام آندي وارهول في رسمه "الكرسي الكهربائي" عام 1967عن رأيه في الاعدام  بينما يرمز "الكرسي الدهني" (Fat Chair) للفنان  جوزيف بويز  إلى مكونات الجسد البشري. وفي عصرنا الحديث ظهركرسي المونوبلوك monobloc الكرسي البلاستيكي الأبيض الأكثر شيوعًا في العالم.

يظل الكرسي رمزًا غنيًا ومعقدًا يعكس تطور الأفكار والمفاهيم عبر العصور محتفظا بأهمية متعددة الأوجه في فهمنا للجسد، والهوية، والسلطة، والراحة. 

 

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

الوقت

 

 

أنيسة الهوتية

هذه الحياة الدُنيا بسيطةٌ جِدًا ومطلب العيش فيهِا ليس تعجيزياً! ولكن الإنسان بطبعهِ الكنود والطامع والمتطلع للمزيد من كل مزيد يُهَولُ على نفسهِ بساطة العيشِ، فيفقد لذة سر السعادة وهي العبادة. ويفقد حِس الاستمتاع بالحياة، ولذة عيشِ اللحظة التي تنساب من بين يديه كانسياب الماء. وَيُحبَطُ خاسرًا دون إدراكه لخسارته، بينما هو يفكر في الغد إن كان طامحًا، أو في مالِ غيرهِ إن كان حاسدًا حاقدًا، أو في الاستمتاع بالملذات الدنيوية المحظورة إن كان فاسقًا، أو في انتصار لا يُسمن ولا يُغني من جوع إن كان سفيهًا.

وفي كلِ حالاتهِ تلك تتسلط عليهِ الدُنيا بأمرِ الله تعالى حسب رغباته النفسية التي هي المغناطيس الجاذب للطاقات الكونية إليه، فيغرق في وحلها، أو يضيع في دهاليزها، وفي النهاية لا يجدُ شيئًا من أمرٍ إلا وكان قد كُتب لهُ ولو مشى على الصراط المستقيم كان سينالهُ حلالًا طيبًا.

فالرزق أنواعٌ، وهنا لا أتحدث عن أنواعهِ التصنيفية كمثلِ الصحة، والجمال، والمال، وراحة البال...إلخ، إنما عن أنواعهِ الأساسية الثلاث والتي هي رزقٌ مكتوب لك يتبعكَ أينما ذهبت، ورزقٌ مرغوب لك يأتيكِ بسعيك له ولا يذهب لغيرك أبدًا، بل يبقى ينتظرك في مكانه حتى تجذبه إليك باجتهادك، ورزقٌ يُكافئكَ به الله تعالى حين يرضى عليكَ وهو ما قيل فيه (رِزقٌ من حيثُ لا تحتسب).

والوقت رزقٌ عظيم، ووجودنا في الأرضِ مُسطرٌ بمسطرة الوقت. وكل جزءٍ من ثانية يضيع منَّا في أمورٍ تافهةٍ يعتبر هدرًا فيه، والوقت المهدور كالمال المهدور؛ بل وأشد وقعًا.

والإنسان الذي يقدر قيمة الوقت، يحاول أن يكسبهُ في استثمارات دنيويةٍ صالحةٍ تعود عليهِ بمكاسب في حياتهِ الآخرة! فإننا كُلنا كبشر لسنا سوى رواد أعمال ومستثمرين في هذه الحياة الدنيا كما شاء الله لنا.

فكمثلِ صناديق ريادة الأعمال التي تواجدت كينونتها في أغلب الدول المتقدمة قبل مئات السنين، ولكن في الشرق الأوسط بدأ العمل بهِا منذ بداية الألفية والتي من شأنها المساهمة في تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودعم رواد الأعمال أو المستثمرين.

فإنها بذات النسق، يولد الإنسانُ على هذه الأرضِ بأمر الله تعالى، وينزل معه وقتهُ كأول نوالِ من الرزق بدفعة واحدة دون تقسيط، ولكن برقمٍ غير معلوم! فيبدأ تجهيزهُ بهِ لاستثماره الجاري مُذ لحظةِ ولادته. وككل استثمار، في أُولى سنواته التي يكون فيها ضعيفًا هو غيرُ مُحاسب، حتى يبلغ أشدهُ وَيصل سن التكليف، فيأمر الله تعالى الكرام الكاتبين الموكلين عليه بالعمل، فتبدأ الأقلامُ بالكتابة، والصحائفُ والتقاريرُ بالامتلاء.

وتشبيهًا بالمشاريع في المؤسسات هُم المدققون، مهمتهم تدوين أي فساد داخلي وخارجي يدار من مشروع الاستثمار الحي الذي هو الإنسان في حقِ نفسه، وهؤلاء المدققون ليس لديهم وقت عمل محدد، بل يعملون أربع وعشرين ساعة بشكل يومي، بلا كلل ولا ملل، حتى أنهم يبقون على رأسِ المشروع بينما هو نائم! إنهم لا يفارقونه حتى تفارقه روحه في آخر ثانيةٍ من وقته.

ومن رحمة الله تعالى بهذا المشروع البشري الذي خلقه للاستثمار في الأرض، بشرط أن ينال ثمرة استثماره وتجارته مع الله تعالى في الآخرة. أنه ليس فقط يُعطى رزق الوقت مع بقية الأرزاق ثم يكون مُحاطًا بالمدققين حوله. إنما كذلك يُنزل الله تعالى لهُ مُستشارين متخصصين ينصحونهُ ويرشدونهُ، فقط عليهِ الإنصات بالابتعاد عن ضوضاء الشياطين. وأيضًا، حُراسًا يحرسونهُ، وَمفاتيحَ هائلة من الآيات والدعوات الفورية التأثير لزيادة ربح تجارته واستثماره.

الكون مُسخرٌ لنا، ونحن المعجزة. فلماذا نستهين بأنفسنا وَنجزع؟!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الوقت
  • وفود سياحية تزور المناطق الأثرية بالمنيا للتعرف على عظمة الحضارة المصرية القديمة
  • وقفة مسلحة في صنعاء القديمة تأكيدا على الجهوزية لمواجهة العدو
  • وقفة مسلحة في صنعاء القديمة تؤكد الجهوزية لمواجهة العدو ونصرة فلسطين
  • حفظ التحقيق في العثور على جثة شاب مشنوق داخل مقابر مصر القديمة
  • سلطات طنجة توقف أعمال بناء كانت تهدد بإعدام مشهد بانورامي بالمدينة القديمة
  • الكويت.. محكمة الوزراء تقضي بحبس وزير الداخلية السابق 14 سنة مع عزله من الوظيفة
  • من مصر القديمة إلى نيويورك.. متحف بروكلين يعرض تاريخ الذهب الخالص في الثقافات
  • إعانة 2730 دولارا لمن يستبدل سيارته القديمة في هذه الدولة
  • إجراءات حازمة ضد ازدواجية الوظيفة في الجامعات الخاصة الليبية