الصفقة البرتقالية.. يوم باع السوفيات أراضي فلسطينية لإسرائيل مقابل نسيج وبرتقال
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
"الصفقة البرتقالية" وتسمى أيضا "صفقة البرتقال" واسمها الرسمي "الاتفاقية رقم 593″، وهي اتفاقية باع بموجبها الاتحاد السوفياتي عقارات وأراضي فلسطينية لإسرائيل، على الرغم من أن ملكيتها تعود إلى جمعية فلسطين الإمبراطورية الأرثوذكسية والبعثة الروحية الروسية والإمبراطورية الروسية قبل الثورة البلشفية عام 1917.
وبدأت المفاوضات حول هذه الأراضي عام 1948 ووقّعت عام 1964.
وقدّر خبراء إسرائيليون قيمة العقار الذي عرضه السوفيات للبيع بـ18 مليون جنيه إسترليني، ومع ذلك وافق السوفيات على بيعه بمبلغ قدره 4.5 ملايين دولار، دفع بالتقسيط على شكل منسوجات وشحنات من برتقال يافا، ولذلك سميت بالصفقة البرتقالية.
وُقّعت الاتفاقية في القدس يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 1964، في الأيام الأخيرة من حكم الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف. ومثّل الجانب الإسرائيلي وزيرة الخارجية آنذاك غولدا مائير، ومثل السوفيات السفير فوق العادة والمفوض للاتحاد السوفياتي في إسرائيل ميخائيل بودروف.
وبلغ إجمالي ما باعته الحكومة السوفياتية إلى إسرائيل 22 عقارا وأراضي تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 167 ألف متر مربع، شملت مقر القنصلية العامة الروسية والمستشفى الروسي ومزارع روسية عدة في القدس، وعددا من المواقع في حيفا والعفولة وعين كارم وكفر كنا.
في منتصف القرن الـ19، وبموجب مرسوم من القيصر نيقولاي الأول، أنشئت البعثة الروحية الروسية في القدس. وحصلت هذه البعثة على حق شراء أراض وبناء مبان عليها، وشيدت لاحقا مباني وأديرة في الفترة بين (1856-1864) بمساعدة جمعية فلسطين الروسية.
إعلانوفي وقت لاحق، أصبحت أملاك البعثة الروحية الروسية في القدس تحت سلطة الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية.
وإنشاء مثل هذا "الجيب" الروسي الخاص في الأرض المقدسة، كان لاعتبارات جيوسياسية بحتة، لأن روسيا كانت قوة عظمى، وكانت تحاول تعزيز مكانتها عالميا عبر الانتشار في مناطق رئيسية في العالم، أهمها الأراضي المقدسة.
وكانت الكنيسة الروسية بمثابة ملجأ للحجاج المسيحيين، سواء من روسيا أو من الدول الأرثوذكسية الأخرى، وفي تلك الفترة، كان الحج إلى مهد المسيحية بين الروس شائعا جدا، وكانت الأديرة تعمل على استيعاب وخدمة الحجاج، فأنشأت فنادق ومطاعم وحمامات ومغاسل.
وكان من بين ضيوفها المتكررين بَحّارة روس كانوا يقودون السفن الروسية المكلفة بعمل دوريات على ساحل البحر الأبيض المتوسط من لبنان إلى مصر.
وبعد الثورة البلشفية عام 1917، صدر مرسوم بفصل الكنيسة عن الدولة، وظلّت إدارة الأملاك الروسية في فلسطين من الناحية القانونية، مِلكا للجمعية الفلسطينية الإمبراطورية الأرثوذكسية، وأهملت السلطات الروسية الكنائس مع صعود توجهاتها الإلحادية، وتناسَتها مع مرور الزمن.
عام 1964 أعلنت روسيا نفسها "المالك الوحيد" للممتلكات الروسية في فلسطين، وقررت بيعها لإسرائيل مقابل 4.5 ملايين دولار دُفعت لها على شكل منسوجات وفواكه حمضية.
عام 1972 طعنت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا والجمعية الفلسطينية الأرثوذكسية التي تعمل تحت ولايتها القضائية في شرعية "الصفقة البرتقالية"، واعتبرتها تفتقر إلى القوة القانونية، خاصة وأن من باعها لا يملكها فعليا.
اعترفت المحكمة المركزية في القدس بعدم شرعية الصفقة في 24 مايو/أيار 1984، وطالبت إسرائيل بدفع مبلغ 7 ملايين دولار أميركي، واشترطت تل أبيب ألا تطالب الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا والجمعية الفلسطينية الأرثوذكسية بتلك العقارات والأراضي مرة أخرى.
إعلانفي 28 ديسمبر/كانون الأول 2008، أُعيدت ملكية مجمع سيرغيفسكويه إلى روسيا، إلا أن المستأجرين اليهود لم يُخلوا المبنى، واستمر تأجير معظم مباني البعثة الروحية الروسية لفترة طويلة بقرار قضائي صادر عن المحكمة العليا الإسرائيلية.
شهد الوضع تغييرا جذريا عام 2020، حين سُجِّل المجمع بشكل مفاجئ في السجل العقاري الإسرائيلي لصالح روسيا. وفسرت وسائل الإعلام الإسرائيلية هذا التطور بأنه نتيجة اتفاق بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتداولت الصحف أن موسكو حصلت على حق الملكية بعد إطلاقها سراح السائحة الإسرائيلية نعمة يسسخار، التي كانت قد احتجزتها في أحد مطارات موسكو لحيازتها 9.5 غرامات من الحشيش. وكانت محكمة روسية قد حكمت عليها بالسجن 7 سنين و6 أشهر بتهمة التهريب.
وقررت المحكمة المركزية الإسرائيلية في مارس/آذار 2022 إلغاء تسجيل الأرض المقامة عليها "كنيسة ألكسندر نيفسكي" في القدس باسم الحكومة الروسية، ونقلت ملكيتها لإسرائيل.
وفسّر هذا القرار رئيس الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، سيرغي ستيباشين، الذي تولى سابقا مناصب رئاسة الوزراء ووزارتي الداخلية والعدل إضافة إلى إدارة جهاز الاستخبارات الروسي، وقال إن رفض إسرائيل تسليم المجمع لروسيا يرتبط بضغط العقوبات المفروضة على موسكو ردا على حربها في أوكرانيا.
وقال عضو مجلس إدارة الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، أوليغ فومين، إن قرار المحكمة الإسرائيلية ارتبط بحرب العقوبات الغربية ضد روسيا، وإنها محاولة من إسرائيل لإرضاء الولايات المتحدة، خاصة وأن المجمع يقع على أراضي القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل ولا تملك الحق فيها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الروسیة فی فی القدس
إقرأ أيضاً:
باحثة سياسية: «7 أكتوبر» ذريعة لإسرائيل لتنفيذ خطتها بإنهاء القضية الفلسطينية
قالت الدكتورة أماني القرم الكاتبة والباحثة في السياسة الأمريكية والإسرائيلية، من غزة، إنّ هناك حرب إبادة جماعية أقيمت بقطاع غزة خلال 500 يوم من الحرب التي خلفت عشرات الآلاف من الشهداء، موضحة أن القطاع يعاني من دمار هائل ومتعمد للبنية التحتية، وإنهاء للحاضر والمستقبل الفلسطيني عبر تغيير روافع القضية الفلسطينية وحظر عمل الأونروا عبر قرار من الكنيست الإسرائيلي.
الوضع في قطاع غزة كارثي للغايةوأضافت «القرم»، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أنّ الوضع في قطاع غزة كارثي، وما حدث عبارة عن خطة ممنهجة وإبادة مدروسة لإنهاء القضية الفلسطينية، مشيرة إلى أن ذلك تزامن مع تغول الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وإنهاء القضية عبر تخريب المخيمات الفلسطينية وتهجير أهلها كما حدث في مخيمي طولكرم وجنين.
7 أكتوبر 2023 هو ذريعة لإسرائيل لتطلق إبادتهاوتابعت: «ما حدث في 7 أكتوبر 2023 هو ذريعة لإسرائيل من أجل أن تنطلق في إبادتها الممنهجة وخطتها التدميرية لإنهاء القضية الفلسطينية»، لافتة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن بعد يومين فقط من إطلاق هذه الحرب التدميرية أنه ينوي تغيير وجه الشرق الأوسط.