أول دراسة تكشف تأثير الحرب على الحمض النووي لأطفال سوريا
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
تعرض الأطفال لظروف حياتية قاسية من شأنه أن يسبب لهم اضطرابات نفسية متفاوتة، فما بالك بتعرض هؤلاء الأطفال لموجات مستمرة من الحروب والقصف ومشاهد الموت والدمار، وهذا دفع فريقا بحثيا من جامعة ساري البريطانية إلى دراسة أثر الحروب على تكوين الحمض النووي في الأطفال الذين عاشوا حروبا في بلادهم.
وتوصلت الدراسة، التي نشرتها مجلة نيتشر العلمية، بقيادة فريق بحثي من جامعة ساري البريطانية بالاشتراك مع باحثين من الجامعة الملكية بلندن إلى أن الأطفال الذين تعرضوا لأحداث الحرب أظهروا تغيرات في الحمض النووي في عدة مواقع ومناطق في الجينوم.
ويعرف الجينوم بأنه محتوى الكائن الحي من المادة الوراثية، والذي توجد نسخة منه في كل خلية بجسم الإنسان، وتحمل بيانات بناء كل شيء في الجسم، بداية من سمات ظاهرة مثل طول ولون الشعر أو شكل الأنف والعيون، وصولا إلى أدق التركيبات الخلوية وأصغرها.
يعرف الجينوم بأنه محتوى الكائن الحي من المادة الوراثية (شترستوك) أدلة جديدةوأجريت الدراسة، وهي الأولى من نوعها في هذا الشأن، على عينات من لعاب 1507 أطفال من لاجئي سوريا الذين يعيشون في مخيمات غير رسمية داخل الأراضي اللبنانية.
وتتراوح أعمار هؤلاء الأطفال بين السادسة والـ19، حيث قام الفريق البحثي بالتعاون مع معهد التنمية والبحث والدعوة والرعاية التطبيقية في لبنان، وجامعة القديس جورج في لبنان، بتحليل عملية "ميثلة الحمض النووي"، وهي عملية وراثية يتم فيها إضافة مركبات كيميائية إلى الحمض النووي في مواقع مختلفة في الجينوم بهدف الكشف عن احتمالية تغيير شفرة الحمض النووي من عدمه، عن طريق تشغيل الجينوم أو إيقاف تشغيله.
وكانت نتائج البحث والتحليل صادمة حيث أظهرت النتائج أن حدوث تغييرات في عدة مواقع من الجينوم مرتبط بجينات تشارك في وظائف حيوية مثل "الناقلات العصبية" (كيف تتواصل الخلايا العصبية) والنقل داخل الخلايا (كيف تتحرك المواد داخل الخلايا)، بالإضافة إلى تمكن الدراسة من الربط بين الحرب وتباطؤ الشيخوخة الجينية، وهذا قد يعني أن الحرب قد تؤثر على نمو الأطفال.
إعلانوقال البروفيسور مايكل بلوس، المؤلف الرئيس للدراسة من كلية علم النفس بجامعة ساري، في تصريح حصلت الجزيرة نت على نسخة منه إن "دراستنا ترسم صورة أكثر وضوحا للتكلفة المأساوية للحرب، بما يتجاوز الضغوط النفسية، بالنسبة لملايين الأطفال الذين وقعوا في خضمها".
وأضاف بلوس "توصلنا إلى أدلة على الآليات البيولوجية التي تكمن وراء التأثير السلبي للحروب على الصحة العقلية للأطفال".
وبحسب بلوس فإن هذه الورقة البحثية جزء من دراسة بدأت في عام 2017 وهي دراسة النطاق بين الأطفال اللاجئين لفهم أعمق لكيفية عمل تأثير الصدمة على تطور الصحة العقلية.
تأثر واضحتطرقت الدراسة إلى النظر في كيفية اختلاف التأثيرات البيولوجية للحرب بين الأولاد والبنات، ووجدوا أن الفتيات اللاتي تعرضن لأحداث الحرب أظهرن تغيرات أكثر أهمية في الحمض النووي مقارنة بالفتيان، وخاصة في الجينات المرتبطة باستجابة الإجهاد وتطور الدماغ، وهذا يشير إلى أنهن قد يكن أكثر عرضة للتأثيرات طويلة المدى للصدمة على المستوى الجزيئي.
وبحسب الأرقام الرسمية لبيانات الاتجاه العالمي لمنتصف عام 2024 للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن هناك 122.6 مليون شخص حول العالم نزحوا قسرا من ديارهم بسبب الاضطهاد والصراعات والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان.
وبلغ عدد اللاجئين في العالم 43.7 مليون شخص بحلول منتصف عام 2024، بزيادة قدرها 1% عن نهاية عام 2023. ويشمل ذلك 32 مليون لاجئ و5.8 ملايين شخص آخر بحاجة إلى الحماية الدولية بموجب ولاية المفوضية، فضلا عن 6 ملايين لاجئ فلسطيني تحت ولاية الأونروا.
وتقول الدكتورة رانيا قاسم، وهي مدرّسة واستشارية طب نفسي الأطفال والمراهقين بجامعة عين شمس بالقاهرة، في تصريحات للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني، إن حدوث خلل ما في الجينوم المسؤول عن الناقلات العصبية من شأنه أن يزيد من اضطرابات النواقل العصبية مثل السريتونين والدوبامين والنورادرينالين، وهذا يزيد من احتمالية تعرضهم للإصابة باضطرابات نفسية.
إعلانوتضيف قاسم أن ذلك كله قد يؤثر سلبا على جودة حياة هؤلاء الأطفال محدثا خللا في أدائهم الأكاديمي والعملي، والوظائف المعرفية مثل الذاكرة والتركيز والانتباه والقدرة التحصيلية. وتوضح أنه قد يؤثر على علاقاتهم الاجتماعية مع أقرانهم بسبب معاناتهم من اضطرابات الرهاب الاجتماعي والعزلة الناتجة عن بعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحمض النووی
إقرأ أيضاً:
دراسة جديدة تكشف العلاقة بين الاكتئاب ودرجة حرارة الجسم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يشكل الاكتئاب تحديًا عالميًا يؤثر على ملايين الأشخاص، ومع التقدم العلمي، ظهرت عوامل جديدة قد تساعد في فهم جذور هذه الحالة وعلاجها. إحدى هذه العوامل هي العلاقة المثيرة للاهتمام بين درجة حرارة الجسم وأعراض الاكتئاب، وهو موضوع تناولته دراسة حديثة نشرتها جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو.
ونشر فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا نتائج دراسة نشرت في sciencealert وشملت بيانات 20،880 مشاركًا من 106 دول، واستمرت على مدار سبعة أشهر، وأكدت النتائج أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب يميلون إلى ارتفاع درجات حرارة أجسامهم مقارنة بالأفراد الأصحاء.
أبرز نتائج الدراسة:
• ارتفاع درجة حرارة الجسم كان شائعًا لدى المصابين بالاكتئاب.
• تقلبات درجة الحرارة اليومية كانت أقل بين الأفراد الذين يعانون من مستويات عالية من الاكتئاب، ولكن هذا الرابط لم يكن ذا دلالة إحصائية قوية.
على الرغم من دقة النتائج وضخامة العينة، لم يثبت البحث ما إذا كان ارتفاع درجة الحرارة سببًا للاكتئاب أو نتيجة له، ما يفتح المجال لدراسات أعمق.
التفسيرات المحتملة للعلاقة:
وفقًا للباحثين، قد تكون هناك عوامل بيولوجية مشتركة بين الاكتئاب وارتفاع درجة الحرارة، ومنها:
1. عمليات الأيض: قد يؤدي النشاط الأيضي المفرط إلى توليد حرارة إضافية.
2. الضغط النفسي أو الالتهاب: كلاهما قد يؤثر بشكل مستقل على أعراض الاكتئاب ودرجة حرارة الجسم.
3. الخلل في نظام التبريد البيولوجي: مثل ضعف التعرق أو صعوبة الجسم في التكيف مع الحرارة.
تأثير الحرارة في تحسين الحالة النفسية:
توجد دراسات سابقة تشير إلى أن استخدام الحرارة مثل:
• اليوغا الساخنة.
• أحواض الاستحمام الساخنة.
• الساونا.
قد يساهم في تخفيف أعراض الاكتئاب لدى مجموعات صغيرة.
من جهة أخرى، قد يكون للتبريد الناتج عن التعرق خلال هذه الأنشطة تأثير نفسي إيجابي. في هذا السياق، قالت الأخصائية النفسية آشلي مايسون:
“التسخين يمكن أن يؤدي إلى انخفاض دائم في درجة حرارة الجسم أكثر من التبريد المباشر، مثل حمام الجليد.”
آفاق مستقبلية للعلاج:
تتطلع الدراسات المستقبلية إلى استخدام تقنيات مبتكرة مثل تتبع درجة حرارة الجسم للأفراد المصابين بالاكتئاب بهدف تحسين توقيت العلاج المعتمد على الحرارة أو التبريد.
كما تسعى الدراسات إلى فهم دور التغيرات الحرارية اليومية وتأثيرها النفسي بشكل أعمق.
أهمية الدراسة:
مع تقدير أن 5% من سكان العالم يعانون من الاكتئاب، فإن نتائج كهذه تسلط الضوء على أفق جديد لعلاج هذه الحالة. أوضحت مايسون:
“نظرًا لارتفاع معدلات الاكتئاب عالميًا، فإننا متحمسون لاكتشاف فرص علاج جديدة.”
يعد الاكتئاب مرضًا معقدًا ومتعدد الأبعاد. على الرغم من أن هذه الدراسة لم تؤكد العلاقة السببية بين ارتفاع درجة الحرارة والاكتئاب، إلا أنها فتحت الباب أمام آفاق جديدة لفهم المرض واكتشاف علاجات مبتكرة قد تساعد الملايين.
• ضرورة إجراء دراسات أكثر شمولًا لفحص العلاقة بين درجة حرارة الجسم والاكتئاب.
• استكشاف العلاجات الحرارية كأداة مساعدة لتحسين الحالة النفسية.
• توعية المجتمع بأهمية العناية بالصحة النفسية وربطها بالعوامل الجسدية.