مقال رأي بالجارديان: يتعين أن يكون الشعب السوري حرا في رسم مساره الخاص
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكر الكاتب الصحفي البريطاني سايمون تيسدال، أن روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة ــوهم اللاعبون الخارجيون الرئيسيون في الدراما السورية المستمرة منذ فترة طويلة ــ اتفقوا جميعا على أن "سيادة البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها" لابد وأن تُحترم وتصان، وأعلنت ذلك كل دولة منهم على حدة الأسبوع الماضي بعد انهيار نظام بشار الأسد المفاجئ.
وقال تيسدال وهو محرر الشئون الخارجية الخارجية بصحيفة الجارديان -في مقال للرأي نشرته الصحيفة- إنه حتى إسرائيل -التي تقصف سوريا بتهور في أكبر عملية عسكرية تشنها على الإطلاق- أنكرت تدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد، مضيفا أن مثل هذا الأمر الباعث على السخرية يثير الدهشة أيضا.
وأضاف أن القوى الأجنبية التي وصفها ب"المزعجة" لديها أيضا هذا القاسم المشترك: فهي لا تستطيع على ما يبدو أن تتحمل فكرة قيام الشعب السوري برسم مستقبله بشكل مستقل، مشيرا إلى أن جماعة هيئة تحرير الشام ليست الخيار المثالي لقيادة البلاد.
ولكن بعد 13 عاما من الإخفاقات في سوريا، لم يُطلَب رأي المجتمع الدولي. وأدت التدخلات الخارجية الأنانية وما وصفه الكاتب ب"التهرب الغربي " إلى تقويض أو المساعدة على هزيمة القوى المؤيدة للديمقراطية.
وأشار الكاتب إلى أنه يتعين على القوى الأجنبية -التي كان تدخلها سببا كبيرا في دفع الحرب الأهلية الطويلة في سوريا- أن تتجنب تكرار الخطأ. ولكن في الوقت الحالي لا يوجد خيار سوى العمل مع السلطات الجديدة، كما تقول مجموعة الأزمات الدولية.
وأوضح الكاتب أن إسرائيل لم تكن منزعجة من الأسد. والآن -وبشكل مفاجيء- زعمت أنه ثمة تهديد وجودي لها لتصبح هذه هي الذريعة التي تبرر بها الاستيلاء غير القانوني على الأراضي الحدودية داخل سوريا، والتي أدانتها الأمم المتحدة باعتبارها مزعزعة للاستقرار، فضلا عن مئات الهجمات على "أهداف استراتيجية ".
واستشهد الكاتب بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي أعرب فيها عن قلقه قائلا: "إذا هاجمتنا (هيئة تحرير الشام)، فسنرد بقوة"، مشيرا إلى أنه ليس من المستغرب أنه لا يسعد نتنياهو بما يحدث في سوريا، قائلا "كما يعلم العالم أجمع، فإن السلام ليس من شأن نتنياهو".
ولكن من خلال مهاجمة سوريا غير المحمية بشكل انتهازي والاستيلاء على أجزاء من الأراضي، فإن نتنياهو يدعو إلى النتيجة التي أراد تجنبها بشدة وهي: العداء طويل الأمد بين إسرائيل وسوريا. وقال الكاتب إنه "ربما لا يريد تجنب ذلك. وكما يعلم العالم كله، فإن نتنياهو يحب الحرب".
وكان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قد هدد في الماضي بسحب القوات الأمريكية من سوريا. لكن ماركو روبيو، الذي اختاره لمنصب وزير الخارجية، يزعم أن هذه القوات يجب أن تبقى لمنع عودة ما وصفه ب"التهديد الإرهابي". ولكن حتى الآن، تصدر قيادة هيئة تحرير الشام أصواتا إيجابية بشأن الانتقال السياسي السلمي وترتيبات أمنية جديدة، وحماية الأسلحة الكيميائية واحترام الأقليات، بحسب المقال.
واختتم الكاتب البريطاني مقاله قائلا إنه ينبغي تقديم المساعدات الإنسانية إلى سوريا دون قيد أو شرط، مشيرا إلى أنه من شأن تخفيف العقوبات أن يساعد في هذا. ولكن "كم سيكون من الجيد لو تم الوثوق ولو لمرة واحدة في شعب تحرر حديثا برسم طريقه الخاص نحو الديمقراطية والعدالة والمصالحة وإعادة الإعمار، بعيدا عن التدخل الخارجي" ولهذا "فليقرر السوريون ما يحتاجون إليه، وما هو نوع المستقبل الذي يريدونه" مؤكدا أنه لحين تحقيق ذلك "يتعين أن تتراجع القوى الأجنبية وتتوقف عن التدخل".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ترامب سوريا الولايات المتحدة روسيا إلى أن
إقرأ أيضاً:
تاج محل السوري: أعجوبة الأسد العالمية الثامنة
وجد عبيد الأسد أخيرا فضيلة لرئيسهم المخلوع، غير فضيلة المقاومة وأختها الممانعة، وهي أنَّ قصوره أكواخ وعشوائيات مقارنة بقصور زملائه الأكاسرة العرب! وزعمت إنفلونزا، عفوا الإنفلونسر الكويتية والإعلامية عبلاء حسناء، التي تحاكم في الكويت بتهمة التطبيع، أنَّ قصور أثرياء الشام أمثال القاطرجي أفضل من قصور الأسد وأبهى وأثمن وأجلّ.
وكان أول المواطنين دخولا إلى قصر المهاجرين، شاب شامي، تحسّس الشام، فوجد هدوءا فجر الأحد، وصبيحة الفتح المبين، فدعته نفسه إلى مثلث برمودا البري الأمني، فتسلل إلى قصر المهاجرين، فوجد ثلاجة فيها فراريج كثيرة وأكياس ملوخية، يظن الرائي أنَّ صاحبها تاجر ملوخية، ووجد لوحات "تشكيلية" كثيرة ملفوفة مغمدة في حافظات، وأخرى معلقة، توحي بأنَّ ساكن القصر من معتقدي العقيدة الشيعية المخمسة، ورأى الشاب صورة لبشرى الأسد، فمدح حسنها، ثم قذف بها على الأرض قائلا: "الحلوات كثار"، فبنات الشام كلهن جميلات.
وبثّ المؤثرون الثلاثة؛ جو حطاب وابن حتوتة وصالح زغاري؛ فيلما عن قصور الأسد، أحصى فيه عقيد من الثوار كُلف بحراسة القصر من العبث 1330 سيارة محصنة ومذهبة وقديمة وعتيقة، في مَبارِك القصر، وهو عدد هائل يحتاج إلى عدة أعمار للاستمتاع بها، وهذا يدحض دعوى أنَّ الأسد الأب كان زاهدا، وأنه ليس له سوى راتبه الشهري، كما زعمت وسائل إعلامه عقب موته، ومبلغ ستين ألفا في البنك، وأنه جعل بيته القديم متحفا للشعب.
أُخذ مشاهدون بالدعوى، مع أنّ قصر الشعب نسخة من جنّة العريف الأندلسية التي أعدها الملك أبو الوليد إسماعيل وقيل محمد الثالث، وتقول مصادر إعلامية إنَّ مصدر تمويل قصر الشعب هو الشيخ الحريري، وإنه نال جزاء سنمار، وإن مخطط القصر مهندس ياباني اسمه كنزو. وقد بُني على قمة قاسيون، وفيه غرفة شامية النقوش وأنفاق: وتقول أخبار وشواهد كثيرة إنَّ الأسد كان مشهورا بقلة الذوق والخشونة، وبرهان ذلك مزة 86 التي بناها رفعت الأسد لجنده الوافدين إلى العاصمة، على أرض منهوبة، فهو حي عشوائي لا يقارَن بما تبنيه إسرائيل من مستوطنات للوافدين إلى فلسطين، تحيط بها الحدائق على الهضاب. وقال ثان مفسرا قباحة حيِّ المزة 86: البخل، فقد كان الأسد بخيلا ولم يُخبَر عنه أنه كان يمنح العطايا السخية؛ أكبر عطاء يغدقه على المكّرم هو صورة معه، والصورة معه سحرية تفتح الأبواب الموصدة، مثلها مثل الخاتم السحري، أو خرزة كوش بن كنعان في سيرة سيف بن ذي يزن. أي أنَّ الأسد كان يكرم مادحيه من جيب الشعب.
ليس بقصر الشعب المبني على مساحة 30 ألف متر مربع ملعب غولف، مثل ملاعب ترامب الذي يملك 14 ملعبا للغولف، بل ليس فيها أي ملعب، ليس مثل قصور السيسي الكثيرة، الذي يعيش على الماء من غير خبز.
وقد استفتيت عددا من الصحاب، فقال أحدهم جوابا على سؤال زهد الرئيس بالقصور: إن الرجل كان يحبُّ ادخار قرشه الأسود ليومه الأحمر، فثروته تقدر بـ23 مليار دولار، وهو مبلغ غير كبير، مقارنة بالأثرياء العرب، ويقدرها آخرون بسبعين مليارا من الدولارات. وللرئيس عقارات في موسكو وعواصم أخرى. وقال ثان: السؤال خاطئ، يجب أن يكون السؤال: ما هي ثروة المواطن، وليس كم تبلغ ثروته، وما هي قيمة العملة السورية، فقد كان السوري محروما من البناء، والإسمنت، وهو تراب -والتراب أرخص مادة على الكوكب- قال فيه المتنبي: "وكل الذي فوق التراب تراب"؛ تراب مخلوط بمواد أخرى، أما حديد البناء العزيز، فكان ينتزع من الأبنية القديمة ويعاد بعد تقويمه وطرقه لتسليح الإسمنت من جديد! النظام كان يدرك أنّ الحديد سلاح، وأنَّ البيت وطن.
وكان رئيس مكتب الأسد أبو سليم دعبول يعتني ببلدته دير عطية، وجعلها من أجمل القرى السورية، أكثر من اعتناء الأسد بقريته ومسقط رأسه وملعب صباه. وأغلب الظن أنَّ الأسد أراد الظهور بمظهر الزاهد الناسك، فامتاز عن بقية القادة، وقد لاحظ رئيس مصر السابق محمد حسني مبارك عند موت باسل فقر قرية القرداحة وكلاحة منظرها وضيق شوارعها وسوء مدخلها، ولامَ رئيس الوزراء الزعبي وقتها، وكأنه هو المسؤول وليس الرئيس: دي بلد الرئيس! فتحسنت القرداحة بعد موت باسل، فزرعت في مدخل القرداحة سطور من الأشجار.
وأجاب ثالث ساخرا: إنَّ الرجل لا يهتم بالدنيا وزخرفها إنما بالآخرة، وآية ذلك قبره ومقامه وقبة ضريحه ومسجد أمه ناعسة، لكن مسجد ناعسة لا يبلغ عظمة تاج محل (تاج القصور) الذي يعدُّ آية معمارية بناها السلطان المغولي شاه جهان لزوجته ممتاز محل. ويعدُّ تاج محل من معجزات العمران وعجائب الدنيا السبع في بعض التصنيفات العجائبية.
وانتبه كاتب سوري إلى أنَّ سوريا الأسد خالية من الساحات والصروح العمرانية، إلا إذا اعتبرنا أنَّ أصنام الأسد صروح مثل الصرح الذي بناه النبي سليمان ودخلته ملكة سبأ بلقيس كاشفة عن ساقيها وقد حسبته لجة.
وكان السوري يخلع قلبه عند أصنام الرئيس، ويحسب الهواء لجة، وإنَّ القصور الرئاسية الخمسة في دمشق، وقصرا حلب واللاذقية، لا تقارن مع قصور ملوك العرب ونجوم لاس فيغاس، وإنما مع قصور أثرياء سوريا، فسعر قصر المهاجرين في دمشق أغلى من قصر باكنغهام في لندن. وقد رأينا صورة لأحد قصور "الرفيق" ماهر الأسد على غرار قرية السنافر.
جوابا على سؤال زهد الأسد:
يقول المثل الشعبي: الأعور ملك بين العميان، وأغلب الظن أنَّ الأسد كان يريد الاطلاع على أفئدة شعبه، وعلى إعماء عيون أهل الشام، وكان يفضّل قصر المالكي سكنا، وهو قصر ثمين ونفيس، ورثه عن الرؤساء السابقين، في حي المالكي الفاخر في مربع برمودا، بين جيرانه الذين لم يكونوا يجرؤون على استعمال شرفات منازلهم.
يقول أحد المقربين من الأسد: إنَّ الأسد تطيّر من قصر الشعب بعد حادث السير الذي أودى بفلذة كبده باسل، ربما يكون المثل السابق تفسيرا للقائلين بزهد الأسد واكتفائه بخمسة قصور في دمشق، وقصرين في حلب واللاذقية، وربما تكون هذه النكتة الطريفة مفسرة لزهد الأسد واكتفائه بهذه القصور: إنَّ محكومَين سوريين بالإعدام منحا حق الرغبة الأخيرة، فقال أحدهما أريد أن أدخّن سيكاره قبل الموت، وجاء دور الثاني، فقال: رغبتي الأخيرة أن يمنع صاحبي من تدخينها.
أما جواب صاحب هذه السطور فهو: إنَّ تاج محل الذي بناه الأسد ليس قصر الشعب، الذي بناه له الحريري بماله، ولا قصر الروضة الذي أقامت فيه نجاح العطار ردحا من الزمن، ولا قصر تشرين، ولا قصر المهاجرين، ولا قصره في عروس الساحل، أو قصره في حلب، ولا أرصدته في بنوك بنما وموسكو، إنما هو قصر مرسيدس في صيدنايا الذي كان ينقل فيه اجل العقول السورية إلى الآخرة، تاج محل الذي بناه للشعب السوري "الحبيب"، والذي ادّخر فيه كنوز سوريا من عقول الشام وأفلاذ أكبادها، التي لا يعدل بها ثمن، أعجوبة العالم الثامنة في الإحكام والتحصين وفنون العذاب واصناف التنكيل وأنواع السوم.
كانت المعتقلات ملاعب غولف سوريا الأسد، حيث المضرب قضيب حديدي.. والكرة رأس السوري العظيم.. والحفرة هي القبر.
x.com/OmarImaromar