تغير المناخ يفاقم معاناة الصوماليين في ظل صراع محتدم مع حركة الشباب
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
يحتل الصومال المرتبة السادسة بين الدول الأكثر عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ، حيث يعاني سكانه من تداعيات الجفاف والفيضانات المتكررة، فمنذ أواخر عام 2020 عانى السكان من جفاف تاريخي في القرن الأفريقي، خاصة في المناطق الجنوبية والوسطى، ورغم التحسن التدريجي في هطول الأمطار، فإن الفيضانات في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 شردت أكثر من نصف مليون شخص.
وجاء في تقرير نشرته مجموعة الأزمات الدولية بعنوان "مكافحة تغير المناخ في مناطق النزاع بالصومال" أن ذلك يتزامن مع استمرار سيطرة حركة الشباب المجاهدين على بعض مناطق البلاد، والتي استخدمت التغير المناخي وسيلة لتعزيز سيطرتها على المناطق التابعة لها عبر التحكم في الوصول للمياه لإكراه السكان على الانصياع لها.
وأصبحت حركة الشباب جناحا مسلحا لاتحاد المحاكم الإسلامية بعد انهيار الحكومة المركزية عام 1991، ورغم الدعم الدولي المكثف للحكومة الفدرالية التي أُعيد تأسيسها عام 2012 وتدخل الاتحاد الأفريقي، فإن الحركة لا تزال تسيطر على أجزاء واسعة من جنوب الصومال ووسطه.
تأثير الجفاف والفيضاناتويذهب التقرير إلى أن التقلبات المتزايدة لأنماط الطقس سببت تأثيرات سلبية على سبل عيش المزارعين والرعاة، وشهدت البلاد فترات طويلة من الجفاف، إضافة إلى أمطار غزيرة وغير منتظمة، مما أدى إلى تدمير المحاصيل وتدهور الأراضي الزراعية.
إعلانوخلال الفترة بين 2020 و2023، عانى الصومال من 6 مواسم متتالية من الأمطار أدت إلى حدوث فيضانات أسفرت عن نزوح الآلاف، ومع الرياح القوية والفيضانات انتشر الجراد الذي دمّر أكثر من 200 ألف هكتار من الحقول في الصومال والدول المجاورة.
وأصبحت أزمة الجفاف في البلاد أكثر حدة مع ارتفاع درجات الحرارة، ورغم أن الجفاف شائع في الصومال، فإن موسم الأمطار المعروف "بغو" لعام 2022 سجل معدلا هو الأكثر جفافا، واستمرت آثاره حتى موسم 2024 الذي وقعت فيه فيضانات أدت إلى نزوح عدد كبير من السكان.
وأشارت مجموعة الأزمات إلى أنه علاوة على ذلك، لقد فقد الصومال نحو 4.9% من غطائه الشجري بين عامي 2001 و2021 بسبب القضاء على الغابات، إذ يستخدم معظم سكان المدن مواقد الفحم، في حين يعتمد الريفيون والبدو على الحطب للطهي، مما أسهم في زيادة تآكل التربة وجفافها، ومن ثم تصبح أقل قدرة على امتصاص المياه، وهذا يزيد من صعوبة استعادة المياه الجوفية.
وفي الوقت نفسه، أدى الرعي الجائر إلى نقص في المساحات الصالحة لرعي الماشية، مما دفع الرعاة للتنقل إلى مسافات بعيدة بقطعانهم، وتزامن ذلك مع النزاعات القبلية التي تعيق هذه التحركات.
استغلال فرض السيطرة والنفوذويقول تقرير مجموعة الأزمات إنه في بلد يعاني من الجفاف وشح الموارد، تعد السيطرة على المياه والأراضي أمرا أساسيا لأطراف الصراع لدعم قوتها القتالية وزيادة إيراداتها. وخلال فترات الجفاف، استخدمت حركة الشباب الوصول إلى الغذاء والماء أداة للضغط، مما زاد معاناة السكان.
وفي نهج انتقائي، قدمت حركة الشباب في بعض المناطق مساعدات للمتضررين من الطقس القاسي، استغلالا للموارد ولتحقيق أهدافها وفرض الضرائب على المزارعين والرعاة.
كما أن الحركة تسعى للسيطرة على الموارد الطبيعية لتحقيق عدة أهداف، مثل جمع الإيرادات وممارسة النفوذ على المجتمعات المحلية.
إعلان عرقلة المساعداتوتصف مجموعة الأزمات سلوك حركة الشباب خلال الأزمات المناخية بأنه تسبب في ضرر كبير لسمعتها، خاصة في عامي 2011 و2017 خلال موجات الجفاف التي تسببت في مجاعات.
ففي عام 2011، فرضت الحركة قيودا على التنقل والمساعدات، مما أدى إلى خسارة دعم محلي كبير. ورغم فقدان بعض المناطق، بسبب هجوم من بعثة الاتحاد الأفريقي وقصف الطائرات المسيرة الأميركية، تمكنت الحركة من الحفاظ على وجودها في المناطق الريفية في جنوب الصومال ووسطه عبر تجنب القتال المباشر، كما نجحت الحركة في مواجهة الانقسام الداخلي، مستخدمة القمع للحفاظ على انتقال القيادة في عام 2014.
بعدها، خشت الحركة من عمليات التجسس، فمنعت وكالات الإغاثة من تقديم المساعدات، في خطوة عدها الجميع المسؤولة عن مجاعة عام 2011 التي أودت بحياة ربع مليون شخص، معظمهم أطفال.
لكن الضغط المحلي دفع حركة الشباب لإنشاء مكتب تنسيق لتوزيع المساعدات على الأشخاص الذين يعيشون تحت سيطرتها، بشرط دفع وكالات المساعدة ضرائب وتقديم وثائق عن أنشطتها، ورفضت عدة وكالات العرض رغم الصعوبات التي واجهها الناس.
ومنحت حركة الشباب الوكالات الدولية المزيد من المساحة لتقديم المساعدات خلال الجفاف 2016 واستمر حتى العام التالي، خوفا من تكرار الكارثة التي حدثت عام 2011. ومع أن الحركة فرضت قيودا شديدة على وكالات الإغاثة، فإنها امتنعت عن مهاجمتها بنقلها الإمدادات إلى المدن التي تسيطر عليها الحكومة.
وفي عام 2017، شددت الحركة قيودها مرة أخرى على المساعدات، وهددت السكان المحليين بالعنف لمنعهم من الحصول على الإغاثة، خوفا من الهجرة الجماعية التي قد تعرض مقاتليها لهجمات.
وبين عامي 2020 و2023، تضررت المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب في الصومال من الجفاف والفيضانات، مما فاقم الأوضاع الإنسانية هناك. ورغم محاولات الحركة تقديم بعض الإمدادات الغذائية والمائية، فإن معظم المساعدات جاءت من شركاء دوليين، حيث كانت استجابة حركة الشباب محدودة وغير فعالة، وأحيانا تُستخدم المساعدات أداة دعائية.
إعلانكما استمرت الحركة في فرض حصار على بعض المدن رغم الجفاف، مما أعاق وصول المساعدات، بالإضافة إلى فرض الضرائب على السكان وتدمير الإمدادات الحيوية مثل الغذاء والماء، مما زاد من مشاعر الاستياء المحلي ضدها، وتحرك القبائل المحلية لتشكيل مليشيات لمحاربة الحركة.
ومع تصاعد الغضب المحلي من تصرفات الحركة، فإنها اضطرت إلى تعديل نهجها في أواخر عام 2022، حيث أعادت التفاوض على شروط وصول المساعدات في بعض المناطق لتجنب دعم السكان للجيش الحكومي. ورغم ذلك، تواصل الحركة معارضة المساعدات الإنسانية الدولية، حيث تفرض ضرائب على المساعدات أو تمنعها تماما في بعض الأحيان، كما استمرت في استهداف إمدادات المياه وشن هجمات على شاحنات المياه.
وفي بعض الحالات، قامت ببناء بنية تحتية للمياه في المناطق التي تسيطر عليها، مما يثير التساؤلات عن استخدامها هذه المشاريع لتحقيق مكاسب سياسية أو دعائية.
مكافحة الآثار السلبية لتغير المناخويقول تقرير مجموعة الأزمات إنه يجب على الصومال أن يستمر في مواجهة الطقس المتغير في المستقبل القريب، مع محدودية قدرته على التكيف مع الكوارث المناخية، فهو يعد من بين الأدنى على كوكب الأرض، بسبب نقص الأموال والخبرة الفنية. ورغم حصوله على إعفاء من الديون في ديسمبر/كانون الأول 2023 بمقدار 4.5 مليارات دولار، فإن البلاد لا تزال بحاجة إلى نحو 5 مليارات دولار سنويا لمواجهة تغير المناخ.
ويرى التقرير أنه بينما يركز الأجانب على الأزمات قصيرة الأمد، فإن نقص الدعم طويل الأمد في مجالات مثل البنية التحتية، يجعل الصومال غير قادر على بناء إستراتيجيات مستدامة. لذا وجب على الصومال:
أما عن الخطط المستقبلية، فترى مجموعة الأزمات أنه ينبغي على الحكومة الصومالية العمل بسرعة لتعزيز وجودها في المجتمعات المحررة من حركة الشباب بالتعاون مع الشركاء الدوليين لتحسين حياة السكان المحليين، ودعم المنظمات الإنسانية التي تنفذ مشاريع التكيف المناخي.
وأضافت أن هذا يأتي مع تباطؤ الهجوم العسكري ضد حركة الشباب، فتظل السيطرة على الأراضي التي تحتفظ بها الحركة بعيدة المنال، مما يعرض السكان للصدمة المناخية والاستغلال من قبل المسلحين.
ويشير تقرير مجموعة الأزمات إلى أن الحكومة الصومالية تحتاج إلى توخي الحذر في التعامل مع هذه التحديات، وقد يكون توفير التمويل لبناء القدرة على التكيف مع الطقس القاسي وسيلة فعالة لبناء الثقة مع حركة الشباب وتسهيل الحوار، وهذا من خلال:
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجفاف والفیضانات مجموعة الأزمات مع حرکة الشباب فی المناطق التکیف مع فی بعض فی عام
إقرأ أيضاً:
قراصنة صوماليون مشتبه بهم يستولون على قارب صيد يمني جديد في ثاني هجوم لهم مؤخرا
قالت السلطات إن قراصنة صوماليين مشتبه بهم استولوا على قارب صيد يمني آخر قبالة القرن الأفريقي.
وفي بيان صدر في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، نشرته أسوشيتدبرس قالت قوة بحرية أوروبية تُعرف باسم EUNAVFOR Atalanta إن الهجوم استهدف مركب شراعي تقليدي يبحر في مياه الشرق الأوسط قبالة بلدة إيل في الصومال.
وقالت إن الهجوم الذي وقع يوم الاثنين لا يزال قيد التحقيق. ويأتي ذلك بعد 10 أيام من هجوم آخر للقراصنة على قارب صيد يمني آخر انتهى في النهاية بفرار القراصنة وإنقاذ البحارة على متنه سالمين.
بلغت القرصنة قبالة الساحل الصومالي ذروتها في عام 2011 عندما تم الإبلاغ عن 237 هجومًا. كلفت القرصنة الصومالية في المنطقة في ذلك الوقت اقتصاد العالم حوالي 7 مليارات دولار - مع دفع 160 مليون دولار كفدية، وفقًا لمجموعة مراقبة Oceans Beyond Piracy.
وقد تراجع التهديد بفضل زيادة الدوريات البحرية الدولية، وتعزيز الحكومة المركزية في مقديشو، عاصمة الصومال، وجهود أخرى.