لوبوان: هل انتهت دولة المخدرات السورية بعد سقوط نظام الأسد؟
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
قالت مجلة "لوبوان" الفرنسية إن سقوط النظام السوري كشف عن وجود مصانع ومستودعات لإنتاج مادة الكبتاغون في معاقل النظام القديم، مما يدل على مدى تهريب هذا المخدر بانتظام من عائلة الأسد، وتساءلت هل سيتم بناء السلطة السورية الجديدة من دون استعادة تراث دولة المخدرات هذه؟
وأوضحت المجلة -في تقرير بقلم كليمان مشكور- أن سقوط دكتاتورية الأسد كشف عن نقاط ضعف دولة المخدرات الحقيقية، حيث يعتمد اقتصادها المتضرر من العقوبات الدولية منذ عام 2011، على التصنيع والتصدير الصناعي، وخاصة إلى دول الخليج، لهذا المخدر الاصطناعي الذي يأخذ شكل أقراص صغيرة صفراء أو بيضاء.
وذكر الكاتب أن الاسم العلمي لهذا المخدر هو فينيتيلين، وهو يحفز التركيز والأداء البدني، ولكنه يسبب اضطرابات شديدة في القلب والأوعية الدموية وأخرى نفسية وهلوسة شديدة، مشيرا إلى أن سعر بيع حبة الكبتاغون يتراوح بين 3 و7 دولارات في سوريا والعراق وليبيا، وقد يصل إلى 25 دولارا في السعودية.
صناعة وتصدير الكبتاغونوقد أبرز تقرير صادر عن معهد الأبحاث الأميركي "نيولاينز إنستيتوت" عام 2022 أن إنتاج الكبتاغون انتقل من العمليات "الأصغر والتجزئة" في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة إلى "العمليات الصناعية" في المناطق الموالية للأسد، بعد أن كان بشار الأسد يتهم الجماعات المتمردة بأنها المنتجة والمستهلكة لهذه المادة حتى قيل عنها "المخدرات الجهادية"، ولكن الواقع يشير إلى أن نظام بشار الأسد هو الذي أنتج جزءا كبيرا منها.
إعلانومنذ سقوط الرئيس المخلوع الذي فر إلى موسكو، تضاعفت مقاطع الفيديو التي تظهر اكتشاف الكبتاغون، وتم حرق مئات الحبوب المعبأة في باحة قاعدة المزة الجوية، وعثر في مستودعات ضخمة في دوما على أثاث وأجهزة كهربائية وفواكه معدة لإخفاء المخدرات داخلها، وأوضحت المجلة أن أماكن الإنتاج والتخزين تعود بشكل مباشر أو غير مباشر إلى عشيرة الأسد.
وأشارت المجلة إلى "وجود أدلة على أن مسؤولي الفرقة الرابعة يستخدمون سلسلة من الموانئ الرسمية وغير الرسمية المملوكة للدولة في منطقتي اللاذقية وطرطوس لشحن الكبتاغون، وقد أفاد شهود أن أفراد الفرقة الرابعة استخدموا قوارب سريعة لتفريغ البضائع على سفن أكبر، وجاء في تقرير معهد نيو لاينز أن وحدة النخبة تحت قيادة ماهر الأسد الأخ الأصغر للرئيس، لعبت دورا مركزيا في هذه التجارة غير القانونية والمربحة.
مليارات الدولاراتوبحسب التقرير نفسه، ارتفعت القيمة التقديرية لبيع الكبتاغون من 3.46 مليارات دولار عام 2020 إلى 5.7 مليارات دولار عام 2021، وقد ضبطت الشرطة الإيطالية في ميناء ساليرنو عام 2020، 84 مليون حبة كبتاغون مخبأة في التروس الصناعية والأسطوانات الورقية من ميناء اللاذقية في سوريا.
وخلصت الصحيفة إلى أن المواقف الأولى والفيديوهات تظهر رغبة الحكام الجدد في تدمير هذه الصناعة وكل إنتاج الكبتاغون، ويقول الصحافي نسيم نصر المتخصص في شؤون الحركات الجهادية "عندما يقولها أحمد الشرع (أوقفوا تهريب الكبتاغون) أعتقد أنه يقول ذلك لأنه يؤمن به ولأن ذلك أحد الأشياء التي سيتفاوض بشأنها مع دول المنطقة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
سقوط نظام الأسد.. كواليس النهاية ودور القوى الإقليمية في الأزمة السورية
كشفت مصادر إيرانية مطلعة لوكالة "رويترز" عن كواليس الأيام الأخيرة قبل سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وفراره إلى موسكو بعد سيطرة الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام على دمشق، وهو الحدث الذي أنهى أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد في سوريا.
ووفقًا للمصادر، استقبل الأسد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في دمشق في 2 ديسمبر الماضي، وأبدى خلال اللقاء غضبه الشديد مما وصفه بـ "الدعم المكثف" الذي تقدمه تركيا للفصائل المسلحة بهدف الإطاحة به، وأكدت إيران للأسد استمرار دعمها له، مع تعهدها بمناقشة الأمر مع المسؤولين الأتراك.
توتر إيراني تركي حول الأزمة السورية
في اليوم التالي، عقد عراقجي لقاءً حاسمًا مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووصفت مصادر إيرانية الاجتماع بأنه "متوتر للغاية"، حيث عبّرت إيران عن استيائها من دعم أنقرة للفصائل المسلحة، واعتبرت ذلك انحيازًا للأجندات الأميركية والإسرائيلية.
ولكن فيدان، حسب مسؤول تركي مطلع، حمّل الأسد مسؤولية الوضع الراهن، مشيرًا إلى أن رفضه الانخراط في محادثات سلام جدّية وسنوات حكمه القمعي هي الأسباب الجذرية للصراع في سوريا.
تصريحات خامنئي واتهامات لإسرائيل وتركيا
وفي هذا السياق، أشار المرشد الإيراني علي خامنئي في خطاب له إلى أن سقوط الأسد جاء نتيجة "مخطط أميركي إسرائيلي" شاركت فيه إحدى دول الجوار، في إشارة ضمنية إلى تركيا.
مرحلة ما بعد الأسد
مع سيطرة هيئة تحرير الشام وحلفائها على دمشق وإعلان سقوط النظام، شكّل محمد البشير، رئيس حكومة الإنقاذ في إدلب، حكومة انتقالية مؤقتة. وأكد البشير في تصريحات إعلامية أن سوريا المستقبل ستكون "دولة قانون" تضمن حقوق جميع المواطنين والطوائف، وسط مخاوف دولية من مستقبل البلاد في ظل قيادة الفصائل المسلحة.
انعكاسات سقوط النظام
يُعتبر سقوط الأسد ضربة كبيرة لمحور المقاومة الذي تقوده إيران في المنطقة، حيث خسر حزب الله اللبناني طرق إمداده في سوريا.
ورغم هذه الخسائر، أكد حزب الله على استمراره في ما وصفه بـ "المعركة الأكبر" لدعم المقاومة في المنطقة، معربًا عن أمله في أن تحافظ الحكومة السورية الجديدة على موقفها المناهض لإسرائيل.
دلالات ودروس
يشكّل سقوط الأسد نهاية حقبة من الحكم المطلق لعائلة الأسد وفتحًا لباب جديد في تاريخ سوريا المليء بالتحديات.
كما يعكس التوتر بين الأطراف الإقليمية المتورطة في الأزمة السورية، خصوصًا إيران وتركيا، وتعقيد المشهد الجيوسياسي في المنطقة.