لجريدة عمان:
2025-01-15@14:12:23 GMT

أنسنة التعليم قضية تربوية معاصرة

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

في عصر تتزاحم فيه البيانات والمعلومات، وعالم يصعب علينا فهم معالمه ومواكبة تغيراته، يمثل فيه التواصل الاجتماعي أساس الاتصال والتواصل. التكنولوجيا وتطبيقاتها هي أكثر ما نستعمله في عالم متسارع الخطوات، نهتم فيه بالعلم والمعرفة وبالنظريات المختلفة، وربما نغفل الجوانب المهمة المتمثلة في إنسانيتنا وطبيعتنا كبشر.

لذلك، أصبح من الضروري في حاضرنا التركيز على هذه الجوانب التي نرى أنها تتلاشى شيئا فشيئا في ضوء التغيرات المتسارعة والانفجار المعرفي غير المسبوق.

وهو ما دعا البعض إلى التركيز على الأنسنة، وأنسنة الشيء تعني إضفاء الجانب الإنساني عليه. ومن ضمن المصطلحات التي ظهرت في العصر الحديث هو «أنسنة التعليم»، وتتعدد تعريفاته، فهو المدخل الذي يراعي حاجات المتعلمين ويهدف إلى تنمية العلاقات الإنسانية وروح التعاون فيما بينهم وبين المعلمين، وهو أيضا دراسة العلاقات الإنسانية من أجل تنمية فهم المتعلمين لهذه العلاقات، وتعزيز المهارات الإنسانية لديهم لتمكينهم من التعامل والتعايش مع الآخرين، وتظهر انعكاساته في محتوى المناهج وطرق التدريس وأساليب التقويم وطبيعة العلاقة بين المتعلم والمعلم والإدارة المدرسية.

ويرجع الأساس الفلسفي لنشأة أنسنة التعليم للنظرية البنائية، حيث شكلت هذه النظرية ثورة في الدراسات الإنسانية لما لها من أهمية في التركيز على دور المتعلم في التفكير وتطبيق المعرفة، والاهتمام بنموه من جميع الجوانب (العقلية، الوجدانية، المهارية) لتحقيق النمو المتكامل لشخصية المتعلم. أما الأساس النظري فيرجع للنظريات الإنسانية، ومن أشهر مؤسسي المدخل الإنساني في التعليم «كارل روجرز» و«ابراهام ماسلو»، حيث يستند التعليم عند روجرز إلى جانبين أساسيين وهما الشروط النفسية للتعليم والتعليم الفعال الذي يتعلق بالتنمية الوجدانية والمعرفية. كما اهتم بخبرات المتعلمين وأكد أهميتها لتدعيم العلاقات الإنسانية فيما بينهم، حيث إنها تساعد المتعلمين على التعبير عن مشاعرهم واحترام الآخرين، والمساعدة على فهم أنفسهم وفهم الآخرين. أما ماسلو فاهتم بالدافعية والنمو الاجتماعي ومهارات الاتصال، ورتب حاجات الإنسان هرميا، تمثل قاعدته الحاجات الفسيولوجية وقمته الحاجة إلى تحقيق الذات، التي من الممكن تلبيتها من خلال منح المتعلم مدى واسعا من التجارب والخبرات التي تقوده للتعلم الذاتي.نستنتج أن مدخل أنسنة التعليم يركز على ثلاثة أسس ينبغي مراعاتها في عملية التعليم، وهي الاهتمام بتنمية المتعلمين معرفيا ووجدانيا ومهاريا، ومراعاة الحاجات الإنسانية والفروق الفردية، والتركيز على الجانب الإنساني في المادة التعليمية. بالإضافة إلى ذلك، هناك عدة مبادئ لأنسنة التعليم. فالمتعلم هو محور العملية التعليمية، ويجب أن تسخر المنظومة التعليمية لخدمته وتحقيق الأهداف المرتبطة به، أما المعلم، فهو المرشد والميسر للتعلم، ومهمته لا تقتصر على تنفيذ الدروس، وإنما توجيه المتعلمين نحو المعرفة، كما أن ارتباط المناهج التعليمية بالقضايا المجتمعية واهتمامات الطلبة واحتياجاتهم، ومراعاة الفروق الفردية بينهم، من مبادئ أنسنة التعليم.

من جانب آخر، هناك العديد من الدوافع وراء أنسنة التعليم، ومنها تحسين جودة التعليم وتلبية احتياجات القرن الحادي والعشرين، وتهيئة المتعلمين للتعامل مع تحديات العصر ومتغيراته، وأيضا إعداد مواطنين فاعلين وصالحين يمتلكون مهارات التفكير النقدي والمسؤولية الاجتماعية، كما أن توفير بيئة تعليمية تدعم الصحة النفسية للمتعلمين وتعزز من دافعيتهم هو أحد هذه الدوافع. أيضا، قد تحد أنسنة التعليم من السلوكيات غير المرغوبة لدى المتعلمين، كالتنمر والعنف، عن طريق غرس قيم المجتمع ومبادئ وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف في نفوس المتعلمين.

الجدير بالذكر أن قانون التعليم المدرسي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٣١/ ٢٠٢٣ في مادته الثانية أشار إلى أن «الغاية الكبرى للتعليم المدرسي في سلطنة عمان هي تحقيق النمو الشامل والمتكامل لشخصية المتعلم في جوانبها العقلية والعاطفية والروحية والجسدية»، كما أن المادة رقم (٢٥) أشارت إلى أهمية توجيه المتعلمين نحو التعلم الذاتي وتنمية قدرتهم على استخدام التفكير العلمي الناقد والمشاركة المجتمعية الفاعلة، إلى جانب المادة (٤٥) التي نصت على أن «تعمل الوزارة على توفير الخدمات اللازمة لتعزيز الصحة النفسية والبدنية والاجتماعية، وخدمات التوجيه والإرشاد المهني للطلبة»، حيث تعكس هذه المواد التي تضمنها قانون التعليم المدرسي جوانب مختلفة من أنسنة التعليم، وهو ما يعكس توجه سلطنة عمان واهتمامها بالجانب الإنساني في عملية التعليم لتحقيق الأهداف المرجوة منه.

وعلى الرغم من وجود المواد القانونية الداعية للاهتمام بأنسنة التعليم، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه النظام التعليمي في سلطنة عمان، ومنها محدودية المتعلمين في التربية الخاصة، حيث إن المتعلمين من ذوي الإعاقات المحددة هم من يمكنهم الانخراط في التربية الخاصة، كما أن عدم تطبيق التعليم المنزلي وعدم بروزه في المجتمع من أبرز التحديات التي تواجه النظام التعليمي في سلطنة عمان، على الرغم من أن قانون التعليم المدرسي سمح به. كذلك، فإن مركزية التعليم قد تحول دون الوصول إلى تعليم يناسب المتعلمين من مختلف محافظات سلطنة عمان، وتحد من مشاركة المعلمين والمتعلمين في اختيار المناهج والدروس والأنشطة التعليمية، علاوة على ذلك، هناك تحديات تتعلق بنمط إدارة المتعلمين، مثل تبني الإدارة التسلطية في إدارة الصف أو إدارة المدرسة، فنجد المدير أو المعلم يتعامل بشكل تسلطي مع طلبته محاولا اتخاذ قرارات وتطبيق عقوبات تؤدي إلى خفض دافعية المتعلمين نحو التعلم وشعورهم بالإحباط.

وهو ما يخالف المادة (62) من قانون التعليم المدرسي، التي أشارت إلى أن للإدارة المدرسية واجبا في تطبيق أفضل الممارسات الإدارية لتكوين ثقافة مدرسية إيجابية ومحفزة، ومع أن قانون التعليم المدرسي يشجع على أنسنة التعليم، إلا أن ضعف الوعي بالمصطلح وبأهميته، خاصة عند العاملين في المجال التربوي والتعليمي، سيشكل عائقا حقيقيا في الوصول إلى ما نطمح إليه من خلال أنسنة التعليم. ولهذا، لا بد من نشر الوعي عنه لتنشئة جيل واع يمتلك المهارات المعرفية والاجتماعية والإنسانية والبدنية، ويكون قادرا على التعلم الذاتي، ويمتلك قدرات التفكير الإبداعي وحل المشكلات، ومتمسكا بقيم المجتمع وأخلاقه الحميدة، ومتعاونا مع أقرانه، ويتفاعل إيجابيا مع مجتمعه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سلطنة عمان کما أن

إقرأ أيضاً:

بعد قليل.. المؤتمر السنوي لـالمستشفيات التعليمية عن السِمنة

كتب- أحمد جمعة:

تعقد الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية بوزارة الصحة، مؤتمرها العلمي السنوي تحت عنوان "السمنة.. من الطب إلى المجتمع" اليوم الإثنين، بأحد فنادق القاهرة، تحت رعاية الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء وزير الصحة والسكان.

وقال الدكتور محمد مصطفى عبد الغفار، رئيس الهيئة، إن نسخة هذا العام من المؤتمر السنوي ستكون لها مذاق خاص، حيث نحتفل فيه باليوبيل الذهبي للهيئة ومرور 50 عامًا على إنشائها طبقًا للقرار الجمهوري الصادر عام 1975.

وأضاف: "حرصنا على أن يكون موضوع المؤتمر هذا العام أحد الموضوعات التي تشغل القطاع الصحي في مصر بشكل عام، وأحد تحديات الساعة التي تؤرق الدولة وتشغل حيزًا لا بأس به في المبادرات الرئاسية لجميع أفراد المجتمع، إذ أن السمنة ومضاعفاتها لا تؤثر على الفرد فقط، وإنما تمتد آثارها إلى الوسط المحيط به، لما تمثله من عبء مادي ومعنوي للأسرة والمجتمع ككل".

وأشار في بيان اليوم، إلى أن المؤتمر سيناقش كافة الجوانب الطبية للسمنة من خلال 50 جلسة علمية تشمل أكثر من 300 محاضرة، بالإضافة إلى 15 ورشة عمل في جميع التخصصات الطبية.

اقرأ أيضًا:

هل مصر بمنأى عن موجات البرد الشديد؟.. الأرصاد توضح

نقيب الإعلاميين يكشف إجراءات مكافحة انتحال الصفة وتقنين المهنة

السِمنة الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية وزارة الصحة مؤتمر المستشفيات التعليمية

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة حدث في منتصف الليل| ننشر أسعار وأماكن أراضي بيت الوطن.. وتفاصيل تطعيمات أخبار حسام عبدالغفار: جهود متواصلة للارتقاء بمنظومة الصحة في صعيد مصر أخبار تفاصيل المؤتمر السنوي لـ"المستشفيات التعليمية" في يوبيلها الذهبي.. السِمنة أخبار بدء تطبيق زيادة سعر شهادات "المقبلين على الزواج" بمكاتب الصحة أخبار أخبار مصر ارتفاع حرارة و شبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس الـ6 أيام المقبلة منذ 3 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر هل مصر بمنأى عن موجات البرد الشديد؟.. الأرصاد توضح منذ 6 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الاثنين 13-1-2025 منذ 7 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر حدث في منتصف الليل| ننشر أسعار وأماكن أراضي بيت الوطن.. وتفاصيل تطعيمات منذ 9 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر وليد حجاج يحذر من مخاطر شريحة إيلون ماسك: تهديد للوعي الإنساني منذ 10 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر العميد خالد عكاشة: الحرب الإسرائيلية على غزة عبثية ونتائجها ثقيلة منذ 10 ساعات قراءة المزيد

إعلان

إعلان

أخبار

بعد قليل.. المؤتمر السنوي لـ"المستشفيات التعليمية" عن السِمنة

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك 23

القاهرة - مصر

23 13 الرطوبة: 34% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • ألمانيا .. غرامة قدرها 5 يورو مقابل كل تأخر عن الدوام المدرسي
  • "حسام حبيب يعود بعد غياب طويل بألبوم جديد وأغنيات معاصرة"
  • التعريف بنظام جودة التعليم المدرسي في ندوة بشمال الباطنة
  • مدارس المعرفة تتوج ببطولة الدوري المدرسي بإب
  • ندوة حول ضمان جودة التعليم المدرسي الخاص في شمال الباطنة
  • روشتة متكاملة لمكافحة ظاهرة التنمر المدرسي
  • الوزير برادة يرمي كرة تردي النقل المدرسي إلى الداخلية و مجالس الأقاليم
  • غرفة شمال الباطنة تنظم ندوة جودة التعليم المدرسي الخاص
  • "المرور" يشدد على إرشادات سلامة الطلاب أثناء انتظار حافلات النقل المدرسي
  • بعد قليل.. المؤتمر السنوي لـالمستشفيات التعليمية عن السِمنة