الدقة في التعامل مع الحقائق جوهر طرح المؤرخ يا د. عبد الله على إبراهيم
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
البروف عبد الله على إبراهيم مؤرخ مرموق وقامة من قامات بلادنا الثقافية السامقة. استخدم الدكتور عبد الله تلك المنزلة السامية لطرح أفكار وآراء تتعارض مع مكانته الاكاديمية. فكل من يتابع كتاباته الأخيرة يلاحظ تبريره المتكرر لمواقف قيادة الجيش الحالية. وفي نفس الوقت يهاجم تقدم، صباح مساء. وهو ينتهز قدراته اللغوية ومخزونه من المعلومات التاريخية لتقديم انصاف حقائق، ثم يضيف ما يرمي اليه من هدف.
نشر الدكتور مقالا بعنوان: الحزب الشيوعي السوداني والطريق البرلماني للاشتراكية. وهذا المقال هو امتداد لطرح عبد الله المتكرر عن الحزب الشيوعي تحت قيادة " استاذنا عبد الخالق محجوب". ولكنه لا يتوقف عند ذلك ويقدم نقده المستمر والمتواصل لمواقف الحزب الشيوعي وقياداته التي أعقبت عبد الخالق. وعبقرية عبد الخالق، لا تحتاج لإقحامه في معظم المقالات، فشعبنا يعرف قدراته العظيمة.
جاء في المقال:
" من الحقائق المغيبة عن الحزب الشيوعي أنه تبنى الطريق البرلماني للاشتراكية في مؤتمر الثالث (1956) بألمعية وحصافة لا تزال تنظر قلماً حاذقاً يسبر غور ذلك "النشوز" عما شاع إلى يومنا أن للاشتراكية طريق واحد هو ثورة البروليتاريا. ونشر الحزب ذلك الولاء للديمقراطية الليبرالية في كتاب "طريق السودان للسلم والاشتراكية" الذي تلاشى بالزمن وبقيت لمح منه في كتاب " آفاق جديدة" لأستاذنا عبد الخالق محجوب الذي صدر في أعقاب المؤتمر في 1956."
كل من يقرأ هذا المقال يخرج بانطباع، غير حقيقي، عن هذه القضية. ولقد تعرض موضوع الانتقال السلمي للاشتراكية لنقاشات كثيرة ومكثفة، وسط الماركسيين. وبعضهم أرجعها لكتابات ماركس الأولي أو كما يسميه البعض ماركس الشاب أو ماركس الإنساني. وآخرون حددوا بدايتها مع سياسة " الاشتراكية في بلد واحد" والحديث عن " المباراة السلمية بين النظامين العالميين". كما ربط آخرون الطرح بكتابات قرامشي خاصة كراسات السجن، وقالوا انها تشكل النواة الأولي للشيوعية الاوربية. التي ظهرت في سبعينات القرن الماضي، كتيار يجمع بعض الأحزاب الشيوعية في غرب أوربا. وهذا نقاش طويل وممتد، مثل كل المسائل النظرية، المتعلقة بالماركسية.
بدايات طرح الطريق البرلماني (السلمي) للانتقال للاشتراكية، بوضوح وبشكل برنامجي عام، كانت في اربعينات القرن الماضي. عندما صدرت توجيهات من ستالين للأحزاب الشيوعية حول استخدام الديمقراطية البرجوازية. وقد اضافتها عدد من الأحزاب لبرامجها، لكن لارتباطنا بالاستعمار البريطاني، وتوجيهات الكومنتيرن لدور الأحزاب الشيوعية في الدول الاستعمارية، لنشر النظرية في المستعمرات التابعة لها. فما هو موقف الحزب الشيوعي البريطاني، وكان من أول الأحزاب التي طرحتها بوضوح، ومنذ وقت مبكر.
The programme of the British Communist Party adopted in 1935 stated:
“... the building of a mass Communist Party within an all-inclusive united working class front is the sole path to the advance of the working class struggle, and ... the victory of working class revolution in Britain and the establishment of the workers’ dictatorship on the basis of Soviet power for the building of socialism”.
And in the book: The British Road to Socialism written in 1947, we read:
“... it is possible to see how the people will move towards Socialism without further revolution, without the dictatorship of the proletariat”.
توضح هذه المقتطفات ان المسألة طرحت منذ أوقات مبكرة. وستكون لاحقا أحد أهم أسباب الخلاف النظري بين الحزبين السوفيتي والصيني. وصارت القيادة الصينية تصف القيادة السوفيتية بالتحريفية. وكثيرا ما استخدمت، بعض التيارات الماركسية، النهاية المأساوية لنظام سلفادور الليندي في شيلي، لنقد استحالة تحقيق الاشتراكية عن الطريق البرلماني.
عبقرية عبد الخالق لا تحتاج لانتزاع موقف من اطاره التاريخي الصحيح. ولكنها تظهر، بوضوح وجلاء، في هذا المقتطف، من نفس كتاب " آفاق جديدة"، كتب عبد الخالق:
" جرت في الفترة الأخيرة دراسات واسعة، وتوجت باستكمال الاشتراكية العلمية التي وضعها ماركس وانجلز. وفي الفترة الثانية التي أعقبت التطور السلمي للرأسمالية وتحولها للاحتكار والاستعمار، جرت دراسات قام بها لينين وتوصل الي العهد الجديد من تطور الثورة البروليتارية. وفي هذا السبيل استبعد لينين القيم التي وضعها ماركس ولم تعد ملائمة للفترة الجديدة. والفترة الراهنة لا تقل في وزنها عن الفترتين السابقتين. ومن الطبيعي ان تذهب الدراسات والبحوث الى حدود بعيدة لإعادة النظر في معظم القيم الاشتراكية بهدف الاحتفاظ بكل ما هو ملائم واستبعاد كل ما أصبح ميتا لا يتمشى مع الظروف الجديدة"
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحزب الشیوعی عبد الخالق عبد الله
إقرأ أيضاً:
وكيل مجلس الشيوخ: كثرة الأحزاب في النظام المصري ليس عيبًا وإنما ميزة
أكد بهاء الدين أبو شقة، وكيل مجلس الشيوخ، ورئيس حزب الوفد السابق، أن كثرة الأحزاب ليس عيبًا في النظام المصري، فكل حزب يؤدي دوره في الأحزاب السياسية، مشيرًا إلى أن الأحزاب تُساهم في إثراء الحياة السياسية، والبقاء يكون دائمًا للأصلح.
وأوضح «أبو شقة»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي الدكتور فهمي بهجت، برنامج «المحاور»، المذاع على فضائية «الشمس»، أن المادة الخامسة من الدستور تنص على أن النظام السياسي يقوم على التعددية السياسية والحزبية، مشيرًا إلى أن تكوين الأحزاب في السابق كان يقف أمامه بعض الشروط المعقدة، ولكننا نشهد الآن انفراجة أمام إنشاء الأحزاب، وهذا من شأنه أن يُساهم في إثراء الحياة الديمقراطية.
ولفت إلى أن دور الأحزاب المصرية ظهر بشكل واضح بعد أحداث 25 يناير 2011، حيث شكلت الأحزاب والقوى السياسي جبهة الإنقاذ، فالحياة الديمقراطية لا تقوم إلا من خلال الأحزاب السياسية، مشيرًا إلى أن كل حزب جديد يُضيف إلى الساحة السياسية.
وأضاف أن حزب الوفد يُفعل مبدأ الرأي والرأي الآخر، وأي خلاف بين أعضائه يكون من باب إبداء وجهات النظر، وفي النهاية كل أعضاء الحزب على قلب رجل واحد، ويعملون من أجل حزب الوفد الذي هو جزأ من النظام السياسي المصري.
وأوضح أن وجود اختلاف في وجهات النظر داخل الحزب لا يعني وجود صراع، ولكنه يأتي في إطار وجود أكثر من وجهة نظر، وهذا الأمر لا يشكل انقساما داخل الحزب، أو خطر على بنيان الحزب.
وتابع: «حزب الوفد مثله مثل أي حزب سياسي في مصر يُؤدي دوره في الحياة السياسية سواء في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ»، مشيرًا إلى أن الوفد هو الحزب الوحيد في مصر الذي لديه جريدة تُعبر عن رأيه في قضايا الوطن والمواطن.
اقرأ أيضاً«تنسيقية الأحزاب» ترحب بمذكرة المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وجالانت
فرصة لزيادة التعاون.. الأحزاب تعدد مكاسب مصر من مشاركة الرئيس السيسي في قمة العشرين
في احتفالية اتحاد القبائل والأحزاب| رسائل الرئيس.. ماذا تعني؟!