أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أهمية دور الفتوى الرصينة في حماية المجتمع وتحقيق الأمن الفكري، مشددًا على أن الفتاوى المتسرعة أو المعلَّبة لا تفي بحاجات المجتمعات المتغيرة، بل قد تكون سببًا في زعزعة الاستقرار وزيادة الأزمات. 

جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية الأولى التي نظمتها دار الإفتاء المصرية، حيث نقل تحيات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتمنياته للمشاركين بالخروج بتوصيات جادة تسهم في حماية المجتمع من الاستهداف الفكري والثقافي.

الأمن الفكري.. ضرورة ملحّة في مواجهة الكوارث

استهل الدكتور الضويني كلمته بالتأكيد على أن العالم اليوم يمر بأزمات إنسانية غير مسبوقة، ومنطقتنا العربية ليست بمنأى عن هذه الأزمات، بل كانت ضحية لكوارث متلاحقة ناجمة عن أفكار منحرفة وانحرافات عن جادة الصواب. 

وأوضح أن هذه التحديات استغلها المغرضون وأعداء الأمة لتحقيق أهدافهم، مما أدى إلى تراجع الأمن والأمان في مجتمعاتنا.

 وقال إن الشريعة الإسلامية وضعت الأمن الفكري على رأس أولوياتها، إذ لا يقل أهمية عن حاجات الإنسان الأساسية مثل الطعام والشراب.

وأضاف وكيل الأزهر أن جمود بعض القائمين على الفتوى، وانتشار الفتاوى الشاذة من غير المؤهلين، قد زاد من خطورة هذه الأزمات، خاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت ساحة خصبة لتداول الفتاوى دون ضوابط. 

وتابع: "كلما كانت الفتوى أكثر شذوذًا، تداولتها الوسائل المشبوهة بشكل أوسع، مما يضاعف من مسؤولية أهل العلم المعتبرين للتصدي لهذه الظاهرة".

الفتوى بين الأصالة والتجديد

ولفت الدكتور الضويني إلى أن العلماء السابقين أولوا الفتوى اهتمامًا كبيرًا، حيث لم يكن يتصدر لها إلا من تأهل علميًا وفكريًا وفق ضوابط دقيقة. ومع ذلك، فإن الواقع الحالي يشهد حالة من الفوضى، حيث تزاحم الدخلاء والمتطفلون على هذا المجال الحيوي.

 وذكر أن الحراك العالمي يبحث عن فتاوى تخدم مصالحه وأهدافه، ما يفرض على العلماء الربانيين عبئًا مضاعفًا للحفاظ على قدسية الفتوى وتحقيق المصلحة العامة.

وأوضح وكيل الأزهر أن الفتوى الرصينة يجب أن تستند إلى أسس علمية وفكرية، تأخذ في اعتبارها المتغيرات المجتمعية وتبتعد عن الجمود أو التشدد.

 كما دعا إلى أهمية الاستفادة من أهل العلم المعروفين بالوسطية ورحابة الفكر، مشددًا على ضرورة وضع ضوابط ومعايير واضحة لتصحيح مسار الإفتاء، بما يعيد الثقة للمؤسسات الدينية الرسمية ويمنع استخدام الفتوى كسلاح ترهيبي من قِبل الجماعات المتطرفة.

رسالة للأمة والعلماء

أكد الضويني أن الوصول إلى مجتمع آمن فكريًا لا يمكن تحقيقه بالتقاعس أو الاكتفاء بالأماني، بل يتطلب عملاً جادًا وجهودًا متواصلة لحفظ الفتوى من الاختطاف ومنع استخدامها في غير موضعها الصحيح. 

وقال إن الفتاوى المعلبة الجاهزة لا تفي بحاجات المجتمعات المتغيرة والمتطورة، مشددًا على أن الشريعة الإسلامية، بصلاحيتها لكل زمان ومكان، قادرة على تلبية هذه الحاجات إذا أُحسن تطبيقها.

وفي ختام كلمته، دعا وكيل الأزهر الشريف إلى ضرورة تكاتف العلماء والمؤسسات الدينية للعمل على نشر الفتاوى الصحيحة التي تعزز من استقرار المجتمعات وسعادتها في الدارين، مشيرًا إلى أن حماية الفتوى من التلاعب والانحراف هو واجب ديني وأخلاقي على الجميع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وكيل الأزهر شيخ الأزهر الشريف الندوة الدولية لدار الإفتاء المزيد الأمن الفکری وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

أمين مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي: مواجهة تحديات الأمن الفكري تتطلب وعيًا إفتائيًّا رفيعًا

أكدت الدكتورة ماريا الهطالي، الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، خلال كلمتها في الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية الأولى لدار الإفتاء المصرية، على أهمية دور الفتوى في تحقيق الأمن الفكري في المجتمعات، مشيرةً إلى التحديات المعاصرة التي تتطلب وعيًا إفتائيًّا رفيعًا.

شيخ الإسلام بتايلاند: الأمن الفكري حجر الأساس للوقاية من الأفكار المنحرفة

بدأت الدكتورة ماريا الهطالي كلمتها بتعبيرها عن سرورها للمشاركة في هذا الحدث المهم، حيث قالت: "إنَّه لمن دواعي السرور والغبطة أن نلتقي بكم في هذا الصرح الإسلامي العريق: أزهر المجد، ونور الفكر، وبهاء العلم، وضياء الحكمة، ومصنع العلماء؛ حيث أتيت إليكم وأنا أحمل لكم أجمل التحايا وأرقَّ العبارات وأزكاها من بلدكم الثاني، دولة الإمارات العربية المتحدة." وأعربت عن شكرها للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم على جهودها في تنظيم هذه الندوة تحت الرعاية الكريمة لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، متمنيةً لمصر دوام الأمان والاستقرار والتقدم.


وفي سياق حديثها عن موضوع "الفتوى وتحقيق الأمن الفكري"، أكدت الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن هذا العصر يشهد تحديات كبرى تتطلب منا جميعًا التصدي لها. حيث قالت: "إنَّ الحديث عن "الفتوى وتحقيق الأمن الفكري" والذي أحسنت الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم اختياره - زمانًا ومكانًا وموضوعًا وتنظيمًا - ليس من نافلة القول؛ فإنَّنا هذا العصر الذي نعيش فيه نتعرض لتحديات كبرى راهنة ومستقبلية." 
وأشارت إلى أن الأجيال الحالية تواجه مخاطر متعددة، على رأسها تأثير العوالم المفتوحة ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي أدت إلى ظهور ظواهر، مثل: "الإفتاء الافتراضي" و"السيولة الإفتائية" و"الصراع الإفتائي".
وأضافت الدكتورة ماريا الهطالي: "كادت الفتوى الشرعية مع وجود هذه الظواهر أن تفقد هويتها الوطنية، وصميم تقاليدها وواقعها الحقيقي، ووسطها الثقافي والاجتماعي، وتصبح أداةً ومعولًا لتهديم الأوطان والقيم والأخلاق؛ بعد أن كانت أداةً رئيسةً في البناء وتحقيق الأمن الفكري والعدل والاستقرار والسعادة في المجتمعات." وشددت على ضرورة بناء "الوعي الإفتائي" كضرورة ملحة، قائلة: "إنَّ بناء "الوعي الإفتائي" وقيام الفتوى بدَورها في تحقيق الأمن الفكري ضرورة هذا العصر."

عصر التقنية والذكاء الاصطناعي يتطلَّب منا فهم طبيعة التساؤلات التي تطرحها الأجيال الجديدة

وأوضحت الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن عصر التقنية والذكاء الاصطناعي يتطلَّب منا فهم طبيعة التساؤلات التي تطرحها الأجيال الجديدة، وعدم الاكتفاء بالتحليل السطحي لهذه التحديات. وأكدت أن مواجهة هذه التحديات ليست خيارًا بل واجب وطني وديني. وأشارت إلى أهمية تقديم إجابات شافية لهذه التساؤلات، وإلا فإن الفراغ الفكري سيتيح للجماعات المتطرفة استغلال هذه الحاجة لنشر أفكارها السامة. وقالت: "لا أجد للتعبير عن خطورة هذه الآفة أبلغ من الحكمة التي سمعتها من الوالد صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي: "إنَّ البطون إذا جاعت أكلت الجيف، كذلك العقول إذا جاعت أكلت عفونة الأفكار.""
وفي إطار الحديث عن الأمن الفكري، أكدت الدكتورة الهطالي أن هذا الأمن يقوم على خمس دعائم أساسية: العدالة، التعليم، الإعلام، الانتماء للوطن، ووعي المجتمع وقيمه الأخلاقية، حيث تعد الفتوى جزءًا أساسيًّا في تشكيل هذا الوعي. وقالت: "لا شكَّ أنَّ الفتوى الشرعية هي جزءٌ رئيسيٌّ في تشكيل الوعي المجتمعي وصيانة قيمه وحماية أخلاقه، وضمان استقراره ورخائه."

واستعرضت تجربة دولة الإمارات الشقيقة في مجال الفتوى، مشيرة إلى دَور مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، برئاسة معالي الشيخ عبد الله بن بيه، في مواجهة التحديات. 

حيث أوضحت: "عندما قامت جماعة الإخوان المسلمين المتطرفة بتهديد النسيج المجتمعي في عالمنا العربي والإسلامي، لم يتأخر المجلس في إصدار فتوى شرعية بتجريم هذه الجماعة واعتبارها منظمةً إرهابية." كما أكدت على أهمية الفتوى في تعزيز التعايش بين أبناء الوطن من خلال إجازة تهنئة غير المسلمين في أعيادهم، وتقديم إجابات علمية حول الأسئلة الناشئة بسبب جائحة كورونا.

وفي ختام كلمتها، دعت الدكتورة ماريا الهطالي الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي الحضور إلى التعاون من أجل وضع خطة شاملة للتصدي لتحديات الأمن الفكري، معبرةً عن أملها في الوصول إلى نتائج ملموسة من خلال الندوة. وقالت: "إنني لأرجو أن نتوصل من خلال هذه الندوة إلى نتائج ملموسة، وذلك من خلال حصر التحديات التي تهدد أمننا الفكري، ووضع خطة تعاونية نتشارك من خلالها في تقديم حلول واقعية".
وأعربت عن شكرها للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، ولدار الإفتاء المصرية، وللجهود المبذولة في تنظيم هذه الندوة.

مقالات مشابهة

  • الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي: الفتوى ضرورية لتحقيق الأمن الفكري في المجتمعات
  • وزير الأوقاف: الفتوى وسيلة لتعزيز الأمن الفكري وحماية المجتمع من التحديات المعاصرة
  • أمين مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي: مواجهة تحديات الأمن الفكري تتطلب وعيًا إفتائيًّا رفيعًا
  • وزير الأوقاف: الفتوى وسيلة لتعزيز الأمن الفكري وحماية المجتمع
  • الضويني: حاجة المجتمعات إلى الأمن لا تقل عن الطعام والشراب
  • وكيل الأزهر: منطقتنا العربية تعرَّضت لكوارث نتيجة أفكار وانحرافات عن جادَّة الصواب
  • مفتي الجمهورية: وسائل التواصل ساعدت على انتشار فوضى الفتاوى وأثَّرت على الأمن الفكري
  • مفتي الجمهورية: وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت على انتشار فوضى الفتاوى
  • دار الإفتاء تطلق ندوتها الدولية الأولى بعنوان «الفتوى وتحقيق الأمن الفكري»