في ليلة باردة من ليالي الشتاء، كان خالد يقود سيارته عبر طريق مهجور يمر وسط غابة كثيفة. كان الظلام يحيط به من كل جانب، والضباب الكثيف يجعل من الصعب رؤية الطريق أمامه. لم يكن من المفترض أن يسلك هذا الطريق، لكن اختصار المسافة كان مغريًا.
بينما كان يقود ببطء، لاحظ أضواء خافتة تنبعث من بين الأشجار على جانب الطريق.
دفع خالد الباب ببطء، وإذا به يُصدر صريرًا مرعبًا. داخل الكوخ، كانت الجدران مغطاة برسومات غريبة وأشكال لا يستطيع تفسيرها. على الطاولة الخشبية في المنتصف، كانت هناك شمعة كبيرة تذوب ببطء بجانب كتاب قديم يبدو وكأنه مخطوطة. عندما اقترب خالد من الكتاب، لاحظ أنه مكتوب بلغة لم يفهمها، لكن الصور التي تزين الصفحات كانت مرعبة: وجوه مشوهة، كائنات غريبة، وأحداث مروعة.
بينما كان يتفحص الكتاب، شعر بتيار هوائي بارد يمر بجانبه، وكأن شخصًا ما مر به. استدار بسرعة، لكنه لم يرَ أحدًا. فجأة، انطفأت الشمعة، وساد الظلام التام. حاول خالد إشعال ضوء هاتفه، لكنه لم يعمل. بدأ يسمع همسات خافتة تملأ الكوخ، أصوات غير مفهومة لكنها كانت تحمل نغمة تهديد واضحة.
أخذ الكتاب وحاول الخروج من الكوخ، لكن الباب الذي دخل منه اختفى، وكأن الجدران ابتلعته. أدرك خالد أنه محاصر. ازدادت الهمسات حدة، وبدأ يشعر وكأن هناك عيونًا تراقبه من الظلام. حاول أن يبقى هادئًا، لكن قلبه كان ينبض بجنون.
فجأة، ظهر أمامه رجل عجوز بملابس رثة ووجه شاحب، كأنه خرج من أعماق الزمن. قال العجوز بصوت منخفض لكنه واضح: “ما الذي أتى بك إلى هنا؟ هذا المكان ليس لك.”
تلعثم خالد في الكلام، ثم قال: “كنت فقط أستكشف، لم أقصد أي ضرر.”
ابتسم العجوز ابتسامة غريبة وقال: “أخذت ما لا يجب أن تأخذه. الآن أنت مرتبط بهذا المكان.”
اختفى الرجل فجأة، ووجد خالد نفسه يعود إلى الظلام وحده. بدأ يسمع أصواتًا أعلى، وبدأت الرسومات على الجدران تتحرك، وكأنها تحاول الخروج من سطحها. أدرك خالد أنه يجب أن يتخلص من الكتاب. ألقى به على الأرض، لكنه لم يتحرك. بدلاً من ذلك، بدأ الكتاب يفتح صفحاته تلقائيًا، وخرج منه دخان أسود كثيف شكَّل هيئة كائن ضخم له عيون حمراء مشتعلة.
صرخ خالد وحاول الهروب، لكن الكوخ كان يغلق عليه أكثر فأكثر. الكائن بدأ يتحدث بلغة غير مفهومة، لكن خالد شعر وكأنه يُطالَب بالبقاء.
في لحظة يأس، تذكر ولاعة كانت في جيبه. أشعلها وألقى بها على الكتاب. اندلعت النيران بسرعة غير طبيعية، وبدأ الكوخ كله يهتز. الأصوات اختفت تدريجيًا، والظلام بدأ يتبدد. أخيرًا، ظهر الباب مرة أخرى.
هرب خالد خارج الكوخ، وركض نحو سيارته بأسرع ما يمكن. عندما استدار ليلقي نظرة أخيرة، لم يجد الكوخ، وكأنه لم يكن موجودًا أبدًا.
عاد إلى سيارته وانطلق بعيدًا عن الغابة. لكنه منذ تلك الليلة، كان يشعر دائمًا وكأن هناك عينين تراقبانه من الظل، وأن الكوخ قد يظهر مجددًا يومًا ما لاسترداد ما أخذ منه.
إبراهيم أمين مؤمن
ebrahim30312amin@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
جمعية الكتاب والأدباء بمحافظة ظفار تنظم أمسية شعرية وثقافية في ولاية ثمريت
نظمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بمحافظة ظفار بالتعاون مع مكتب والي ثمريت أمسية ثقافية وشعرية، بحضور نخبة من الشعراء والكتاب العمانيين الذين قدموا إبداعاتهم الأدبية.
وشارك في الأمسية الشعراء سيف بن سعيد الشعشي، زاهر بن محسن المسهلي، وأصيل بن مسلم المسهلي، وقد أمتعوا الحضور بقصائدهم المتنوعة.
كما حل الشاعر مسلم بن سعيد الحمر ضيف شرف الأمسية، وهو أحد الشعراء البارزين من أبناء ولاية ثمريت.
وتخلل الفعالية إقامة محاضرة بعنوان "بادية ظفار من خلال المصادر التاريخية"، قدمها سالم بن أحمد سالم الكثيري، تم تسليط الضوء على الجوانب التاريخية والثقافية للمنطقة.
حيث استعرض عددا من الواقع بولاية ثمريت ذكرت أسماؤها في بعض الكتب التاريخية حسب تحليل المهتمين والباحثين في هذا المجال.
بعد ذلك صدح الشعراء بما جادت به قرائحهم الشعرية من أشعار تنوعت بين الغزل والمدح والوطنيات.
أدار الجلسة الشعرية الكاتب سعيد بن سالم الراشدي، واستمتع الحضور بأجواء الشعر الشعبي والوطني الثري بالأدب والثقافة العمانية في الأمسية.