كيف ستتعامل سوريا الجديدة مع خطر عودة تنظيم الدولة؟
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
عاد إلى الواجهة الحديث عن تجدد نشاط تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا، على وقع التطورات التي غيّرت الواقع الميداني وخريطة السيطرة في البلاد، الثابتة منذ بداية عام 2020.
فمع انهيار قوات نظام الأسد بالكامل أمام تمدد فصائل الثورة في المحافظات السورية، وانحسار سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عن بعض مناطق نفوذها، حذّر مظلوم عبدي قائد قسد -في 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري- من ظهور نشاط التنظيم للعلن بعد أن كان مخفيا.
وأشار إلى أن تنظيم الدولة بات يدخل إلى مناطق سيطرة قواته، ولم يعد يقتصر نشاطه على البادية، مستغلا التطورات الميدانية في سوريا وزوال سيطرة النظام المخلوع.
وتأخذ تصريحات عبدي منحى جدّيا، لأنها تصدر من قائد القوات التي حظيت بدعم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة منذ 2015، لمكافحة تنظيم الدولة الذي كان قد فقد السيطرة الجغرافية بشكل كامل في سوريا أواخر عام 2019 بعد خسارته منطقة الباغوز في دير الزور، ولم تبق له إلا بعض الخلايا المبعثرة في البادية السورية.
فما مدى قوة وحضور خلايا تنظيم الدولة في سوريا، وكيف يتوقع أن تتعامل معه السلطات الجديدة، وما موقف القوى الدولية المنخرطة في التحالف الدولي لمكافحته، وكيف يؤثر على الخريطة السياسية للقوى المؤثرة في الملف السوري؟
مظلوم عبدي حذر من عودة تنظيم الدولة في مناطق سيطرة قوات قسد(أسوشيتد برس) نطاق نشاط تنظيم الدولةوفقا لمصادر في فصائل سورية مسلحة تتخذ من قاعدة التنف التابعة للتحالف الدولي في البادية السورية مركزا لها، فإن نشاط خلايا تنظيم الدولة مرتفع منذ بداية عام 2024، وليس صحيحا أن نشاطها ازداد فقط بعد سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد وانهيار قوات نظامه، لكن بعض الهجمات كان لها أثر إعلامي كونها استهدفت حقل شاعر للغاز، مما أدى إلى مقتل مدير محطة الغاز في الحقل.
إعلانالمصدر نفسه يقدّر عدد عناصر الدولة في سوريا بقرابة 1200 عنصر، متوزعين على محافظات الحسكة ودير الزور وحمص، من بينهم 800 عنصر تقريبا في منطقة البادية السورية، ويتوزعون في جبل البشري وجبل العمور ومحيط تدمر والسخنة، بالإضافة إلى شمال دير الزور، كما ينشط قرابة 400 عنصر في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
ويعمل تنظيم الدولة هذه الفترة وفق نظام الخلايا الأمنية المبعثرة، ويبتعد عن أسلوب السيطرة الجغرافية، وقد بلغت هجماته على المليشيات المدعومة من إيران -منذ بداية عام 2024 حتى انسحاب هذه المليشيا من سوريا مطلع الشهر الجاري- حوالي 100 هجوم، تركزت في البادية السورية، وتعرضت قوات النظام المخلوع إلى 300 هجوم من الدولة خلال الفترة الزمنية ذاتها، كما طال قوات سوريا الديمقراطية 300 هجوم أيضا.
قوات أميركية في مناطق سيطرة القوات الكردية في سوريا (رويترز) أميركا باقية في التنفومنذ بدء هجوم فصائل الثورة السورية المسلحة على قوات نظام الأسد أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تحركت القوات الأميركية لمنع ترك المجال أمام تصاعد نشاط خلايا الدولة مجددا، خاصة على الحدود السورية العراقية.
وتفيد المعلومات، التي حصلت عليها الجزيرة نت من مصادر على اتصال مع قوات التحالف الدولي التي تنشط في سوريا والعراق، بأن القيادة المركزية الأميركية، التي تتزعم قوات التحالف في المنطقة، لا تفكر حاليا بالانسحاب من قاعدة التنف في البادية السورية، أو من قاعدة عين الأسد غرب العراق، حتى إن اتجهت مستقبلا لإجراء عملية إعادة انتشار، نظرا للدور المهم الذي تساهم فيه القاعدتان في تقويض نشاط خلايا الدولة، فقد كانتا منطلقا لعمليات مهمة استهدفت قيادات بارزة في التنظيم منذ يونيو/حزيران إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ودفعت القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة التنف لانتشار فصيل "جيش الثورة" المحسوب على الفصائل المسلحة للثورة السورية في منطقتي تدمر والقريتين، بمجرد أن بدأت الفصائل العراقية المدعومة من إيران بالانسحاب من سوريا تحت الضغط الأميركي، والهدف هو ملء الفراغ وتجنب ترك مجال أمام الدولة للتحرك بحرية.
إعلانورجحت مصادر مقربة من "جيش الثورة" للجزيرة نت أن يزداد الاعتماد الأميركي على هذا الفصيل في الأيام المقبلة، بحيث يفسَح المجال له أمام استقطاب المزيد من العناصر لتوسيعه، في ظل الإصرار التركي على مطلب إنهاء قوات سوريا الديمقراطية، والمرونة التي تبديها واشنطن أمام هذا المطلب، حيث ضغطت على هذه القوات لمغادرة منبج ودير الزور، وقد تدفعها أيضا للخروج من مناطق أخرى في الفترة المقبلة.
وفرضت قوات التحالف الدولي، التي تنشط شمال شرق سوريا، رقابة على السجون الموجودة ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، خاصة في محافظة الحسكة، حيث يتم احتجاز قرابة 8 آلاف مقاتل سابق من الدولة مع عائلاتهم فيها، خشية أن يتمكن هؤلاء من التسرّب من السجون والعودة للانخراط في العمل الميداني.
تركيا أعلنت استعدادها لمواجهة تنظيم الدولة في سوريا (رويترز) الدور التركيوأفادت للجزيرة نت قيادات في الجيش الوطني السوري، مقربة من القوات التركية المنتشرة على الأراضي السورية وتدعم عمليات مكافحة الإرهاب، بأن الجانب التركي أكد للولايات المتحدة استعداده لأن يتولى عملية مكافحة ظهور تنظيم الدولة، بما فيها الإشراف على المعتقلين، لضمان ألا تعرقل واشنطن العمليات العسكرية التي تستهدف إنهاء سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وإخراج عناصر حزب العمال الكردستاني المرتبطة بها من سوريا.
ونشطت القوات التركية المنتشرة شمال غرب سوريا مع الأجهزة الأمنية التابعة للجيش الوطني السوري طوال السنوات الماضية في مكافحة تنظيم الدولة، وتمكنت من القبض على خلايا عديدة خلال الأعوام الماضية، وهو ما وفّر قاعدة بيانات مهمة أتاحت تقويض خلايا التنظيم في شمال سوريا عموما، حيث انحسرت عملياته حتى اقتربت من مستوى الصفر.
وتمتلك أجهزة الأمن التركية تنسيقا فعالا مع نظيرتها العراقية فيما يتعلق بمكافحة الدولة، حيث يتبادل الجانبان المعلومات حول نشاط الخلايا، وتحركات قياداتها، وشبكات التمويل التي يستخدمونها، وتم تتويج هذا التعاون بتوقيع اتفاق أمني، في أغسطس/آب 2024، يتضمن بنودا عديدة أهمها تطوير التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
ومن المحتمل أن تساهم حالة الاستقرار في سوريا، وانحسار سيطرة قوات سوريا الديمقراطية عن المناطق العربية، في تخفيض العنصر البشري الذي ينتسب إلى تنظيم الدولة، حيث يلتحق كثير من الأفراد بالتنظيم في إطار ردّ الفعل على الممارسات التي يتعرضون لها من قوات سوريا الديمقراطية.
كما استعانت بعض المجموعات العشائرية العربية شمال شرق سوريا بالدعم الإيراني منذ بداية عام 2021 ردا على الانتهاكات بحقها من هذه القوات، وهذا ما أشار إليه مرارا معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الذي أوصى قوات التحالف بالضغط على قوات سوريا الديمقراطية لتعديل سلوكها مع المكونات العربية في المنطقة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی البادیة السوریة مناطق سیطرة قوات التحالف الدولی منذ بدایة عام تنظیم الدولة قوات التحالف الدولة فی فی سوریا
إقرأ أيضاً:
قائد الحرس الثوري الإيراني: علينا "التكيف مع الوقائع" الجديدة في سوريا
قال قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، إن بلاده عليها "التكيف مع الوقائع" الجديدة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، حسبما أوردت وسائل إعلام رسمية، اليوم الخميس.
وأكد سلامي أن إيران "كانت تحاول حقًا ليل نهار تقديم المساعدة بكل ما في وسعها، وعلينا أن نتكيف مع الوقائع في سوريا، ونحن نتابعها ونتصرف على أساسها"، وفق ما نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية (إرنا).
وأضاف أن "الاستراتيجيات يجب أن تتغير وفقاً للظروف، ولا يمكننا حل العديد من القضايا العالمية والإقليمية بالجمود واستخدام التكتيكات نفسها".
وكانت إيران حليفاً قوياً لعائلة الأسد التي انتهى حكمها الذي استمر عقوداً في سوريا الأسبوع الماضي إثر هجوم خاطف لفصائل سورية مسلحة على العاصمة دمشق.
واليوم أيضاً، دان الحرس الثوري بشدة "استغلال أمريكا والكيان الصهيوني للظروف الحالية في سوريا واحتلالهما الأراضي السورية".
وقال الحرس الثوري في بيان إن "ستواجه بحزم وذكاء أي خطط تستهدف زعزعة المقاومة أو إضعاف قوة واقتدار دول المنطقة".
أدان حرس الثورة الإسلامية في بيان، استغلال #أمريكا و #الكيان_الصهيوني للظروف الحالية في سوريا واحتلالهما الأراضي السورية وهجومهما على البنى التحتية والمراكز الحيوية لهذا البلد.https://t.co/5xHZcq8pQH pic.twitter.com/Cz4VyhJO19
— وكالة إرنا العربیة (@irna_arabic) December 12, 2024وتنشر تركيا قوات في شمال سوريا، بينما توغل الجيش الإسرائيلي في الجنوب بالمنطقة العازلة التي تحرسها الأمم المتحدة على الحدود المشتركة بين البلدين، شرق مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.
ولدى الولايات المتحدة أيضاً قوات متمركزة في سوريا، حيث تتعاون مع قوات سوريا الديموقراطية التي يهيمن عليها الأكراد في مكافحة تنظيم داعش.
وبلغت العلاقات بين طهران ودمشق ذروتها خلال الحرب الأهلية السورية التي بدأت عام 2011، عندما أرسل الحرس الثوري ما أسماه "مستشارين عسكريين" لمساعدة الأسد.