عصام حجي يطرح حلا علميا لمشكلة سد النهضة المتفاقمة
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
في خطوة تهدف إلى حل النزاع المتصاعد حول مياه نهر النيل بين مصر وإثيوبيا والسودان، قدم فريق من الباحثين، بقيادة عصام حجي، إطارا علميا جديدا لإدارة تشغيل السدود الضخمة خلال فترات الجفاف الطويلة، في دراسة بدورية "كوميونيكيشنز إيرث آند إنفايرومنت" في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2024.
وتقدم الدراسة نموذجا عمليا لتقاسم مياه النيل وتشغيل السدود عليه بما يضمن توليد طاقة مستدامة مع تقليل العجز المائي في دول المصب.
يُعد النزاع حول سد النهضة الإثيوبي واحدا من أكثر النزاعات تعقيدا في منطقة الشرق الأوسط وشرق أفريقيا. وينبع الخلاف من اعتماد مصر شبه الكامل على مياه النيل، حيث تُشكل مياه النيل 98% من مواردها المائية المتجددة، في حين تسعى إثيوبيا إلى استغلال السد لتوليد الطاقة الكهرومائية وتوفير الكهرباء لنحو 60% من سكانها.
وتُسلط الدراسة الضوء على ضرورة إعادة تعريف "الجفاف الممتد"، وهو المفهوم الذي تسبب في تعثر المفاوضات بين الدول الثلاث. ويُوضح عصام حجي أن التعريف الحالي للجفاف -الذي اختلفت عليه مصر وإثيوبيا- يعتمد على محصلة التدفق الثانوية من النيل الأزرق خلال عدد معين من السنوات.
إعلانويقول حجي في تصريحات للجزيرة نت "التعريف الحالي للجفاف الذي اختلفت عليه مصر وإثيوبيا يعتمد على محصلة التدفق الثانوية من النيل الأزرق أثناء عدد معين من السنين، حيث وافقت مصر على مقترح واشنطن الذي يُعرّف الجفاف بأنه "4 سنوات متتالية يكون فيها محصلة التدفق السنوي أقل من أو تساوي 39 مليار متر مكعب من المياه، في حين لم توافق إثيوبيا عليه واقترحت أن يكون التعريف "4 سنوات متتالية يكون فيها محصلة التدفق السنوي أقل من أو يساوي 35 مليار متر مكعب".
ولتجاوز هذا الخلاف، تقترح الدراسة تعريفا جديدا للجفاف الممتد، يعتمد على مستوى المياه في السد العالي بأسوان، حيث يُعتبر السد في حالة "جفاف ممتد" إذا انخفض منسوبه عن 165 مترا. ويُتيح هذا التعريف دمجا للتدفق من كل من النيل الأزرق والنيل الأبيض، مما يعكس الحالة الهيدرولوجية الكاملة لحوض النيل، التي تشير إلى التفاعل بين جميع العناصر المرتبطة بحركة المياه داخل حوض نهر النيل. ويشمل هذا المفهوم دراسة وتحليل العوامل الطبيعية والبشرية التي تؤثر على موارد المياه.
صورة الباحث عصام حجي خلال تقديم البحث هذا الأسبوع بالجمعية الأميركية لعلوم الأرض والفضاء بواشنطن (عصام حجي) مقترحات علمية تضيء الطريققدمت الدراسة مجموعة من السياسات التشغيلية المقترحة لإدارة السدود الضخمة على النيل خلال فترات الجفاف الممتد. وتشمل هذه السياسات 7 نماذج تشغيلية جرى تقييمها باستخدام بيانات تاريخية تمتد لأكثر من 100 عام، بالإضافة إلى محاكاة متعددة لاحتمالات التدفق في المستقبل. والهدف الرئيسي هو إيجاد سياسة تشغيلية تُوازن بين توليد الطاقة الكهربائية من سد النهضة وتقليل نقص المياه في مصر.
ويقول حجي: "تم تقييم فعالية كل سياسة بكل حيادية عن طريق تقييم المكاسب والخسائر لكلا الطرفين مصر وإثيوبيا عن طريق حساب قيمة الغيغاوات من الكهرباء بمتوسط سعرها الاستثماري في مصر وإثيوبيا لتقييم المكاسب أو الخسائر الناتجة عن العجز أو الزيادة من توليد الكهرباء من سد النهضة أو السد العالي، وحساب الخسائر الاقتصادية الناتجة عن العجز المائي لكل واحد مليار متر مكعب في دول المصب".
إعلانوتُظهر النتائج أن أفضل السياسات المقترحة تتيح لسد النهضة توليد 87% من الطاقة، دون التسبب في نقص كبير في منسوب المياه خلف السد العالي. ويُعد هذا مكسبا حقيقيا للطرفين، نظرا لأن السياسات السابقة كانت تميل إلى التضحية بمصالح طرف لصالح الطرف الآخر.
وتشير الدراسة إلى أن بعض السياسات قد تؤدي إلى انخفاض توليد الكهرباء في السد العالي بأسوان بنسبة تصل إلى 47%، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة. ومع ذلك، تُظهر النتائج أن السياسات التشغيلية المقترحة يمكن أن تقلل من هذه الخسائر بشكل كبير.
المصالح والتغير المناخي يتربصانقد يزيد تغير المناخ من تعقيد التحديات المتعلقة بتدفقات مياه النيل. فمع تصاعد حدة الجفاف وتغير أنماط الأمطار في مناطق المنبع، يصبح التعاون بين دول الحوض أكثر أهمية. وتنصح الدراسة بتبني سياسة تشغيل مرنة تعتمد على التنبؤات المناخية في الوقت الفعلي.
ويشرح حجي دوافع فريقه للعمل لتقديم حل علمي لمثل هذا النزاع في تصريح للجزيرة نت: "في مجال الطاقة تنشط مجموعات ضغط علمية مكونة من مستشارين لديهم شركات استشارية ينتمون إلى جامعات كبرى، يقدمون دراسات تصب في مصلحة الطرف الذي يتعاقد معهم مع التقليل من مصالح الطرف الآخر، وينشرون تلك الدراسات في مجلات كبيرة".
ويضيف حجي: "وهؤلاء يستخدمون نماذج محاكاة لعرض فقط منافع طرف مع تغييب أو التقليل من الأضرار على الأطراف الأخرى، مما يزيد من الاحتقان الذي بين الدول، وعدم الوصول إلى أي اتفاق، حيث يرى كل طرف مصالحه هو فقط، ويقلل من مصالح الطرف الآخر. لذلك لا بد من الاعتماد على الدراسات التي تقدم بيانات ونتائج بكل شفافية وتستخدم نماذج علمية حقيقية، التي تأخذ بعين الاعتبار اهتمامات جميع الأطراف ووضع خطط وسياسات التشغيل التي تصب في مصلحة الجميع".
وتوصي الدراسة بإنشاء إطار تعاوني بين دول حوض النيل لتحديد مفهوم موحد للجفاف الممتد، ومشاركة البيانات والمعلومات الهيدرولوجية بين الدول الثلاث لزيادة الشفافية. بالإضافة إلى اعتماد سياسات تشغيل ديناميكية للسدود يمكن تكييفها مع الظروف المناخية المتغيرة، وتطوير خطط تكيف مع تغير المناخ وتوظيف التكنولوجيا لتحسين كفاءة استخدام المياه.
من خلال إطار العمل المقترح في هذه الدراسة، يبدو أن هناك فرصة لإعادة صياغة العلاقة بين مصر وإثيوبيا والسودان، مستندين إلى معايير علمية موضوعية. ومع تزايد تأثيرات تغير المناخ على المنطقة، تظل الحاجة إلى حلول مستدامة أمرا ملحا. فهل يكون هذا المقترح بداية جديدة لحل النزاع؟ الأيام القادمة ستكشف مدى اهتمام الأطراف بهذه الرؤية الجديدة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مصر وإثیوبیا السد العالی میاه النیل سد النهضة عصام حجی
إقرأ أيضاً:
عبد المعزيدعو لتعزيز القيم الأخلاقية..والجندييؤكد أهمية العقل في النهضة
أشاد الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، بالدور البارز الذي تلعبه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في إطلاق مبادرات تهدف إلى بناء الإنسان وتعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع.
وأعرب خلال حديثه في برنامج "لعلهم يفقهون" المذاع على قناة "DMC"، عن امتنانه قائلاً: "نشكر الشركة المتحدة، كل فترة تطلق مبادرات هادفة زي مبادرة أخلاقنا الجميلة، والحاجات دي فعلاً بتنشط المجتمع.
كنا زمان بنشتكي من الإعلام، لكن دلوقتي الإعلام أصبح له دور إيجابي كبير."
الإعلام ودوره في تنمية المجتمع
تناول الشيخ خالد الجندي، زميله في تقديم البرنامج، أهمية العقل البشري الذي ميز الله به الإنسان عن سائر المخلوقات، مشيراً إلى أن العقل هو المحرك الأساسي للإنسان في التفكير والتحليل واتخاذ القرارات.
وأضاف: "بالعقل الإنسان يفرق بين الخير والشر، ويحول الصور والأشكال إلى معانٍ ودلالات، وبه تتقدم الأمم وتنهض الشعوب."
دعوة للنهضة بالعلم والعمل
أكمل الجندي حديثه مؤكداً أن النهضة والتطور لا يتحققان إلا من خلال العمل الصالح والعلم النافع، مشيراً إلى الريادة التي حققها المسلمون في الماضي عندما وظفوا عقولهم لبناء حضارة زاهرة.
وقال: “كتب الله الريادة والسيادة للمسلمين عندما عملوا عقولهم، تعلموا العلوم، وكونوا حضارة أضاءت الدنيا وأزهرت الحياة.”
تأتي تصريحات عبد المعز والجندي كرسالة إيجابية تعكس دور الإعلام في توجيه المجتمع نحو القيم النبيلة والعمل على خلق بيئة داعمة للتنمية.
وتُعد المبادرات التي تطلقها الشركة المتحدة مثالاً يُحتذى به في استثمار الإعلام لبناء الإنسان وترسيخ القيم الأخلاقية، ما يُثبت أن الإعلام قادر على أن يكون شريكاً أساسياً في نهضة المجتمع.