صحيفة فرنسية: الأسد طمأن مقربيه بمساعدة روسية قادمة قبل أن يفر
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
تابعت صحيفة لوبس الفرنسية حركة هروب الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وأنصاره من سوريا منذ بداية دخول قوات المعارضة المسلحة للعاصمة دمشق.
وتقول لوبس إن "جزار دمشق" -كما سمته- أخفى حتى اللحظة الأخيرة، نيته الفرار من البلاد عن أقرب المتعاونين معه، بل طمأنهم على أن المدد الروسي قادم، مشيرة إلى أنه كان في موسكو الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما شنت قوات المعارضة هجومها على حلب في شمال سوريا، وكانت الأخبار الواردة من الكرملين غير جيدة، إذ لن تكون هناك مساعدات عسكرية.
والاثنين (الثاني من ديسمبر/كانون الأول) استقبل الأسد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في دمشق، وبدا مستاءً بشكل واضح، واعترف بأن جيشه أضعف من أن يخوض مقاومة فعالة، وكانت طهران تخشى أن تستخدم إسرائيل تدخلها كذريعة لاستهداف قواتها، وبالتالي أدرك الأسد أن مصيره محتوم، وقرر مغادرة البلاد التي تحكمها عائلته منذ عام 1971.
حالة ارتباك كبير
أراد الأسد في البداية اللجوء إلى الإمارات -حسب 3 من أفراد حاشيته- لكن الإماراتيين رفضوا استقباله، وطلب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من تركيا وقطر ضمان رحيل الأسد الآمن إلى روسيا.
عقد الأسد اجتماعا لنحو 30 قائدا عسكريا في وزارة الدفاع يوم السبت (السابع من ديسمبر/كانون الأول)، وقال لقادته ورفاقه -وهو يكذب عليهم حسب الصحيفة- إن الدعم العسكري الروسي قادم، ولم يبلغ شقيقه الأصغر ماهر، بخطة خروجه، ليضطر ماهر إلى الفرار على متن طائرة هليكوبتر إلى العراق، ومن هناك تمكن من الوصول إلى روسيا.
إعلانبقي أبناء خال الأسد، إيهاب وإياد مخلوف في الخلف عندما سقطت دمشق في أيدي المعارضة -حسب ما ذكره مساعد سوري ومسؤول أمني لبناني- موضحا أن الرجلين حاولا الفرار بالسيارة إلى لبنان، لكنهما تعرضا لكمين في الطريق نصبه مقاتلو المعارضة الذين أطلقوا النار على إيهاب وأصابوا إياد.
بثينة شعبان طلب منها بشار كتابة خطاب له لكنه اختفى بعد ذلك (رويترز)وفي نفس اليوم، اتصل الأسد عصرا بمستشارته السياسية بثينة شعبان وطلب منها إعداد خطاب له وتقديمه إلى اللجنة السياسية التي كان من المقرر أن تجتمع صباح الأحد، وفي العاشرة مساءً عاودت الاتصال به لكنه لم يرد على الهاتف.
وقال مدير الإعلام في رئاسة الجمهورية كامل صقر للصحافيين إن "الرئيس سيدلي ببيان قريبا جدا" وبعد منتصف الليل اتصل به ضابط مخابرات ليخبره أن الجميع قد غادروا المبنى، ويقول: "لقد صدمت. كان القصر شبه فارغ وكنا في حالة ارتباك كبير"، مضيفا "عندما وصلنا إلى ساحة الأمويين، كان هناك الكثير من الجنود الهاربين. كانوا يأتون من المجمع الأمني ووزارة الدفاع والأفرع الأمنية الأخرى. علمنا أن رؤساءهم أمروهم بالفرار. كان المشهد مخيفا".
وقال محمد الجلالي، آخر رئيس وزراء للأسد، إنه تحدث هاتفيا مع الأسد مساء السبت عند الساعة العاشرة والنصف مساء، و"خلال مكالمتنا الأخيرة أخبرته بمدى صعوبة الوضع وأن هناك حركة كبيرة من حمص إلى اللاذقية… وأن هناك ذعرا ورعبا في الشوارع، فقال سنرى غدا. غدا كانت آخر ما قاله لي".
الجلالي آخر رئيس وزراء في عهد الأسد (رويترز)وفي اليوم الموالي، لم يعد الأسد موجودا لاستئناف المحادثة، فقد هرب من دمشق، ولم يلاحظه أحد مع إيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال بالطائرة التي أقلته، لقد سافر إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في مدينة اللاذقية الساحلية ثم إلى موسكو، منهيا بهذا الخروج الدراماتيكي حكمه الذي دام 24 عاما، ونصف قرن من السلطة المتواصلة لعائلته.
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بعد الفوز في سوريا..ماذا تريد أنقرة من دمشق؟
يرى المحلل غالب دالاي أن لا أزمة أعادت تحديد موقع تركيا في السياسات الإقليمية والدولية مثل الصراع السوري.
وتشترك تركيا مع سوريا في أطول حدود برية بطول أكثر من 900كيلومتر. وبالتالي، فإن سوريا ليست مجرد قضية سياسة خارجية لتركيا ولكنها أيضاً قضية داخلية.وقال دالاي، وهو زميل استشاري أول في معهد تشاتام هاوس وباحث دكتوراه في كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد، وزميل أول غير مقيم في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمي:"بينما شكلت تركيا مسار الصراع السوري، فإن هذا الصراع شكل بدوره ديناميكيات السياسة الداخلية التركية وعلاقاتها الدولية على مدار أكثر من عقد".
وأضاف دالاي ، في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس أن العلاقة بين تركيا والأزمة السورية قصة اعادة تشكيل متبادلة. فكل الانقسامات العرقية والطائفية والهوية الأيديولوجية في سوريا ، موجودة أيضاً في تركيا. وتستضيف تركيا أيضاً قرابة 3.6ملايين لاجئ سوري ما أدى إلى ظهور أحزاب يمينية متطرفة، ومعادية للأجانب وأعادت تحديد طبيعة السياسة القومية في البلاد.
وبين كل الفاعلين الخارجيين في سوريا، ظلت تركيا الداعم الأكثر ثباتاً للمعارضة السورية.
وكانت هذه سياسة غير شعبية على نحو متزايد، مع الوضع في الاعتبار التكاليف الباهظة للصراع لتركيا من الناحية الأمنية والسياسية والاقتصادية وفي شكل تدفقات للاجئين.
وأيدت المعارضة التركية، المنتقدة العلنية لسياسة الحكومة، منذ فترة طويلة أن تطبيع أنقرة العلاقات مع نظام الأسد المخلوع الآن ووقف دعم مجموعات المعارضة.
Turkey feels its longstanding support for the Syrian opposition has been vindicated. But its increased influence in Damascus comes with significant challenges, writes @GalipDalay (@CH_MENAP).https://t.co/3rTIApo1t1
— Chatham House (@ChathamHouse) December 13, 2024ومع سقوط الأسد، يشعر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته أن سياستهما كان لها مايبررها وثبت صحتها. وفي الوقت الذي تستعد فيه القوى الفاعلة ،التي طورت معها تركيا علاقات وثيقة على مر السنين، للحصول على مزيد من النفوذ والسلطة في دمشق، من المقرر أن تكسب أنقرة آليات أساسية للنفوذ في سوريا.
4أهدافوقبل سقوط الأسد، كانت سياسة تركيا في سوريا تتضمن 4 أهداف رئيسية هى إعادة قسرية جزئية للاجئين السوريين، وأمن الحدود، وتجريد قوات سوريا الديقراطية قسد بقيادة الأكراد من المكاسب السياسية والميدانية على الأرض التي حققتها ، وانتزاع بعض التنازلات من النظام لصالح مجموعات المعارضة السورية المتحالفة مع أنقرة في أي مفاوضات.
وبسقوط الأسد، لم يعد الهدف الرابع موجوداً، ولكن أنقرة ستحاول تحقيق اهدافها الأخرى بنفوذها على الزعماء الجدد في دمشق وصلاتها بالمجتمع العربي، والقبائل العربية، بينما تحتفظ بضغط عسكرى على قسد.
ومع زوال نظام الأسد، هناك توقعات داخل تركيا بأن يعود اللاجئون السوريون إلى بلادهم. ورغم أن السوريين الذين يعيشون في دول مجاورة منذ زمن بما فيها تركيا، بدأوا بالفعل في العودة إلى سوريا، فإن البلاد قد دمرت بحرب أهلية وحشية على مدار 13عاماً، والأوضاع لاتزال مروعة. ومن ثم، لن يتمكن السوريون من العودة بشكل جماعي إلى بلادهم على الأقل في المدى القريب. وعلى الساسة الأتراك، والمعارضة، والشخصيات العامة الامتناع عن المبالغة في التوقعات لعودة اللاجئين السوريين.
قبل سقوطه.. الأسد اشتكى لإيران من دعم تركيا للمعارضة - موقع 24قال مسؤولان إيرانيان لرويترز، إن الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد اشتكى لوزير الخارجية الإيراني في الأيام الأخيرة التي سبقت الإطاحة به؛ من أن تركيا تدعم بقوة قوات المعارضة لإسقاطه تحديد علاقات تركياوأضاف دالاي أن الأزمة السورية أعادت تحديد علاقات تركيا الدولية. وأدت قدرة الأسد على البقاء في سدة الحكم، بشكل كبير بفضل روسيا، وإيران، وحزب الله ، إلى تقارب أنقرة وموسكو وطهران، خاصةً بعد محاولة الانقلاب في تركيا في2016 و دق إسفين بين تركيا والغرب.
ومن المحتمل أن يكون لسقوط الأسد تأثير عكسي، ومن المرجح أن يضع المزيد من الضغط على علاقات تركيا مع روسيا وإيران، ويؤدي لتقارب بين تركيا والغرب.
ورغم ذلك، سيتعين على موسكو أن تدير استياءها من تركيا لأنها تحتاج إلى دعم أنقرة للحفاظ على مصالحها في سوريا خاصةً قواعدها البحرية والجوية الحيوية في البلاد.
وخلال حكم الأسد، نصبت روسيا بشكل فعال نفسها حارس بوابة لأي تطبيع محتمل بين تركيا ونظام الأسد وكانت تلعب دوراً مماثلاً بين النظام وقسد.ومنح دور حارس البوابة روسيا بعض النفوذ في مواجهة تركيا.
وعندما توقفت عملية أستانا، وهى آلية لإدارة وتجميد الصراع في الأزمة السورية والتي همشت عملية جنيف بقيادة الأمم المتحدة، وكانت تقودها تركيا وروسيا وإيران، أرادت موسكو أن تستخدم دورها حارس البوابة لاعادة هيكلة علاقاتها والاحتفاظ بديناميكية الاعتماد المتبادل مع أنقرة.
وأصبحت هذه الديناميكية مع روسيا في سوريا عاملًا رئيسياً شكل سياسة تركيا في قضايا آخري تتعلق بروسيا مثل أوكرانيا، أوليبيا، أو البحر الأسود. وعلى مدار وقت طويل، استغلت روسيا بمهارة سوريا ونقاط ضعف تركيا هناك، للتأثير على خيارات سياسة أنقرة في أماكن أخرى. والآن، حدث انقلاب في الأدوار . وربما تلعب أنقرة دور حارس بوابة لموسكو للتواصل مع دمشق.
ومن المرجح أن يحدث نفس الشئ مع إيران.ومع تولى شركائها وحلفائها السلطة في دمشق، فإن أنقرة لها الآن اليد العليا في مواجهة موسكو وطهران، ويتقلص اعتمادها عليهما.
ويمكن أن تكون سوريا أيضاً نقطة مصالح مشتركة لتركيا والدول العربية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للدخول في حوار والتعاون، في سوريا وغيرها.
تركيا تعيد فتح سفارتها في سوريا - موقع 24أكد وزير الخارجية التركي، الجمعة، أنّ بلاده ستعيد فتح سفارتها في دمشق السبت بعد إغلاق طويل منذ العام 2012. المهمة الحقيقيةوبعد 13عاماً من الحرب في سوريا، تشعر أنقرة بأنها فازت في النهاية. ولكن المهمة الحقيقية مستقبلاً هي كسب مرحلة ما بعد الصراع وتأمين السلام في سوريا، ومنع الانزلاق مرة أخرى إلى صراع.
وأختتم دالاي تقريره بالقول إن هذه المسؤولية تقع بشكل كبير على عاتق الفاعلين السوريين. ولكن تركيا بوصفها كما يقال الداعم الخارجي الأكثر التزاماً لمجموعات المعارضة، يجب أن تستخدم نفوذها لدفعها لتطوير نظام سياسي وشرعي وشامل على نحو أكبر في سوريا. وسيكون تحقيق هذا تطوراً ايجابياً كبيراً ليس لسوريا والمنطقة الأوسع نطاقاً فحسب، بل أيضا فوزاً آخر لتركيا أيضاً.