سودانايل:
2025-03-23@02:05:48 GMT

مصر والعلاقات المتغير مع القوى السودانية

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

السؤال الذي يخطر على بال أي متابع للشأن السياسي عندما يقرأ هذا العنوان؛ هل ماتزال مصر تعتبر الاتحاديين هم القوى السياسية التي يعتمد عليها في تنمية العلاقات السودانية المصرية؟ مرجعية السؤال ربما تكون علاقة السلطة المصرية قبل إستقلال السودان مع القيادات السودانية التي كانت تتبنى شعار "وحدة وادي النيل" و زيارات صلاح سالم، ثم وحدة الأحزاب الاتحادية و الأشقاء التي تمت بإشراف القيادة السياسية في مصر عام 1952م، و لكن العلاقة فترت مع جزء من الاتحاديين الذين كانوا على قيادة " الوطني الاتحادي" بعد الاستقلال، و ظلت قوية بعض الشيء مع الذين ذهبوا و كونوا حزب " الشعب الديمقراطي" و لكن بدأت العلاقة تخفت بعد انقلاب مايو 1969م.

. الذي أيدته قيادة "حزب الشعب الديمقراطي" و ربما تكون بإشعار من القيادة السياسية في القاهر.. و معلوم أن العلاقة بين الدول تقوى و تضعف وفقا للمصالح المشتركة، و مدى قدرة النخب السياسية في تطوير العلاقة و نقلها من جانبها السياسي الرسمي إلي جانبها الشعبي..
لذلك نجد أن العلاقة بين البلدين تتأرجح بين حالات الصعود و الهبوط وفقا لرؤية كل جانب للعلاقة و كيفية تطويرها و الاستفادة منها لمصلحة شعب كل جانب،.. في عقد السبعينات و منتصف عقد الثمانينات من القرن الماضي ركزت مصر في تعاملها مع السودان مع القيادة السياسية في الاتحاد الاشتراكي ، و عملت على تطوير العلاقة بعيدا عن المؤسسات الحزبية، و بعد سقوط نظام نميري، كان لابد لمصر أن تبحث عن علاقة جديدة في أروقة الأحزاب، و سعت من أجل تنمية العلاقة بشكل خصوصي مع الاتحاديين، في ذلك الوقت كانت العلاقة مع حزب الأمة فيها شيئا من التوتر، باعتبار أن حزب الأمة كانت تربطه علاقة وطيدة بنظام معمر القزافي في ليبيا.. و قد تأكد لمصر بعد اللقاء الذي تم بين الرئيس حسني مبارك و رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان الميرغني في القاهرة، كأول لقاء بين الجانبين.. و الأجندة التي طرحت للنقاش، أن الإتحاديين لا يمكن أن يكونوا مدخلا للعلاقة التي تبحث عنها مصر مع السودان.. هذا اللقاء هو الذي جعل وزير الخارجية السوداني محمد توفيق في ذلك الوقت أن يقدم استقالته من الوزارة بعد ما خرج مباشرة من اللقاء.. تبين أن القيادات الاتحادية ليس لها أية رؤى سياسية مفيدة للشعبين أنما تسعى لمصالحها الخاصة..
بعد الانقلاب الجبهة الإسلامية أصبحت العلاقات بين البلدين في غاية الهبوط، حيث تم فيها محاولة اغتيال لرئيس حسني مبارك في أديس أبابا، ثم بدأ الضرب تحت الحزام بين الجانبين، حيث أقدمت الإنقاذ على مصادرت المؤسسات المصرية في السودان، باعتبار أن تلك المؤسسات تديرها المخابرات المصرية، و كذلك استطاعت أن تضيق مصر حركة المسؤولين السودانيين في مصر.. تحسنت العلاقة بعد المفاصة 1999م و زيارة عمر البشير للقاهرة.. كانت القاهرة تحتضن المعارضة السودانية، حيث تبين للقيادة في مصر أن التركيز على جانب واحد مضر بالعلاقة، خاصة إذا كان الجانب لا يملك أية رؤى لتطوير هذه العلاقة.. في جانب أخر استطاع السيد الصادق المهدي أن يقيم العديد من اللقاءات الحوارية مع النخب المصرية في " مؤسسة الإهرام الصحفية و مركز دراسات الإهرام و في نقابة الصحفيين المصرية" و أيضا كانت له حوارات في " دور الأحزاب المصرية" و أقام ندوة في الجامعة الأمريكية في القاهرة، إلي جانب اللقاءات الصحفية المتكررة.. هذا النشاط المحموم كان يبين الفروقات في القيادات السياسية السودانية خاصة للنخب المثقفة المصرية و القيادات السياسية المصرية.. أيضا كانت هناك لقاءات فكرية و سياسية التي أقامها رموز الإنقاذ و خاصة الدكتور غازي صلاح الدين.. القضية الأخرى الحضور للقيادات السياسية في المراكز الثقافية و مراكز الدراسات السودانية و مشاركتهم الفاعلة في الحوارات السياسية التي كانت تغيب عنها القيادات الاتحادية، كانت ترسل إشارات لصناع القرار في مصر من هي القوى السياسية التي يجب التعامل معها مستقبلا في تطوير العلاقة بين البلدين.. فالدول تراهن على القوى الفاعلة و ليست القوى الخاملة في المجتمع..
أن ثورة ديسمبر و تغيير نظام الإنقاذ و ظهور قوى جديدة في المشهد السياسي، تجعل أي دولة لابد أن تعيد حساباتها، و تقيم تجاربها السابقة، و تتعامل مع ما يفرزه الواقع و ليس الرهان على التاريخ.. أن الذي يصنع الحدث و يستطيع أن يحدث تغييرا في الواقع هو الذي يفرض نفسه على الدول صاحبة المصلحة، و هي كانت بداية التغيير في رؤية مصر و نظرتها للواقع السياسي في السودان، خاصة عندما استضافت مصر الاجتماع الذي ضم الجبهة الثورية التي تضم الحركات قبل انشقاقها و فود من قوى الحرية و التغيير.. ثم أيضا دعوتها للقوى السياسي للحوار في مصر في2022 عندما اشتد الخلاف بين جناحي الحرية و التغيير " الحرية المركزي و الديمقراطي" كلها كانت تؤكد أن مصر بدأت تنظر لمصالحها ليس على الثوابت التاريخية في العلاقة مع الأحزاب، أنما من خلال التغييرات التي يفرزها الواقع السياسي السوداني، لذلك دعت إلي الحوار الوطني السوداني في يوليو 2024م كان محاولة تهدف إلي تغيب شعار الإقصاء.. و الآن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يدعو إلي حوار ثاني في مصر دون أية إقصاء.. الأمر الذي يؤكد تماما أن مصر أصبحت تنظر للعلاقة مع السودان من خلال التواصل مع القوى الفاعلة في الساحة..
أن العلاقات بين الدول تتقدم و تنمو من خلال تبادل المصالح، و أيضا تتغير التحالفات بينها عندما تتعرض هذه المصالح لهزات كبيرة تؤثر سلبا فيها.. كان في العقود الأولى بعد الاستقلال الاتحاديون هم الذين قادرين على صناعة الأحداث و الـاثير فيها سلبا و إيجابا، و لكن تراجع هذا الدور خاصة بعد حكم الإنقاذ، حيث أصبح دورهم تجميل صورة النظام، باعتباره تعددي، وكانوا بعيدين عن صناعة القرار فيه، الأمر الذي جعلهم بعد سقوط الإنقاذ أضعف القوى السياسي، و دعوتهم ليس لأنهم قوى فاعلة لكن لكسب جماهيرهم العريضة التي تفتقد لقيادة تستطيع أن تيقظ هذا المارد.. الأمر الذي يجعل مصر تعيد حساباتها.. نسأل الله حسن البصيرة..


zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: السیاسیة فی فی مصر

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي: المرأة المصرية أساس بناء حضارتنا الراسخة التي استمرت آلاف السنين

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن المرأة المصرية كانت أساس بناء هذه الحضارة المصرية الراسخة، التي استمرت لآلاف السنين، بشموخها وبهائها ورقيها وسموها، وإن كل خطوة، خطتها أمتنا المصرية منذ فجر التاريخ، حملت بصمة المرأة المصرية، شريكة في تسيير الحياة، عالمة وأديبة، وطبيبة ومعلمة، أما وزوجة، وأختا وابنة.

وأضاف الرئيس السيسي، خلال مشاركته اليوم في لقاء المرأة المصرية والأم المثالية، أن الأم المصرية، ليست فقط الحاضنة لأبنائها، بل هي أيضا الحاضنة لهوية الوطن وتراثه الثقافي، متابعا: «إنها القلب النابض، الذي يزرع قيم الحب والتسامح والانتماء، فى نفوس الأجيال، فتنشئ جيلاً واعيًا، قادرًا على تحمل المسئولية ومواجهة التحديات».

وأردف: «سيدات مصر حملن هذا الوطن، في سرائه وضرائه، وواجهن كافة التحديات، مدركات أنهن عماد الأسر، وأساس المجتمع، وصلب الحياة في وطننا الكريم».

واستطرد الرئيس السيسي: «في يوم تتجلى فيه أعظم صور العطاء، وتشرق فيه شموس المحبة والوفاء، نلتقى اليوم لنكرم أمهات مصر العظيمات، عنوان التضحية ورمز الصمود والإلهام، إنه يوم، نسجل فيه تقديرنا للمرأة المصرية، التي طالما كانت شريان الحياة فى هذا الوطن، وشريكة حقيقية في بناء أمجاده».

وواصل: «أغتنم الفرصة في يومنا هذا، لأكرر شكري لكل سيدة وفتاة مصرية، حملت في قلبها هم هذا الوطن وشواغله، وساهمت في بنائه، وتحملت الصعاب من أجله، ولهن أقول: إن الوطن يقدر دوركن، وما قدمتموه له من سبل الاستقرار والعزة والرخاء. وإنني من موقعى هذا أؤكد، أن مصر ستبقى حريصة على تعزيز مكانة المرأة، وتقديم سبل الدعم لها».

اقرأ أيضاًالرئيس السيسي: الأم المصرية هي الحاضنة لهوية الوطن وتراثه الثقافي

وزير الخارجية: العلاقات المصرية الأفريقية شهدت دفعة كبيرة في عهد الرئيس السيسي

وزير الخارجية يسلم رسالة من الرئيس السيسي إلى رئيسة تنزانيا لتعزيز التعاون الثنائي

مقالات مشابهة

  • عبّر عن خشيته على الذوق العام.. السيسي عن الدراما المصرية: كانت صناعة وأصبحت تجارة
  • مصطفى بكري: التحديات التي تواجه مصر تتطلب الوقوف خلف القيادة السياسية.. ومتمسكون برفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه
  • الرئيس السيسي: المرأة المصرية أساس بناء حضارتنا الراسخة التي استمرت آلاف السنين
  • القيادة السياسية أنصفتنا في حقوقنا.. نص كلمة وزيرة التضامن خلال احتفالية المرأة المصرية والأم المثالية
  • فولكر بيرتس .. “القوى المدنية الصغيرة” التي شكلت مؤخرًا تحالفًا سياسيًا مع قوات الدعم السريع لتشكيل حكومة فقدت كل شرعيتها
  • أستاذ العلوم السياسية: مصر على مدار التاريخ كانت رافضة لفكرة تهجير الفلسطينيين
  • بري: ما من شيء تجمع عليه القوى السياسية كما يجمعون على حق المودعين باستعادة ودائعهم كاملة
  • كابينة السوداني.. أبواق القوى السياسية في السلطة التنفيذية
  • كابينة السوداني.. أبواق القوى السياسية في السلطة التنفيذية - عاجل
  • دعوة من رئيس الجمهورية إلى القوى السياسية بمناسبة عيد نوروز